صورة لدماغ بشري تم التقاطها بواسطة ماسح ضوئي للتصوير المقطعي
تقييد السعرات الحرارية قد يكون له تأثير وقائي ضد مرض الزهايمر

أصبح الصيام المتقطع نهجا غذائيا شائعا لمساعدة الناس على إنقاص وزنهم أو إدارته، وإعادة ضبط التمثيل الغذائي، والسيطرة على الأمراض المزمنة، وإبطاء الشيخوخة وتحسين الصحة العامة.

ويقول هايلي أونيل، أستاذ مساعد، كلية العلوم الصحية والطب بجامعة بوند، إن الأبحاث الحديثة تشير إلى أن الصيام المتقطع قد يوفر طريقة مختلفة للدماغ للوصول إلى الطاقة وتوفير الحماية ضد الأمراض التنكسية العصبية مثل مرض الزهايمر.

يكون الصيام المتقطع عبر فترات من الامتناع عن الطعام لتقييد السعرات الحرارية (الطاقة) تليها فترات من تناول الطعام العادي.

ويحدد الخبير في مقال على موقع "ذا كونفرزيشن"  أربع طرق يعمل بها الصيام المتقطع ويؤثر بها على الدماغ.

الكيتوزية: الهدف من العديد من إجراءات الصيام المتقطع هو قلب "مفتاح التمثيل الغذائي" للانتقال من حرق الكربوهيدرات في الغالب إلى حرق الدهون. وهذا ما يسمى الكيتوزية ويحدث عادة بعد 12-16 ساعة من الصيام، عندما يتم استنفاد مخازن الكبد والغليكوجين.

وتنتج عملية الكيتوزية موادا كيمائية تدعى "كيتونات" وهي مصدر الطاقة المفضل للدماغ. نظرا لكونها عملية أيضية أبطأ لإنتاج الطاقة وإمكانية خفض مستويات السكر في الدم.

أظهرت الدراسات أن الكيتونات يمكن أن توفر مصدرا بديلا للطاقة للحفاظ على وظائف المخ ومنع اضطرابات التنكس العصبي المرتبطة بالعمر والتدهور المعرفي.

وثبت أن زيادة الكيتونات من خلال المكملات أو النظام الغذائي يحسن الإدراك لدى البالغين الذين يعانون من تدهور إدراكي معتدل وأولئك المعرضين لخطر الإصابة بمرض الزهايمر.

مزامنة الساعة البيولوجية: تناول الطعام في أوقات لا تتطابق مع الإيقاعات اليومية الطبيعية لجسمنا يمكن أن يعطل كيفية عمل أعضائنا. وأشارت الدراسات التي أجريت على عمال المناوبة إلى أن هذا قد يجعلنا أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المزمنة. الأكل المقيد بالوقت هو عندما تتناول وجباتك في غضون ست إلى عشر ساعات خلال اليوم عندما تكون أكثر نشاطا.

الأكل المقيد بالوقت يسبب تغيرات في التعبير عن الجينات في الأنسجة ويساعد الجسم أثناء الراحة والنشاط.

وأشارت دراسة أجريت عام 2021 على 883 بالغا في إيطاليا إلى أن أولئك الذين قيدوا تناولهم للطعام إلى عشر ساعات في اليوم كانوا أقل عرضة للإصابة بضعف إدراكي مقارنة بأولئك الذين يتناولون الطعام دون قيود زمنية.

قد يوفر الصيام المتقطع حماية للدماغ من خلال تحسين وظيفة الميتوكوندريا (وهي عضية خلوية مسؤولة عن إنتاج الطاقة في الخليّة) والتمثيل الغذائي وتقليل المواد المؤكسدة.

الدور الرئيسي للميتوكوندريا هو إنتاج الطاقة وهي ضرورية لصحة الدماغ. ترتبط العديد من الأمراض المرتبطة بالعمر ارتباطا وثيقا باختلال التوازن بين العرض والطلب على الطاقة، ومن المحتمل أن يعزى ذلك إلى خلل الميتوكوندريا أثناء الشيخوخة.

تشير دراسات القوارض إلى أن صيام اليوم البديل أو تقليل السعرات الحرارية بنسبة تصل إلى 40٪ قد يحمي أو يحسن وظيفة الميتوكوندريا في الدماغ.

محور الأمعاء والدماغ: تتواصل القناة الهضمية والدماغ مع بعضهما البعض عبر الأجهزة العصبية في الجسم. يمكن أن يؤثر الدماغ على شعور الأمعاء، ويمكن أن تؤثر القناة الهضمية على الحالة المزاجية والإدراك والصحة العقلية.

وفي الفئران، أظهر الصيام المتقطع مؤشرات لتحسين صحة الدماغ عن طريق زيادة البقاء على قيد الحياة وتشكيل الخلايا العصبية في منطقة الدماغ الحصين، والتي تشارك في الذاكرة والتعلم والعاطفة.

لا يوجد دليل واضح على آثار الصيام المتقطع على الإدراك لدى البالغين الأصحاء. ومع ذلك،  أجرت دراسة أجريت عام 2022 مقابلات مع 411 من كبار السن ووجدت أن انخفاض وتيرة الوجبات (أقل من ثلاث وجبات في اليوم) كان مرتبطا بانخفاض الأدلة على مرض الزهايمر في تصوير الدماغ.

وأشارت بعض الأبحاث إلى أن تقييد السعرات الحرارية قد يكون له تأثير وقائي ضد مرض الزهايمر عن طريق تقليل الإجهاد التأكسدي والالتهاب وتعزيز صحة الأوعية الدموية.

وينصح الخبير أنه إذا كنت تفكر في الصيام المتقطع، فمن الأفضل طلب المشورة من أخصائي صحي مثل اختصاصي التغذية الذي يمكنه تقديم إرشادات حول تنظيم فترات الصيام وتوقيت الوجبة وتناول المغذيات.

النوم الجيد له فوائد صحية عديدة
النوم الجيد له فوائد صحية عديدة (صورة تعبيرية)

تشير أبحاث متزايدة إلى أن نوعية الطعام الذي نتناوله يوميًا، يمكن أن تكون العامل الأساسي للحصول على نوم هانئ وعميق. 

ويؤكد الباحثون أن بعض الأطعمة تساهم في إنتاج مستويات مثلى من الهرمونات الضرورية للنوم الجيد، بينما تؤدي أطعمة أخرى إلى اضطراب تلك الهرمونات ورفع احتمالية الأرق أو الاستيقاظ المتكرر خلال الليل.

دراسات عديدة، بما في ذلك دراسة أجرتها كلية الطب بجامعة كولومبيا، وجدت أن الأنظمة الغذائية السائدة في الدول الغربية، تحتوي على نسب عالية من المواد المصنعة، مثل السكريات المضافة والكربوهيدرات المكررة، وكلها ترتبط بتقليل الوقت الذي يقضيه المرء في النوم العميق.

وعلى النقيض، فإن النظام الغذائي الذي يركز على النباتات والأطعمة الغنية بالألياف والدهون غير المشبعة، مثل الفواكه، الخضروات، المكسرات، الأسماك، وزيت الزيتون، يساهم في تحسين جودة النوم. 

وتظهر الأبحاث أن الانتقال إلى مثل هذا النظام يمكن أن يحسن النوم في غضون أسبوعين فقط، وفقًا للدكتورة ماري-بيير سانت أونج، أستاذة الطب التغذوي ومديرة مركز أبحاث النوم والإيقاع الحيوي في جامعة كولومبيا.

وتوضح سانت أونج في كتابها" تناول طعامك بشكل أفضل، حتى تنام بشكل جيد" أن الأطعمة التي نتناولها تؤثر على النوم، بينما يؤثر النوم بدوره على خياراتنا الغذائية في اليوم التالي، حسب تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية. 

وترى الباحثة أنه عندما لا نحصل على قسط كافٍ من النوم، فإننا نشعر برغبة أكبر في تناول الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية مثل السكريات والدهون. 

وفي المقابل، يؤدي النوم الجيد إلى تحسين قراراتنا الغذائية وزيادة النشاط البدني وتحسين المزاج.

الهرمونات الداعمة للنوم

لفهم كيفية تحسين النوم من خلال الطعام، يجب التركيز على هرموني "السيروتونين" و"الميلاتونين"، إذ يؤدي السيروتونين دورًا حيويًا في النوم العميق، بينما ينظم الميلاتونين الإيقاع اليومي للجسم ويساعد على الاستغراق في النوم.

والجسم ينتج هذين الهرمونين باستخدام حمض أميني يُسمى "التريبتوفان"، والذي نحصل عليه فقط من الطعام.

ويشير الباحثون إلى أن تناول أطعمة غنية بالتريبتوفان خلال اليوم، بجانب الأطعمة النباتية الغنية بالألياف والكربوهيدرات المعقدة، يعزز إنتاج السيروتونين والميلاتونين في الوقت المناسب.

كيف نحصل على المواد الداعمة للنوم؟

وفقًا لمراجعات علمية نشرتها"مجلة الجمعية الأميركية للتغذية"، فإن المواد الداعمة للنوم هي: 

  • التريبتوفان: يوجد في اللحوم، والدواجن، والمأكولات البحرية (مثل السلمون والتونة)، والبيض، واللبن، وكذلك الأطعمة النباتية مثل التوفو، والعدس، والأرز البني، وبذور الشيا. 
  • الميلاتونين: يتواجد في المنتجات الحيوانية مثل البيض والألبان، وكذلك في الفواكه والخضروات مثل الموز، والأناناس، والطماطم، والثوم. 
  • السيروتونين: يمكن العثور عليه في الجوز، والأفوكادو، والسبانخ، والشوكولاتة الداكنة (التي تحتوي على 85 بالمئة كاكاو).

خطة غذائية

وتوصي سانت أونج بخطة غذائية بسيطة لتحسين النوم، تشمل: 

  • الفطور: زبادي مع الشوفان والفواكه، أو عجة بالسلمون والسبانخ. 
  • الغداء: سلطة بالتونة والحمص مع صلصة الزنجبيل والسمسم. 
  • العشاء: سلمون مشوي مع الخضروات، أو معكرونة مصنوعة من الحمص مع الجوز وقطع البروكلي المشوي.