تتزايد التحذيرات من الخبز الذي يباع في السوبر ماركت باعتباره أطعمة غير صحية فائقة المعالجة
تتزايد التحذيرات من الخبز الذي يباع في السوبر ماركت باعتباره أطعمة غير صحية فائقة المعالجة | Source: Pexels

مع تزايد الأبحاث العلمية التي تدرس تأثير الأطعمة على صحتنا، يثير تناول الخبز العديد من التساؤلات بشأن ما يفعله بأجسامنا وصحتنا العامة.

وكان الخبز الطازج يمثل ركيزة أساسية في ثقافتنا الغذائية، إذ احتل مكانة مميزة في وجبات البشر منذ نحو 10 آلاف سنة، حسب التقديرات، قبل أن يكتسب سمعة "غير طيبة" في الآونة الأخيرة، حسبما يذكر تقرير لصحيفة "تلغراف" البريطانية.

وجاءت هذه السمعة في ظل الهوس المستمر بالأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات، إذ يتم اتهامه بالمساهمة في زيادة الوزن ومشاكل التمثيل الغذائي، وارتفاع مستويات السكر في الدم بطرق غير صحية.

كما تتزايد التحذيرات من الخبز الذي يباع في متاجر البقالة "السوبر ماركت" باعتباره من الأطعمة غير الصحية فائقة المعالجة (UPFs)، والخالية من الألياف وبها مواد مضافة.

ما الذي يفعله تناول الخبز؟

يقول المنتقدون إن الخبز عبارة عن كربوهيدرات سهلة الهضم، تحولها أجسامنا بسرعة إلى غلوكوز، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم.

وتشير الأدلة إلى أن الارتفاعات الشديدة في نسبة السكر في الدم، مع مرور الوقت، يمكن أن تسبب الالتهابات وتزيد من خطر الإصابة بأمراض، مثل أمراض القلب والسكري من النوع الثاني.

كما أنها أيضا تجعلنا نشعر بالجوع مرة أخرى بسرعة؛ ولهذا السبب يشير بعض الناس إلى الكربوهيدرات، مثل الخبز، على أنها "تسبب الإدمان".

وتقول عالمة التغذية في مؤسسة التغذية البريطانية، بريدجيت بينيلام: "بالمقارنة مع الأطعمة النشوية الأخرى مثل المعكرونة والأرز أو البطاطس، يحتوي الخبز على محتوى مائي أقل، وبالتالي على نسبة أعلى من الكربوهيدرات".

وعلى سبيل المثال، يحتوي الخبز الأبيض على حوالي 48 غراما من الكربوهيدرات لكل 100 غرام، مقارنة بحوالي 37 غراما للمعكرونة البيضاء، و27 غراما للأرز الأبيض، وحوالي 17 غراما للبطاطس المسلوقة.

من جانبها، "تدافع" الدكتورة صالحة أحمد، أخصائية أمراض الجهاز الهضمي في هيئة الخدمات الصحية الوطنية، والطاهية ومؤلفة كتاب "The Kitchen Prescription"، عن الكربوهيدرات، قائلة إن ارتفاع نسبة السكر في الدم بعد تناول الطعام "أمر طبيعي، ولا يسبب عموما مشاكل للأشخاص الأصحاء غير المصابين بالسكري".

وتضيف: "من الواضح أن الارتفاعات المفرطة يمكن أن تلحق الضرر بصحتنا". غير أنها تعتقد أن الكربوهيدرات مثل الخبز "ضرورية" لتزويد أجسامنا وعقولنا بالطاقة الكافية للقيام بوظائفها.

وتؤكد أنه ليست كل الكربوهيدرات أو الخبز متساوية، قائلة: "يحتوي خبز القمح الكامل على ألياف أكثر بكثير من الخبز الأبيض، مما يحتمل أن يكون وسيلة لتحقيق استجابة أكثر سلاسة لسكر الدم".

وفيما يتعلق بتأثير تناول الخبز على زيادة الوزن، تقول خبيرة التغذية، فانيسا كيمبل، إن الأمر يعتمد على كيفية صنع الخبز وأنواع الحبوب التي يحتوي عليها، "إذ يمكن للخبز المكرر منخفض الألياف أن يديم الجوع ويرفع مستويات الأنسولين، مما يساهم في زيادة الوزن".

من ناحية أخرى، يمكن للحبوب الكاملة والعجين المخمر أن تساعد في الواقع في إدارة الوزن، كما تضيف كيمبل، مشيرة إلى أن هذه الأنواع تحتوي على الكثير من الألياف، وأكل كميات أقل منها تجعل الإنسان يشعر بالشبع.

وحول المشاكل الصحية والانتفاخ المرتبط بتناول الخبز، تقول أحمد إن مرض الاضطرابات الهضمية (وهي حالة يهاجم فيها جهازك المناعي الأنسجة عند تناول الغلوتين) وحساسية الغلوتين، آخذان في الارتفاع، غير إنه من الصعب تحديد الدور الذي يلعبه الخبز في هذا الأمر.

ويزعم بعض الناس أن صناعة الخبز بسرعة باستخدام المواد المضافة، هي المسؤولة عن هذه الحالة الطبية، إذ إن عملية التخمير المستخدمة في الخبز سريع التحضير، أسرع بكثير من الخبز المخمر طبيعيا، مما يجعل هضم الخبز أكثر صعوبة.

وتضيف أحمد: "من الصعب للغاية بالنسبة للعلماء تحديد قطعة الخبز التي تسبب الأعراض".

علاوة على ذلك، تقول إن الانتفاخ ليس دائما أمرا سلبيا، وقد يكون الأمر مجرد أن الأمعاء تقوم بمعالجة الألياف.

تأثير جودة الحبوب

تقول كيمبل إن المدافعين عن الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات، "يتجاهلون حقيقة أن الخبز الجيد المصنوع من حبوب متنوعة ومزروعة بشكل مستدام وعمليات تخمير طويلة، مغذ بشكل لا يصدق".

وتؤثر جودة الحبوب الموجودة في الخبز وتنوعها بشكل مباشر على صحة الأمعاء، من خلال توفير مجموعة واسعة من أنواع الألياف عالية الجودة، التي يمكن الوصول إليها، بحسب كيمبل.

وتضف: "تدعم هذه الألياف ميكروبيوم الأمعاء المتنوع، وهو أمر بالغ الأهمية للصحة القوية".

النوم الجيد له فوائد صحية عديدة
النوم الجيد له فوائد صحية عديدة (صورة تعبيرية)

تشير أبحاث متزايدة إلى أن نوعية الطعام الذي نتناوله يوميًا، يمكن أن تكون العامل الأساسي للحصول على نوم هانئ وعميق. 

ويؤكد الباحثون أن بعض الأطعمة تساهم في إنتاج مستويات مثلى من الهرمونات الضرورية للنوم الجيد، بينما تؤدي أطعمة أخرى إلى اضطراب تلك الهرمونات ورفع احتمالية الأرق أو الاستيقاظ المتكرر خلال الليل.

دراسات عديدة، بما في ذلك دراسة أجرتها كلية الطب بجامعة كولومبيا، وجدت أن الأنظمة الغذائية السائدة في الدول الغربية، تحتوي على نسب عالية من المواد المصنعة، مثل السكريات المضافة والكربوهيدرات المكررة، وكلها ترتبط بتقليل الوقت الذي يقضيه المرء في النوم العميق.

وعلى النقيض، فإن النظام الغذائي الذي يركز على النباتات والأطعمة الغنية بالألياف والدهون غير المشبعة، مثل الفواكه، الخضروات، المكسرات، الأسماك، وزيت الزيتون، يساهم في تحسين جودة النوم. 

وتظهر الأبحاث أن الانتقال إلى مثل هذا النظام يمكن أن يحسن النوم في غضون أسبوعين فقط، وفقًا للدكتورة ماري-بيير سانت أونج، أستاذة الطب التغذوي ومديرة مركز أبحاث النوم والإيقاع الحيوي في جامعة كولومبيا.

وتوضح سانت أونج في كتابها" تناول طعامك بشكل أفضل، حتى تنام بشكل جيد" أن الأطعمة التي نتناولها تؤثر على النوم، بينما يؤثر النوم بدوره على خياراتنا الغذائية في اليوم التالي، حسب تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية. 

وترى الباحثة أنه عندما لا نحصل على قسط كافٍ من النوم، فإننا نشعر برغبة أكبر في تناول الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية مثل السكريات والدهون. 

وفي المقابل، يؤدي النوم الجيد إلى تحسين قراراتنا الغذائية وزيادة النشاط البدني وتحسين المزاج.

الهرمونات الداعمة للنوم

لفهم كيفية تحسين النوم من خلال الطعام، يجب التركيز على هرموني "السيروتونين" و"الميلاتونين"، إذ يؤدي السيروتونين دورًا حيويًا في النوم العميق، بينما ينظم الميلاتونين الإيقاع اليومي للجسم ويساعد على الاستغراق في النوم.

والجسم ينتج هذين الهرمونين باستخدام حمض أميني يُسمى "التريبتوفان"، والذي نحصل عليه فقط من الطعام.

ويشير الباحثون إلى أن تناول أطعمة غنية بالتريبتوفان خلال اليوم، بجانب الأطعمة النباتية الغنية بالألياف والكربوهيدرات المعقدة، يعزز إنتاج السيروتونين والميلاتونين في الوقت المناسب.

كيف نحصل على المواد الداعمة للنوم؟

وفقًا لمراجعات علمية نشرتها"مجلة الجمعية الأميركية للتغذية"، فإن المواد الداعمة للنوم هي: 

  • التريبتوفان: يوجد في اللحوم، والدواجن، والمأكولات البحرية (مثل السلمون والتونة)، والبيض، واللبن، وكذلك الأطعمة النباتية مثل التوفو، والعدس، والأرز البني، وبذور الشيا. 
  • الميلاتونين: يتواجد في المنتجات الحيوانية مثل البيض والألبان، وكذلك في الفواكه والخضروات مثل الموز، والأناناس، والطماطم، والثوم. 
  • السيروتونين: يمكن العثور عليه في الجوز، والأفوكادو، والسبانخ، والشوكولاتة الداكنة (التي تحتوي على 85 بالمئة كاكاو).

خطة غذائية

وتوصي سانت أونج بخطة غذائية بسيطة لتحسين النوم، تشمل: 

  • الفطور: زبادي مع الشوفان والفواكه، أو عجة بالسلمون والسبانخ. 
  • الغداء: سلطة بالتونة والحمص مع صلصة الزنجبيل والسمسم. 
  • العشاء: سلمون مشوي مع الخضروات، أو معكرونة مصنوعة من الحمص مع الجوز وقطع البروكلي المشوي.