ملح الطاولة- تعبيرية
اختلف الباحثون حول مقدار الصوديوم الذي يمكن اعتباره خطرا علينا

للصوديوم الذي يصل أجسادنا من تناولنا للملح -بشكل أساسي-، فوائد عديدة، إذا لم نتعد الكميات الموصى بها يوميا. 

ويقول خبراء إن معظم الناس يستهلكون كميات كبيرة من الصوديوم، مما يزيد من خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب.

في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، يستهلك حوالي 95% من الرجال و77% من النساء أكثر من 2300 ملليغرام يوميا، وهو الحد الذي يوصي به مسؤولو الصحة الفيدراليون.

لكن في العقود الأخيرة، اختلف الباحثون حول مقدار الصوديوم الذي يمكن اعتباره خطرا علينا، حيث أشار البعض إلى أن المبادئ التوجيهية الفيدرالية بالخصوص صارمة للغاية. 

وقال الدكتور لورانس أبيل، أستاذ الطب في كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز، في حديث لصحيفة "نيويورك تايمز"، إن تلك التقارير حول الكميات المفورض أن نتوقف عندها تلفت الانتباه "بل وتترك الكثير من الناس في حيرة من أمرهم".

ما هي كمية الملح (الصوديوم) التي تعتبر "كثيرة"؟

وفقا للمبادئ التوجيهية الغذائية الأميركية، يجب ألا يتناول البالغون أكثر من 2300 ملليغرام – أي ما يعادل حوالي ملعقة صغيرة من ملح الطعام – يوميا. 

لدى منظمة الصحة العالمية والجمعية الدولية لارتفاع ضغط الدم حدا أقل قليلاً لا يزيد عن 2000 ملليغرام يوميا. 

وتقول جمعية القلب الأميركية إنه على الرغم من أن ما لا يزيد عن 2300 ملليغرام يوميا يعد هدفا جيدا للتحقيق، فمن الأفضل تجنب تجاوز 1500 ملليغرام يوميا، خاصة إذا كنت تعاني بالفعل من ارتفاع ضغط الدم.

وقال الدكتور فرانك ,هو أستاذ التغذية وعلم الأوبئة في جامعة هارفارد، لذات الصحيفة إن هذه المبادئ التوجيهية تستند إلى أفضل الأدلة المتاحة فيما يتعلق بارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب.

لكن ليس كل الخبراء متفقين على هذه الكميات، ففي العديد من الدراسات التي نشرت في العقد الماضي أو نحو ذلك، ذكر الباحثون أن الأشخاص الذين يستهلكون كمية أكبر من الصوديوم - في حدود 5000 ملليغرام يوميا - هم فقط الذين لديهم خطر أكبر للإصابة بأمراض القلب أو الوفاة المبكرة. 

وقال الدكتور مارتن أودونيل، أستاذ طب الأوعية الدموية العصبية بجامعة غالواي في أيرلندا، إن هذه النتائج تشير إلى أن المبادئ التوجيهية للصوديوم التي وضعتها المنظمات الصحية في جميع أنحاء العالم كانت صارمة للغاية.

باحثون آخرون وجدوا عيوبا في هذه الدراسات المتناقضة؛ حيث أن المشكلة الرئيسية هي أنها لم تتمكن من قياس كمية الصوديوم التي يجب ألا يتجاوزها الأشخاص بدقة.

وقال أبيل إن الجدل حول الصوديوم يوضح العديد من التحديات التي تواجه أبحاث التغذية. 

وقال إن تجارب التغذية الكبيرة أصعب بكثير من تجارب الأدوية الكبيرة، خاصة عند النظر في المخاطر الصحية طويلة المدى مثل النوبات القلبية والسكتات الدماغية. 

وبدلا من ذلك، يعتمد باحثو التغذية في كثير من الأحيان على تصميمات الدراسات التي يمكنها فقط إظهار الارتباطات بين أنماط معينة من الأكل والصحة، وتكون النتائج المتضاربة شائعة.

ولوضع حد لهذا الجدل، قالت إدارة الغذاء والدواء الأميركية إن على البالغين تناول الصوديوم إلى أقل من 2300 ملغ يوميا، أي ما يعادل حوالي ملعقة صغيرة من ملح الطعام! وبالنسبة للأطفال تحت سن 14 عامًا، تكون الحدود الموصى بها أقل من ذلك.

وينصح الخبراء بضرورة تعقب تفاصيل أي منتج استهلاكي نشتريه لبحث كمية الصوديوم التي به (أنظر الجدول أدناه).

وأظهرت العديد من التجارب الحديثة أن البالغين الذين يتمتعون بضغط دم طبيعي والذين يقللون من تناول الصوديوم كانوا أقل عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم من أولئك الذين لم يقللوا من استهلاكهم. 

كيف أعرف إذا كنت أستهلك الكمية المناسبة؟

لا يوجد اختبار يمكنك من قياس كميات الصوديوم التي تناولتها عدا مراقبة استهلاكك للملح بشكل أساسي. 

في الولايات المتحدة، يأتي حوالي 70 بالمائة من الصوديوم الذي يستهلكه الأشخاص من الأطعمة المصنعة وتناول الطعام بالخارج، وفقا لإدارة الغذاء والدواء. 

وقال الدكتور أبيل إن أفضل طريقة لتقليل استهلاك الصوديوم هي تناول كميات أقل من هذه الأطعمة وطهي مزيد من وجباتك في المنزل.

صينيون في مركز تسوق في 3 يناير 2025 يعودون لارتداء الكمامات مع انتشار ميتانيموفيروس- مصدر الصورة: رويترز
صينيون في مركز تسوق في 3 يناير 2025 يعودون لارتداء الكمامات مع انتشار ميتانيموفيروس- مصدر الصورة: رويترز

تنتشر صور لصينيين بالكمامات وأخبار حول اكتظاظ بمستشفيات على مواقع التواصل الاجتماعي وسط تحذيرات من فيروس جديد يصيب الجهاز التنفسي. هذه الأنباء أثارت قلق البعض، لدرجة أن العديد من الأشخاص في الولايات المتحدة عادوا مؤخرا لارتداء الكمامات في المناسبات وأماكن التجمعات.

وتشهد الصين ارتفاعا في حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري المعروف بـ"ميتانيموفيروس" (hMPV)، خاصة في المقاطعات الشمالية وبين الأطفال. ويُعيد هذا إلى الأذهان ذكريات بداية جائحة كورونا، التي ظهرت في مدينة ووهان قبل خمس سنوات وأودت بحياة مئات الآلاف حول العالم.

وبحسب أستاذ ومستشار علاج الأمراض المُعدية، ضرار حسن بلعاوي، في حديثه مع موقع "الحرة" فإن هذا الفيروس يثير بعض المخاوف بسبب تشابه أعراضه مع أعراض الفيروس المخلوي التنفسي والإنفلونزا ونزلات البرد.

ما هو ميتانيموفيروس البشري؟

تم اكتشاف ميتانيموفيروس البشري لأول مرة في هولندا عام 2001. "وبالرغم من أنه جديد نسبيا من حيث اكتشافه، إلا أنه من المُعتقد أن الفيروس كان متواجدا لفترة طويلة قبل ذلك"، بحسب بلعاوي، الذي يشير إلى أن "ميتانيموفيروس" البشري والفيروس المخلوي التنفسي من نفس العائلة.

واعتبارًا من عام 2016، يعتبر ميتانيموفيروس البشري ثاني أكثر أسباب أمراض الجهاز التنفسي الحادة شيوعا (بعد الفيروس المخلوي التنفسي RSV) لدى الأطفال الأصحاء دون سن الخامسة في العيادات الخارجية بالولايات المتحدة الأميركية، بحسب بلعاوي.

وتُشير الدراسات إلى أنه ينتشر موسميًا، عادةً في فصلي الربيع والشتاء.

أما عن ظهور الفيروس مؤخرا في الصين، فإن بلعاوي يعزو ذلك إلى تزايد رصد الحالات وتسليط الضوء عليه، وليس بالضرورة إلى بدايته الفعلية.

ونشر المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها بيانات تُظهر ارتفاعًا ملحوظًا في التهابات الجهاز التنفسي خلال الأسبوع الممتد من 16 إلى 22 ديسمبر 2024. 

ويقول بلعاوي: "ارتبط ميتانيموفيروس البشري بنسبة 6.2 في المئة من نتائج الاختبارات الإيجابية لأمراض الجهاز التنفسي و5.4 في المئة من حالات دخول المستشفيات بسبب أمراض الجهاز التنفسي في الصين، متجاوزًا بذلك كوفيد-19 والراينوفيروس والفيروسات الغدية". 

من يصيب وما مدى خطورته؟

يُصيب ميتانيموفيروس البشري جميع الفئات العمرية، ولكنه يُشكل خطرًا كبيرا على الأطفال الصغار، وكبار السن، والأفراد الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة في الجهاز التنفسي مثل الربو.

في معظم الحالات، تُسبب العدوى أعراضا خفيفة تشبه نزلات البرد، مثل سيلان الأنف، والسعال، والتهاب الحلق، والحمى. ولكن في بعض الحالات، وخاصةً للفئات الأكثر عرضةً للخطر، يمكن أن يُسبب الفيروس التهابات خطيرة في الجهاز التنفسي السفلي، مثل الالتهاب الرئوي والتهاب القصيبات، ما قد يتطلب دخول المستشفى.

أعراض فيروس الجهاز التنفسي البشري- مصدر الصورة: كليفلاند كلينيك

ما هو العلاج؟

لا يوجد علاج مُحدد لميتانيموفيروس البشري، والعلاج يعتمد في الغالب على تخفيف الأعراض، بحسب بلعاوي.

لكن الخبير في علم الأدوية واللقاحات في لندن، بلال زعيتر، قال لموقع "الحرة" إن هناك لقاحا بالفعل تم تطويره بشكل طارئ لمحاربة هذا الفيروس، بنفس الطريقة التي تم بها تطوير لقاح مضاد لفيروس كورونا، في حين لا تزال الدراسات جارية للتأكد من فعاليته.

وينصح بلعاوي بدوره من تظهر عليه الأعراض بالراحة وشرب الكثير من السوائل، كما يمكن استخدام الأدوية التي تُصرف دون وصفة طبية لتخفيف الحمى والألم.

لكنه يشير إلى أنه في حالات العدوى الشديدة، قد يلزم العلاج في المستشفى، حيث يُمكن تقديم الرعاية الداعمة، مثل الأكسجين والتهوية الميكانيكية.

طرق الانتقال وسرعة الانتشار

وبحسب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) في الولايات المتحدة، يمكن التقاط العدوى بهذا الفيروس، من مخالطة المصابين، من إفرازات السعال، أو العطس، أو اللمس، أو المصافحة للمصاب، أو لمس الأسطح الملوثة بالفيروس، ثم لمس الفم أو الأنف أو العين.

وتتراوح فترة الحضانة بين 3 إلى 6 أيام، وقد يختلف متوسط مدة المرض حسب شدته.

ويقول بلعاوي إن "سرعة انتشار الفيروس ليست معروفة بدقة، وتُجرى دراسات لفهم طبيعة انتقاله بشكل أفضل".

طرق الوقاية

تُشبه طرق الوقاية من ميتانيموفيروس البشري hMPV تلك المتبعة للوقاية من نزلات البرد والإنفلونزا بحسب بلعاوي، وهي:

* غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون لمدة لا تقل عن 20 ثانية.
* تجنب لمس العينين، والأنف، والفم بأيدي غير مغسولة.
* تغطية الفم والأنف بمنديل ورقي عند السعال أو العطس، ثم التخلص من المنديل على الفور.
* تنظيف وتطهير الأسطح التي يتم لمسها بشكل متكرر.
* البقاء في المنزل عند الشعور بالمرض لتجنب نقل العدوى للآخرين.

هل يمكن أن ينتقل من الصين إلى بلاد أخرى؟

بالرغم من إعلان السلطات الصحية الصينية أنها تنفذ إجراءات طارئة لمراقبة انتشار المرض وإدارته، فإن هونغ كونغ أبلغت عن وجود عدد من الإصابات بين مواطنيها، فيما أعلنت دول مجاورة مثل تايوان وكمبوديا أنها تراقب الوضع عن كثب.

ويرى بلعاوي أن الصين يجب ان تنفذ إجراءات استباقية مشددة حتى لا ينتشر الفيروس، لكنه أكد في الوقت ذاته أنه لا داع للقلق لأننا نعرف الكثير عنه فضلا عن أن العالم أصبح يعرف الكثير بعد جائحة كورونا بشأن كيفية التعامل مع الأمراض التنفسية والمستشفيات مجهزة لمثل هذا الأمر.

ويؤكد أنه بالرغم من أن الفيروس لا يمثل حاليا تهديدا وبائيا عالميا، فإن الوعي بأعراضه وطرق الوقاية منه يُعد أمرا بالغ الأهمية للحد من انتشاره وحماية الفئات الأكثر عرضة للخطر مثل المرضى وكبار السن والأطفال.