نمط الحياة الصحي يقلل من خطر الإصابة باضطرابات الجهاز الهضمي (صورة تعبيرية)
أمراض داء الأمعاء الالتهابي يعاني منها ملايين البشر (صورة تعبيرية) | Source: Pexels

ذكرت صحيفة "غارديان" البريطانية، أن فريقا من الباحثين تمكن من اكتشاف المحرك الرئيسي لداء الأمعاء الالتهابي (IBD) والعديد من الاضطرابات المناعية الأخرى التي تؤثر في الكبد والشرايين والعمود الفقري، مما زاد من نسبة الآمال بالشفاء لدى ملايين المرضى حول العالم.

ووفقا لموقع "مايو كلينك" الطبي، فإن مرض الأمعاء الالتهابي هو مصطلح يشير إلى الاضطرابات التي تشمل التهاب الأنسجة المزمن في السبيل الهضمي (القناة الهضمية أو السبيل المعدي المعوي).

وتشتمل أنواع مرض الأمعاء الالتهابي:

  • التهاب القولون التقرحي، الذي يتسبب بالتهاب وتقرحات على طول بطانة الأمعاء الغليظة (القولون) والمستقيم.
  • داء كرون، الذي يتسم بحدوث التهاب في بطانة السبيل الهضمي، غالبًا ما يشمل الطبقات العميقة من السبيل الهضمي.

ويؤثر داء كرون غالبًا في الأمعاء الدقيقة. ومع ذلك، يمكن أن يؤثر أيضًا في الأمعاء الغليظة، وفي حالات نادرة قد يؤثر في السبيل المعدي المعوي.

بعض الأطباء يروجون للحميات الغذائية عبر مواقع التواصل الاجتماعي - صورة تعبيرية.
"عصفوران بحجر".. أطعمة مفيدة للأمعاء وتحميك من أمراض مزمنة
تؤكد الدراسات الصحية أن حالة "ميكروبيوم الأمعا"ء الذي يساعد في هضم الأطعمة التي يتناولها الناس لتوفير الطاقة للجسم وامتصاص العناصر الغذائية مرتبطة بتطور الأمراض المزمنة والخطيرة، وبالتالي فمن الضروري الحصول على غذاء صحي ومتوازن، بحسب تقرير لموقع "هيلث سنترال" الطبي.

وعادةً ما تقترن الإصابة بالتهاب القولون التقرحي وداء كرون بظهور أعراض مثل الإسهال ونزيف المستقيم وألم البطن والإرهاق وفقدان الوزن.

وبالنسبة إلى بعض الأشخاص، قد يكون مرض الأمعاء الالتهابي مجرد مرض خفيف، لكنه قد يتطور بالنسبة إلى آخرين ليصبح داءً منهكا يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات تهدد الحياة.

"إنجاز مهم"

حسب تقرير الصحيفة البريطانية، فإن الكشف الأخير يعد إنجازا مثيراً للاهتمام بشكل خاص، لأن المسار البيولوجي المكتشف حديثاً يمكن استهدافه بواسطة الأدوية المستخدمة بالفعل، مع العمل الجاري لتكييفها مع المرضى الذين يعانون من مرض التهاب الأمعاء وغيره من الحالات.

وأوضح رئيس مجموعة الآليات الوراثية لمختبر الأمراض في معهد فرانسيس في لندن، الطبيب جيمس لي، أن ما جرى اكتشافه "هو أحد المسارات المركزية التي تسوء عندما يصاب الناس بمرض التهاب الأمعاء".

وأضاف: "حتى بالنسبة لعلم المناعة الأساسي، يعد هذا اكتشافاً مثيراً، فهو يخبرنا بأن هذا أمر يمكننا علاجه".

وفي حين أن الأدوية مثل الستيرويدات يمكن أن تخفف أعراض أمراض داء الأمعاء الالتهابي، إلا أن بعض المرضى يحتاجون إلى عملية جراحية لإزالة جزء من الأمعاء.

وعثر فريق الباحثين بقيادة لي على هذا الاكتشاف بعد البحث في "صحراء الجينات"، وهو امتداد من الحمض النووي الموجود على "الكروموسوم "21 الذي لا يرمز للبروتينات، والذي تم ربطه سابقاً بمرض التهاب الأمعاء وأمراض المناعة الذاتية الأخرى.

ومن خلال تجارب تحرير الجينات، أظهر العلماء أن الجين "ETS2" أساسي للسلوك الالتهابي للبلاعم وقدرتها على إتلاف الأمعاء في مرض التهاب الأمعاء.

وفي هذا الصدد، أكد لي أنه "كان هناك بحث لفترة من الزمن عن الدوافع المركزية لهذه العملية المسببة للأمراض، وهذا ما تعثرنا فيه".

ويعتقد علماء أن المسار البيولوجي نفسه يؤدي إلى اضطرابات المناعة الذاتية الأخرى، بما في ذلك التهاب "الفقار المقسط"، الذي يسبب التهاب العمود الفقري والمفاصل عند نحو واحد من كل 1000 شخص تقريبا في جميع أنحاء العالم، ناهيك عن تسببه أمراض المناعة الذاتية النادرة التي تؤثر في الكبد والشرايين.

ورغم عدم وجود أدوية تستهدف جين "ETS2" على وجه التحديد، فقد حدد علماء فئة من العقاقير المضادة للسرطان تسمى مثبطات "MEK" التي يعتقدون أنها قادرة على إضعاف نشاط الجين.

وفي الاختبارات المعملية، كان أداء الأدوية كما هو متوقع، حيث أدت إلى تقليل الالتهاب في عينات الأمعاء المأخوذة من مرضى التهاب الأمعاء.

سرطان الرئة هو السبب الرئيسي لحالات الوفاة بالسرطان حول العالم
سرطان الرئة هو السبب الرئيسي لحالات الوفاة بالسرطان حول العالم

معظمنا سيربط خطر الإصابة بسرطان الرئة بالتدخين أو تلوث الهواء، لكن الباحثين اكتشفوا رابطًا مثيرًا للاهتمام بين هذا المرض وجودة النظام الغذائي.

فقد وجد الباحثون من جامعتي فلوريدا وكنتاكي أن جزيء الغليكوغينglycogen – الذي يخزن السكر البسيط الغلوكوز – قد يعمل كمحرك لبعض أنواع سرطان الرئة.

وقد وُجد أن مستويات الغليكوغين كانت أعلى في عينات الأنسجة البشرية لسرطان الغدة القصبية Lung Adenocarcinoma، وهو النوع المسؤول عن 40 بالمئة من حالات سرطان الرئة حول العالم.

وفي تجارب على الفئران، لاحظ الفريق أن زيادة الغليكوغين ساعدت في نمو السرطان بشكل أسرع، في حين أن تقليل وجوده أدى إلى تباطؤ نمو الأورام.

تعتمد الدراسة الجديدة على تقنية تُعرف باسم التمثيل الغذائي المكاني، والتي تتيح للعلماء تحديد خصائص الجزيئات الصغيرة داخل الأنسجة وفقًا لموقعها.

وفي هذه الحالة، استخدم الفريق منصة مصممة خصيصًا لتحليل الأنسجة.

يقول عالم الأحياء الجزيئية رامون صن من جامعة فلوريدا "وفّرت هذه المنصة عدسة جديدة لرؤية الأمراض، مما مكن الباحثين من اكتشاف أنماط وتفاعلات جزيئية لم تكن معروفة من قبل، وبدقة وعمق ملحوظين في الفهم."

كان الباحثون يدرسون العلاقة بين الغليكوغين وأنواع مختلفة من السرطان منذ فترة، ويبدو أن هذا المصدر من الطاقة يعمل كـ"حلوى" للخلايا السرطانية، يمنحها الوقود اللازم للنمو بسرعة، بما يكفي لتجاوز أنظمة المناعة الطبيعية في أجسامنا.

نعلم أن الغليكوغين يأتي من الكربوهيدرات التي نتناولها، ويُعتبر مصدرًا مهمًا للطاقة يُخزن في العضلات، ويستعين به الجسم أثناء التمارين. في الأساس، هو شكل مُخزن من الغلوكوز غير المستخدم على الفور.

كما يتراكم الغليكوغين بشكل أكبر نتيجة النظام الغذائي الغني بالدهون والكربوهيدرات.

وفي هذه الدراسة، أظهرت الفئران التي تم إطعامها بهذا النوع من النظام الغذائي مستويات أعلى بكثير من نمو سرطان الرئة مقارنة بالفئران التي تناولت أنظمة غذائية غنية بالدهون فقط، أو بالكربوهيدرات فقط، أو حتى نظامًا غذائيًا معتدلًا.

أوضح الفريق أهمية اجراء المزيد من الأبحاث لتأكيد العلاقة بين النظام الغذائي وسرطان الرئة لدى البشر، لكن يبدو أن هناك نوعًا من الارتباط بالفعل.

ويقول رامون صن "على المدى الطويل، ينبغي أن تعكس استراتيجيتنا في الوقاية من السرطان ما حققته حملات مكافحة التدخين من نجاح، من خلال التركيز بشكل أكبر على التوعية العامة والاستراتيجيات القائمة على السياسات التي تشجع على خيارات غذائية صحية كعنصر أساسي في الوقاية من الأمراض."

من الجدير بالذكر أن مستويات الغليكوغين المرتفعة ظهرت فقط في عينات أنسجة لسرطان الغدة القصبية لدى البشر، ولم تُلاحظ في أنواع أخرى من سرطان الرئة، مثل سرطان الخلايا الحرشفية الرئوي، وهو ما يستدعي إجراء مزيد من الدراسات.

وفي الوقت الحالي، تعتبر هذه النتائج تذكيرًا بمدى أهمية النظام الغذائي لصحتنا العامة. 

تمامًا كما يُعتقد أن اللحوم الحمراء والمشروبات الكحولية ترفع من خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان، تقول الدراسة إنه قد نضطر قريبًا إلى إضافة سرطان الرئة إلى قائمة الأمراض المرتبطة بالنظام الغذائي.