متعدد الفيتامينات لا يكون مفيدا بالضرورة
متعدد الفيتامينات لا يكون مفيدا بالضرورة

توصلت دراسة موسعة إلى أن تناول "متعدد الفيتامينات" أو الـ"مالتي فيتامينس" وهو عبارة عن مكمل غذائي يحتوي على مجموعة فيتامينات ومعادن متنوعة، يوميا لا يساعد الأشخاص على العيش لفترة أطول، بل في الواقع قد يزيد من خطر الوفاة المبكرة. 

وبحسب الدراسة، التي نشرت الأربعاء، في شبكة "جاما" الطبية فإن باحثين في المعهد الوطني للسرطان في ولاية ميريلاند الأميركية قاموا بتحليل السجلات الصحية لما يقرب من 400 ألف شخص بالغ، لا يعانون من أمراض خطيرة طويلة الأمدـ لمعرفة ما إذا كانت الفيتامينات المتعددة اليومية تقلل من خطر الوفاة على مدى العقدين المقبلين.

وبدلاً من العيش لفترة أطول، كان الأشخاص الذين تناولوا "متعدد الفيتامينات" يوميا أكثر عرضة للوفاة من غير المستخدمين خلال فترة الدراسة التي غطت 20 عاما، مما دفع الباحثين إلى استنتاج أن فكرة "استخدام الفيتامينات المتعددة لتحسين طول العمر غير مدعومة". 

ويتناول ما يقرب من نصف البالغين في المملكة المتحدة الفيتامينات المتعددة أو المكملات الغذائية مرة واحدة في الأسبوع أو أكثر، وتمثل تلك المنتجات ما قيمته أكثر من نصف مليار جنيه إسترليني سنويًا، بينما تقدر قيمة السوق العالمية للمكملات الغذائية بعشرات المليارات من الدولارات كل عام.

وفي الولايات المتحدة، يستخدم ثلث البالغين الفيتامينات المتعددة على أمل الوقاية من الأمراض.

ورغم شعبية هذه المكملات الغذائية، فقد شكك الباحثون في فوائدها الصحية، بل وحذروا من أنها قد تكون ضارة، وحثوا على تناول مصادر الغذاء الطبيعية.  

ووجد الباحثون أن الحديد الذي يضاف إلى العديد من الفيتامينات المتعددة، يؤدي إلى زيادة الحديد في الجسم، لكنه يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري والخرف.

ولم يجد الباحثون أي دليل على أن الفيتامينات المتعددة اليومية تقلل من خطر الوفاة، وأفادوا بدلا من ذلك عن ارتفاع خطر الوفاة بنسبة 4 في المئة بين المستخدمين في السنوات الأولى من المتابعة، التي امتدت لعشرين عاما. 

وقال الدكتور نيل بارنارد، مدرس الطب بجامعة جورج واشنطن "إن المكملات الغذائية من متعدد الفيتامينات تبالغ في الوعود، لكنها لا تحقق نتائج كافية. والأبحاث لا تشير إلى أنها تساعد"، بحسب ما تنقل عنه صحيفة "الغارديان". 

وأضاف: "بدلا من تناول متعدد الفيتامينات، نحتاج إلى تناول الأطعمة الصحية، التي توفر مجموعة واسعة من المغذيات الدقيقة والمغذيات الكبيرة والألياف، مع الحد من الدهون المشبعة والكوليسترول". 

ويرى اختصاصي التغذية في كلية أستون الطبية، دوان ميلور، أن "مكملات الفيتامينات والمعادن لن تعالج النظام الغذائي غير الصحي بمفردها، لكنها يمكن أن تساعد في تغطية العناصر الغذائية الأساسية إذا كان شخص ما يكافح للحصول عليها من الطعام". 

سرطان الرئة هو السبب الرئيسي لحالات الوفاة بالسرطان حول العالم
سرطان الرئة هو السبب الرئيسي لحالات الوفاة بالسرطان حول العالم

معظمنا سيربط خطر الإصابة بسرطان الرئة بالتدخين أو تلوث الهواء، لكن الباحثين اكتشفوا رابطًا مثيرًا للاهتمام بين هذا المرض وجودة النظام الغذائي.

فقد وجد الباحثون من جامعتي فلوريدا وكنتاكي أن جزيء الغليكوغينglycogen – الذي يخزن السكر البسيط الغلوكوز – قد يعمل كمحرك لبعض أنواع سرطان الرئة.

وقد وُجد أن مستويات الغليكوغين كانت أعلى في عينات الأنسجة البشرية لسرطان الغدة القصبية Lung Adenocarcinoma، وهو النوع المسؤول عن 40 بالمئة من حالات سرطان الرئة حول العالم.

وفي تجارب على الفئران، لاحظ الفريق أن زيادة الغليكوغين ساعدت في نمو السرطان بشكل أسرع، في حين أن تقليل وجوده أدى إلى تباطؤ نمو الأورام.

تعتمد الدراسة الجديدة على تقنية تُعرف باسم التمثيل الغذائي المكاني، والتي تتيح للعلماء تحديد خصائص الجزيئات الصغيرة داخل الأنسجة وفقًا لموقعها.

وفي هذه الحالة، استخدم الفريق منصة مصممة خصيصًا لتحليل الأنسجة.

يقول عالم الأحياء الجزيئية رامون صن من جامعة فلوريدا "وفّرت هذه المنصة عدسة جديدة لرؤية الأمراض، مما مكن الباحثين من اكتشاف أنماط وتفاعلات جزيئية لم تكن معروفة من قبل، وبدقة وعمق ملحوظين في الفهم."

كان الباحثون يدرسون العلاقة بين الغليكوغين وأنواع مختلفة من السرطان منذ فترة، ويبدو أن هذا المصدر من الطاقة يعمل كـ"حلوى" للخلايا السرطانية، يمنحها الوقود اللازم للنمو بسرعة، بما يكفي لتجاوز أنظمة المناعة الطبيعية في أجسامنا.

نعلم أن الغليكوغين يأتي من الكربوهيدرات التي نتناولها، ويُعتبر مصدرًا مهمًا للطاقة يُخزن في العضلات، ويستعين به الجسم أثناء التمارين. في الأساس، هو شكل مُخزن من الغلوكوز غير المستخدم على الفور.

كما يتراكم الغليكوغين بشكل أكبر نتيجة النظام الغذائي الغني بالدهون والكربوهيدرات.

وفي هذه الدراسة، أظهرت الفئران التي تم إطعامها بهذا النوع من النظام الغذائي مستويات أعلى بكثير من نمو سرطان الرئة مقارنة بالفئران التي تناولت أنظمة غذائية غنية بالدهون فقط، أو بالكربوهيدرات فقط، أو حتى نظامًا غذائيًا معتدلًا.

أوضح الفريق أهمية اجراء المزيد من الأبحاث لتأكيد العلاقة بين النظام الغذائي وسرطان الرئة لدى البشر، لكن يبدو أن هناك نوعًا من الارتباط بالفعل.

ويقول رامون صن "على المدى الطويل، ينبغي أن تعكس استراتيجيتنا في الوقاية من السرطان ما حققته حملات مكافحة التدخين من نجاح، من خلال التركيز بشكل أكبر على التوعية العامة والاستراتيجيات القائمة على السياسات التي تشجع على خيارات غذائية صحية كعنصر أساسي في الوقاية من الأمراض."

من الجدير بالذكر أن مستويات الغليكوغين المرتفعة ظهرت فقط في عينات أنسجة لسرطان الغدة القصبية لدى البشر، ولم تُلاحظ في أنواع أخرى من سرطان الرئة، مثل سرطان الخلايا الحرشفية الرئوي، وهو ما يستدعي إجراء مزيد من الدراسات.

وفي الوقت الحالي، تعتبر هذه النتائج تذكيرًا بمدى أهمية النظام الغذائي لصحتنا العامة. 

تمامًا كما يُعتقد أن اللحوم الحمراء والمشروبات الكحولية ترفع من خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان، تقول الدراسة إنه قد نضطر قريبًا إلى إضافة سرطان الرئة إلى قائمة الأمراض المرتبطة بالنظام الغذائي.