أطعمة صحية
الدراسة ركزت على أنظمة غذائية تدعم صحة الإنسان في الشيخوخة (صورة تعبيرية) | Source: pexels

قالت دراسة جديدة  إن اتباع نظام غذائي غني بالفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والدهون غير المشبعة في سن الأربيعن، يمكن أن يعزز الصحة العقلية والجسدية والإدراكية للإنسان في العقود اللاحقة من عمره، حسب شبكة "إن بي سي نيوز" الأميركية.

وقدم باحثون من جامعة هارفارد نتائج دراستهم في مؤتمر غذائي كبير، عقد مؤخرا، مؤكدين على العلاقة الوثيقة بين تناول الأطعمة المغذية يوميًا وتقليل خطر الأمراض المزمنة الشائعة، والحفاظ على قدرات الإدراك مع التقدم في العمر.

وشملت الدراسة أكثر من 106 آلاف مشارك، وبدأت في عام 1986 مع أشخاص كانوا على الأقل في عمر 39 عامًا، وغير مصابين بأمراض مزمنة.

وعمد المشاركون إلى ملء استبيان شامل عن تواتر تناول الطعام، كل 4 سنوات، بين 1986 و2010.

وتتبع الباحثون في جامعة هارفارد، بقيادة اختصاصية التغذية، آن-جولي تيسييه، النظم الغذائية للمشاركين على مدار الوقت، لمقارنتها بثمانية أنماط غذائية ذات قيمة غذائية عالية.

من بين الأنظمة التي تم فحصها، نظام "DASH" الغذائي الذي يركز  على تناول الخضروات والفواكه والحبوب الكاملة بهدف خفض ضغط الدم.

ويتميز هذا النظام بمرونته، حيث لا يلغي أية مجموعة غذائية، ويساعد كذلك في فقدان الوزن.

نظام آخر تم فحصه هو مؤشر الأكل الصحي البديل (AHEI)، الذي يتبع عن كثب الإرشادات الغذائية الأميركية، من خلال تشجيع تناول المزيد من البقوليات والمكسرات والخضروات، وتقليل استهلاك اللحوم الحمراء واالأطعمة المعالجة.

ووجد الباحثون علاقة قوية للغاية بين نظام "AHEI" وصحة أفضل في الشيخوخة.

وفي هذا الصدد، قال الدكتور لورانس أبيل، أستاذ الطب في كلية الطب بجامعة جون هوبكنز، الذي لم يشارك في البحث، إن نتائج الدراسة "تدعم أبحاثا سابقة تحدثت عن أهمية السلوكيات الغذائية، في الحفاظ على الصحة مع تقدم العمر".

سرطان الرئة هو السبب الرئيسي لحالات الوفاة بالسرطان حول العالم
سرطان الرئة هو السبب الرئيسي لحالات الوفاة بالسرطان حول العالم

معظمنا سيربط خطر الإصابة بسرطان الرئة بالتدخين أو تلوث الهواء، لكن الباحثين اكتشفوا رابطًا مثيرًا للاهتمام بين هذا المرض وجودة النظام الغذائي.

فقد وجد الباحثون من جامعتي فلوريدا وكنتاكي أن جزيء الغليكوغينglycogen – الذي يخزن السكر البسيط الغلوكوز – قد يعمل كمحرك لبعض أنواع سرطان الرئة.

وقد وُجد أن مستويات الغليكوغين كانت أعلى في عينات الأنسجة البشرية لسرطان الغدة القصبية Lung Adenocarcinoma، وهو النوع المسؤول عن 40 بالمئة من حالات سرطان الرئة حول العالم.

وفي تجارب على الفئران، لاحظ الفريق أن زيادة الغليكوغين ساعدت في نمو السرطان بشكل أسرع، في حين أن تقليل وجوده أدى إلى تباطؤ نمو الأورام.

تعتمد الدراسة الجديدة على تقنية تُعرف باسم التمثيل الغذائي المكاني، والتي تتيح للعلماء تحديد خصائص الجزيئات الصغيرة داخل الأنسجة وفقًا لموقعها.

وفي هذه الحالة، استخدم الفريق منصة مصممة خصيصًا لتحليل الأنسجة.

يقول عالم الأحياء الجزيئية رامون صن من جامعة فلوريدا "وفّرت هذه المنصة عدسة جديدة لرؤية الأمراض، مما مكن الباحثين من اكتشاف أنماط وتفاعلات جزيئية لم تكن معروفة من قبل، وبدقة وعمق ملحوظين في الفهم."

كان الباحثون يدرسون العلاقة بين الغليكوغين وأنواع مختلفة من السرطان منذ فترة، ويبدو أن هذا المصدر من الطاقة يعمل كـ"حلوى" للخلايا السرطانية، يمنحها الوقود اللازم للنمو بسرعة، بما يكفي لتجاوز أنظمة المناعة الطبيعية في أجسامنا.

نعلم أن الغليكوغين يأتي من الكربوهيدرات التي نتناولها، ويُعتبر مصدرًا مهمًا للطاقة يُخزن في العضلات، ويستعين به الجسم أثناء التمارين. في الأساس، هو شكل مُخزن من الغلوكوز غير المستخدم على الفور.

كما يتراكم الغليكوغين بشكل أكبر نتيجة النظام الغذائي الغني بالدهون والكربوهيدرات.

وفي هذه الدراسة، أظهرت الفئران التي تم إطعامها بهذا النوع من النظام الغذائي مستويات أعلى بكثير من نمو سرطان الرئة مقارنة بالفئران التي تناولت أنظمة غذائية غنية بالدهون فقط، أو بالكربوهيدرات فقط، أو حتى نظامًا غذائيًا معتدلًا.

أوضح الفريق أهمية اجراء المزيد من الأبحاث لتأكيد العلاقة بين النظام الغذائي وسرطان الرئة لدى البشر، لكن يبدو أن هناك نوعًا من الارتباط بالفعل.

ويقول رامون صن "على المدى الطويل، ينبغي أن تعكس استراتيجيتنا في الوقاية من السرطان ما حققته حملات مكافحة التدخين من نجاح، من خلال التركيز بشكل أكبر على التوعية العامة والاستراتيجيات القائمة على السياسات التي تشجع على خيارات غذائية صحية كعنصر أساسي في الوقاية من الأمراض."

من الجدير بالذكر أن مستويات الغليكوغين المرتفعة ظهرت فقط في عينات أنسجة لسرطان الغدة القصبية لدى البشر، ولم تُلاحظ في أنواع أخرى من سرطان الرئة، مثل سرطان الخلايا الحرشفية الرئوي، وهو ما يستدعي إجراء مزيد من الدراسات.

وفي الوقت الحالي، تعتبر هذه النتائج تذكيرًا بمدى أهمية النظام الغذائي لصحتنا العامة. 

تمامًا كما يُعتقد أن اللحوم الحمراء والمشروبات الكحولية ترفع من خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان، تقول الدراسة إنه قد نضطر قريبًا إلى إضافة سرطان الرئة إلى قائمة الأمراض المرتبطة بالنظام الغذائي.