دراسة تتوصل إلى تلوث الشوكولاتة الداكنة ومنتجات الكاكاو المماثلة بالرصاص والكادميوم
دراسة تتوصل إلى تلوث الشوكولاتة الداكنة ومنتجات الكاكاو المماثلة بالرصاص والكادميوم | source: Pexels

كشفت دراسة حديثة أن الشوكولاتة الداكنة ومنتجات الكاكاو المماثلة، تحتوي على معادن ثقيلة سامة ترتبط بعدد من الأمراض المزمنة والمشاكل الصحية، بحسب شبكة "سي إن إن" الأميركية.

وتوصلت الدراسة التي نشرت بمجلة "Frontiers in Nutrition" ، الأربعاء، إلى أن الشوكولاتة الداكنة ومنتجات الكاكاو المماثلة ملوثة بالرصاص والكادميوم، وهما معدنان سامان للأعصاب، ويرتبطان بالسرطان والأمراض المزمنة ومشاكل الإنجاب والنمو، خاصة عند الأطفال.

وباعتبارها عناصر طبيعية في قشرة الأرض، فإن الرصاص والكادميوم والمعادن الثقيلة الأخرى موجودة في التربة التي تزرع فيها المحاصيل وبالتالي لا يمكن تجنبها، وفق الشبكة.

ومع ذلك، تحتوي بعض حقول المحاصيل والمناطق على مستويات سامة أكثر من غيرها، وفق الدراسة، إذ يرجع ذلك جزئيا إلى الإفراط في استخدام الأسمدة التي تحتوي على المعادن والملوثات الصناعية.

وعلى الرغم من النمو على أرض تحتوي على عدد أقل من المبيدات الحشرية والمواد الملوثة الأخرى، فإن الدراسة وجدت أن الشوكولاتة الداكنة تحتوي على بعض من أعلى المستويات.

وتشتهر الشوكولاتة الداكنة بأنها غنية بالعناصر الغذائية النباتية التي تسمى "الفلافونويد" ومضادات الأكسدة والمعادن المفيدة، إذ ارتبطت بتحسين صحة القلب والأوعية الدموية والأداء الإدراكي وتقليل الالتهابات المزمنة، وفقا للشبكة.

وشملت الدراسة فحص منتجات الشوكولاتة النقية الداكنة فقط؛ لأنها تحتوي على أعلى كمية من الكاكاو، وهو الجزء الخام غير المعالج من حبوب الكاكاو، بينما تم استبعاد الحلوى أو الشوكولاتة التي تحتوي على مكونات أخرى.

وحللت الدراسة الجديدة 72 منتجا من منتجات الكاكاو لمعرفة مستويات الرصاص والكادميوم والزرنيخ.

وبالمقارنة مع الدراسات السابقة، التي بحثت في المعادن الثقيلة في الشوكولاتة خلال فترة زمنية قصيرة، اختبرت الدراسة المنتجات على مدى 8 سنوات، بما في ذلك أعوام 2014 و2016 و2018 و2020.

ونقلت "سي إن إن" عن جين هوليغان، المديرة الوطنية للعلوم والصحة بمنظمة "أطفال أصحاء في المستقبل المشرق"، وهي تحالف من المؤيدين الملتزمين بالحد من تعرض الأطفال للمواد الكيميائية السامة للأعصاب، قولها إن "المستويات المتوسطة من الرصاص والكادميوم في المنتجات التي تحتوي على الكاكاو في الدراسة الجديدة تساوي أو تفوق الكميات المتوسطة التي تجدها هيئة الغذاء والدواء الأميركية للرصاص والكادميوم في الأطعمة الأكثر تلوثا التي تختبرها".

وفي تعليقها للشبكة، قالت رابطة صناع الحلويات الوطنية، عبر البريد الإلكتروني إن "الشوكولاتة والكاكاو آمنان للأكل ويمكن الاستمتاع بهما كنوع من المكافأة كما كانا منذ قرون. وتظل سلامة الغذاء وجودة المنتج من أهم أولوياتنا، ونظل ملتزمين بالشفافية والمسؤولية الاجتماعية".

ومن بين 6 مجموعات من منتجات الشوكولاتة التي تم اختبارها خلال الدراسة، تجاوزت نسبة 43 بالمئة منها الحد الأقصى المسموح به للرصاص كما حددته المادة 65 في قانون ولاية كاليفورنيا، بينما تجاوزت نسبة 35 بالمئة الحد الأقصى المسموح به للكادميوم.

فيما لم تتوصل الدراسة إلى مستويات كبيرة من الزرنيخ.

والمستويات التي حددتها المادة 65 أقل من تلك التي حددتها الحكومة الفدرالية، وفقا لـ"سي إن إن"، إذ تحدد هيئة الغذاء والدواء الأميركية الحد الأقصى المسموح به من الرصاص في الحلوى المخصصة للأطفال عند 0.1 جزء في المليون، بينما تحدد المادة 65 في كاليفورنيا معيارا للسلامة يبلغ 0.05 جزءا في المليون.

ونقلت "سي إن إن" عن كبير مؤلفي الدراسة والمدير التنفيذي لمكتب الطب التكاملي والصحة في جامعة جورج واشنطن، لي فريم، قوله إن البالغين الأصحاء الذين يتناولون كميات صغيرة لا ينبغي أن يخافوا من تناول الشوكولاتة.

وأضاف: "الحصة النموذجية من الشوكولاتة الداكنة هي أونصة واحدة، لذا فإن تناول أونصة واحدة كل يوم أو نحو ذلك يشكل خطرا ضئيلا، ولكن هذا أمر يجب أن ننتبه إليه في حالة وجودنا أيضا بالقرب من مصادر أخرى للتعرض للرصاص".

ومع ذلك، فإن خطر التعرض للمعادن الثقيلة يرتفع إذا كان الشخص معرضا لخطر طبي، أو إذا كان حاملا، أو لديه طفل صغير، وفقا لما قاله الأستاذ المساعد في الكيمياء البيئية في كلية الصحة العامة والطب الاستوائي بجامعة تولين، تيودروس غوديبو.

ومع مرور الوقت، قد يؤدي استهلاك مستويات منخفضة من الكادميوم إلى إتلاف الكلى، إذ تصف وكالة حماية البيئة هذا المعدن بأنه مادة مسرطنة محتملة للإنسان.

وتشير منظمة الصحة العالمية على موقعها الإلكتروني إلى أن "الرصاص يمكن أن يؤثر بشكل خاص على نمو دماغ الأطفال، مما يؤدي إلى انخفاض معدل الذكاء، والتغيرات السلوكية مثل انخفاض مدى الانتباه وزيادة السلوك المعادي للمجتمع، وانخفاض التحصيل التعليمي".

ومع ذلك، بالنسبة للبالغين الأصحاء، قال غوديبو إنه لا داعي للقلق بشأن اختيار تناول أونصة واحدة من الشوكولاتة الداكنة بين الحين والآخر.

وأضاف: "بطبيعة الحال، نريد أن يكون التعرض لهذه المواد شبه معدوم، ولكن هذا مستحيل. فمن المرجح أن يحتوي كل ما نتناوله على بعض مستويات هذه الملوثات. ولكن هذا يشكل خطرا نسبيا".

الصحة العالمية تدعو لتكثيف حملات التلقيح ضد الحصبة
تفشي الحصبة في المغرب يعود إلى انخفاض معدلات التلقيح (صورة تعبيرية)

شهد المغرب في الفترة الأخيرة انتشارا واسعا لداء الحصبة الذي يعرف محليا بـ"بوحمرون"، حيث سجلت البلاد 120 حالة وفاة و25 ألف إصابة منذ سبتمبر 2023، في ارتفاع غير مسبوق مقارنة بالسنوات الماضية.

وتحول هذا المرض إلى وباء في المغرب بعد وضعية انتشار "غير عادية"، وفق تصريحات لمدير مديرية علم الأوبئة بوزارة الصحة، محمد اليوبي، لوسائل إعلام محلية.

وفي ظل تفشي وباء الحصبة بالبلاد، انتقدت فاطمة التامني، النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي (معارض)، مؤخرا، "عدم الاكتراث بصحة المغاربة" في سؤال كتابي وجهته إلى وزير الصحة، منبهة إلى أزمة حادة يعيشها قطاع الصحة إثر الانتشار المتزايد لمرض بوحمرون تزامنا مع نقص حاد في الأطر الصحية والتجهيزات، وقالت إنه "وضع مرشح للتفاقم بسبب استمرار الحركات الاحتجاجية والإضرابات التي تنظمها النقابات الصحية منذ أسابيع".

من جانبها، نبهت نجوى ككوس، النائبة البرلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة (أغلبي)، وزير الصحة، إلى التحديات التي يواجهها القطاع الصحي في المؤسسات السجنية بعد ارتفاع عدد المصابين بداء الحصبة إلى 83 سجينا منذ ديسمبر 2024، داعية إلى اتخاذ تدابير استعجالية لاحتواء انتشار هذا المرض الشديد العدوى في هذه المؤسسات السجنية المكتظة.

وأثار تفشي الحصبة في الآونة الأخيرة بالمغرب، قلق المواطنين الذين باتوا يتساءلون عن أسباب ارتفاع حالات الإصابة وخطورة الوضع الحالي وسبل مواجهته خاصة مع سرعة انتشار المرض بين الفئات الأكثر هشاشة.

"انخفاض معدلات التلقيح"

وفي تعليقه على الموضوع، يرى الطبيب الأخصائي في طب الأطفال، ورئيس الجمعية المغربية للعلوم الطبية، سعيد عفيف، بأن تفشي الحصبة في المغرب يعود أساسا إلى انخفاض معدلات التلقيح، حيث انخفضت التغطية في بعض المناطق إلى 60٪ بدلا من 95٪ المطلوبة لمنع انتشار العدوى، مؤكدا أن الحصبة من أكثر الأمراض المعدية التي يمكن للمصاب بها أن ينقل الفيروس إلى 12 إلى 18 شخصا.

وتابع عفيف حديثه لموقع "الحرة"، أن "خطورة تفشي الحصبة تكمن في غياب علاج محدد للمرض إذ يقتصر التدخل الطبي على معالجة الأعراض مثل الحمى أو العدوى الثانوية"، وأضاف أن الحل الوحيد والفعال للوقاية من الحصبة هو التلقيح بجرعتين، مشددا على أن "اللقاح آمن وناجع ويستخدم عالميا منذ أكثر من أربعين عاما".

وأكد الأخصائي في طب الأطفال أن مواجهة تفشي الحصبة تتطلب تضافر جهود جميع الجهات، مشيرًا إلى الحملات الاستدراكية والتحسيسية التي أطلقتها وزارة الصحة بدعم من وزارات الداخلية والتربية والأوقاف. وأشاد بمبادرات التوعية في المدارس والمساجد، مبرزًا أن التلقيح لا يحمي الفرد فقط بل يساهم في تحقيق حماية جماعية فعالة ضد المرض.

"إعلان حالة طوارئ"

وانتقد رئيس "الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة"، علي لطفي، تعامل السلطات المغربية مع انتشار فيروس الحصبة، مشيرا إلى أن تحذيرات منظمة الصحة العالمية عام 2023 حول إمكانية تفاقم الوضع لم يتم التعامل معها بالجدية المطلوبة. وقال إن "التهاون في اتخاذ تدابير استباقية ساهم في تفاقم الوضع وتسجيل عشرات الوفيات وآلاف الإصابات معظمها في صفوف الأطفال غير الملقحين".

ويضيف لطفي في تصريح لموقع "الحرة"، أن فيروس الحصبة شديد العدوى وينتشر عبر الهواء بسرعة فائقة، مما يجعله خطيرا بشكل خاص في أماكن الاكتظاظ مثل المدارس والسجون، داعيا إلى "إعلان حالة طوارئ صحية على المستوى الوطني لمكافحة انتشار المرض، من خلال تعزيز برامج التلقيح وإطلاق حملات تحسيسية بالتعاون مع وزارتي الداخلية والتعليم، بهدف تطويق المرض والتقليل من تداعياته الوخيمة".

وربط لطفي بين ارتفاع معدلات الوفيات بسبب الحصبة وضعف المناعة لدى الأطفال، الناتج عن سوء التغذية وارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، خاصة في المناطق الفقيرة، محذرا من ترويج المعلومات المضللة حول مخاطر اللقاحات والتي ساهمت في إحجام بعض الأسر عن تلقيح أطفالها.

"معلومات مغلوطة"

ومن جانبه، ذكر الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، أن عودة انتشار الحصبة في المغرب مؤخرا يرجع إلى عدة أسباب رئيسية، أبرزها تراجع الإقبال على التلقيح، خاصة بعد جائحة كورونا، وانتشار المعلومات المغلوطة التي تخيف المواطنين من تلقي اللقاحات. مشيرا إلى أن "هذه الإشاعات التي غالبا ما يتم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تروج لآثار جانبية نادرة وغير دقيقة، مما أدى إلى تراكم أعداد كبيرة من الأطفال غير الملقحين وعدم الالتزام بالجدول الوطني للتلقيح".

وأوضح بايتاس في ندوة صحفية أعقبت اجتماع المجلس الحكومي، الخميس، أن وزارة الصحة اتخذت سلسلة من التدابير العاجلة لمواجهة تفشي المرض، شملت إرساء نظام يقظة وتتبع على مستوى المركز الوطني للعمليات الطارئة للصحة العامة و12 مركزا إقليميا للطوارئ الصحية. كما أطلقت حملة وطنية استدراكية للتلقيح ضد الحصبة، بدأت في 28 أكتوبر 2024 وتم تمديدها لضمان وصولها إلى الفئات المستهدفة.

ودعا بايتاس جميع المواطنين وجمعيات المجتمع المدني ووسائل الإعلام إلى دعم هذه الحملة الوطنية والتصدي للإشاعات المضللة التي تهدد صحة الأطفال، مؤكدا أن حملة التطعيم ضد الحصبة ما زالت جارية في المراكز الصحية.