الكحوليات تضر بصحة الإنسان حتى حال الشرب بشكل معتدل (صورة تعبيرية)
الكحوليات تضر بصحة الإنسان حتى حال الشرب بشكل معتدل (صورة تعبيرية)

وجدت دراسة حديثة أن تناول المشروبات الكحولية حتى بشكل معتدل، لا يفيد كبار السن، مما يعزز من الأبحاث التي تعارض الاعتقاد السائد بأن كوبا أو اثنين من تلك المشروبات خاصة النبيذ قد تكون مفيدة للصحة.

وأوضحت شبكة "سي إن إن" في تقرير لها أن بعض الأبحاث الأخيرة كشفت أن الكحوليات يمكن أن يشكل مادة مسرطنة قوية وتساهم في أمراض محتملة أخرى مثل الاكتئاب ومشاكل الكبد والكلى.

وقال مدير المعهد الكندي لأبحاث تعاطي المخدرات بجامعة فيكتوريا، تيموتي نعيمي، إن "الكحول مادة مسرطنة تساهم في نحو 50 نوعا مختلفا من مسببات الوفاة".

لم يشارك نعيمي في الدراسة، لكنه قال لشبكة "سي إن إن" الإخبارية إنه حينما يتعلق الأمر بالكحوليات فإن "القليل أفضل من الكثير. النتيجة الأكثر اتساقا في جميع العلوم، هي أنه كلما تناولت الكحوليات أقل كلما كان ذلك أفضل لصحتك".

ونشرت الدراسة، الاثنين، بمجلة "جاما" بعد أن رصدت بيانات أكثر من 135 ألف بالغ يبلغون من العمر 60 عاما أو أكثر تم تتبعهم من خلال سجل البنك الحيوي بالمملكة المتحدة.

وطرح القائمون على الدراسة بين عامي 2006 و2010 على المشاركين أسئلة مفصلة حول تناولهم للكحوليات، واستخدم الباحثون إجاباتهم لتصنيفهم على أنهم يشربون بشكل عرضي أو بمعدل منخفض أو متوسط أو مرتفع الخطورة.

ووجدت الدراسة مخاطر فيما يتعلق بتناول الكحوليات بشكل منتظم، إذ كان أولئك الذين ينتمون للفئة منخفضة الخطورة أكثر عرضة للإصابة بالسرطان بنسبة 10 بالمئة، مقارنة بمن قالوا إنهم يتناولون الكحوليات بشكل عرضي.

أما الفئة متوسطة الخطورة فكانوا أكثر عرضة بنسبة من 10 إلى 15 بالمئة للوفاة لأي سبب أو الوفاة بالسرطان مقارنة بمن يشربون الكحوليات بشكل عرضي. أما أصحاب الفئة عالية الخطورة فكانت النسبة لديهم 33 بالمئة.

وكانت دراسة سابقة نشرت بمجلة "لانسيت" الطبية، أشارت إلى أن شرب الكحول لمن هم دون سن الأربعين ليس جيدا ولا يفيد الشباب، ولكن كميات قليلة لكبار السن قد تكون مفيدة.

وأوصت الدراسة بضرورة التحذير من مخاطر استهلاك الكحول لمن تتراوح أعمارهم بين 15 و39 عاما، والتي قد تزيد من مخاطر حدوث إصابات لهم بما في ذلك حوادث سيارات والانتحار وارتكاب جرائم قتل.

هناك أكثر من 55 مليون شخص حول العالم مصابون بالخرف - صورة تعبيرية.
هناك أكثر من 55 مليون شخص حول العالم مصابون بالخرف - صورة تعبيرية.

مع وجود ملايين الأشخاص الذين يحتاجون إلى علاج فعال، تثار العديد من التساؤلات حول سبب تعثر الباحثين في مسعاهم لإيجاد علاج لما يُعتبر على الأرجح أحد أهم الأمراض التي تواجه البشر .. الزهايمر.

في يوليو 2022، أفادت مجلة "ساينس" بأن ورقة بحثية نُشرت في مجلة "نيتشر" عام 2006، حددت نوعًا من البروتينات الدماغية يسمى "بيتا-أميلويد" كسبب لمرض الزهايمر، لكن ثبتت لاحقا أن الورقة استندت إلى بيانات غير دقيقة.

وفي يونيو 2021، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية على "أدوكانوماب"، وهو جسم مضاد يستهدف "بيتا-أميلويد"، كعلاج لمرض الزهايمر، رغم أن البيانات الداعمة لاستخدامه كانت غير مكتملة ومتضاربة.

بعض الأطباء يرون أنه لم يكن ينبغي الموافقة على "أدوكانوماب"، بينما يصر آخرون على أنه يجب إعطاؤه فرصة.

الهروب من رتابة البيتا-أميلويد

لطالما كان العلماء يركزون على محاولة ابتكار علاجات جديدة لمرض الزهايمر من خلال منع تكوّن التكتلات الضارة في الدماغ للبروتين الغامض المعروف بالبيتا-أميلويد.

في الواقع، ربما وقع العلماء في نوع من الركود الفكري، حيث ركزوا بشكل حصري على هذه الطريقة، وغالبًا ما تجاهلوا أو حتى أهملوا تفسيرات أخرى محتملة.

للأسف، لم تترجم هذه الالتزامات لدراسة التكتلات البروتينية غير الطبيعية إلى دواء أو علاج مفيد. ويظهر الآن أن الحاجة إلى طريقة جديدة "خارج نطاق التكتل" في التفكير حول مرض الزهايمر، أصبحت أولوية كبرى في علم الدماغ.

فريق في معهد كريمل للدماغ، بجامعة تورونتو، يعمل على وضع نظرية جديدة لمرض الزهايمر.

فاستنادًا إلى 30 عامًا من الأبحاث، تتسنتد هذه النظرية على معطيات جديدة تشير إلى أن الزهايمر لايعتبر مرضًا دماغيًا في المقام الأول، بل هو في الأساس اضطراب في جهاز المناعة داخل الدماغ.

يُعد جهاز المناعة، الموجود في كل عضو في الجسم، مجموعة من الخلايا والجزيئات التي تعمل بتناغم للمساعدة في إصلاح الإصابات وحماية الجسم من المهاجمين الأجانب.

عندما يتعثر الشخص ويسقط، يساعد جهاز المناعة في إصلاح الأنسجة المتضررة.

وعندما يواجه الشخص عدوى فيروسية أو بكتيرية، يساعد جهاز المناعة في مقاومة هذه المهاجمين الميكروبيين.

وتتواجد نفس العمليات في الدماغ، فعندما يتعرض الرأس مثلا إلى صدمة، ينشط جهاز المناعة في الدماغ للمساعدة في الإصلاح، وعندما توجد بكتيريا في الدماغ، يعمل جهاز المناعة على محاربتها.

بحسب دراسة جديدة لجامعة تورنتو فأن سرعة الكلام هي مؤشر أكثر دقة على صحة الدماغ لدى كبار السن
أسماء ومسميات.. علامة في الكلام تشير إلى بوادر الزهايمر
سيواجه العديد منا ظاهرة "الليثولوجيكا lethologica"، أو صعوبة العثور على الكلمات، في حياتنا اليومية، أي العثور الأسماء المطابقة للمسميات. وعادة ما تصبح هذه الظاهرة أكثر وضوحًا مع التقدم في العمر، في مؤشر على بوادر مرض الزهايمر.

الزهايمر كمرض مناعي ذاتي

يعتقد الباحثون الان أن البيتا-أميلويد ليس بروتينًا مُنتَجًا بشكل غير طبيعي، بل هو جزيء يحدث بشكل طبيعي ويعتبر جزءًا من جهاز المناعة في الدماغ.

عندما تحدث الصدمة أو الإصابة أو عندما توجد بكتيريا في الدماغ، يكون البيتا-أميلويد مساهمًا رئيسيًا في استجابة جهاز المناعة الشاملة .. وهنا تبدأ المشكلة.

نظرًا للتشابهات اللافتة بين الجزيئات الدهنية التي تُشكّل أغشية البكتيريا وأغشية خلايا الدماغ، فإن البيتا-أميلويد لا يمكنه التمييز بين البكتيريا الغازية وخلايا الدماغ المضيفة، فيهاجم بشكل خاطئ خلايا الدماغ التي من المفترض أن يحميها.

هذا يؤدي إلى فقدان مزمن وتدريجي لوظيفة خلايا الدماغ، مما يؤدي في النهاية إلى الخرف، والسبب لأن جهاز المناعة في أجسامنا لا يستطيع التمييز بين البكتيريا وخلايا الدماغ.

عندما يُنظر إلى مرض الزهايمر باعتباره هجومًا مُخطئًا من جهاز المناعة في الدماغ على العضو نفسه الذي يُفترض أن يحميه، يظهر الزهايمر كمرض مناعي ذاتي.

هناك العديد من أنواع الأمراض المناعية الذاتية، مثل التهاب المفاصل الروماتويدي، التي تلعب فيها الأجسام المضادة الذاتية دورًا حاسمًا في تطور المرض، ويمكن أن تكون العلاجات المعتمدة على الستيرويد فعّالة.

ولكن هذه العلاجات لن تنجح في علاج مرض الزهايمر.

يساعد البيتا-أميلويد في حماية وتعزيز جهاز المناعة، ولكن للأسف، يلعب أيضًا دورًا مركزيًا في العملية المناعية الذاتية التي، قد تؤدي إلى تطور مرض الزهايمر.

وعلى الرغم من أن الأدوية المستخدمة تقليديًا في علاج الأمراض المناعية الذاتية قد لا تعمل ضد مرض الزهايمر، لكن استهداف مسارات تنظيم المناعة الأخرى في الدماغ سيقود إلى أساليب علاجية جديدة وفعّالة لهذا المرض.

نظريات أخرى عن المرض

بالإضافة إلى هذه النظرية المناعية الذاتية لمرض الزهايمر، تبدأ العديد من النظريات الجديدة والمتنوعة في الظهور.

على سبيل المثال، يعتقد بعض العلماء أن مرض الزهايمر هو مرض يتعلق بالهياكل الخلوية الصغيرة المسماة الميتوكوندريا أو "مصانع الطاقة في كل خلية دماغية".

تقوم الميتوكوندريا بتحويل الأوكسجين من الهواء الذي نتنفسه والغلوكوز من الطعام الذي نأكله إلى الطاقة اللازمة للذاكرة والتفكير.

يرى البعض أن المرض هو النتيجة النهائية لعدوى دماغية معينة، حيث يتم اقتراح البكتيريا من الفم كسبب محتمل.

بينما يعتقد آخرون أن المرض قد ينشأ من معالجة غير طبيعية للمعادن في الدماغ، ربما الزنك أو النحاس أو الحديد.

يؤثر الخرف حاليًا على أكثر من 50 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، مع تشخيص جديد يُسجل كل 3 ثوانٍ.

غالبًا ما يكون الأشخاص الذين يعانون من مرض الزهايمر غير قادرين على التعرف على أطفالهم أو حتى على زوجاتهم بعد أكثر من 50 عامًا من الزواج.

ويؤكد الباحثون أن مرض الزهايمر يعتبر أزمة صحية عامة بحاجة إلى أفكار مبتكرة وطرق جديدة للتعامل معه.

في الختام .. يقول دونالد ويفر، أستاذ الكيمياء ومدير معهد كريمل للأبحاث، بجامعة تورونتو ..

من أجل رفاهية الأفراد والعائلات الذين يعيشون مع الخرف، ومن أجل التأثير الاجتماعي والاقتصادي على نظام الرعاية الصحية الذي يعاني بالفعل من الضغوط الناجمة عن التكاليف والطلب المتزايدين على علاج الخرف ... "نحن بحاجة إلى فهم أفضل لمرض الزهايمر، وأسبابه، وما يمكننا فعله لعلاجه ولمساعدة الأشخاص والعائلات الذين يعيشون معه."