البعوض
صورة تعبيرية لبعوضة تلدغ شخصا ما

تسبب لدغات البعوض الكثير من الأمراض، التي قد تؤدي أحيانا إلى حالات وفاة، كما حدث مع مواطن أميركي توفي مؤخرا، جراء إصابته بـ"التهاب الدماغ الخيلي الشرقي"، مما دفع الكثير من خبراء الصحة إلى إطلاق صيحات التحذير، والمطالبة باتخاذ إجراءات الوقاية الضرورية، وفقا لتقرير تشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.

ومن أهم تلك الإجراءات، وضع الكريمات والزيوت الطاردة للحشرات، حيث يقول خبراء الصحة إن "المعيار الذهبي" للوقاية من لدغات الحشرات، هو مادة "ديت" DEET، وهي مادة كيميائية طاردة للحشرات تم تطويرها منذ ما يقرب من 80 عامًا، لمساعدة الجيش الأميركي في إبعاد البعوض.

وعلى الرغم من طمأنة الخبراء بشأن سلامتها، فإن بعض الأشخاص لا يشعرون بالراحة عند رش مادة DEET على أنفسهم أو على أطفالهم أو أثناء فترة الحمل.

وتؤكد مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، أن مادة DEET آمنة وفعالة للحوامل أو المرضعات، إذ جرى استخدامها وفقا للتعليمات الموصى بها. كما تنصح الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال، الآباء باستخدام تلك المادة "باعتدال" على الصغار الذين تقل أعمارهم عن عامين.

ويمكن لأولئك الذين لا يشعرون بالراحة عند وضع مادة "ديت" مباشرة على بشرتهم، رشها على ملابسهم بدلاً من ذلك، خاصة أكمام القمصان أو السراويل، وفق طبيب الأمراض الجلدية كريس أديجون، الذي أكد أنه "لا ينبغي وضع طارد الحشرات تحت الملابس".

لافتة تنصح الناس بحظر الأنشطة الخارجية بين غروب الشمس والشروق بسبب خطر التعرض للأمراض التي ينقلها البعوض
البعوض القاتل يجبر سكان مدينة أميركية على البقاء في منازلهم أثناء الليل
أجبر مرض نادر ينتشر عن طريق البعوض عشرات الآلاف من السكان في ولاية ماساتشوستس الأميركية على البقاء في منازلهم والتأهب، ودفع المسؤولين لإغلاق حدائق عامة وتقييد الأنشطة الخارجية وإعادة جدولة الأحداث العامة.

ويعد بيكاريدين، المعروف أيضًا باسم إيكاريدين، بديلا جيدا، حيث وجدت بعض الدراسات أن تركيز 20 بالمئة من مادة بيكاريدين "فعال بنفس القدر،  أو حتى أكثر فعالية  في طرد البعوض من ديت".

كما تحتوي قائمة وكالة حماية البيئة المكونات النشطة التي ثبت أنها آمنة وفعالة، مثل طاردات الحشرات التي يتم وضعها على الجلد بالإضافة إلى مادة DEET والبيكاريدين، وتشمل هذه المكونات IR3535 وزيت الأوكالبتوس الليموني وPMD و2-undecanone. 

وفيما إذا كانت بعض الزيوت العطرية، مثل زيت القرنفل والقرفة، فعالة في طرد الحشرات، أوضح خبراء أن بعضها لديه فعالية، لافتين إلى أنه "لا توجد أبحاث كافية" بشأن مدة الحماية التي توفرها ونسبة تركيزها لتكون فعالة وآمنة في نفس الوقت.

وفي ذات السياق، قال سكوت كارول، رئيس مختبر "كارول-لوي للأبحاث البيولوجية"، وهو مختبر لاختبار طاردات الحشرات، إن بعض الزيوت "قد لا تكون آمنة للاستخدام المتكرر والطويل الأمد على الجلد".

أما بالنسبة للأجهزة القابلة للارتداء، والتي تطلق ترددات فوق صوتية، فإنها نادرا ما تكون فعالة في طرد البعوض، وفقًا للمستشار الفني لجمعية مكافحة البعوض الأميركية، دانيال ماركوفسكي.

إجراءات وقاية أخرى

ينصح الخبراء بوضع شبك (يشبه شبك الغربال أو المنخل) على النوافذ الخارجية للمنزل وفتحات الأبواب الخارجية، بالإضافة إلى التأكد من عدم وجود مياه راكدة على الأسطح أو في الحدائق، أو وجود أي حاويات أو حطام يمكن أن يشكل بيئة مثالية لبيض البعوض وتكاثره.

كما ينصح الخبراء بالحد من الأنشطة الخارجية خلال الفجر والغسق (بدء الظلام عقب الغروب)، حيث يكون البعوض أكثر نشاطًا في تلك الفترات.

ويوصي الخبراء بضرورة ارتداء قمصان بأكمام طويلة وسراويل طويلة عند الخروج، للحماية من لدغات البعوض والحشرات الأخرى، ناهيك عن تغطية عربات وأسرة الأطفال بالشبك المعروف بـ"الناموسيات".

متى يجب القلق؟

عندما تلدغ البعوضة، غالبًا ما يعاني الأشخاص من "رد فعل موضعي"، مع احمرار وتورم محتمل، كما قال أستاذ الطب في كلية الطب والعلوم الصحية بجامعة جورج واشنطن، مارك سيغل، الذي أوضح أن العلامة الناتجة عن لدغة البعوض هي "رد فعل الجلد على مزيج من المواد الكيماوية في لعاب الحشرة".

وشدد سيغل على أنه "إذا لم تختف لدغة الحشرة أو ساءت الحالة بعد يومين إلى 3 أيام"، فيجب استشارة الطبيب، لافتا إلى أن فيروس غرب النيل هو "الفيروس الأكثر إثارة للقلق" في الولايات المتحدة. 

وتابع: "معظم المصابين بذلك لمرض لا يدركون حتى أنهم مصابون به، حيث لا يعانون من أي أعراض".

ووفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، يعاني حوالي 1 من كل 5 أشخاص مصابين بفيروس غرب النيل من الحمى أو الصداع أو آلام الجسم أو الطفح الجلدي، من بين أعراض أخرى.

 وفي حالات نادرة، يمكن أن يصاب الأشخاص بالتهاب الدماغ أو التهاب السحايا.

وطلب الخبراء أيضا من الأشخاص الذين يعانون من أعراض تشبه أعراض الأنفلونزا بعد لدغة البعوض، التوجه إلى المستشفى أو العيادة مباشرة.

من داخل مركز أبحاث في كاليفورنيا يركز على الأجسام المضادة البشرية لعلاج السرطان والالتهابات
من داخل مركز أبحاث في كاليفورنيا يركز على الأجسام المضادة البشرية لعلاج السرطان والالتهابات

أعلنت المعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة عن خفض التمويل "غير المباشر" المخصص للأبحاث الطبية، الأمر الذي سيؤدي إلى تقليل الإنفاق السنوي بمقدار 4 مليارات دولار.

وأوضحت المعاهد أن هذا القرار يهدف إلى توجيه المزيد من الموارد للبحث العلمي المباشر، مع تقليل النفقات الإدارية لضمان استخدام التمويل بشكل أكثر فاعلية.

في المقابل، واجه القرار انتقادات شديدة من الحزب الديمقراطي، حيث وصفه بعض المشرعين بأنه "كارثي" على الأبحاث الطبية التي يعتمد عليها ملايين المرضى. 

وأشاروا إلى أن الأطفال المرضى قد لا يحصلون على العلاجات التي يحتاجونها، وأن التجارب السريرية قد تتوقف فجأة، مما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة.

وفي مقابلة مع برنامج "الحرة الليلة"، قال الباحث في مركز ميموريال سلون كيترينج للسرطان في نيويورك، حكيم جاب الله، إن "هذه الخطوة تشبه محاولات سابقة خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب الأولى، لكنها هذه المرة تمر دون مقاومة كبيرة".

وأوضح أن "الأموال المقطوعة تُستخدم لإدارة المختبرات وصيانتها وتغطية التكاليف التشغيلية مثل الكهرباء والمياه ودفع رواتب الموظفين".

وأضاف جاب الله أن "القرار لن يؤثر على المستشفيات، لأن تمويلها منفصل عن تمويل الأبحاث، لكنه سيؤدي إلى مشكلات كبيرة للمؤسسات البحثية، خصوصا تلك التي تواجه صعوبات في شراء المعدات وإجراء التجارب".

كما حذر من أن استمرار خفض التمويل قد يدفع الباحثين إلى البحث عن فرص خارج الولايات المتحدة، مما قد يضر بمكانتها العلمية على المستوى العالمي.

وأشار جاب الله إلى أن "الأبحاث الطبية تستغرق من 15 إلى 20 عاما للوصول إلى مرحلة العلاج، مما يعني أن التأثير لن يكون فوريا، لكنه قد يؤدي إلى خسارة الولايات المتحدة موقعها الريادي في هذا المجال".

كما أوضح أن "الباحثين الشباب والمؤسسات الصغيرة سيكونون الأكثر تضررا من القرار، إذ ستتقلص فرصهم في الحصول على التمويل اللازم لمواصلة أبحاثهم، بينما قد تتمكن الجامعات الكبرى مثل هارفارد من تجاوز الأزمة بفضل دعمها المالي القوي".

ولاقى القرار تأييدا من الداعمين لخفض الإنفاق الحكومي، حيث وصفته وكالة تحسين الكفاءة الحكومية، التي يرأسها الملياردير إيلون ماسك، بأنه خطوة إيجابية نحو ترشيد الإنفاق العام.

في المقابل، حذر خبراء وباحثون من أن القرار قد يعرّض الأبحاث الطبية الحيوية للخطر، خاصة تلك التي تعتمد على التمويل الفيدرالي لتغطية التكاليف الأساسية مثل البنية التحتية والمعدات والموظفين.

ودعا بعضهم إلى إعادة النظر في القرار قبل أن تتفاقم تأثيراته السلبية على تقدم الأبحاث الطبية.