عائلة مسلمة تتناول وجبة الإفطار في رمضان (صورة تعبيرية)
عائلة مسلمة تتناول وجبة الإفطار في رمضان (صورة تعبيرية)

يشكل شهر رمضان فرصة لإعادة تقييم العادات الغذائية واعتماد نمط حياة أكثر صحة، فمن خلال اتباع نظام متوازن يشمل سحورا غنيا بالعناصر الغذائية وإفطارا معتدلا، يمكن للصائمين الاستفادة القصوى من الشهر الكريم على المستويين الروحي والصحي.

منال الفاخاني، خبيرة التغذية بجامعة ولاية بنسلفانيا، ترى أن رمضان ليس مجرد امتناع عن الطعام، بل هو فرصة لتعزيز الوعي الغذائي وتحقيق توازن صحي. 

"رمضان يتعلق بالتأمل الروحي وأيضًا بفهم قيمة الطعام"، تقول الفاخاني، مضيفةً أن اتباع نظام غذائي متوازن خلال الشهر يمكن أن يجعل التجربة أكثر فائدة من الناحيتين الجسدية والذهنية.

من يُسمح لهم بالصيام؟

رغم أن الصيام فريضة دينية، إلا أن هناك فئات معينة يُعفى أفرادها منه حفاظًا على صحتهم. الأطفال الصغار، وكبار السن، والنساء الحوامل أو المرضعات أو في فترة الحيض، يُعفون من الصيام. 

وكذلك، يُنصح الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل السكري أو أمراض القلب باستشارة طبيبهم قبل اتخاذ قرار الصيام، خاصةً إذا كانوا يتناولون أدوية بانتظام.

"يجب أن تكون في حالة صحية جيدة تمامًا للصيام"، تؤكد الفاخاني، مشيرةً إلى أن أي شخص يعاني من ظروف صحية معقدة يجب أن يكون على دراية بتأثير الصيام على جسمه قبل الالتزام به.

 السحور.. البداية الذكية ليوم طويل

وجبة السحور هي المفتاح الأساسي للحفاظ على مستويات الطاقة خلال الصيام. ولذا، يوصي خبراء التغذية بتناول وجبة متكاملة تحتوي على عناصر غذائية متنوعة لتوفير طاقة تدوم طوال اليوم.

سونيا إسلام، أخصائية التغذية في مركز "VCU Health"، تتذكر عندما كانت طفلة كيف كانت ترفض الاستيقاظ للسحور، فتُحضِر لها والدتها موزة وكوبًا من الحليب. 

الآن، تدرك أن هذا الاختيار كان مثاليًا، حيث يجمع بين الألياف والبروتين، وهما عنصران أساسيان للحفاظ على الشعور بالشبع لفترة أطول.

وتنصح إسلام بتناول الأطعمة التي تحتوي على الدهون الصحية مثل الأفوكادو والمكسرات، بالإضافة إلى الفواكه والخضروات الغنية بالألياف والمياه، والتي تساعد في الحفاظ على الترطيب طوال اليوم. 

وعلى الرغم من إغراء تناول القهوة أو الشاي في السحور، فإن الخبراء ينصحون بتجنب المشروبات التي تحتوي على الكافيين، لأنها قد تزيد من فقدان السوائل أثناء النهار.

كيف تحافظ على طاقتك طوال اليوم؟

يختلف طول فترة الصيام يوميًا حسب المنطقة الجغرافية وساعات النهار، مما يجعل إدارة الطاقة أثناء الصيام أمرًا بالغ الأهمية. 

منال الفاخاني تحرص على تعديل جدول يومها خلال رمضان، فتقلل من النشاط البدني خلال النهار، ثم تعوض ذلك بالعمل بعد الإفطار.

وللحفاظ على النشاط خلال ساعات الصيام، يُنصح بممارسة تمارين خفيفة مثل المشي أو التمدد، والتي يمكن أن تساعد في تعزيز مستويات الطاقة وتنشيط الذهن. 

أما أولئك الذين يمارسون الرياضة بانتظام، فمن الأفضل أن يؤدوا التمارين مباشرة قبل الإفطار أو في وقت متأخر من المساء لتجنب الجفاف والإرهاق.

التوازن هو الحل

بعد ساعات طويلة من الصيام، من السهل الإفراط في تناول الطعام بسرعة عند الإفطار،  لكن الاعتدال هو المفتاح لتجنب الشعور بالخمول.

"الأفضل أن تبدأ الإفطار بكوب من الماء أو مشروب دافئ مع تمر غني بالألياف"، تنصح خبيرة التغذية، زائبة جيتبوري، من مركز " UT Southwestern Medical Center". 

وبعد ذلك، يُفضل تناول بعض المقبلات الخفيفة ووجبة صغيرة، والانتظار لبضع ساعات قبل تناول وجبة أخرى إذا دعت الحاجة.

وتضيف جيتبوري: "الأمر يتعلق بالأكل الواعي، والاستماع إلى إشارات الجوع الفعلية بدلاً من الإفراط في تناول الطعام لمجرد الشعور بالجوع الشديد بعد الصيام".

 بحسب الدراسة، الرضع لديهم القدرة على تشفير الذكريات بدءًا من عمر السنة
بحسب الدراسة، الرضع لديهم القدرة على تشفير الذكريات بدءًا من عمر السنة

سنواتنا الأولى هي فترة تعلم سريع، ومع ذلك لا نستطيع تذكر تجارب محددة من تلك الفترة، وهي ظاهرة تُعرف بالنسيان الطفولي.

تحدت دراسة جديدة الافتراضات المتعلقة بذاكرة الأطفال، حيث أظهرت أن العقول الصغيرة تشكل ذكريات بالفعل.

ومع ذلك، يبقى السؤال: لماذا تصبح هذه الذكريات صعبة الاسترجاع لاحقًا في الحياة؟

يصبح الأطفال في السنة الأولى من عمرهم متعلمين استثنائيين، يتعلمون اللغة، والمشي، والتعرف على الأشياء، وفهم الروابط الاجتماعية، وأمور أخرى كثيرة.

ومع ذلك، لا نتذكر أيًا من تلك التجارب، فما يجري هو نوع من التفاوت بين هذه المرونة المدهشة وقدرتنا على التعلم التي نملكها.

افترض سيغموند فرويد، مؤسس التحليل النفسي، أن الذكريات المبكرة يتم قمعها، على الرغم من أن العلم قد تجاهل منذ ذلك الحين فكرة عملية القمع النشطة.

بدلاً من ذلك، تركز النظريات الحديثة على الهيبوكامبوس Hippocampus، وهو جزء من الدماغ حاسم للذاكرة العرضية، والذي لا يتطور بشكل كامل في الطفولة.

لكن فريق الباحثين بقيادة نيك ترك-براون، أستاذ علم النفس في جامعة ييل والمؤلف الرئيسي للدراسة، كان مهتمًا بالأدلة من الأبحاث السلوكية السابقة.

وبما أن الأطفال لا يمكنهم الإبلاغ عن الذكريات شفهيًا قبل اكتساب اللغة، فإن ميلهم إلى التحديق لفترة أطول في الأشياء المألوفة يوفر تلميحات هامة.

أظهرت الدراسات الحديثة على القوارض التي تراقب النشاط الدماغي أيضًا أن أنماط الخلايا التي تخزن الذكريات تتشكل في الهيبوكامبوس عند الأطفال الرضع ولكن تصبح غير قابلة للوصول مع مرور الوقت، رغم أنه يمكن إيقاظها صناعيًا من خلال تقنية تستخدم الضوء لتحفيز الخلايا العصبية.

لكن حتى الآن، كان الجمع بين ملاحظات الأطفال الرضع وتصوير الدماغ بعيد المنال، حيث أن الأطفال معروفون بعدم تعاونهم عندما يتعلق الأمر بالجلوس ثابتين داخل جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي ، الجهاز الذي يتتبع تدفق الدم لـ "رؤية" النشاط الدماغي.

لتجاوز هذا التحدي، استخدم فريق ترك-براون الطرق التي طورها مختبره على مر السنين، بالعمل مع العائلات لإدخال اللهايات، والبطانيات، والدُمى المحشوة؛ وتثبيت الأطفال باستخدام الوسائد؛ واستخدام أنماط خلفية للحفاظ على انتباههم.

اكتشفوا أن الأطفال الذين حققوا أفضل النتائج في مهام الذاكرة أظهروا نشاطًا أكبر في الهيبوكامبوس.

وأوضح الفريق أن ما يمكنهم استنتاجه من الدراسة هو أن الرضع لديهم القدرة على تشفير الذكريات العرضية في الهيبوكامبوس بدءًا من حوالي عمر السنة."

لكن ما يزال غير واضح ما الذي يحدث لتلك الذكريات المبكرة.

ربما لم يتم دمجها بالكامل في التخزين طويل المدى، أو ربما تستمر لكنها تصبح غير قابلة للوصول.

يشتبه ترك-براون في الخيار الثاني وهو الآن يقود دراسة جديدة لاختبار ما إذا كان الأطفال الرضع، والصغار، والأطفال يمكنهم التعرف على مقاطع فيديو تم تسجيلها من منظورهم كرضع.

تشير النتائج المبكرة، والتجريبية، إلى أن هذه الذكريات قد تستمر حتى حوالي سن الثالثة قبل أن تبدأ بالتلاشي.

ويشعر الفريق بقيادة ترك-براون بالفضول بشكل خاص لاحتمالية أن يتم إعادة تنشيط مثل هذه الذكريات في وقت لاحق من الحياة.