الخلل الصحي ينتج عنه تخزين الدهون بشكل مفرط في أعضاء حيوية كالكبد والعضلات

كشف باحثون من جامعة كونكورديا في كندا، أن "خللا في أنسجة الدهون" قد يكون السبب الرئيسي وراء صعوبة فقدان الوزن لدى الكثيرين، مما يتعارض بذلك مع النظرة التقليدية التي تلقي باللوم على ضعف الإرادة الشخصية.

وحسب الدراسة التي أجراها فريق "مختبر الأيض والتغذية والسمنة" بالجامعة، فإن النسيج الدهني تحت الجلد (SAT) يلعب دورا محوريا في تنظيم الطاقة والصحة الأيضية، التي تشير إلى عمليات تحويل الطعام إلى طاقة في الجسم.

وعندما تتراكم الدهون، يحدث خلل في هذا النسيج، مما يؤدي إلى تخزين الدهون بشكل مفرط في أعضاء حيوية كالكبد والعضلات، مما يزيد من مخاطر الإصابة بالسكري وأمراض القلب.

ويقول الباحث في السمنة والسكري، محمد إلياس نديم: "سمعنا جميعا نصيحة أن نتناول طعامًا أقل ونتحرك أكثر.. لكن الحقيقة أكثر تعقيدا". 

وتابع: "لدى الأشخاص المصابين بالسمنة، تعمل آليات بيولوجية معقدة ضد جهودهم لفقدان الوزن، متجاوزة مسألة قوة الإرادة".

وفي عام 2022، كان هناك 2.5 مليار شخص بالغ يعانون من زيادة الوزن، منهم 890 مليون شخص من المتعايشين مع السمنة، حسب منظمة الصحة العالمية.

وتعادل هذه الأرقام نسبة 43 بالمئة من البالغين بعمر 18 عاماً فما فوق (43 بالمئة من الرجال و44 بالمئة من النساء) ممّن يعانون من زيادة الوزن؛ وهي زيادة عمّا كانت عليه معدلاتها عام 1990، الذي بلغت فيه إصابة البالغين بعمر 18 عاماً فما فوق بزيادة الوزن نسبة 25 بالمئة.

وتكشف الدراسة أن موقع تخزين الدهون في الجسم يؤثر على وظائفها، إذ أن تلك المتواجدة في الجزء السفلي من الجسم (حول الوركين والفخذين) تعمل بشكل مختلف عن تلك الموجودة في الجزء العلوي (حول البطن).

كما وجد الباحثون أن سلوك الأنسجة الدهنية يختلف حسب الجنس وتوقيت الإصابة بالسمنة، سواء حدثت في مرحلة الطفولة أو البلوغ.

وتدعو البروفيسورة سيلفيا سانتوسا، رئيسة برنامج أبحاث كندا في التغذية السريرية، إلى تغيير النقاش حول السمنة: "بدلاً من لوم الأفراد، علينا التركيز على فهم الآليات المرضية الفيزيولوجية وتطوير علاجات تستهدف الأسباب الجذرية للسمنة".

ويرى الباحثون أن مستقبل علاج السمنة يكمن في الطب الشخصي، الذي يطابق العلاج مع الملف الأيضي الفريد لكل مريض، في نهج قد يساعد في الابتعاد عن الحلول العامة غير الفعالة، والتوجه نحو تدخلات أكثر دقة.

 بحسب الدراسة، الرضع لديهم القدرة على تشفير الذكريات بدءًا من عمر السنة
بحسب الدراسة، الرضع لديهم القدرة على تشفير الذكريات بدءًا من عمر السنة

سنواتنا الأولى هي فترة تعلم سريع، ومع ذلك لا نستطيع تذكر تجارب محددة من تلك الفترة، وهي ظاهرة تُعرف بالنسيان الطفولي.

تحدت دراسة جديدة الافتراضات المتعلقة بذاكرة الأطفال، حيث أظهرت أن العقول الصغيرة تشكل ذكريات بالفعل.

ومع ذلك، يبقى السؤال: لماذا تصبح هذه الذكريات صعبة الاسترجاع لاحقًا في الحياة؟

يصبح الأطفال في السنة الأولى من عمرهم متعلمين استثنائيين، يتعلمون اللغة، والمشي، والتعرف على الأشياء، وفهم الروابط الاجتماعية، وأمور أخرى كثيرة.

ومع ذلك، لا نتذكر أيًا من تلك التجارب، فما يجري هو نوع من التفاوت بين هذه المرونة المدهشة وقدرتنا على التعلم التي نملكها.

افترض سيغموند فرويد، مؤسس التحليل النفسي، أن الذكريات المبكرة يتم قمعها، على الرغم من أن العلم قد تجاهل منذ ذلك الحين فكرة عملية القمع النشطة.

بدلاً من ذلك، تركز النظريات الحديثة على الهيبوكامبوس Hippocampus، وهو جزء من الدماغ حاسم للذاكرة العرضية، والذي لا يتطور بشكل كامل في الطفولة.

لكن فريق الباحثين بقيادة نيك ترك-براون، أستاذ علم النفس في جامعة ييل والمؤلف الرئيسي للدراسة، كان مهتمًا بالأدلة من الأبحاث السلوكية السابقة.

وبما أن الأطفال لا يمكنهم الإبلاغ عن الذكريات شفهيًا قبل اكتساب اللغة، فإن ميلهم إلى التحديق لفترة أطول في الأشياء المألوفة يوفر تلميحات هامة.

أظهرت الدراسات الحديثة على القوارض التي تراقب النشاط الدماغي أيضًا أن أنماط الخلايا التي تخزن الذكريات تتشكل في الهيبوكامبوس عند الأطفال الرضع ولكن تصبح غير قابلة للوصول مع مرور الوقت، رغم أنه يمكن إيقاظها صناعيًا من خلال تقنية تستخدم الضوء لتحفيز الخلايا العصبية.

لكن حتى الآن، كان الجمع بين ملاحظات الأطفال الرضع وتصوير الدماغ بعيد المنال، حيث أن الأطفال معروفون بعدم تعاونهم عندما يتعلق الأمر بالجلوس ثابتين داخل جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي ، الجهاز الذي يتتبع تدفق الدم لـ "رؤية" النشاط الدماغي.

لتجاوز هذا التحدي، استخدم فريق ترك-براون الطرق التي طورها مختبره على مر السنين، بالعمل مع العائلات لإدخال اللهايات، والبطانيات، والدُمى المحشوة؛ وتثبيت الأطفال باستخدام الوسائد؛ واستخدام أنماط خلفية للحفاظ على انتباههم.

اكتشفوا أن الأطفال الذين حققوا أفضل النتائج في مهام الذاكرة أظهروا نشاطًا أكبر في الهيبوكامبوس.

وأوضح الفريق أن ما يمكنهم استنتاجه من الدراسة هو أن الرضع لديهم القدرة على تشفير الذكريات العرضية في الهيبوكامبوس بدءًا من حوالي عمر السنة."

لكن ما يزال غير واضح ما الذي يحدث لتلك الذكريات المبكرة.

ربما لم يتم دمجها بالكامل في التخزين طويل المدى، أو ربما تستمر لكنها تصبح غير قابلة للوصول.

يشتبه ترك-براون في الخيار الثاني وهو الآن يقود دراسة جديدة لاختبار ما إذا كان الأطفال الرضع، والصغار، والأطفال يمكنهم التعرف على مقاطع فيديو تم تسجيلها من منظورهم كرضع.

تشير النتائج المبكرة، والتجريبية، إلى أن هذه الذكريات قد تستمر حتى حوالي سن الثالثة قبل أن تبدأ بالتلاشي.

ويشعر الفريق بقيادة ترك-براون بالفضول بشكل خاص لاحتمالية أن يتم إعادة تنشيط مثل هذه الذكريات في وقت لاحق من الحياة.