يمكن الحصول على البروبيوتيك من خلال المكملات الغذائية التي تأتي على شكل كبسولات أو أقراص أو مساحيق أو سوائل (Pexels)
probiotics

تملأ الإعلانات المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، للترويج لمكملات "البروبيوتيك" وفوائدها الكثيرة، مما يطرح تساؤلات عن مدى مصداقية تلك الإعلانات، ويسلط الضوء على طبيعة البروبيوتيك وما تفعله للجسم.

وكشفت الدكتورة تريشا باسريتشا، أخصائية الجهاز الهضمي والمدرّسة في كلية الطب بجامعة هارفارد، أن الادعاءات التسويقية الواسعة حول فوائد البروبيوتيك، "لا تتطابق مع الأدلة العلمية".

والبروبيوتيك هي كائنات حية دقيقة نافعة، تتكون أساساً من بكتيريا ومخمرات مفيدة تشبه تلك الموجودة طبيعياً في الأمعاء البشرية، وتُعرف رسميا بأنها ميكروبات حية تقدم فوائد صحية عند تناولها بكميات كافية.

ويمكن الحصول عليها من خلال المكملات الغذائية التي تأتي على شكل كبسولات أو أقراص أو مساحيق أو سوائل، أو من خلال الأطعمة المخمرة مثل الزبادي والكفير والمخللات.

وأوضحت باسريتشا في مقال نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، أن الجمعية الأميركية لأمراض الجهاز الهضمي لا توصي باستخدام البروبيوتيك لمعظم حالات الجهاز الهضمي، على عكس ما يتم الترويج له في الإعلانات ووسائل التواصل الاجتماعي.

وأضافت أنه بصفتها طبيبة للجهاز الهضمي "نادرًا ما أنصح مرضاي ببدء تناول البروبيوتيك، وهو ما يفاجئهم كثيرًا. ويزداد اندهاشهم عندما أخبرهم أن ذلك يعد جزءا من الإرشادات المبنية على الأدلة".

وعوضا عن البروبيوتيك، "ما أوصي به حقًا هو تناول نظام غذائي غني بالألياف. هذه التوصية المختبرة عبر الزمن تظل واحدة من أقوى الطرق المدروسة لتعزيز والحفاظ على ميكروبيوم صحي وتحسين صحتك العامة".

وحذرت باسريتشا من أن مجرد إضافة البروبيوتيك لاحقًا قد لا يعوض الضرر، موضحة أن اتباع نظام غذائي منخفض الألياف يؤدي إلى فقدان فئات رئيسية من البكتيريا النافعة، وهذا الفقدان قد يكون دائمًا حتى مع محاولة تعويضه لاحقًا بالمكملات.

كما شددت على العلاقة المباشرة بين الألياف والميكروبيوم، قائلة: "كلما كان النظام الغذائي أكثر تنوعًا، كان الميكروبيوم أكثر تنوعًا والصحة أفضل". 

وتابعت: "بدلًا من محاولة إضافة بكتيريا جديدة من الخارج عبر البروبيوتيك، أنصح بتغذية البكتيريا النافعة الموجودة بالفعل في أمعائك، من خلال تناول مجموعة متنوعة من النباتات الغنية بالألياف والمكسرات والأطعمة المخمرة".

وأوضحت الطبيبة أن هناك تباينا كبيرًا في نتائج أكثر من 1000 تجربة سريرية للبروبيوتيك، مع اختلاف السلالات البكتيرية والجرعات والنتائج المقاسة، مما يخلق مشهدا بحثيا مربكا.

وأكدت في مقالها أن إدارة الغذاء والدواء الأميركية لا تعتبر أنواع البروبيوتيك التي تباع دون وصفة طبية، أدوية، وبالتالي لا تخضع لعملية اختبار صارمة وتجارب سريرية كما هو الحال مع الأدوية.

ووجدت دراسة أجريت عام 2023، أن 95 بالمئة من مقاطع الفيديو على يوتيوب حول البروبيوتيك تروج لموقف إيجابي تجاه استهلاكها، مع هيمنة المحتوى الذي ينتجه الهواة وليس الخبراء. 

كما استشهدت بدراسة أخرى أجريت عام 2021، وجدت أن مناقشات البروبيوتيك على منصة إكس تهيمن عليها الإعلانات والعروض الترويجية.

وأوضحت الطبيبة أن الإرشادات السريرية توصي باستخدام البروبيوتيك في حالات محددة جدا، مثل تقليل خطر الإصابة ببكتيريا المطثية العسيرة أثناء تناول المضادات الحيوية، أو لمرضى التهاب الأمعاء الذين خضعوا لجراحة استئصال جزء من الأمعاء وطوروا حالة التهاب الجيب.

 وأضافت أن هذه التوصيات نفسها ليست قوية، وتستند إلى أدلة صنفت على أنها "منخفضة" أو "منخفضة جدًا".

ونصحت الطبيبة المستهلكين بـ"التريث قبل إنفاق مبالغ كبيرة على منتجات البروبيوتيك، خاصة إذا كانوا يعانون من أعراض مستمرة مثل الانتفاخ أو آلام البطن".

 بحسب الدراسة، الرضع لديهم القدرة على تشفير الذكريات بدءًا من عمر السنة
بحسب الدراسة، الرضع لديهم القدرة على تشفير الذكريات بدءًا من عمر السنة

سنواتنا الأولى هي فترة تعلم سريع، ومع ذلك لا نستطيع تذكر تجارب محددة من تلك الفترة، وهي ظاهرة تُعرف بالنسيان الطفولي.

تحدت دراسة جديدة الافتراضات المتعلقة بذاكرة الأطفال، حيث أظهرت أن العقول الصغيرة تشكل ذكريات بالفعل.

ومع ذلك، يبقى السؤال: لماذا تصبح هذه الذكريات صعبة الاسترجاع لاحقًا في الحياة؟

يصبح الأطفال في السنة الأولى من عمرهم متعلمين استثنائيين، يتعلمون اللغة، والمشي، والتعرف على الأشياء، وفهم الروابط الاجتماعية، وأمور أخرى كثيرة.

ومع ذلك، لا نتذكر أيًا من تلك التجارب، فما يجري هو نوع من التفاوت بين هذه المرونة المدهشة وقدرتنا على التعلم التي نملكها.

افترض سيغموند فرويد، مؤسس التحليل النفسي، أن الذكريات المبكرة يتم قمعها، على الرغم من أن العلم قد تجاهل منذ ذلك الحين فكرة عملية القمع النشطة.

بدلاً من ذلك، تركز النظريات الحديثة على الهيبوكامبوس Hippocampus، وهو جزء من الدماغ حاسم للذاكرة العرضية، والذي لا يتطور بشكل كامل في الطفولة.

لكن فريق الباحثين بقيادة نيك ترك-براون، أستاذ علم النفس في جامعة ييل والمؤلف الرئيسي للدراسة، كان مهتمًا بالأدلة من الأبحاث السلوكية السابقة.

وبما أن الأطفال لا يمكنهم الإبلاغ عن الذكريات شفهيًا قبل اكتساب اللغة، فإن ميلهم إلى التحديق لفترة أطول في الأشياء المألوفة يوفر تلميحات هامة.

أظهرت الدراسات الحديثة على القوارض التي تراقب النشاط الدماغي أيضًا أن أنماط الخلايا التي تخزن الذكريات تتشكل في الهيبوكامبوس عند الأطفال الرضع ولكن تصبح غير قابلة للوصول مع مرور الوقت، رغم أنه يمكن إيقاظها صناعيًا من خلال تقنية تستخدم الضوء لتحفيز الخلايا العصبية.

لكن حتى الآن، كان الجمع بين ملاحظات الأطفال الرضع وتصوير الدماغ بعيد المنال، حيث أن الأطفال معروفون بعدم تعاونهم عندما يتعلق الأمر بالجلوس ثابتين داخل جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي ، الجهاز الذي يتتبع تدفق الدم لـ "رؤية" النشاط الدماغي.

لتجاوز هذا التحدي، استخدم فريق ترك-براون الطرق التي طورها مختبره على مر السنين، بالعمل مع العائلات لإدخال اللهايات، والبطانيات، والدُمى المحشوة؛ وتثبيت الأطفال باستخدام الوسائد؛ واستخدام أنماط خلفية للحفاظ على انتباههم.

اكتشفوا أن الأطفال الذين حققوا أفضل النتائج في مهام الذاكرة أظهروا نشاطًا أكبر في الهيبوكامبوس.

وأوضح الفريق أن ما يمكنهم استنتاجه من الدراسة هو أن الرضع لديهم القدرة على تشفير الذكريات العرضية في الهيبوكامبوس بدءًا من حوالي عمر السنة."

لكن ما يزال غير واضح ما الذي يحدث لتلك الذكريات المبكرة.

ربما لم يتم دمجها بالكامل في التخزين طويل المدى، أو ربما تستمر لكنها تصبح غير قابلة للوصول.

يشتبه ترك-براون في الخيار الثاني وهو الآن يقود دراسة جديدة لاختبار ما إذا كان الأطفال الرضع، والصغار، والأطفال يمكنهم التعرف على مقاطع فيديو تم تسجيلها من منظورهم كرضع.

تشير النتائج المبكرة، والتجريبية، إلى أن هذه الذكريات قد تستمر حتى حوالي سن الثالثة قبل أن تبدأ بالتلاشي.

ويشعر الفريق بقيادة ترك-براون بالفضول بشكل خاص لاحتمالية أن يتم إعادة تنشيط مثل هذه الذكريات في وقت لاحق من الحياة.