لا يزال زلزال تركيا وسوريا المدمر يشكل مادة دسمة لمطلقي الأخبار الزائفة على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ رصدت خدمة "فرانس برس" لتقصي الحقائق عددا من الفيديوهات القديمة المعاد تدويرها، لتبدو وكأنها ملتقطة حديدا من موقع الكارثة.
"براميل النظام السوري"
في وقت تستمر فيه جهود عناصر الإنقاذ للعثور على ناجين عالقين تحت الأنقاض إثر الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا، الاثنين، نشرت فرانس برس فيديو ظهر على مواقع التواصل فيديو زعم ناشروه أنه لإنقاذ طفل لا يتجاوز عمره الأشهر في سوريا.
ويظهر في الفيديو عدد من الرجال يحفرون بأيديهم بين الركام لإنقاذ طفلة وإخراجها حيّة من بين الأنقاض.
وجاء في التعليق المرافق "الله أكبر على هذا الإنقاذ المبكي المفرح، ملاك لا يتجاوز الأشهر نجا بأعحوبة".
إلا أنه تبين لفرانس بدس أن هذه المشاهد ليست من عمليات الإنقاذ الأخيرة. فبعد تقطيع الفيديو المتداول أرشد البحث إليه منشورا عام 2014 في حساب معارض يغطي أخبار منطقة حلب على موقع يوتيوب.
وجاء في التعليق المرافق له "إخراج طفلة حية من تحت الأنقاض في حي المعصرانية (حلب) 22 / 1 / 2014".
وفي تلك الفترة تعرضت مدينة حلب في شمال سوريا وجوارها لقصف بالبراميل المتفجرة التي يلقيها الطيران المروحي التابع لقوات النظام السوري.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان آنذاك أن "أحياء الميسر والمرجة والجزماتي والمعصرانية باتت أحياء أشباح، حيث أغلقت معظم المحال التجارية، وهرب الأهالي من بيوتهم".
"رجال إنقاذ أردنيين"
المنشور الآخر الذي سلطت فرانس برس عليه الضوء، هو ما انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي باللغة العربية من صورة يدعي ناشروها أنها لفرق الدفاع المدني الأردني خلال عمليات الإنقاذ في اللاذقية غرب سوريا.
ويبدو في الصورة رجال إنقاذ أردنيون متجمعون في منطقة صخرية ليلا. وكتب في التعليق المرافق "الدفاع المدني الأردني يساعد العالقين تحت الركام في مدينة جبلة" في محافظة اللاذقيّة السورية الساحلية.
وحصدت الصورة آلاف التفاعلات من صفحات عدة في مواقع التواصل الاجتماعي، مع تواصل عمليات الإنقاذ والبحث عن ناجين عالقين تحت الأنقاض.
وكان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني قد وجه حكومة بلاده بتقديم مساعدات لأسر الضحايا والمصابين في تركيا وسوريا في أعقاب الزلزال المدمر، حسب ما أفاد بيان صادر عن الديوان الملكي الإثنين.
إلا أن الصورة لا علاقة لها بأعمال الإنقاذ الجارية في سوريا. فقد أظهر التفتيش عنها أنها منشورة خلال شهر أغسطس 2022 على مواقع إخبارية أردنية ضمن مقالات تتحدث عن عملية إنقاذ شابة عشرينية تعرضت للسقوط عن مقطع صخري بمنطقة البحر الميت.
سوري يبكي منزله المدمر"
والفيديو الآخر الذي رصده موقع فرانس برس لتقصي الحقائق، تتداوله صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، وقيل إنه لشخص سوري يبحث عن أقربائه الذين فُقدوا خلال الزلزال الأخير.
ويُظهر الفيديو مشاهد من داخل منزل مهدّم، ويُسمع صوت شخص يبكي أهله مستعملا عبارات باللهجة السورية.
وأرفق الناشرون الفيديو بوسم "#زلزال_تركيا_سوريا" للإشارة إلى أنه صُوّر إثر الزلزال الأخير.
لكن الفيديو لا شأن له بتبعات الزلزال في تركيا وسوريا. فقد أرشد التفتيش عنه بواسطة محركات البحث إلى أنه منشور على حساب تيك توك لصحافي سوري شهر سبتمبر من السنة الماضية.
وقال ناشر الفيديو إنه يظهر آثار قصف روسي على ريف إدلب، المنطقة الواقعة في الشمال السوري والخارجة عن سيطرة القوات النظامية.
وتُظهر المعلومات المتعلقة بالصوت المسموع فيه أنه سبق استعماله في مقاطع عدة منشورة على تيك توك، ما يعني أنه رُكب على المشهد المتداول.
فالأخبار الزائفة والشائعات التي انتشرت بكثافة على وسائل التواصل الاجتماعي ومجموعات الأخبار استمرت في إرعاب الناس وبث الهلع، وكانت عليهم قاسية.
وتعتمد الأخبار الكاذبة والمزيفة في سرعة واتساع انتشارها، على تناقلها بين الناس ومشاركتها على مواقع التواصل الاجتماعي، لذا يركز الخبراء على عدم تناقل الأخبار دون التأكد من صحتها.
وكانت دراسة أجراها باحثون من معهد ماساتشوستس، توصلت عام 2018 إلى أن الأخبار الزائفة تنتشر بشكل أسرع، ويبحث عنها الناس أكثر من الأخبار الحقيقية.
وركزت الدراسة على نحو 126 ألف إشاعة وخبر كاذب، على موقع تويتر خلال مدة 11 عاما، لتجد أن الأخبار الزائفة جرى إعادة تغريدها من جانب البشر أكثر من روبوتات الإنترنت، وأرجع الباحثون ذلك إلى أن الأخبار الزائفة غالبا ما تكون غير مألوفة وتحمل إثارة أكبر.