عمليات بحث بين أنقاض المباني المنهارة في أديامان
عمليات بحث بين أنقاض المباني المنهارة في أديامان

منذ الساعات الأولى لوقوع الزلزال المدمر الذي أتى على مساحات واسعة من تركيا والشمال السوري، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي حول العالم تحليلات غيبية وشائعات مضللة زادت من حدة الذعر لدى سكان بلدان عدة في الشرق الأوسط، على وقع اهتزازات أرضيّة متواصلة تخطف الأنفاس، ومشاهد مروعة من المناطق المنكوبة، حسب خدمة فرانس برس لتقصي الحقائق.

فبعد وقت وجيز على اهتزاز الأرض في دول عدة من الشرق الأوسط فجر الإثنين، ومع بدء تردد الأنباء الأولية عن زلزال في تركيا بقوة 7,8 درجات، احتلت المنشورات عن الزلزال وأسبابه وتداعياته وإمكان وقوع زلازل أخرى مساحات مواقع التواصل باللغة العربية وبلغات عدة حول العالم. واستمر الحال على هذا النحو على امتداد الأيام الثلاثة التالية.

تفسيرات غيبية

من أبرز المنشورات التي ضجت بها مواقع التواصل، ولا سيما في دول الشرق الأوسط، تلك التي ذهبت إلى تفسيرات دينية وغيبية لهذه الظاهرة الطبيعية.

صورة عن تغريدة الشيخ سامي خضرا المحذوفة

فقد سارع رجال دين، على غرار الشيخ المصري عبد الله رشدي، أو اللبناني سامي خضرا، أو السوري عبدالله الكحيل للحديث عن عقاب إلهي.

فقد تحدث رجل الدين اللبناني سامي الخضرا، في تغريدة محذوفة، عن ضرورة الزلزال "الرومانسي" ليشعر الإنسان بحجمه. وتحدث السوري عبدالله الكحيل عن كون الزلزال من علامات الساعة، مروجا لعلاقة مرور مذنب أخضر إلى جانب الأرض بما حدث في تركيا وسوريا. 

وذهب البعض أيضا لاعتبار ما جرى عقابا لتركيا على تحويلها آيا صوفيا إلى مسجد، وبعد ساعات قليلة على وقوع الزلزال خاطب مستخدم لموقع تويتر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قائلا "يا إردوغان، أعد كنيسة آيا صوفيا مثل ما كانت في التاريخ".

في سياق مشابه، سارع الكاتب الإسرائيلي إيدي كوهين لتفسير ما جرى بأنه "غضب الرب" على تركيا بسبب مواقفها السياسية، مستحضرا هو أيضا نبوءات من سفر إرميا من الكتاب المقدس العبري عن خراب دمشق، فيما كانت النقاشات دائرة على مواقع التواصل باللغة العبرية حول ما إن كانت هذه الزلازل علامة على اقتراب ظهور المسايا (المسيح اليهودي)، حسب ما أوردت فرانس برس.

"إساءة لله"

إزاء ذلك، نشر رجل الدين اللبناني المسلم ياسر عودة، فيديو وصف فيه هذه التفسيرات الدينية للكوارث الطبيعية بأنها "إساءة لله وتصويره كأنه إنسان يريد أن ينتقم بشدة من الناس فيقتل الأطفال والنساء ويهدم البيوت". وكذلك علق حساب يحمل اسم "الكنيسة الأرثوذكسيّة من القدس" على هذه التفسيرات بالقول "من الأفضل في هذه المحن أن يفعل الإنسان ثلاثة أشياء فقط: أن يصمت، أن يصلي، وأن يساعد"، حسب خدمة تقصي الحقائق.

وردا على ما قيل على مواقع التواصل العربية بأن ما جرى في تركيا وسوريا كان عقابا إلهيا قال عودة "لو كان عقابا من الله لكنا في لبنان أولى به لأننا نعيد انتخاب حكامنا السارقين".

شائعات تغذي الذعر

فيما كانت فرق الإنقاذ تُهرع إلى المناطق المنكوبة في تركيا وشمال سوريا، مع اللحظات الأولى لوقوع الزلزال الذي أسفر عن سقوط آلاف القتلى وعشرات آلاف الجرحى، كان مروّجو الأخبار المضللة يستفيدون من الاهتمام الإقليمي والعالمي بهذه المأساة لإلقاء أخبارهم المضللة وتحقيق مشاهدات عالية على صفحاتهم وحساباتهم، حسب فرانس برس.

ومن بين هذه المنشورات، شائعات عن تنبّؤ علميّ بوقوع زلازل مدمّرة تالية للزلزال التركي زادت حدّة القلق بين سكان مناطق واسعة من لبنان وسوريا والأردن والأراضي الفلسطينيّة، في ظلّ تواصل الاهتزازات في بلدانهم وتوالي صور المشاهد المرعبة من المناطق المنكوبة.

وقد اجتهد عدد من الخبراء في تهدئة السكان والتشديد على أن أي توقع زلزالي لا يعدو كونه ضربا من الخيال، بعدما أدى انتشار الشائعات إلى نزول سكان مناطق عدة إلى الشوارع ليلا، منها مدينة طرابلس في شمال لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت، وفقا لصحافيي وكالة فرانس برس.

وليل الثلاثاء الأربعاء، انتشرت صور على مواقع فيسبوك وتويتر وإنستغرام قيل إنها تُظهر حالة ذعر في الشوارع في مدينة نابلس في الضفة الغربية المحتلة عقب زلزال ضرب الأراضي الفلسطينية. صحيح أن هزة بقوة أربع درجات ضربت منطقة البحر الميت تلك الليلة، لكن الصور المستخدمة منشورة في العام 2017 على أنها عشية عيد الفطر من ذلك العام.

فيديوهات وصور قديمة

ونشرت صفحات وحسابات على موقع فيسبوك مقاطع فيديو قيل إنها تُظهر موجات مد بحري (تسونامي) تضرب السواحل التركية عقب الزلزال. لكن تحليل هذه المقاطع أظهر أن أحدها يُظهر عاصفة ضربت سواحل جنوب إفريقيا عام 2017، والثاني يُظهر عاصفة في الولايات المتحدة.

وحققت صورة نُشرت عقب وقوع الزلزال وقيل إنها تُظهر كلبا على مقربة من صاحبه العالق تحت الأنقاض، انتشارا واسعا على موقع تويتر. لكن تحليل الصورة أظهر أنها منشورة على شبكة الإنترنت منذ العام 2018، وهي ضمن مجموعة للمصوّر التشيكي ياروسلاف نوسكا على موقع "ألامي".

ونُشرت مقاطع فيديو قال ناشروها إنها تُظهر اهتزاز مبان وانهيارها في الزلزال الأخير، لكن البحث عن هذه المقاطع أثبت أنها قديمة، ومنها ما يعود للزلزال الذي ضرب اليابان عام 2011 وتلته موجات مد بحري مدمرة.

قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي.
قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي.

يجري تداول تصريحات على مواقع التواصل الاجتماعي يزعم ناشروها أنها لوزير الدفاع السوري الجديد مرهف أبو قصرة يتحدث فيها عن ضرورة اعتقال قائد قوات سوريا الديموقراطية مظلوم عبدي.

وحصدت تلك المنشورات، سواء على منصتي "فيسبوك" و "إكس"، آلاف المشاركات والتعليقات وتفاعل معها المئات من السوريين.

وجاء في التعليق المرافق لصورة أبو قصرة تصريحا منسوبا للوزير السوري مفاده: "لن أستقبل الوفود الرسميَّة ولن أكون في القصر الجمهوري قبل أن أرى مظلوم عبدي إلى جانب عاطف نجيب.. من يطلب الحماية من إسرائيل مكانه بجانب عاطف نجيب".

وكانت قوات الأمن السورية أعلنت اعتقال نجيب الشهر الماضي، وهو ابن خالة بشار الأسد وتولى سابقا رئاسة فرع الأمن السياسي في محافظة درعا حيث اندلعت شرارة الاحتجاجات الشعبية عام 2011.

إلا أن بحثا دقيقا أجراه موقع "الحرة" وجد أن التصريح المنسوب لأبو قصرة غير صحيح، حيث لم يدلي وزير الدفاع السوري بأي تصريحات تتحدث عن اعتقال عبدي.

وعقب إطاحة فصائل معارضة تقودها هيئة تحرير الشام بنظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر، أعلنت السلطات الجديدة التوصل لاتفاق مع "جميع الفصائل المسلحة" يهدف إلى حلها ودمجها تحت مظلة وزارة الدفاع.

غير أن الاتفاق لا يشمل قوات سوريا الديموقراطية المعروفة اختصارا باسم "قسد" ويشكل الأكراد عمودها الفقري، وهي مدعومة من الولايات المتحدة وتسيطر على مناطق واسعة في شمال شرق البلاد.

وكان أبو قصرة قال في لقاء سابق مع صحافيين في دمشق إن "باب التفاوض مع قسد في الوقت الحاضر قائم واذا اضطررنا للقوة سنكون جاهزين".