مجندة بالجيش الإسرائيلي تناولتها المنشورات
مجندة بالجيش الإسرائيلي تناولتها المنشورات

مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي باللغة العربية صور يدعي ناشروها أنها لجنود إسرائيليين قتلى، أو جنديات تعرّضن للاغتصاب والترهيب في وحداتهن العسكريّة.

آخر تلك الصور قيل إنها لمجندة أوكرانية انضمت حديثاً للجيش الإسرائيلي، حيث تعرّضت لاعتداء جنسيّ عنيف، وتظهر في الصورة بلباس عسكريّ وعلى وجهها ما يبدو أنّها ندوب أو وحل.

لكن هذا الادّعاء غير صحيح، والصورة لجنديّة إسرائيلية عام 2014.

وجاء في التعليقات المرافقة أن الصورة تظهر شابة أوكرانية جاءت للقتال مع الجيش الإسرائيليّ في الحرب الدائرة في قطاع غزّة، وأنها تعرضت لاعتداء جنسيّ عنيف من جنود إسرائيليين.

ويأتي انتشار الصورة بهذا السياق مع تواصل العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة منذ هجوم حركة حماس المباغت في السابع من أكتوبر الماضي.

ومنذ ذلك الحين، كثُر الحديث عن اعتداءات جنسيّة نُسبت لكلا الطرفين.

فسرعان ما اتّهمت إسرائيل حركة حماس بارتكاب عمليات اغتصاب لنساء إسرائيليات، وذلك في هجومها الذي أسفر عن مقتل نحو 1160 شخصاً غالبيتهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعدّتها وكالة فرانس برس استناداً إلى أرقام إسرائيلية رسميّة.

وفي الرابع من مارس الجاري، أورد تقرير للأمم المتحدة صدر أن ثمة "أسباباً وجيهة للاعتقاد" أن أعمال عنف جنسي، بينها عمليات اغتصاب، ارتكبت خلال هجوم حماس، من دون تحديد عددها، وهو ما نفته الحركة الفلسطينيّة.

في المقابل، وفي اليوم نفسه، دعت خبيرات حقوقيات أمميّات إلى إجراء تحقيق مستقلّ في انتهاكات إسرائيلية يشتبه بأنها ارتُكبت بحق نساء وفتيات فلسطينيات، بما في ذلك القتل والاغتصاب والاعتداء الجنسي، في قطاع غزّة وفي الضفّة الغربيّة المحتلة، وهو ما نفته إسرائيل.

لكن أي تقرير عمّا تضّمنه المنشور لم يصدر عن أي مصدر ذي صدقيّة، بحسب صحفيي وكالة فرانس برس في القدس، علماً أن تقارير إسرائيلية تحدّثت في أوقات سابقة عن اعتداءات جنسيّة وقعت بين الجنود بحقّ مجنّدات.

لقطة للمنشورات المتداولة

حقيقة الصورة

لكن التفتيش عن الصورة على مواقع التواصل يُظهر أنها منشورة في العام 2014، مما ينفي أن تكون لشابّة أوكرانيّة تطوّعت حديثاً في الجيش الإسرائيلي في ظلّ الحرب في غزّة.

ونُشرت الصورة على موقع وكالة رويترز، وهي تعود لجنديّة في وحدة عسكريّة بعد انتهاء تدريباتها في صحراء النقب في 29 مايو من العام 2014.

وسبق أن نُشِرت على صفحات مواقع التواصل في الأسابيع الماضية صور قيل إنّها لمجنّدات إسرائيليات تعرّضن للاغتصاب أو لجنود أو ضباط قتلى أو مصابين، فنّدت خدمة تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس عدداً منها.

الصورة مركبة ولا تظهر رهينة إسرائيلية تقبل رأس مسلح من حماس
حماس أفرجت عن رهينات بموجب اتفاق وقف إطلاق النار

في 19يناير 2025، أفرجت حماس عن ثلاث إسرائيليات كنّ محتجزات في قطاع غزة في إطار اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل والحركة بعد أكثر من 15 شهراً من حرب مدمّرة. 

وفي هذا السياق، تداول مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي صورة زعم ناشروها أنّها لإحدى الرهائن وهي تقبّل رأس مقاتل في كتائب القسّام. إلا أنّ الصورة في الحقيقة مركّبة.

وتبدو في الصورة شابّة وهي تقبّل رأس مقاتل من حركة حماس وسط مجموعة من الأشخاص.

وجاء انتشار الصورة بعد إفراج حماس في 19 يناير 2025 عن ثلاث إسرائيليات كنّ محتجزات في قطاع غزة في اليوم الأول لبدء سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل والحركة.

 وجاء الاتفاق بعد أكثر من 15 شهراً من حرب اندلعت إثر هجوم غير مسبوق لحركة حماس على إسرائيل في السابع من  أكتوبر 2023.

وسلّمت حركة حماس الرهينات الثلاث المحتجزات في قطاع غزة منذ يوم الهجوم، إلى الصليب الأحمر في ساحة السرايا في حي الرمال في مدينة غزة، وسط تجمهر حشد من السكان وعناصر كتائب عز الدين القسام بلباسهم العسكري وأسلحتهم.

ونقلت الرهينات من سيارة فان بيضاء إلى سيارة الصليب الأحمر التي أقلعت بهن وسلمتهن في وقت لاحق إلى الجيش الإسرائيلي.

لاحقاً، أورد الجيش أن العائدات الثلاث وصلن إلى إسرائيل والتقين عائلاتهن. ثم نقلن الى مستشفى شيفا في رامات غان بوسط إسرائيل، لإجراء فحوص طبية. وقال المستشفى مساء الأحد إن حالتهن مستقرة.

والرهينات الثلاث إسرائيليات، وهن: إميلي داماري (28 عاماً) التي تحمل أيضاً الجنسية البريطانية، ورومي غونين (25 عاماً)، ودورون شتاينبرخر (31 عاماً) التي تحمل أيضا الجنسية الرومانية.

وأعلنت إسرائيل الإفراج عن 90 معتقلا فلسطينياً بموجب اتفاق وقف إطلاق النار.

إلا أنّ مقاطع الفيديو التي بثّتها وسائل الإعلام للحظة تسليم الرهينات لم تظهر أيّاً منهنّ وهي تقبّل رأس مقاتل من حركة حماس، ما يثير الشكّ في صحّة الصورة المتداولة.

ويعزّز هذه الشكوك تفاوت درجات الألوان بين الشابّة والأشخاص المحيطين فيها.

إثر ذلك، أرشد البحث عن الصورة إلى منشورٍ في صفحة منصّة صدق اليمنيّة المتخصّصة بتفنيد الأخبار المضلّلة على مواقع التواصل، حيث ذكرت أنّ الصورة مقتطعة من فيديو لتسليم القسائم رهائن في إطار اتفاق هدنة سابق مع إسرائيل. 

وبالفعل، وعند مراجعة مشاهد تسليم الرهائن التي نشرتها وسائل الإعلام في نوفمبر 2023 يمكن ملاحظة أنّ صورة الشابّة أضيفت إلى اللقطة المتداولة.

وآنذاك، أتاحت هدنة مؤقتة استمرت سبعة أيام بين 24 نوفمبر والأول من ديسمبر 2023، تبادل العشرات من رهائن تحتجزهم حماس بمعتقلين فلسطينيين في إسرائيل، ودخول شاحنات مساعدات إنسانية من مصر إلى القطاع المدمر.