كريم مجدي
في تصعيد جديد عقب إسقاط إيران الطائرة المسيرة الأميركية، فرضت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حزمة عقوبات جديدة استهدفت بالدرجة الأولى المرشد الأعلى ومؤسسات يديرها تبلغ قيمتها وفق بعض التقديرات نحو مئتي مليار دولار، فيما يرزح ما يقرب من 26 مليون إيراني تحت خط الفقر.
وتأتي العقوبات في إطار الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة في مواجهة سياسات طهران المزعزعة للاستقرار في المنطقة.
"هذه أول مرة تفرض الولايات المتحدة عقوبات مباشرة على شخص المرشد الإيراني والمؤسسات التابعة له"، يقول الباحث في الشؤون الإيرانية أحمد فاروق لموقع الحرة.
وأضاف فاروق أن الحظر الأميركي شمل سابقا قطاعات من مؤسسة خامنئي مثل "هيئة تنفيذ أوامر الإمام"، والحرس الثوري، إلا أن الحظر لم يسبق وأن شمل المرشد نفسه ومكتبه.
وكانت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية الأميركية، قد حددت 146 شركة مملوكة لخامنئي، بالإضافة إلى 144 مديرا تنفيذيا وأعضاء مجلس إدارة مرتبطين بهذه الشركات.
ويوضح فاروق أن بالإمكان تقسيم المؤسسات التابعة للمرشد علي خامنئي، والتي خضعت للعقوبات مؤخرا، إلى قسمين، الأول يضم المؤسسات الخاضعة لأوامر خامنئي وفقا للدستور، وهي مجلس صيانة الدستور، ومجمع تشخيص النظام وأعضاؤه ورئيسه، وهيئة الإذاعة والتليفزيون، وكبار مسؤولي السلطة القضائية.
كما ستشمل العقوبات شخصيات ومؤسسات عسكرية هامة، مثل ممثل المرشد في المجلس الأعلى للأمن، والهيئة العامة للقوات المسلحة وقادة الأفرع والأسلحة. هذا بالإضافة إلى مؤسسات ثقافية وإعلامية مثل المجلس الأعلى للثورة الثقافية، والخطباء والأئمة.
أما القسم الثاني الذي ستطاله العقوبات ويخرج عن الأطر الدستورية، فيضم بيت المرشد ومستشاريه، والمؤسسات الخيرية (هيئة شؤون المضحين، وهيئة مستضعفي الثورة الإسلامية، وهيئة الإسكان، وهيئة إغاثة الإمام الخميني).
ويصل دخل مؤسسة الخميني من التبرعات إلى 27 مليار ريال إيراني سنويا، بحسب بيانات نشرت في 2016.
كما ستشمل العقوبات المؤسسات المذهبية ومسؤوليها، كمسؤولي مؤسسة العتبة الرضوية، ومبعوث شؤون الحج والمشرفين على الحج.
وبحسب النسخة الفارسية من موقع راديو فردا، فإن قيمة سدانة العتبات الرضوية أو كما يطلق عليها بالفارسية "آستان قدس رضوي"، بلغت نحو 15 مليار دولار في عام 2001، وتجمع المؤسسة نحو 200 مليون دولار سنويا من زيارات الشيعة من مختلف أنحاء العالم لضريح الإمام الرضا بمدينة مشهد.
العقوبات ستشمل أيضا مكاتب تمثيل خارج إيران تسمى "مكاتب ممثل الولي الفقيه"، والتي تعمل باستقلال عن البعثات الرسمية لإيران في الخارج أي "السفارات".
ومن أبرز ممثلي المرشد خارج إيران، ممثل الولي الفقيه في بريطانيا الذي يتولى أيضا رئاسة مركز لندن الإسلامي، بالإضافة إلى ممثلي الولي الفقيه في سوريا ولبنان وباكستان وأفغانستان والعراق ودول أخرى.
وتمتد مؤسسة المرشد لتشمل عدد من المعاونيات والمستشارين، كما ويدير مقرّبون من مؤسسة #خامنئي قطاع كبير من المؤسسات الاقتصادية في النظام الاقتصادي #الإيراني بدون أي مؤشر عن صلتها بمؤسسة المرشد. ومن خلال ذلك تتيسر الأجواء التي يمكن خلالها الالتفاف على العقوبات #الأمريكية. pic.twitter.com/0vmXIRO7A1
— Ahmed Mohamed Farouk (@afarouk92) June 26, 2019
وأشار فاروق إلى أن العقوبات لم تشمل هيئة تنفيذ أوامر الإمام لخضوعها لعقوبات سابقة منذ سبع سنوات في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، وقد قدر رأس مال هذه المؤسسة بـ 100 مليار دولار.
وكانت السفارة الأميركية في بغداد قد نشرت تقريرا تقول فيه إن ثروة خامنئي تقدر بـ 200 مليار دولار، يندرج معظمها تحت ثلاث مؤسسات هي هيئة تنفيذ أوامر الإمام الخميني، ومؤسسة مستضعفان، ومؤسسة أستان قدس رضوي.
وكان تقرير نشرته وكالة رويترز في عام 2013، قد قال إن هيئة تنفيذ أوامر الإمام تملك حصصا في جميع قطاعات الصناعة الإيرانية، بدءا من قطاع النفط والاتصالات وصولا إلى إنتاج حبوب منع الحمل، وحتى تربية النعام.
وكشف تقرير رويترز عن استيلاء المؤسسة المنهجي على آلاف العقارات المملوكة للمواطنين الإيرانيين العاديين، إذ تشكل الإمبراطورية العقارية لهذه المؤسسة وحدها نحو 52 مليار دولار.
كما كشف تحقيق لرويترز في عام 2017، عن أن هيئة تنفيذ أوامر الإمام قد عقدت نحو خمس صفقات سلاح، تشمل اتفاقا بقيمة 10 مليار دولار لبناء مصافي نفط مع شركات كورية جنوبية، بالإضافة إلى عقود مع شركات دنماركية وإسبانية في مجال البتروكيماويات.
وعقب إعادة فرض العقوبات الاقتصادية الأميركية على إيران، انخفضت قيمة الريال بنحو 70 في المئة أمام الدولار، فيما قفز معدل التضخم السنوي في البلاد خلال الفترة من 23 تشرين الأول/أكتوبر إلى 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2018 بنسبة 34.9 في المئة.
ولا تكشف الحكومة الإيرانية عن نسب الفقر، إلا أن الخبير الاقتصادي والباحث في مجال مكافحة الفقر بجامعة الزهراء بالعاصمة طهران الدكتور حسين راغفر، قال في تصريحات صحافية إن 26 مليون إيراني يعيشون تحت خط الفقر.
ووفقا لتقرير البنك الدولي الصادر في تشرين الأول/أكتوبر 2017، فإن إيران هي ثاني أكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعد المملكة العربية السعودية.، حيث يقدر إجمالي الناتج المحلي في عام 2016 بـ 412.2 مليار دولار
وتحتل إيران المرتبة الثانية عالميا في احتياطيات الغاز الطبيعي، وتحتل المركز الرابع عالميا في احتياطي النفط الخام المثبت.
لكن الإيرانيين خرجوا إلى الشوارع العام الماضي احتجاجا على سياسة نظام خامنئي الداعم لميليشيات تنشط في سوريا ولبنان والعراق، حيث تشير التقارير إلى إنفاق طهران أموالا طائلة على تلك المجموعات المسلحة، وخاصة منها التي تتبع الحرس الثوري الإيراني.
وفي العام الماضي قاد ناشطون إيرانيون حملة باسم "تخلصوا من صناديق الخميني الإغاثية"، التي يصل دخلها من التبرعات إلى نحو 27 مليار ريال إيراني سنويا، لأنها تنفق أموال الشعب الإيراني على حروب طائفية في المنطقة.