أنابيب تنقل غازا طبيعيا من حقل غاز الشمال في إيران - أرشيفية
أنابيب تنقل غازا طبيعيا من حقل غاز الشمال في إيران - أرشيفية

ميشال غندور - واشنطن

تزامنا مع ما أصبح يعرف بالاقتراح الفرنسي بتقديم 15 مليار دولار كخطوط إئتمان لإيران مقابل عودتها إلى الإلتزام بالاتفاق النووي، فرضت الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة سلسلة متتالية من العقوبات طالت قطاعات إيرانية متعددة.

العقوبات الجديدة شملت شبكة واسعة من الشركات والأفراد والسفن المنخرطة في بيع النفط لصالح الحرس الثوري الإيراني– فيلق القدس وحزب الله ووكالة الفضاء الإيرانية التي تساهم في تطوير برنامج الصواريخ البالستية.

كما استهدفت العقوبات سابقا ناقلة النفط أدريان داريا التي كانت محتجزة في جبل طارق وتوجهت إلى البحر المتوسط في محاولة لإفراغ حمولتها في سوريا.

يقول مسؤول في مجلس الأمن القومي الأميركي، رفض الكشف عن اسمه، إن حملة الضغوط القصوى على إيران تعمل بشكل جيد. وأشار إلى أنه وبسبب العقوبات التي فرضت يوم الجمعة الماضي على ناقلة النفط "أدريان داريا" وقبطانها، رفض قائد الناقلة تفريغ حمولة باخرته من النفط في سوريا وطلب إعفاءه من مهامه.

فالإدارة الأميركية تعرف أن النفط هو الشريان الحيوي الذي يغذي الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس وحزب الله والمجموعات التابعة لإيران وكلها مدرجة على لائحة الإرهاب الأميركية.

كما تعرف الإدارة أن الحرس الثوري، وعبر وزير النفط الإيراني السابق رستم قاسمي والمسؤول في حزب الله علي قصير وأفراد آخرين في الحزب، يقومون ببيع النفط في السوق السوداء عبر أفراد وشركات تشكل واجهة للحرس الثوري للتفلت من العقوبات الأميركية.

وكشف مسؤول في وزارة الخزانة الأميركية أن الشبكة باعت نفط خام إيراني هذه السنة بأكثر من نصف مليار دولار، وأن غالبية النفط المباع ذهب إلى سوريا. 

كما أن الشبكة، المؤلفة من حوالي 40 شركة وفردا وسفينة، باعت ملايين البراميل من المواد النفطية مقابل مئات الملايين من الدولارات. لذلك أرادت واشنطن سد هذه الثغرة التي تستفيد منها إيران وشركاؤها وفرضت عقوبات على هذه الشبكة وحذرت المجتمع البحري من التعامل معها لأنها ستكون هي الأخرى عرضة للعقوبات. 

وذهبت الخارجية الأميركية إلى حد تخصيص مكافأة تصل إلى 15 مليون دولار لكل من يدلي بمعلومات تتعلق بشبكة تهريب النفط الإيراني وذلك في إطار برنامج "مكافآت من أجل العدالة" الذي ترعاه.

ومن أدوات الضغط المبتكرة، التي اعتمدتها الإدارة الأميركية لثني ناقلات النفط عن التعامل مع إيران والحرس الثوري الإيراني، قيام الممثل الأميركي الخاص للشأن الإيراني براين هوك بالاتصال بشكل مباشر بقادة السفن المحملة بالنفط الإيراني وعرض مكافآت مالية عليهم وعلى القبطان مقابل تحويل السفن إلى بلدان أخرى يمكنها احتجاز السفن نيابة عن الولايات المتحدة حسبما ذكرت صحيفة فايننشال تايمز.

وقد أكد هوك هذه الرواية للحرة وقال إنه فعلا أجرى اتصالات بقادة سفن وعرض عليهم مكافآت مالية تقدر بالملايين من الدولارات. لكنه لم يشأ الكشف عن قيمة المبالغ وقال إنها بالملايين.

كل هذه الإجراءات تهدف بمجملها إلى حرمان فيلق القدس وحزب الله من العائدات النفطية، التي وبحسب مسؤولين أميركيين، يستخدمونها في تمويل العمليات الإرهابية وزعزعة استقرار المنطقة.

أما الرسالة الثانية من الحزمات المتتالية من العقوبات الأميركية، فهي سياسية وموجهة إلى أوروبا وفرنسا بالتحديد. 

وحاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ترتيب لقاء أميركي إيراني على هامش اجتماعات قادة الدول الصناعية السبع، حيث دعا وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف للمجيء إلى مدينة بياريتس، وسعى إلى طرح مبادرة جديدة تحافظ على الإتفاق النووي.

وتقضي هذه المبادرة المقترحة، بحسب تقارير صحافية، بتقديم قروض لإيران بقيمة 15 مليار دولار كبديل للآلية الأوروبية في التعامل مع إيران "اينستكس" على أن تحُدَّ إيران من دورها الإقليمي المزعزِعِ للاستقرار وتضعَ حدا لبرنامج صواريخها الباليستية.

الرد الأميركي على هذه المبادرة جاء عبر فرض الدفعات الأخيرة من العقوبات. ولما سئل المبعوث الأميركي الخاص للشأن الإيراني براين هوك، في مؤتمر صحافي عقده الأربعاء، عن المقترح الفرنسي قال: "لا يوجد اقتراح ملموس ولن نعلق على شيء غير موجود". وأضاف " لقد أعلنا عن عقوبات جديدة اليوم وأمس والجمعة وسيكون هناك عقوبات إضافية في المستقبل. ولا يمكننا أن نوضح بشكل أكثر جلاء أننا ملتزمون بحملة الضغوط القصوى ولا نتطلع إلى إعطاء إعفاءات أو استثناءات".

مغني الراب الإيراني نشر هذه الصورة على حسابه على انستغرام
مغني الراب الإيراني نشر هذه الصورة على حسابه على انستغرام

تملأ الوشوم كامل جسده من الوجه إلى القدمين.. مغن وملحن إيراني أنتج أعمالا داعمة للحكومة وللأصوليين. أدين بالتحريض ضد المرأة، وأخيرا يواجه حكما بالإعدام بتهمة "سبّ النبي محمد"، وفق وسائل إعلام محلية.

هذه التناقضات الواضحة ترسم شخصية مغني الراب الإيراني، أمير حسين مقصودلو، الشهير باسم "تتلو".

وذكرت وسائل إعلام محلية، الأحد، أن محكمة إيرانية قضت بإعدام "تتلو"، بعد إلغاء حكم سابق بالسجن 5 سنوات في القضية التي أعيد فتحها.

صحيفة "اعتماد" ذكرت على موقعها الإلكتروني، أن الحكم "ليس نهائيا وقابل للاستئناف".

لكن وكالة أنباء فارس نفت الخبر على لسان مصدر وصفته بالمطلع، وقالت إن الحكم لم يصدر بعد.

وتمتلك إيران سجلا كبيرا فيما يتعلق بالإعدامات، حيث قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، في السابع من يناير الجاري، إن "طهران أعدمت 901 على الأقل العام الماضي، بينهم حوالي 40 شخصا في أسبوع واحد، خلال ديسمبر".

وحسب منظمات حقوقية، من بينها منظمة العفو الدولية، فإن طهران تعدم عددا أكبر من الأشخاص سنويا مقارنة بأي دولة أخرى باستثناء الصين، التي لا تتوفر أرقام موثوقة بشأنها.

ونقل موقع "فويس أوف أميركا" في نسخته الإيرانية، أن والدة "تتلو" تحدثت لوسائل إعلام محلية، قائلة: "لا أعرف ما إذا كنت أصدق ما حدث أم لا"، مطالبة السلطات بضرورة التعامل مع ابنها "كمريض وعبقري موسيقي".

كما أعربت عن أملها بمراجعة وإبطال حكم الإعدام الصادر ضده.

"تتلو" البالغ من العمر 37 سنة، مغن وملحن يعد من رواد موسيقى الراب في إيران، وقد بدأ مسيرته الفنية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وفق فرانس برس.

ولم يتمكن الشاب من الحصول على رخصة لمزاولة مهنته الموسيقية في إيران، فغادر إلى تركيا عام 2018.

لكن بعد 6 سنوات، أدانته محكمة إيرانية بتهمة إهانة النبي، ليواجه عقوبة بالإعدام، وهي أقسى عقوبة تتعلق بهذه التهمة.

استندت الاتهامات إلى مقاطع فيديو شاركها المغني، بجانب أغانيه.

وفي ديسمبر الماضي، سلّمت تركيا "تتلو" إلى إيران، بناء على مذكرة توقيف متعلقة بتلك القضية.

المحاكمة كانت قد بدأت في مارس 2024، ومن بين الاتهامات أيضًا "تشجيع الجيل اليافع على الدعارة"، و"الدعاية ضد الجمهورية الإسلامية"، و"نشر محتوى فاحش على شكل فيديو كليب وأغان".

وأثار "تتلو" جدلا عام 2018 أيضا، حينما أغلقت إدارة إنستغرام حسابه بسبب انتهاكه قوانين الشبكة الاجتماعية الشهيرة.

وشارك المغني الشاب حينها منشورا يحرض ضد المرأة، وطلب من جمهوره "ضرب النساء وسبّهن"، حسب صحف محلية.

إبراهیم رئیسی و أمیر تتلو

وسُجن تتلو شهرين في عام 2013، بسبب تعامله مع "قنوات فضائية غير شرعية في إيران كانت تبث أغانيه". ومنذ خروجه بدأ في إبداء مواقف وتعليقات على الحياة السياسية الإيرانية، تؤيد في معظمها سياسات الحكومة.

وأنتج تتلو أعمالا فنية داعمة لسياسات الحكومة الإيرانية، كما عبر عن تأييده للاتفاق النووي عام 2015.

ودعم مرشحين أصوليين في الانتخابات، بينهم محمد باقر قاليباف، الذي خسر أمام الرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني في انتخابات 2013، والرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، الذي خسر أمام روحاني عام 2017.

كان ذلك خلال وجوده في إيران، لكن بعد خروجه إلى تركيا، بدأ في كتابة تعليقات ضد النظام في إيران.