قاسم سليماني
قاسم سليماني

بمقتل قاسم سليماني، أسدل الستار على رجل إيران الأول في العراق الذي ساعد على قمع المتظاهرين في سوريا والعراق ولعب دورا محوريا في حماية نظام الرئيس السوري بشار الأسد من السقوط وجهر حزب الله بالصواريخ، وقبل أيام من مصرعه كتب اسمه على جدران السفارة الأميركية في بغداد.

الجنرال الإيراني ذائع الصيت، الذي أعلن مقتله الخميس بضربة جوية أميركية استهدفت موكبا كان فيه قرب مطار بغداد الدولي، هو قائد فيلق القدس، الجهاز المسؤول عن العمليات الخارجية في الحرس الثوري الإيراني، الذي اتهمته واشنطن بممارسة أنشطة عن مزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط.

وبعد مقتله، ذكر بيان للمتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية أن سليماني كان "يخطط لمهاجمة الدبلوماسيين الأميركيين وأفراد الخدمة العسكرية في العراق وفي أنحاء المنطقة".

وأضاف أن الجنرال في الحرس الثوري و"فيلق القدس" التابع له مسؤولون عن مقتل المئات من أفراد القوات الأميركية وقوات التحالف وإصابة الآلاف بجروح، مشيرا إلى أنه دبر هجمات على قواعد قوات التحالف في العراق خلال الأشهر القليلة الماضية.

جاء سليماني من خلفية متواضعة فقد ولد لأسرة تعمل بالزراعة في بلدة رابور في جنوب شرق إيران في مارس 1957.

وعندما بدأت الثورة لإطاحة الشاه في عام 1978 كان سليماني يعمل في مرفق المياه في بلدية كرمان ونظم مظاهرات ضد الشاه، حتى نجاح الثورة الإسلامية عام 1979.

تطوع سليماني الشاب للعمل في الحرس الثوري، وبعد أن اندلعت الحرب مع العراق في عام 1980 صعد سريعا على سلم الرتب وعمل بعد ذلك في مجال مكافحة المخدرات على الحدود مع أفغانستان.

تدرج الرجل في المناصب حتى عينه الزعيم الأعلى الإيراني على خامنئي قائدا لفيلق القدس عام 1998.

ظل سليماني بعيدا عن الأضواء بعد توليه هذا المنصب، في الوقت الذي عزز فيه علاقات إيران مع  حزب الله اللبناني ونظام الأسد وجماعات شيعية في العراق.

لكنه أصبح شخصية عامة وتزايد ظهوره في السنوات القليلة الماضية مع قيام مقاتلين وقادة في العراق وسوريا بنشر صور له على مواقع التواصل الاجتماعي وهو في ساحة القتال، وأصبح ذراع المرشد الإيراني لنشر الفوضى في المنطقة.

بعد صعوده إلى قيادة فيلق القدس، عمل سليماني على تعزيز علاقاته بقيادات حزب الله وتجهيزهم بالأسلحة في الحرب مع إسرائيل في 2006.

وفي ذروة الحرب الأهلية بين السنة والشيعة في العراق عام 2007 اتهم الجيش الأميركي فيلق القدس بتوريد متفجرات بدائية الصنع لمقاتلين شيعة ما أدى إلى قتل العديد من الجنود الأميركيين.

قدم فيلق القدس بزعامة سليماني الدعم للأسد عندما بدا أنه على وشك أن يُهزم في الحرب الأهلية الدائرة منذ عام 2011. وكانت زيارته لموسكو في صيف 2015 هي الخطوة الأولى في التخطيط للتدخل العسكري الروسي الذي أعاد تشكيل الحرب السورية وإقامة تحالف إيراني روسي جديد لدعم الأسد.

ظهر اسم سليماني أيضا في مؤامرة إيرانية عام 2011 لاغتيال السفير السعودي في الولايات المتحدة أنذاك عادل الجبير. ويعتقد مسؤولون أميركيون أن سليماني كان على علم بالمؤامرة. وقالت تقارير إن أميركيا يدعى منصور أرباب سيار دفع حوالي 100 ألف دولار حولت من بنك أجنبي خارج إيران إلى قاتل مأجور مقابل اغتيال السفير.

وبعد الاستفتاء على الاستقلال في شمال العراق الذي يهيمن عليه الأكراد في عام 2017 أصدر سليماني تحذيرا للزعماء الأكراد، أدى إلى سحب المقاتلين من المناطق المتنازع عليها ومكن قوات الحكومة المركزية من إعادة فرض سيطرتها.

برز دور الجنرال الإيراني المقتول بقوة في الاحتجاجات التي انطلقت في العراق في الأول من أكتوبر الماضي، وذكرت تقارير أن سليماني طلب خلال اجتماع سري بقيادات الحشد الشعبي المدعومة من الحرس الثوري الإيراني بالاستمرار في دعم رئيس الحكومة عادل عبد المهدي.

فرانس برس كانت أيضا قد كشفت عن اتفاق بين القوى السياسية الرئيسية على إبقاء السلطة الحالية حتى لو اضطر الأمر إلى استخدام القوة للقضاء على الاحتجاجات.

ظهر دور الحرس الثوري، وخاصة "فيلق القدس" أيضا في تمويل وتسليح وتدريب قوات الحشد الشعبي التي تم دمجها في قوات الأمن العراقية بعد هزيمة تنظيم داعش. وترى الولايات المتحدة أن وحدات الحشد الشعبي تخدم مصالح إيران أكثر مما تخدم مصالح العراق، وتكرس نفوذ الجمهورية الإسلامية في العراق.

واتهمت واشنطن كتائب حزب الله العراقي، الفصيل المنضوي في الحشد الشعبي، بالوقوف خلف هجوم صاروخي استهدف قاعدة في شمال العراق وأدى إلى مقتل متعاقد أميركي.

وليل الأحد شنت واشنطن غارات جوية على قواعد لكتائب حزب الله العراقي أسفرت عن مصرع 25 من مقاتلي كتائب حزب الله.

وعلى إثر ذلك هاجم الآلاف من المؤيدين لفصائل مسلحة موالية لإيران السفارة الأميركية في بغداد، وكتبوا على جدار السفارة الخارجي عبارات بينها "قائدي سليماني"، و"نعم نعم للحشد".

وضعت وزارة الخزانة الأميركية سليماني على اللائحة السوداء من قبل بسبب دعم فيلق القدس لحزب الله وجماعات مسلحة أخرى وبسبب دوره في دعم الأسد ومزاعم عن مشاركته في مؤامرة لاغتيال السفير السعودي.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتحدث في منتدى الاستثمار السعودي الأميركي، في الرياض، 13 مايو 2025. رويترز
الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتحدث في منتدى الاستثمار السعودي الأميركي، في الرياض، 13 مايو 2025. رويترز

قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الثلاثاء، إن إيران هي القوة الأكثر تدميرا في الشرق الأوسط، محملا طهران مسؤولية زعزعة الاستقرار في المنطقة ومحذرا من أن الولايات المتحدة لن تسمح لها أبدا بامتلاك سلاح نووي.

وقال ترامب خلال قمة أعمال في الرياض "أكبر هذه القوى وأكثرها تدميرا هو النظام الإيراني، الذي تسبب في معاناة لا تُصدق في سوريا ولبنان وغزة والعراق واليمن وغيرها".

وقال إن إيران عليها أن تختار بين الاستمرار في "الفوضى والإرهاب" أو أن تبني مسارا نحو السلام، في ما وصفه بأنه تحذير أخير واستعداد محتمل للدبلوماسية.

ودأبت طهران على نفي اتهامات إثارة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.

وقال ترامب إنه على استعداد للتوصل إلى اتفاق جديد مع الجمهورية الإسلامية لكن ليس قبل أن يغير زعماؤها نهجهم.

وقال "أريد إبرام اتفاق مع إيران... لكن إذا رفضت القيادة الإيرانية غصن الزيتون هذا... فلن يكون أمامنا إلا ممارسة أقصى الضغوط".

وحذر ترامب، في حديثه في منتدى الاستثمار السعودي الأميركي في العاصمة السعودية الرياض من أن "إيران لن تمتلك سلاحا نوويا أبدا"، وقال إن عرضه للتوصل إلى اتفاق لن يدوم إلى الأبد.

وسلط ترامب الضوء على ما يراه تناقضا صارخا بين ما قال إنه "رؤية بناءة" تتبناها السعودية وما قاله إنه "انهيار ومعاناة" بسبب زعماء إيران.