كان إرهابيا في نظر الكثير من العراقيين
قاسم سليماني قتل في غارة جوية أميركية يوم 3 ديسمبر بالقرب من مطار بغداد

نشرت صحيفة "تليغراف" البريطانية تسجيلات سرية لمضمون اتصالات لاسلكية لعناصر ميليشيات ومرتزقة كانت تابعة للجنرال الإيراني قاسم سليماني، وذلك على جبهة محافظة إدلب، آخر معاقل المعارضة السورية.

وكشفت التسجيلات التي حصلت عليها الصحيفة البريطانية ونشرت ملخصها الأحد، كيف يوجه الإيرانيون مرتزقتهم من الأفغان في العمليات العسكرية في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، في معركة توعدوا بأن لا ينخرطوا فيها خلال محادثات أجريت بين الأطراف المنخرطين في القتال، خاصة تركيا.

ولفيلق القدس الذي كان يقوده سليماني قبل مقتله في غارة أميركية في الثالث من يناير في العراق، دور في ترجيح كفة الرئيس السوري بشار الأسد بعدما تدهورت أحوال جيشه أمام المعارضة المسلحة. فيما قدمت طهران سابقا ضمانات لتركيا بعدم إرسالها مقاتلين إلى إدلب القريبة من الحدود التركية.

وتعتبر إدلب التي يعيش فيها نحو 3.5 مليون شخص في ظروف صعبة، آخر معاقل الثورة السورية، وتقع تحت سيطرة مجموعات معارضة وأخرى متشددة أهمها هيئة تحرير الشام، فيما تتعرض المدينة لقصف جوي يومي من جانب روسيا وتركيا، بالإضافة إلى هجمات تشنها قوات برية.

وقال قائد لواء فاطميون -وهي ميليشيا أفغانية شيعية تقاتل تحت لواء فيلق القدس الإيراني- خلال الأسبوع الماضي، إن سليماني أعطاهم تعليمات بخصوص استراتيجيتهم خلال السنوات الخمس القادمة، بحيث لا يتسبب مقتله في أي اضطرابات.

لواء فاطميون

ويشير هذا التصريح إلى أن الميليشيات في محافظة إدلب تعمل حاليا بحسب خطط سليماني، كما تقول "تليغراف" البريطانية.

وكانت الصحيفة البريطانية قد حصلت على التسجيلات النادرة من مجموعة "MMC" الذين حصلوا عليها من مراقبين على الأرض استطاعوا التقاط موجات البث الخاصة بالميليشيات.

وكانت معظم الاتصالات التي حصلت عليها تليغراف قد أجريت بين شهري سبتمبر ونوفمبر، إلا أن بعضها قد تم مؤخرا خلال الأسبوع الماضي.

وقد تم تحديد مواقع البث من قاعدة مؤقتة في مدينة التمانعة في منطقة معرة النعمان، التي تبعد أميالا عن قواعد هذه الميليشيات المعروفة في حلب وحمص.

وفي أحد التسجيلات، يسمع صوت مقاتل أفغاني يتحدث الفارسية مستخدما رموز حيوانات في إشارة إلى الأهداف، يقول "هيا بنا معا نحو مواقعهم هذه الليلة، لرؤية ما إذا كان عصفور أو ثعلب".

وقال أحدهم، "لا يستطيعون الدفاع عنها، حتى بكتيبة كاملة.. سنذهب سرا وسنضرب ونأخذها، الأمر لن يكون صعبا".

وقدر بعض قادة الميليشيات السورية المعارضة لتليغراف، عدد المقاتلين التابعين لإيران في هذه المنطقة بحوالي 400 مقاتل، فيما يقول آخرون إن الرقم أعلى وقد يصل إلى 800.

أبو حمزة كيرنازي، قائد لميليشيا موالية لتركية تدعى "جبهة الوطنية للتحرير" قال لتليغراف، إن "الميليشيات الإيرانية تبدو أنها تخفي وجودها في إدلب عن عمد، لكن في الحقيقة إنهم هناك" 

وأضاف كيرنازي "لديهم أسلحة ثقيلة، ولقد استخدموا المدفعية وقاذفات الصواريخ ضدنا في التمانعة ومناطق أخرى".

وقال ممثل للمعارضة السوريا كان حاضرا خلال مباحثات السلام في كل من العاصمة الكازاخية أستانا، وفي سوتشي بروسيا، إن إيران طمأنت تركيا بأنه ليس لديها مصلحة في القتال في إدلب، وكانت حريصة على عدم المجازفة بعلاقتها مع أنقرة.

وأوضح كيرنازي أن الميليشيات الإيرانية لا تنخرط فقط في القتال، وإنما توفر المساعدة العسكرية والتدريبات للمقاتلين السوريين التابعين للنظام. مضيفا أنهم "يأتون بوعاظ شيعة من لبنان وإيران لإعطاء معوظات دينية للمقاتلين على الجبهات."

يذكر أن تركيا أصبحت شريكا تجاريا مهما بالنسبة لإيران التي تعاني جراء العقوبات، على الرغم من الخلاف السياسي والعسكري في ملف الصراع السوري.

خلال تظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس إحياء لذكرى وفاة مهسا أميني قبل عامين- تعبيرية
خلال تظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس إحياء لذكرى وفاة مهسا أميني قبل عامين- تعبيرية

 أصدر وزراء خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا ونيوزيلندا وأستراليا، الاثنين، بياناً مشتركاً أعلنوا فيه أن بلادهم "تعمل بخطوات متزامنة لمحاسبة الحكومة الإيرانية وستستخدم جميع السلطات القانونية الوطنية ذات الصلة لتعزيز محاسبة منتهكي حقوق الإنسان الإيرانيين بما في ذلك العقوبات وقيود التأشيرات".

وأكدوا وقوفهم مع النساء والفتيات في إيران والمدافعين عن حقوق الإنسان الإيرانيين، عبر جميع شرائح المجتمع في كفاحهم اليومي المستمر من أجل حقوق الإنسان والحريات الأساسية.

 وذكر البيان، الذي نشرته وزارة الخارجية الأميركية: "في مثل هذا اليوم قبل عامين قُتلت مهسا زينه أميني وهي شابة كردية إيرانية أثناء احتجازها لدى الشرطة في إيران. وأشعلت وفاتها حركة احتجاجية على مستوى البلاد بقيادة النساء والفتيات للمطالبة بمستقبل أفضل".

وأشار إلى وفاة ما لا يقل عن 500 شخص واعتقال أكثر من 20 ألفاً "في حملة القمع الوحشية التي شنتها قوات الأمن الإيرانية على مظاهر المعارضة في عامي 2022 و2023"، لافتاً إلى أن حركة "المرأة والحياة والحرية" العالمية تظل متحدة.

ونقل البيان عن بعثة تقصّي الحقائق الدولية المستقلة بشأن إيران التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أن "العديد من انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة ضد المتظاهرين ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية. ولم تعالج الحكومة الإيرانية هذه الادعاءات بعد ولم تتعاون مع هذه المهمة المعترف بها دولياً".

وقال وزراء خارجية الدول الخمس: "في الحياة اليومية لا تزال النساء والفتيات يواجهن قمعاً شديداً في إيران. وأدت حملة القمع المتجددة لفرض الحجاب (نور) التي تطبق القانون الإيراني الذي يلزم النساء بارتداء الحجاب، إلى جولة جديدة من المضايقات والعنف".

وفي 16 سبتمبر 2022، توفيت الشابة الكردية الإيرانية عن 22 عاما، بعد أيام من توقيفها لدى شرطة الأخلاق في طهران على خلفية عدم التزامها بقواعد اللباس الصارمة.

وشكلت وفاة أميني شرارة احتجاجات كانت من الأكبر منذ انتصار الثورة الإسلامية عام 1979. وعلى رغم تراجعها الملحوظ بعد أشهر على اندلاعها، يتمسك الناشطون والمعارضون في الخارج بفكرة أن هذه التحركات تركت بصمة دامغة في المجتمع الإيراني.

وكانت النساء محور الاحتجاجات، وانتفضن خلالها بوجه إحدى الركائز الأساسية التي يقوم عليها النظام الإسلامي، وهي إلزامية الحجاب. قامت العديد منهن بخلعه وإحراقه في مشاهد لم تعهدها شوارع طهران ومدن كبرى. ورأى محللون أن الاحتجاجات كانت من أكبر التحديات التي واجهتها الجمهورية الإسلامية منذ نشأتها.

واعتبرت السلطات أن معظم التحركات "أعمال شغب" تغذيها أطراف غربية أو معادية للثورة، وقمعتها بشدة. وبحسب منظمة العفو الدولية، استخدمت قوات الأمن الإيرانية الأسلحة النارية لمواجهة المحتجين.

وحسب البيان، فقد عززت الحكومة الإيرانية بنيتها التحتية للمراقبة لاعتقال واحتجاز وفي بعض الحالات تعذيب النساء والفتيات بسبب نشاطهن السلمي، بحسب البيان، الذي نقل عن منظمات حقوق الإنسان وصفها لإيران بأنها "من أبرز جلّادي النساء على مستوى العالم".

ودعا وزراء خارجية الدول الخمس الإدارة الإيرانية الجديدة إلى "الوفاء بتعهدها بتخفيف الضغوط عن المجتمع المدني في إيران وإنهاء استخدام القوة لفرض الحجاب". 

وقالوا إن الارتفاع الأخير في عمليات الإعدام "التي حدثت إلى حد كبير دون محاكمات عادلة، صادم"، حاثّين طهران على "وقف انتهاكاتها لحقوق الإنسان الآن".