تمثال سليماني في جنوب لبنان
تمثال سليماني في جنوب لبنان | Source: Courtesy Photo

نصَب حزب الله اللبناني، السبت، تمثالا للجنرال الإيراني قاسم سليماني في منطقة مارون الراس جنوب لبنان مما أثار انتقادات واسعة وسخرية في الأوساط اللبنانية والعربية.

ولتصويره كمقاوم يظهر التمثال الخشبي سليماني وهو يشير بإصبعه إلى الأراضي الفلسطينية، في وقت كانت ميليشياته تقتل المدنيين في سوريا والعراق واليمن.

الإعلامية اللبنانية ديانا مقلد اعتبرت التمثال وما سبقه من مناشدة نصر الله لملك الموت بشأن تأجيل موت سليماني "محاولات عبثية تثير السخرية لتطويب مجرم قاتل بغلاف القداسة المزيف."

فيما أشارت الناشطة الاجتماعية ريما حايك إلى أن بلدة مارون الراس التي نصب فيها التمثال لبنانية في استنكار لوجود تمثال لشخصية إيرانية فيها:

مغرد يدعى وليد غانم تساءل عما فعله قاسم سليماني للبنان حتى يقام له تمثال فيه:

وسخر الكاتب الكردي شاهو القرة داغي في تغريدة من تمثال سليماني، قائلا إن هذه التصرفات الهدف منها فقط إرضاء "جمهور المقاومة" حسب وصفه:

وتأتي موجة الانتقادات لحزب الله بعدما تعرض حسن نصر الله للكثير من السخرية بعد الحوار المفترض له مع "ملك الموت" بشأن تأجيل موت سليماني مقابل موته هو شخصيا.

وقتل سليماني في الثالث من يناير الماضي بضربة لطائرة أميركية بدون طيار استهدفت موكبه قرب مطار بغداد الذي وصله قادما من سوريا ولبنان حيث يعتقد أنه قابل نصر الله.

وقتل مع سليماني، نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس ومجموعة من مسؤولي التشريفات وضباط في الحرس الثوري الإيراني.

وتسببت الضربة برفع مستوى التوتر في المنطقة خشية الرد الإيراني على مقتل أهم ضباطها والمسؤول عن إدارة ميليشياتها في العراق وسوريا واليمن ولبنان.

وردت إيران على مقتل سليماني عبر إطلاق صواريخ باليستية استهدفت قاعدة عين الأسد العراقية التي تضم جنودا أميركيين، وتسببت تلك الضربات في إصابة عشرات الجنود الأميركيين بآثار ارتجاجات في المخ، لكن لم تسفر عن مقتل أحد.

إيران شددت قبل فوز ترامب بأنها سترد على إسرائيل
إيران شددت قبل فوز ترامب بأنها سترد على إسرائيل (Reuters)

في تصريح لافت حذر مستشار للمرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران آية الله علي خامنئي من أي رد "غير مدروس" على الضربات الإسرائيلية التي استهدفت إيران الشهر الماضي، خاصة وأن هذا التصريح جاء بعد ساعات قليلة من إعلان فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة.

وقال علي لاريجاني للتلفزيون الرسمي مساء الخميس إن "إسرائيل تهدف لنقل النزاع إلى إيران. علينا التصرّف بحكمة لتجنّب الوقوع في هذا الفخ وعدم الرد بشكل غير مدروس".

وأضاف لاريجاني، وهو من أبرز الشخصيات السياسية في إيران ورئيس سابق للبرلمان، أن "تحركاتنا وردود فعلنا محددة استراتيجيا لذا علينا تجنّب أي ردود عاطفية أو غير مدروسة وأن نبقى عقلانيين بالكامل".

وقبل ذلك أفاد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن من شأن وقف محتمل لإطلاق النار بين حلفاء إيران وإسرائيل أن يؤثر على رد طهران على الضربات الإسرائيلية.

هذان الموقفان فسرا على أنهما "تراجع واضح" من قبل طهران ومحاولة لتخفيف حدة التوتر مع إسرائيل، بمجرد إعلان فوز ترامب برئاسة البيت الأبيض، وفقا لمراقبين.

يقول مدير المركز الأحوازي للدراسات السياسية والاستراتيجية حسن راضي إن عودة ترامب لرئاسة الولايات المتحدة أحدثت "زلزالا في الأوساط السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية للنظام الإيراني".

ويضيف راضي لموقع "الحرة" إن "النظام كان يتخوف من مجيء ترامب وكان يحسب له ألف حساب منذ أشهر طويلة".

من المقرر أن يعود ترامب إلى البيت الأبيض في يناير المقبل بعد أن هزم نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية الثلاثاء، في مرحلة بالغة الحساسية بالنسبة إلى طهران التي تلقى حلفاؤها في منطقة الشرق الأوسط ضربات قاسية من إسرائيل التي تخوض حربا ضدهم.

وضربت الطائرات الحربية الإسرائيلية مواقع عسكرية في إيران في 26 أكتوبر ردا على هجوم صاروخي إيراني كبير استهدف إسرائيل مطلع الشهر ذاته.

وأعلنت إيران أنها أطلقت 200 صاروخ على إسرائيل في الأول من أكتوبر ردا على اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله إلى جانب قيادي في الحرس الثوري في غارة إسرائيلية جنوب بيروت ومدير المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في عملية في طهران نسبت إلى إسرائيل.

وبعدما ردّت إسرائيل، حذّرت إيران من القيام بأي خطوة للرد، لكن الجمهورية الإسلامية تعهّدت بالرد مرارا وتكرارا قبل فوز ترامب.

ويعتقد راضي أنه "حتى لو قررت إيران ضرب إسرائيل فأعتقد أنها ستكون الضربة محدودة لمجرد حفظ ماء الوجه".

شهدت علاقة ترامب بإيران، خلال فترة توليه رئاسة الولايات المتحدة بين عامي 2017-2021، تقلبات وصراعات حادة، حيث اتسمت بواحدة من أشد المواجهات بين واشنطن وطهران في العقود الأخيرة.

تميزت قصة العلاقة بين ترامب وإيران بسلسلة من التصعيدات والتوترات بدأت منذ حملته الانتخابية ووعده باتخاذ موقف صارم من الاتفاق النووي الإيراني.

عندما تولى ترامب الرئاسة في 2017، كان قد أعلن مرارًا معارضته للاتفاق النووي الذي وقّعته إدارة الرئيس السابق باراك أوباما مع إيران في عام 2015 واعتبره "أسوأ صفقة في التاريخ"، ورأى أنه يتيح لطهران استعادة قوتها المالية واستمرار دعمها للجماعات المسلحة في المنطقة.

في مايو 2018، أعلن ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي بشكل أحادي وأعاد فرض عقوبات اقتصادية صارمة على إيران وتبنّت إدارته ما يُعرف بسياسة "الضغط القصوى"، حيث فرضت عقوبات غير مسبوقة على قطاعات عديدة من الاقتصاد الإيراني، وخاصةً النفط.

وفي أوائل يناير 2020، اتخذت إدارة ترامب خطوة تصعيدية غير مسبوقة باغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بضربة جوية في العراق.

ومن المتوقع أن يستأنف ترامب سياسة العقوبات القاسية التي فرضها على إيران خلال فترته الأولى ومحاولة خنق الاقتصاد الإيراني، مما يزيد من صعوبة حصول إيران على العملات الصعبة ويؤدي إلى مزيد من التضخم والبطالة.

ومصدر القلق الرئيسي لدى القادة الإيرانيين هو إمكانية تمكين ترامب لإسرائيل من ضرب المواقع النووية الإيرانية ومنحها حرية أكبر في التعامل مع إيران.

يقول راضي إن إيران "تنفست الصعداء خلال فترة الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن، حيث تراجعت العقوبات بشكل واضح وسمح لها بالوصول للأموال المجمدة".

ويعتقد راضي أن "الأمر سيكون مختلفا تماما في عهد ترامب، لأنه لن يسمح للنظام بالتلاعب أو شراء الوقت أو التهرب من التزاماته النووية".

ومع ذلك، يعتقد البعض أن ترامب سيكون حذرا بشأن احتمال اندلاع حرب واسعة النطاق في الشرق الأوسط.

يقول المحلل السياسي الإيراني حسين رويران إن "ترامب اليوم ليس نفسه ترامب بالأمس".

ويضيف رويران في حديثه لموقع "الحرة" أن "ترامب كان سابقا مرتجلا في قرارته ويفاجئ الجميع بمواقفه ويتماهى بشكل كبير مع إسرائيل، لكن من المرجح أن يكون هذه المرة أكثر عقلانية واتزانا من أجل ضمان عدم حصول صراع جديد في الشرق الأوسط".

ويشير رويران إلى أن "موضوع الرد الإيراني على إسرائيل لا يزال قيد الدرس داخل إيران، لكن مع ذلك فكل الخيارات مطروحة".

ويقر رويران بأن "الرد الإيراني مرتبط بكثير من المتغيرات في المنطقة ومنها مسألة مفاوضات وقف إطلاق النار، لكنه بالتأكيد ليس مرتبطا بصعود ترامب"، حسب تعبيره.