إيرانيون يمرون بجانب دعاية انتخابية في طهران - 12 فبراير 2020
إيرانيون يمرون بجانب دعاية انتخابية في طهران - 12 فبراير 2020

ينتخب الإيرانيون الجمعة برلمانا جديدا يتوقع أن يعزز سلطة مرشد الجمهورية علي خامنئي، فيما تواجه البلاد ضغوطا اقتصادية هائلة بسبب العقوبات الأميركية أميركية المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني، وفي ظل استياء شعبي متنام احتجاجا على سوء الأوضاع المعيشية.

ومنع مجلس صيانة الدستور مرشحين موالين للإصلاح ومحافظين بارزين من خوض المنافسة، ما يجعل الخيارات المتاحة أمام الناخبين محصورة بين غلاة المحافظين وآخرين يدينون بالولاء لخامنئي.

ويؤيد المحافظون بشكل عام حكم رجال الدين القائم في البلاد منذ  عقود، لكن الأقل تشددا - الذين يسمون بالمعتدلين - يؤيدون الانفتاح على العالم الخارجي.

ويسعى المعتدلون والبراغماتيون إلى حريات سياسية واجتماعية أوسع نطاقا في البلاد، ومُنعوا إلى حد كبير من الترشح.

حقائق عن الانتخابات البرلمانية الـ11 في إيران منذ الثورة الإسلامية عام 1979:

التدقيق في الراغبين للترشح

فحصت لجان تديرها الحكومة أوراق الراغبين في الترشح، ثم راجع مجلس صيانة الدستور، المؤلف من رجال دين وقضاة من المحافظين، طلبات المتقدمين وذلك لمعرفة مدى التزامهم بتعاليم الإسلام وقناعتهم بمبدأ ولاية الفقيه وبالجمهورية الإسلامية.

وبعد عملية التدقيق تلك، جرى السماح لنحو 7150 مرشحا بخوض الانتخابات من بين أكثر من 16 ألفا تقدموا للترشيح. ومُنع ثلث النواب الحاليين من الترشح مجددا.

وبذلك لم يعد للمعتدلين أي مرشح للمنافسة على 230 مقعدا ستشملها الانتخابات، من أصل 290 مقعدا في البرلمان.

إيراني يوزع دعاية انتخابية على المارة بطهران - 14 فبراير 2020

 

الأحزاب السياسية والتحالفات

هناك 82 حزبا سياسيا على مستوى إيران، بالإضافة إلى 34 حزبا على مستوى الأقاليم وفقا لبيانات وزارة الداخلية. لكن الجمهورية الإسلامية تفتقر للعضوية الحزبية المنضبطة أو المنصات الحزبية واسعة النطاق، وبالتالي فإن السياسة تُدار وفقا للانتماءات.

وبعد أشهر من المساومات، ظهر تجمعان رئيسيان يضمان غلاة المحافظين، وتحالف محافظ واحد. ويحضى بعض المرشحين بدعم أكثر من تجمع سياسي.

- تحالف قوى الثورة الإسلامية: أكبر تجمع لغلاة المحافظين ويضم أفرادا سابقين في الحرس الثوري الإيراني وميليشيا الباسيج، علاوة على شخصيات أخرى تدين بالولاء لخامنئي. ومن المتوقع أن يهيمن هذا التحالف على المجلس.

- الأصوليون: وهم من المحافظين الذين يصفون أنفسهم بأنهم سياسيون يتحركون وفقا للمبادئ بسبب ولائهم لقيم الثورة الإسلامية ولخامنئي. واختلافهم الأساسي عن غلاة المحافظين هو أنهم أقل عداء للغرب.

- جبهة ثبات الثورة الإسلامية: يُنظر إليه على أنه أقصى ما وصل إليه المعسكر الأصولي الإسلامي في إيران. وله صلات بأحد أكثر الشخصيات‭‭‭‭‭‭ ‬‬‬‬‬‬تشددا في المؤسسة الدينية الإيرانية وهو آية الله محمد تقي مصباح يزدي.

- حزب القائمين على البناء: مؤلف من تكنوقراط يدعمون قيم الثورة الإسلامية لكنهم ينشدون أيضا التغيير الاجتماعي والسياسي. وذهبت آمالهم في أن يكون لهم صوت مسموع في البرلمان أدراج الرياح خلال عملية التدقيق في طالبي الترشح، إذ مُنع المرشحون الرئيسيون عن الحزب من خوض الانتخابات. وشكل الحزب مع بعض الأحزاب المعتدلة الصغيرة قائمة تضم 30 مرشحا للتنافس على مقاعد العاصمة طهران.

وعلى الرغم من أن تلك التجمعات السياسية يمكن أن يكون لها دور أكبر في المدن، إلا أن العامل الحاسم بالنسبة للمرشحين في البلدات الأصغر والمناطق الإقليمية هو السمعة والقدرة على التواصل شخصيا مع الناخبين.

ولا يخصص النظام الإيراني سوى 5 مقاعد في البرلمان للأقليات الدينية، وهي الزرادشتية واليهود ومقعدان للمسيحيين الآشوريين، ومقعد  للمسيحيين الأرمن.

التصويت والنتائج

تفتح مراكز الاقتراع أبوابها الساعة 0430 بتوقيت غرينتش وتغلقها في 1430 بتوقيت غرينتش، ويمكن تمديد التصويت حتى الساعة 2030 بتوقيت غرينتش (منتصف الليل بالتوقيت المحلي).

وهناك نحو 58 مليونا يحق لهم التصويت من بين سكان البلاد البالغ عددهم 83 مليون نسمة. ومن شروط الأحقية في الانتخاب تخطي سن الثامنة عشرة.

يتم إحصاء وفرز جميع الأصوات يدويا وبالتالي قد لا تعلن النتائج النهائية قبل ثلاثة أيام لكن قد تظهر نتائج جزئية وأولية قبل ذلك.

الشرع وإسرائيل

مع أن الخريف يحمل أحيانا مسحة من الكآبة، كان بالإمكان ملاحظة ابتسامات خفيفة على وجوه الرجال الثلاثة في الصور المؤرخة في الثالث من يناير من العام ٢٠٠٠. 

تجمع الصور فاروق الشرع وزير الخارجية السوري آنذاك في عهد حافظ الأسد، ورئيس وزراء إسرائيل إيهود باراك، يتوسطهما الرئيس الأميركي بيل كلينتون. 

يسير الثلاثة على ما يبدو أنه جسر حديدي في غابة مليئة بالأشجار التي تتخلى للخريف عن آخر أوراقها اليابسة في ولاية ويست فرجينيا الأميركية. كان كلينتون يحاول أن يعبر بالطرفين من ضفة إلى أخرى، من الحرب المستمرة منذ عقود، إلى سلام أراده أن يكون "عادلاً وشاملاً".

كانت تلك الورقة الأخيرة المترنحة في شجرة مفاوضات طويلة ومتقطّعة بين إسرائيل وسوريا، استمرت طوال فترة التسعينيات في مناسبات مختلفة. لكن خريف العلاقات بين الطرفين كان قد حلّ، وسقطت الورقة، وتباطأت في سقوطها "الحر" حتى ارتطمت بالأرض. 

كان ذلك آخر لقاء علني مباشر بين مسؤولين سوريين ومسؤولين إسرائيليين على هذا المستوى. لم تفض المفاوضات إلى شيء، وتعرقلت أكثر فأكثر احتمالاتها في السنوات اللاحقة بعد وراثة بشار الأسد رئاسة سوريا عن أبيه الذي توفي في حزيران من العام ٢٠٠٠. 

وفشلت جميع المبادرات الأميركية والتركية بين الأعوام ٢٠٠٠ و٢٠١١ لإعادة الجانبين إلى طاولة المفاوضات المباشرة، مع حدوث بعض المحادثات غير المباشرة في إسطنبول في العام ٢٠٠٨، وكان بشار الأسد يجنح شيئاً فشيئا إلى الارتماء تماماً في الحضن الإيراني.

كان الربيع العربي في العام ٢٠١١ أقسى على بشار الأسد من خريف المفاوضات التي خاضها والده في خريف عمره. وإذا كان موت حافظ الأسد شكّل ضربة قاسمة لاحتمالات التسوية السورية- الإسرائيلية، فإن الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر من العام ٢٠٢٤، أعادت على ما يبدو عقارب الزمن ٢٤ عاماً إلى الوراء، لكن هذه المرة مع شرع آخر هو أحمد الشرع. 

ومع أن الرئيس السوري، المتحدر من هضبة الجولان، قد يبدو لوهلة أكثر تشدداً من الأسد، إلا أن الرجل يبدو أنه يخطو بخطوات سريعة نحو تسوية مع إسرائيل تكون استكمالاً لاتفاقيات أبراهام التي عقدتها إسرائيل برعاية أميركية مع دول خليجية.

الرئيس السوري قال بشكل صريح للنائب الجمهوري في الكونغرس الأميركي، مارلين ستوتزمان، إنه مستعد لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، شريطة الحفاظ على وحدة وسيادة سوريا. 

وقال ستوتزمان في مقابلة حصرية مع صحيفة "جيروزاليم بوست"، إن الشرع أعرب عن انفتاحه على الانضمام إلى اتفاقيات أبراهام، مما قد يعزز مكانة سوريا مع إسرائيل ودول الشرق الأوسط والولايات المتحدة، مشدداً على ضرورة وقف الغارات الإسرائيلية على الأراضي السورية ومعالجة قضايا مثل التوغل الإسرائيلي بالقرب من مرتفعات الجولان.

لم يتلق السوريون تصريحات الشرع بصدمة او استغراب. بل على العكس فإن تصريحات الشرع، كما يقول المحلل السياسي مصطفى المقداد، لم تكن مفاجئة للشارع السوري، "فهو منذ وصوله إلى الحكم قام بإرسال إشارات إلى أنه يرغب بأحسن العلاقات مع جميع جيران سوريا، وقد أبدى استعداده للتنازل عن أمور كثيرة، بهدف تأمين استقرار سوريا ووحدتها". 

وينقل مراسل موقع "الحرة" في دمشق حنا هوشان أجواءً عن أن السوريين بمعظمهم، يرغبون بالسلام وتعبوا من الحروب، ولن يمانعوا عودة المفاوضات تحت قيادة الشرع لسوريا.

المقداد رأى في حديث مع "الحرة" أن الجديد والمهم في تصريحات الشرع المنقولة عنه، أنها تصدر بعد تشكيل الحكومة السورية وفي وقت يرفع وزير خارجيته، أسعد الشيباني، علم سوريا في الأمم المتحدة. ويرى المقداد أن المشكلة لا تكمن في الجانب السوري ولا في شخص الشرع، بل "تكمن في الجانب المقابل الذي لا يبدي رغبة حقيقية في قبول هذه المبادرات".

والجمعة، قال الشيباني في الأمم المتحدة خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي إن "سوريا لن تشكل تهديدا لأي من دول المنطقة، بما فيها إسرائيل".

تصريحات الشرع قد يكون لها الأثر الأبرز في الأيام المقبلة على النقاشات بين دروز سوريا على الحدود مع هضبة الجولان، المنقسمين حول العلاقة مع إسرائيل وحول العلاقة بحكومة الشرع، مع ما يحمله ذلك من مخاوف يعبّر عنها رموز الطائفة، تارة من الاندماج مع حكومة الشرع، وطوراً بالانفصال والانضمام إلى إسرائيل. 

وتأتي تصريحات الشرع حول التطبيع لتفتح الباب لخيار ثالث درزي، قد يبدد المخاوف، لكن ليس هناك ما يضمن ألا يعزّزها.

بين ديسمبر من العام ٢٠٠٠، وأبريل من العام ٢٠٢٥، يقع ربع قرن، توقفت فيه عجلة المفاوضات السورية الإسرائيلية المباشرة. وبين الشرعين -فاروق الشرع وأحمد الشرع- تحمل التطورات احتمالات إنعاش المفاوضات وعودتها إلى الطاولة مع تبدلات جذرية في الظروف وفي اللاعبين. فهل "تزهر" المفاوضات في ربيع العام ٢٠٢٥، بعد أن يبست ورقتها وتساقطت في خريف العام ٢٠٠٠؟