أكثر من 4000 وفاة بفيروس كورونا في إيران
أكثر من 4000 وفاة بفيروس كورونا في إيران

دعا الرئيس الإيراني حسن روحاني الأربعاء صندوق النقد الدولي إلى منح بلاده القرض العاجل بقيمة خمسة مليارات دولار الذي طلبته للتصدي لأزمة جائحة كورونا المستجد.

ولكن يبدو أن للطلب الإيراني للأموال وجها أخر كشف عنه مسؤولون أميركيون في تقرير نشرته صحيفة وال ستريت جورنال، إذ يسعى النظام لإيراني لاستغلال هذه الأموال في أغراضه الخاصة بدلا من استخدامها لمواجهة أزمة كورونا.

وقال مسؤولون رسميون في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم تسمهم الصحيفة، إن الحكومة الإيرانية لديها حسابات بمليارات الدولارات، وطهران تريد استغلال هذا القرض من أجل تحويل هذه الأموال إضافة لقرض صندوق النقد لمساعدة اقتصادها من جهة وتمويل نشاطاتها العسكرية في الشرق الأوسط بدلا من مواجهة فيروس كورونا الذي قتل أكثر من 4000 شخص في البلاد وفق الأرقام الرسمية.

وحتى الآن سجلت السلطات عن أكثر من 67 ألف حالة إصابة، رغم تشكيك العديد من الجهات بهذه الأرقام التي يتوقع أنها أضعاف هذا العدد.

وإيران كان لها تاريخ في التحايل وتحويل الأموال المخصصة للسلع الإنسانية إلى جيوبهم ووكلائهم الإرهابين في الشرق الأوسط.

صندوق النقد لم يبت في قرض إيران ولكنه قال إنه يجري مباحثات مع عشرات الحكومات من أجل طلبات تمويل عاجلة، وطهران واحدة منها، ولكن يجب تحديد أهلية كل منها للحصول على قرض طارئ.

وسعت إيران خلال الأسابيع الماضية إلى الطلب من عدة جهات دولية لحث الولايات المتحدة على تخفيف العقوبات الأميركية عليها من أجل مواجهة فيروس كورونا، الأمر الذي رفضته الإدارة الأميركية أكثر من مرة، وعرضوا تقديم المساعدة الإنسانية لهم، وهو ما رفضته طهران.

الولايات المتحدة تعد واحدة من أكبر المساهمين في صندوق النقد الدولي، ويمكنها أن تؤثر بقوة على مصير طلب القرض الطارئ حتى وأن تم جمع أغلبية من الدول الأعضاء للموافقة على القرض.

من جانبه قال مسؤول إيراني رفيع المستوى لم يفضل ذكر اسمه، إن طهران ترغب في حث الولايات المتحدة على عدم عرقلة طلب صندوق النقد الدولي، مشيرا إلى أن إيران يمكن أن تستخدم ملف تبادل السجناء كورقة ضغط لتمرير القرض.

وزارة الخارجية الأميركية كانت قد كشفت أن طهران لديها أموال كافية لمواجهة الوباء حيث يوجد مليارات الدولارات في صندوق التنمية الوطنية وصندوق الثروة السيادية والأموال التي يسيطر عليها المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي.

برايان هوك، الممثل الخاص لوزارة الخارجية الأميركية لشؤون إيران قال في تصريحات إعلامية إن على طهران إعادة توجيه أموال دعمها للعمليات العسكرية في سوريا والعراق إلى مكافحة فيروس كورونا المستجد.

وأعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في حديث مؤخرا أن إيران ستستخدم أي مساعدة اقتصادية لتطوير برنامج نووي عسكري ودعم الميليشيات في العراق والتي تتهمها واشنطن بشن عشرات الهجمات على المصالح الأميركية في هذا البلد.

وقال بومبيو في تصريحات صحفية "ترون كيف يعامل النظام شعبه خلال هذه الأزمة الكبيرة. ترون كيف يستمرون في إنفاق المال".

وساء وضع الاقتصاد الإيراني منذ إعادة فرض العقوبات الأميركية على طهران بعد انسحاب واشنطن الأحادي في 2018 من الاتفاق الدولي حول برنامج إيران النووي المبرم قبل ثلاث سنوات.

ولم تحصل إيران على مساعدة من صندوق النقد منذ حصولها على "قرض دعم" بين عامي 1960 و1962 أي قبل قيام  الثورة الإسلامية  في 1979، بحسب بيانات الصندوق.

تعهدت إيران بالرد على مقتل هنية على أراضيها والذي تتهم إسرائيل بالمسؤولية عنه.
تعهدت إيران بالرد على مقتل هنية على أراضيها والذي تتهم إسرائيل بالمسؤولية عنه.

ذكرت صحيفة "هآرتس" في تحليل لها أنه في مواجهة المصاعب الداخلية الكبيرة، أصبح القتال في غزة ولبنان عبئاً متزايداً على إيران، رغم تعهدها سابقًا بالرد على مقتل الزعيم السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، على أراضيها والذي تتهم إسرائيل بالمسؤولية عنه.

وترى أن إيران تخشى أن تأتي سياسة "معادلة الرد" التي ابتكرتها مع وكلائها ضد إسرائيل بنتائج عكسية، فتجرها إلى صراع إقليمي قد يؤدي إلى تفاقم التحديات الاقتصادية الشديدة التي تواجهها بالفعل ويعيق جهود الحكومة الجديدة في متابعة إعادة التأهيل الداخلي.

وأوضحت الصحيفة الإسرائيلية أن إيران قلقة وحذرة إزاء التطورات في الشرق الأوسط، وتسعى إلى انتهاج سياسة حذرة تهدف، على الأقل علناً، إلى تجنب حرب شاملة، والتي من المرجح أن تتركز حول لبنان.

وترى طهران أن "حلقة النار" التي خلقتها للدفاع عن نفسها قد تأتي بنتائج عكسية وتضر ليس فقط بلبنان، أهم أصولها الإقليمية، بل وأيضاً بنفسها.

وأوضحت "هآرتس" أنه في أول اجتماع بين المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، والحكومة التي شكلها الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، ذكر خامنئي أولويتين وطنيتين رئيسيتين هما، خفض التضخم وخفض الأسعار.

وشرح بزشكيان ما تعنيه هذه الأوامر عملياً في أول مقابلة إعلامية له، حيث قال إنه يأمل في تعزيز النمو الاقتصادي إلى ثمانية في المئة وخفض التضخم بنسبة 30 في المائة.

وأضاف أنه لتحقيق هذا الهدف، تحتاج إيران إلى استثمارات بقيمة 200 مليار دولار. وتابع أن نصف هذا المبلغ يمكن أن يأتي من المستثمرين ورجال الأعمال المحليين. لكن النصف الآخر، أي نحو 100 مليار دولار، لابد أن يأتي من الخارج. وبعبارة أخرى، من دون إنهاء العقوبات المفروضة على إيران، لن تتمكن من تحقيق هذا الهدف.

وعلى عكس كبار المسؤولين الإيرانيين الآخرين، بما في ذلك خامنئي نفسه، لا يخفي بيزيشكيان الضرر الهائل الذي ألحقته العقوبات وما زالت تلحقه بالاقتصاد الإيراني، أو حقيقة أن "اقتصاد المقاومة"، المصطلح الذي صاغه خامنئي لتبرير التقشف الشديد لمقاومة العقوبات، ينعكس سلباً على الحكومة، لأنه يضر بأفقر الإيرانيين. ولا تُحس نتائج هذه السياسة على المستوى الكلي فقط.

وذكرت الصحيفة أنه قبل وقت قصير من بدء العام الدراسي، أصدرت وزارة التعليم الإيرانية بيانات مقلقة تُظهر أن 167 ألف طالب في المدارس الابتدائية تركوا الدراسة. ويبدو أن العدد الحقيقي أعلى من ذلك بكثير.

ووفقًا للتقديرات التي أصدرها مركز أبحاث البرلمان الإيراني، ترك حوالي مليون طالب النظام المدرسي على كل مستوى في عام 2023.

وعلاوة على ذلك، قالت وزارة التعليم إن المدارس تعاني من نقص 176 ألف معلم. وتحاول الحكومة في اللحظة الأخيرة توظيف المعلمين المتقاعدين أو المعلمين المتدربين الذين لم يكملوا بعد شهاداتهم الدراسية.

وتظهر بيانات أخرى أصدرتها لجنة التعليم في البرلمان أن نحو 14 مليون طالب ينتمون إلى أسر تعاني من صعوبات في توفير احتياجاتهم الأساسية، وهذا يعني أن العديد منهم مجبرون على الذهاب إلى العمل بدلاً من الذهاب إلى المدرسة.

كما لم يكن لدى وزارة الصحة أي أخبار جيدة لتشاركها. فمنذ الثاني من أغسطس، أضربت الممرضات في أغلب المدن الإيرانية للمطالبة بأجور وظروف عمل أفضل. ويردن تعديل رواتبهن وفقاً للتضخم، الذي يتجاوز حالياً 40%. كما يطالبن بتعيين المزيد من الممرضات، ودفع أجور العمل الإضافي وتعويض نفقات السفر.

ووفقاً للمجلس الأعلى لنظام التمريض، يهاجر ما بين 150 و200 ممرضة من إيران كل شهر، ويقول نحو 20% من طلاب مدارس التمريض إنهم ينوون مغادرة البلاد.

وأشارت الصحيفة أن ما سبق ليس سوى مثالين رئيسيين لكيفية تأثير هذه الأزمة ليس فقط على نوعية حياة العمال الإيرانيين اليوم، بل وأيضاً على الجيل القادم.

وأوضحت الصحيفة أن الممرضات والمعلمين وغيرهم من المهنيين لا يهتمون بالقضايا السياسية الكبرى أو الخطط الانتقامية ضد إسرائيل لاغتيالها زعيم حماس السابق إسماعيل هنية، مشيرة إلى أن ما يحدث داخليا يهز صورة نظام خامنئي.

وترى أن بزشكيان، الذي انتُخِب بفضل أصوات الإصلاحيين، على دراية تامة بحقل الألغام السياسي هذا، إذ يسير عبره بحذر شديد، وفي الوقت الحالي، أكسبه هذا دعم خامنئي.

والضغط الداخلي ظهرت آثاره في تصريح خامنئي، في إشارة إلى الغرب عموماً وأميركا على وجه الخصوص، والذي قال فيه: "علينا أن نشك في العدو، ولكن لا يوجد عائق أمام إجراء مفاوضات معه"، على افتراض أن المفاوضات تخدم مصالح البلاد. وتم تفسير هذا التصريح على أنه ضوء أخضر لبيزيشكيان وحكومته لاتخاذ خطوات من شأنها أن تؤدي إلى تخفيف العقوبات أو حتى إزالتها بالكامل.

والواقع أن بيزيشكيان أرسل بالفعل خلال الفترة القصيرة منذ توليه منصبه تلميحات إلى أنه ينوي التفاوض مع الدول الغربية، وحتى مع الولايات المتحدة، بحسب الصحيفة.

وهذا الأمر يتطلب بطبيعة الحال أن تقدم إيران مخططاً جديداً لبرنامجها النووي يكون مقبولاً لدى الغرب عموماً، ولدول الموقعين على الاتفاق النووي الأصلي مع إيران (أميركا وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين) على وجه الخصوص.

وأوضحت الصحيفة أنه ربما يكون بيزيشكيان أكثر وضوحاً بشأن هذه القضية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي ستعقد في نيويورك في غضون أسبوعين.