تلعب المؤسسات الدينية دورا بارزا في دعاية إيران الخارجية
تلعب المؤسسات الدينية دورا بارزا في دعاية إيران الخارجية

سلط تقرير نشر على موقع "راديو فاردا" الضوء على الدور الخطير الذي تلعبه الدعاية الإيرانية في الخارج لتحقيق مصالح النظام الخاصة.

وأشار كاتب التقرير الدكتور سعيد قاسم نجاد كبير المتخصص في الاقتصاد الإيراني والأسواق المالية والعقوبات والتمويل غير المشروع، إلى أن هذه الدعاية ظهرت بوضوح خلال الأزمة الحالية لتفشي فيروس كورونا المستجد.

وأشار  إلى حملة يقوم بها النظام الإيراني من أجل رفع العقوبات بحجة التعامل مع الأزمة على الرغم من أنه رفض الحصول على مساعدات طبية من الولايات المتحدة ومن منظمات إنسانية مثل "أطباء بلا حدود"، للأن ما يهمه هو الحصول على الأموال.

وحذر الكاتب من محاولات إيرانية لتشكيل الرأي العام في أوروبا والولايات المتحدة، موضحا أنه في العقود الأربعة الأخيرة، استثمر هذا النظام بشكل كبير في بناء آلة دعائية في الداخل والخارج، مستهدفا بشكل خاص الدول الغربية، لاسيما الولايات المتحدة، وذلك عن طريق مؤسسات حكومية متعددة وأخرى "غير حكومية" يسيطر عليها.

وحدد الكاتب بالأسماء المؤسسات التي تتولى هذه المهمة، مشيرا إلى أن لكل واحدة مهمة خاصة، لكن بعضها يتقاطع أحيانا.

وأشار التقرير إلى أسماء هذه المؤسسات وميزانيات بعضها من عام 2019 إلى 2021، وهي وزارة الخارجية، وإذاعة جمهورية إيران الإسلامية، والأجهزة الإعلامية التابعة للحرس الثوري، ومنظمات دينية منها منظمة التنمية الإسلامية، وجامعة المصطفى العالمية، ومكتب الدعاية الإسلامية في معهد قم.

وتشير الأرقام إلى أن ميزانية منظمة التنمية الإسلامية لعام 2019/ 2020 بلغت حوالي 172 مليون دولار، ولعامي 2021/ 2020 بلغت 152 مليون دولار.

وبلغت الميزانية المخصصة لجامعة المصطفى لعامي 2019 /2020 حوالي 80 مليون دولار، وحوالي 79 مليون دولار للعامين التاليين.

أما مكتب الدعاية الإسلامية في معهد قم بلغت ميزانيته 39 مليون دولار لعامي 2019 /2020 وخصص المبلغ ذاته تقريبا للعامين التاليين.

وتشير الأرقام إلى زيادة حوالي 138 في المئة في ميزانية إذاعة جمهورية إيران الإسلامية، فقد زادت من 488 مليون دولار لعامي 2019 /2020 لتصل إلى حوالي مليار و163 مليون دولار لعامي 2021/ 2022.

الأمر ذاته ينطبق على قسم الإذاعة الأجنبية في إذاعة جمهورية إيران الإسلامية، الذي خصص له حوالي 75 مليون دولار في 2019/2020 لترتفع ميزانيته إلى 180 مليون دولار في العامين التاليين.

وخصصت إيران لـ"مشروع المغتربين" في وزارة الخارجية 30 مليون دولار في 2019/ 2020 و104 ملايين في 2020 /2021 بزيادة 240 في المئة.

وحذر الكاتب من الدور الذي تلعبه وزارة الخارجية وقسم الدبلوماسية العامة، ووزيرها محمود جواد ظريف الذي استطاع أن يصنع لنفسه سمعة "مضللة" وروج لنفسه باعتباره شخصية معتدلا.

وأوضح التقرير أن قسم الدبلوماسية العامة وقسم المغتربين في الوزارة يقومان بحملة "تضليل"، منوها إلى أن الأخير يعمل على التأثير على ملايين المغتربين الإيرانيين، الذين يقيم معظمهم في أوروبا الغربية وأميركا الشمالية، وفي إطار هذه الجهود أيضا يجتمع مسؤولو النظام بانتظام مع الإيرانيين في جميع أنحاء العالم وأسس عدد من هؤلاء الإيرانيين في الخارج منظمات بهدف تخفيف العقوبات والدعوة للمصالحة تجاه طهران.

وما يعكس أهمية الإيرانيين في الشتات، أن ميزانية 2020-2021 خصصت مبلغ 105 ملايين دولار لعمليات التأثير التي تستهدف الشتات، وهو ما يقرب من ثلاثة أضعاف تمويل العام السابق، ويأتي هذا التمويل على الرغم من الضغوط المالية الشديدة على النظام جراء العقوبات.

ومن خلال إذاعة جمهورية إيران الإسلامية، يعمل النظام على تشكيل الخطاب السياسي في الخارج مستخدما قنوات تلفزيونية موجهة باللغات الأجنبية الرئيسية مثل  (PressTV) الناطقة بالإنكليزية و (HispanTV) بالإسبانية.

وما يعكس أهمية هذه الإذاعة أن النظام خصص لها حوالي مليار دولار هذا العام، وستسمح الميزانية بتحويل 150 مليون يورو (حوالي 165 مليون دولار) لها من صندوق التنمية الوطني الإيراني. 

ولا تتضمن هذه الميزانية العائدات الضخمة للإعلانات التي تحققها بفضل احتكارها للبث، وهو مبلغ يقدر بمئات الملايين من الدولارات، بحسب الكاتب.

أما المؤسسات الدينية فهي تركز بشكل رئيسي على تدريب رجال الدين الشيعة، وإرسال البعثات إلى جميع أنحاء العالم، لنشر الدعاية الشيعية. وهدفهم هو إنشاء شبكة من الدعاة في كل بلد موالين لطهران، وهو جهد حقق نجاحا خاصا في أميركا اللاتينية. وحتى في الولايات المتحدة، هناك رجال دين متعاطفون مع طهران يسافرون كثيرا إلى إيران.

وقامت جامعة المصطفى بتدريب نحو 50 ألف طالب من 122 دولة حتى الآن، واللافت أن أحد المدرسين والمستشارين في الجامعة هو محسن رباني، الذي كان عميلا لسنوات في لدى الاستخبارات الإيرانية في أميركا اللاتينية وهو مطلوب لدوره في هجوم الإرهابي الذي وقع عام 1994 في الأرجنتين.

وركز التقرير على الدور الذي تلعبه وكالاتا "فارس" و"تسنيم" للأنباء التابعتان للحرس الثوري من خلال إعطاء المساحة للشخصيات المعادية لأميركا والمحتوى الذي تقدمه باللغة الإنكليزية، والمقابلات التي تجريها مع خبراء ومحللين غربيين يرددون دعاية طهران.

ويشير الكاتب إلى شخصيات إعلامية مرتبطة بالحرس الثوري مثل نادر طالب زاده الذي يجوب العالم لدعوة الضيوف إلى المؤتمرات في إيران بهدف توسيع شبكة نفوذ طهران. 

تعهدت إيران بالرد على مقتل هنية على أراضيها والذي تتهم إسرائيل بالمسؤولية عنه.
تعهدت إيران بالرد على مقتل هنية على أراضيها والذي تتهم إسرائيل بالمسؤولية عنه.

ذكرت صحيفة "هآرتس" في تحليل لها أنه في مواجهة المصاعب الداخلية الكبيرة، أصبح القتال في غزة ولبنان عبئاً متزايداً على إيران، رغم تعهدها سابقًا بالرد على مقتل الزعيم السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، على أراضيها والذي تتهم إسرائيل بالمسؤولية عنه.

وترى أن إيران تخشى أن تأتي سياسة "معادلة الرد" التي ابتكرتها مع وكلائها ضد إسرائيل بنتائج عكسية، فتجرها إلى صراع إقليمي قد يؤدي إلى تفاقم التحديات الاقتصادية الشديدة التي تواجهها بالفعل ويعيق جهود الحكومة الجديدة في متابعة إعادة التأهيل الداخلي.

وأوضحت الصحيفة الإسرائيلية أن إيران قلقة وحذرة إزاء التطورات في الشرق الأوسط، وتسعى إلى انتهاج سياسة حذرة تهدف، على الأقل علناً، إلى تجنب حرب شاملة، والتي من المرجح أن تتركز حول لبنان.

وترى طهران أن "حلقة النار" التي خلقتها للدفاع عن نفسها قد تأتي بنتائج عكسية وتضر ليس فقط بلبنان، أهم أصولها الإقليمية، بل وأيضاً بنفسها.

وأوضحت "هآرتس" أنه في أول اجتماع بين المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، والحكومة التي شكلها الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، ذكر خامنئي أولويتين وطنيتين رئيسيتين هما، خفض التضخم وخفض الأسعار.

وشرح بزشكيان ما تعنيه هذه الأوامر عملياً في أول مقابلة إعلامية له، حيث قال إنه يأمل في تعزيز النمو الاقتصادي إلى ثمانية في المئة وخفض التضخم بنسبة 30 في المائة.

وأضاف أنه لتحقيق هذا الهدف، تحتاج إيران إلى استثمارات بقيمة 200 مليار دولار. وتابع أن نصف هذا المبلغ يمكن أن يأتي من المستثمرين ورجال الأعمال المحليين. لكن النصف الآخر، أي نحو 100 مليار دولار، لابد أن يأتي من الخارج. وبعبارة أخرى، من دون إنهاء العقوبات المفروضة على إيران، لن تتمكن من تحقيق هذا الهدف.

وعلى عكس كبار المسؤولين الإيرانيين الآخرين، بما في ذلك خامنئي نفسه، لا يخفي بيزيشكيان الضرر الهائل الذي ألحقته العقوبات وما زالت تلحقه بالاقتصاد الإيراني، أو حقيقة أن "اقتصاد المقاومة"، المصطلح الذي صاغه خامنئي لتبرير التقشف الشديد لمقاومة العقوبات، ينعكس سلباً على الحكومة، لأنه يضر بأفقر الإيرانيين. ولا تُحس نتائج هذه السياسة على المستوى الكلي فقط.

وذكرت الصحيفة أنه قبل وقت قصير من بدء العام الدراسي، أصدرت وزارة التعليم الإيرانية بيانات مقلقة تُظهر أن 167 ألف طالب في المدارس الابتدائية تركوا الدراسة. ويبدو أن العدد الحقيقي أعلى من ذلك بكثير.

ووفقًا للتقديرات التي أصدرها مركز أبحاث البرلمان الإيراني، ترك حوالي مليون طالب النظام المدرسي على كل مستوى في عام 2023.

وعلاوة على ذلك، قالت وزارة التعليم إن المدارس تعاني من نقص 176 ألف معلم. وتحاول الحكومة في اللحظة الأخيرة توظيف المعلمين المتقاعدين أو المعلمين المتدربين الذين لم يكملوا بعد شهاداتهم الدراسية.

وتظهر بيانات أخرى أصدرتها لجنة التعليم في البرلمان أن نحو 14 مليون طالب ينتمون إلى أسر تعاني من صعوبات في توفير احتياجاتهم الأساسية، وهذا يعني أن العديد منهم مجبرون على الذهاب إلى العمل بدلاً من الذهاب إلى المدرسة.

كما لم يكن لدى وزارة الصحة أي أخبار جيدة لتشاركها. فمنذ الثاني من أغسطس، أضربت الممرضات في أغلب المدن الإيرانية للمطالبة بأجور وظروف عمل أفضل. ويردن تعديل رواتبهن وفقاً للتضخم، الذي يتجاوز حالياً 40%. كما يطالبن بتعيين المزيد من الممرضات، ودفع أجور العمل الإضافي وتعويض نفقات السفر.

ووفقاً للمجلس الأعلى لنظام التمريض، يهاجر ما بين 150 و200 ممرضة من إيران كل شهر، ويقول نحو 20% من طلاب مدارس التمريض إنهم ينوون مغادرة البلاد.

وأشارت الصحيفة أن ما سبق ليس سوى مثالين رئيسيين لكيفية تأثير هذه الأزمة ليس فقط على نوعية حياة العمال الإيرانيين اليوم، بل وأيضاً على الجيل القادم.

وأوضحت الصحيفة أن الممرضات والمعلمين وغيرهم من المهنيين لا يهتمون بالقضايا السياسية الكبرى أو الخطط الانتقامية ضد إسرائيل لاغتيالها زعيم حماس السابق إسماعيل هنية، مشيرة إلى أن ما يحدث داخليا يهز صورة نظام خامنئي.

وترى أن بزشكيان، الذي انتُخِب بفضل أصوات الإصلاحيين، على دراية تامة بحقل الألغام السياسي هذا، إذ يسير عبره بحذر شديد، وفي الوقت الحالي، أكسبه هذا دعم خامنئي.

والضغط الداخلي ظهرت آثاره في تصريح خامنئي، في إشارة إلى الغرب عموماً وأميركا على وجه الخصوص، والذي قال فيه: "علينا أن نشك في العدو، ولكن لا يوجد عائق أمام إجراء مفاوضات معه"، على افتراض أن المفاوضات تخدم مصالح البلاد. وتم تفسير هذا التصريح على أنه ضوء أخضر لبيزيشكيان وحكومته لاتخاذ خطوات من شأنها أن تؤدي إلى تخفيف العقوبات أو حتى إزالتها بالكامل.

والواقع أن بيزيشكيان أرسل بالفعل خلال الفترة القصيرة منذ توليه منصبه تلميحات إلى أنه ينوي التفاوض مع الدول الغربية، وحتى مع الولايات المتحدة، بحسب الصحيفة.

وهذا الأمر يتطلب بطبيعة الحال أن تقدم إيران مخططاً جديداً لبرنامجها النووي يكون مقبولاً لدى الغرب عموماً، ولدول الموقعين على الاتفاق النووي الأصلي مع إيران (أميركا وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين) على وجه الخصوص.

وأوضحت الصحيفة أنه ربما يكون بيزيشكيان أكثر وضوحاً بشأن هذه القضية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي ستعقد في نيويورك في غضون أسبوعين.