قامت إيران في السنوات الثلاث الماضية بتنفيذ العديد من عمليات الاعدام بحق قاصرين
قامت إيران في السنوات الثلاث الماضية بتنفيذ العديد من عمليات الاعدام بحق قاصرين

دانت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليه الأربعاء ثاني عملية إعدام قامت بها السلطات الإيرانية خلال أربعة أيام بحق قاصر اتهم بارتكاب جريمة قتل.

وأعلنت المفوضة في بيان أن "إعدام هذين القاصرين محظور تماما بموجب القانون الدولي".

وأضافت "رغم المساعي والمراسلات المتكررة التي وجهها مكتب المفوضة السامية للحكومة الإيرانية بشأن هذا الموضوع، إلا أن الإتهامات وإعدامات القاصرين لا تزال مستمرة" معتبرة "هذه الأفعال مؤسفة، ومستهجنة نظرا لعدم شرعيتها".

وأعدم شايان سعيد بور شنقا الثلاثاء في سجن سقّز، بمحافظة كردستان في إيران.

و اتهم بجريمة قتل ارتكبها في أغسطس 2015 عندما كان في سن الـ17، وحكم عليه بالإعدام في أكتوبر 2018 وثبتت المحكمة العليا الإيرانية هذا الحكم في فبراير 2019، في إجراء اعتبرته الأمم المتحدة مليئا بالمغالطات.

هرب سعيد بور و80 سجينا من سجن سقز في 27 مارس إثر احتجاجات على ظروف الاحتجاز في ظل وباء كورونا، وتم توقيفه مرة أخرى في أوائل أبريل.

من جهتها دانت منظمة العفو الدولية الإعدام الذي وصفته بأنه "وحشي" ووصفت سعيد بور بأنه "فتى كان له سجل طويل من الاضطرابات النفسية".

وأكدت المنظمة غير الحكومية أن هذه الممارسات "محظورة كليا" و"يجب أن تتوقف" مقدرة بتسعين على الأقل عدد القاصرين في إيران الذين ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام بحقهم.

وفي 18 إبريل، تم إعدام مجيد إسماعيل زادة في سجن اردبيل. وألقي القبض عليه في عام 2012 وأدين بجريمة قتل ارتكبها عندما كان دون 18 من العمر، بحسب الأمم المتحدة.

كما تأكدت وفاة شخص ثالث، دانيال زينولابديني، الذي حكم عليه بالإعدام على الرغم من أنه كان قاصرًا عندما ارتكب الجرم.

وذكرت الأمم المتحدة أنه قُتل بعد تعرضه للضرب على يد عناصر الأمن في سجن مياندواب، الذي نقل إليه مع سجناء آخرين شاركوا بالاحتجاجات في 28 مارس، بسبب ظروف احتجازهم وعدم قدرة السلطات على إطلاق سراحهم موقتا لمواجهة فيروس كورونا.

تعد إيران إلى حد كبير الدولة الأكثر تضررا من فيروس كورونا المستجد في الشرق الأوسط، حيث سجلت 5300 حالة وفاة و85 ألف إصابة. 

وجددت باشليه مطالبتها السلطات الإيرانية بإجراء تحقيق مستقل ونزيه على الفور في وفاة زينولابديني وتقديم المسؤولين إلى العدالة. 

وتابعت "انطلاقا من أن اثنان من المذنبين الأحداث الذين فقدوا حياتهم في الأسابيع الثلاثة الماضية، شاركا في الاحتجاجات بسبب مخاوف من انتشار الوباء في أماكن الاحتجاز، فإن ذلك يثير مخاوف جدية بشأن إمكان تسريع عملية إعدام سجناء آخرين محكوم عليهم بالإعدام ممن شاركوا في الاحتجاجات".

وأضافت "أكرر دعوتي السلطات الإيرانية إلى وقف جميع عمليات إعدام القاصرين فورا وتخفيف جميع أحكام الإعدام هذه".

وقامت إيران في السنوات الثلاث الماضية بتنفيذ العديد من عمليات الاعدام بحق قاصرين، بحسب منظمة العفو الدولية.

FILE PHOTO: Military personnel stand guard at Iran's Isfahan nuclear facility
جنود إيرانيون يحرسون محطة أسفهان النووية.

نشرت الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة قاذفات من طراز بي-2 على مقربة من إيران، في إشارة قوية للجمهورية الإسلامية بما قد يحدث لبرنامجها النووي إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق يحد من نشاطه.

وقاذفات بي-2 هي الطائرات الوحيدة القادرة على إسقاط أقوى القنابل الخارقة للتحصينات.

لكن خبراء عسكريين ونوويين يقولون إنه حتى مع وجود مثل هذه القوة النارية الهائلة، فإن أي عمل عسكري أميركي -إسرائيلي لن يؤدي على الأرجح إلا لتعطيل مؤقت لبرنامج يخشى الغرب أن يكون هدفه بالفعل إنتاج قنابل نووية ذات يوم، وهو ما تنفيه إيران.

والأسوأ من ذلك، أن يدفع أي هجوم إيران إلى طرد مفتشي الأمم المتحدة النوويين، والتحرك لجعل البرنامج المدفون جزئيا تحت الأرض مدفونا بالكامل، والإسراع نحو التحول إلى دولة مسلحة نوويا، مما يضمن ويُعجل في الوقت نفسه بتلك النتيجة المخيفة.

وقال جاستن برونك، وهو باحث بارز في مجال القوة الجوية والتكنولوجيا في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، وهو مركز بحثي دفاعي بريطاني "في نهاية المطاف، وباستثناء تغيير النظام أو الاحتلال، من الصعب جدا تصور كيف يمكن لضربات عسكرية أن تدمر مسار إيران نحو امتلاك سلاح نووي".

وأضاف برونك "سيكون الأمر في جوهره محاولة لإعادة فرض قدر من الردع العسكري، وإلحاق خسائر والعودة بزمن الاختراق إلى ما كنا عليه قبل بضع سنوات".

ويشير زمن الاختراق إلى المدة التي قد يستغرقها إنتاج مواد انشطارية بكميات كافية لإنتاج قنبلة نووية، ويتراوح هذا الزمن حاليا بين أيام أو أسابيع بالنسبة لإيران. لكن إنتاج قنبلة بالفعل، إذا قررت إيران ذلك، سيستغرق وقتا أطول.

وفرض الاتفاق النووي التاريخي لعام 2015 بين إيران والقوى الكبرى قيودا صارمة على أنشطة إيران النووية مما أطال زمن الاختراق إلى عام على الأقل. لكن الاتفاق انهار بعد انسحاب الولايات المتحدة منه في الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب عام 2018، وهو ما جعل إيران تتخلى كثيرا عن قيوده.

والآن يريد ترامب التفاوض على قيود نووية جديدة في محادثات بدأت في الأيام القليلة الماضية. وقال أيضا قبل أسبوعين "إذا لم يتوصلوا إلى اتفاق، فسيكون هناك قصف".

وأطلقت إسرائيل تهديدات مماثلة. وقال وزير الدفاع يسرائيل كاتس بعد توليه منصبه في نوفمبر إن "إيران معرضة أكثر من أي وقت مضى لقصف منشآتها النووية. لدينا الفرصة لتحقيق هدفنا الأهم وهو إنهاء التهديد الوجودي لدولة إسرائيل ومحوه".

عملية كبرى محفوفة بالمخاطر

يتوزع برنامج إيران النووي على العديد من المواقع، ومن المرجح أن يستهدف أي هجوم معظمها أو جميعها. وحتى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي الهيئة الرقابية النووية التابعة للأمم المتحدة، لا تعرف أين تحتفظ إيران ببعض المعدات الحيوية مثل قطع غيار أجهزة الطرد المركزي التي تُخصب اليورانيوم.

ويقول خبراء عسكريون إن إسرائيل قادرة على تدمير معظم هذه المواقع بنفسها، لكنها ستكون عملية محفوفة بالمخاطر تشمل هجمات متكررة، وستضطر إلى التعامل مع أنظمة مضادة للطائرات مقدمة من روسيا. وسبق أن نجحت إسرائيل في القيام بذلك عندما نفذت ضربات محدودة على إيران العام الماضي.

ويُعد تخصيب اليورانيوم جوهر البرنامج النووي الإيراني، وأكبر موقعين للتخصيب لديها هما منشأة تخصيب الوقود في نطنز الواقعة على عمق ثلاثة طوابق تقريبا تحت الأرض، لحمايتها على ما يبدو من القصف، ومنشأة فوردو المقامة في عمق أحد الجبال.

ولدى الولايات المتحدة مستوى جاهزية أعلى بكثير لضرب هذه الأهداف الصعبة باستخدام أقوى قنبلة خارقة للتحصينات لديها، وهي القنبلة الضخمة التي تزن 30 ألف رطل (14 ألف كيلوغرام)، والتي لا تستطيع إطلاقها حاليا إلا قاذفات بي-2 مثل تلك التي تم نقلها في الآونة الأخيرة إلى دييغو غارسيا في المحيط الهندي والتي لا تمتلكها إسرائيل.

وقال الجنرال المتقاعد في سلاح الجو الأميركي تشارلز والد، الذي يعمل حاليا في المعهد اليهودي للأمن القومي الأميركي، "إسرائيل لا تملك ما يكفي من القنابل عيار 5000 رطل" لتدمير فوردو ونطنز. ويدعم هذا المعهد جهود تعزيز علاقات دفاعية وثيقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل.

وكان الجنرال المتقاعد يشير إلى أكبر قنبلة خارقة للتحصينات في الترسانة الإسرائيلية. وقال إن مشاركة الولايات المتحدة ستجعل الهجوم أسرع وتزيد من احتمالات نجاحه لكنه توقع أن يستغرق الأمر أياما.

ماذا سيحدث في اليوم التالي؟

قال إريك بروير من مبادرة التهديد النووي، وهو محلل استخبارات أميركي سابق "ربما تسبب ضربة أميركية ضررا أكبر من ضربة إسرائيلية، ولكن في كلتا الحالتين، الأمر يتعلق بكسب الوقت، وهناك خطر حقيقي في أن تدفع (أي ضربة) إيران نحو القنبلة بدلا من إبعادها عنها".

وأضاف "يمكن للضربة أن تعرقل البرنامج وتؤخره، لكنها لا تستطيع تدميره".

ومن الممكن تدمير المواقع النووية، لكن خبرة إيران المتقدمة في تخصيب اليورانيوم لا يمكن تدميرها. وقال محللون ومسؤولون إن منعها من إعادة بناء المواقع سيكون مستمرا وصعبا للغاية.

وقالت كيلسي دافنبورت من رابطة الحد من انتشار الأسلحة "ماذا سيحدث في اليوم التالي؟ سترد إيران على الهجمات على برنامجها النووي بتحصين منشآتها وتوسيع برنامجها".

وبعد إلغاء رقابة إضافية من الوكالة الدولية للطاقة الذرية أقرت بموجب اتفاق 2015، يرى كثير من المحللين خطرا يتمثل في أن إيران، في حال تعرضها لهجوم، ستطرد مفتشي الوكالة الذين يعملون بمثابة عيون للعالم في مواقع مثل نطنز وفوردو.

وقال علي شمخاني، المسؤول الأمني الإيراني البارز والمستشار الحالي للزعيم الأعلى علي خامنئي، على موقع التواصل أكس الأسبوع الماضي "استمرار التهديدات الخارجية ووجود إيران في حالة ترقب هجوم عسكري قد يؤدي إلى إجراءات رادعة، بما في ذلك طرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ووقف التعاون".

وتلك الخطوة لم تتخذها دولة غير كوريا الشمالية التي أجرت بعد ذلك تجربتها النووية الأولى.

وقال جيمس أكتون من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي "إذا قصفتم إيران فمن شبه المؤكد، في اعتقادي، أن إيران ستطرد المفتشين الدوليين وتندفع نحو إنتاج قنبلة".