برايس أكد على عدم التزام إيران بتعهداتها
برايس أكد على عدم التزام إيران بتعهداتها

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، تعليقا على تصريحات وزير الاستخبارات الإيراني، محمود علوي، التي هدد فيها بالسعي لحيازة أسلحة نووية، إنه "لم يتضح لنا بعد أن علوي كان يتحدث نيابة عن أي شخص غير نفسه، ولكننا أخذنا علما بهذه التصريحات وهي مقلقة جدا".

وأضاف برايس، في تصريحات، الثلاثاء، أن "على إيران التزامات بموجب معاهدة حظر انتشار السلاح النووي، ومنها أنها لن تحصل أبدا أبدا أبدا على السلاح، وأعادت التأكيد على هذا الالتزام بموجب خطة العمل المشتركة الشاملة".

واستطرد، برايس،: "نحن نعرف أيضا أن إيران لا تلتزم بالخطة كما تعهدت، لذلك واصلنا إعادة تأكيد النقطة بأن على إيران أن تواصل التزامها الكامل بالتعهدات التي قطعتها في خطة العمل المشتركة ومن هناك نسلك مسار الدبلوماسية".

وكان علوي، قد قال في مقابلة تلفزيونية، الاثنين، إن "الضغط الغربي المستمر يمكن أن يدفع طهران إلى الدفاع عن النفس مثل قط محاصر والسعي لحيازة أسلحة نووية".

واعتبرت رويترز أن التصريحات هي "إشارة نادرة" إلى مدى اهتمام إيران بحيازة أسلحة نووية.

ورفض مسؤولون إيرانيون مرارا سعيهم لذلك، مستشهدين بفتوى صدرت في أوائل العقد الأول من القرن الحالي عن المرشد الأعلى للبلاد، علي خامنئي، تشير إلى حظر تطوير أو استخدام الأسلحة النووية.

أما علوي، فقال للتلفزيون الرسمي إن "المرشد الأعلى ذكر صراحة في فتواه أن الأسلحة النووية مخالفة للشريعة وأن الجمهورية الإسلامية تعتبرها محرمة ولا تلاحقها".

لكنه استطرد قائلا إن "القط قد يتصرف بشكل مختلف عما كان عليه عندما كان حرا. وإذا دفعت (الدول الغربية) إيران في هذا الاتجاه، فلن يكون خطأ إيران".

وتصر، طهران، على أن برنامجها النووي يهدف إلى توليد الطاقة ولأغراض سلمية أخرى، لكن وكالات الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية والوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة تعتقد غير ذلك.

ونقلت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، الثلاثاء، عن الرائد في الاستخبارات العسكرية للجيش الإسرائيلي، تامر حيمان، قوله إن إيران لم تتوقف عن الاستثمار في مشروعها النووي.

وقالت الصحيفة إن تقديرات الجيش الإسرائيلي تشير إلى أن إيران تحتاج نحو عامين لتصنيع قنبلة بمجرد أن تقرر القيام بذلك.

وتسعى إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، لاستعادة الاتفاق النووي الموقع مع إيران عام 2015، لكنه اشترط أن تلتزم إيران بتعهداتها فيها.

ناشطة من جماعة فيمن خلال احتجاج أمام السفارة الإيرانية في برلين - رويترز
ناشطة من جماعة فيمن خلال احتجاج أمام السفارة الإيرانية في برلين - رويترز

خوفا من الوقوع مجددا في براثن "الإرهاب الجنسي"، فرت الشابة بريتان من إيران، إلا أن الكوابيس أصرت على اللحاق بها إلى كردستان العراق، حيث تستيقظ كل صباح على مشاهد الانتهاكات الصارخة التي تعرضت لها في سجون النظام الإيراني.

"لا تمر ليلة إلا وأستيقظ فيها بسبب الكوابيس المرعبة، وهي تجسد مشاهد التعذيب والاغتصاب التي تعرضت لها على أيدي عناصر (الاطلاعات) الاستخبارات الإيرانية أثناء فترة اعتقالي لديهم"، تقول بريتان (اسم مستعار) لموقع "الحرة".

واعتقلت أجهزة الأمن بريتان، وهي شابة كردية إيرانية، أول مرة في سبتمبر 2022 أثناء مشاركتها في الاحتجاجات الشعبية الواسعة التي شهدتها إيران عقب وفاة الفتاة الكردية مهسا أميني.

أميني توفيت بعد تعرضها للضرب على يد شرطة الآداب الإيرانية، بحجة عدم الالتزام بالحجاب الذي يفرضه النظام على الإيرانيات منذ استيلائه على الحكم في إيران عام 1979.

واعتُقلت بريتان لساعات في ساحة الاحتجاج بمدينة مهاباد في كردستان إيران، شمال غرب البلاد، بعد سقوط لثامها أثناء مهاجمة عناصر الأمن المتظاهرين وإطلاق الرصاص الحي عليهم.

وبعد ذلك، نقلها عناصر الاستخبارات إلى داخل إحدى مركباتهم، حيث خضعت لتحقيق قبل أن يتم إطلاق سراحها.

لكن بعد مرور عام على الاحتجاجات، اقتحمت قوة من الاطلاعات مكونة من 12 عنصرًا في سبتمبر 2023 منزل بريتان واعتقلوها.

ونُقلت بريتان إلى فرع اطلاعات بمدينة رضائية "أرومية"، حيث احتُجزت في سجن الفرع لأسابيع دون إبلاغ والدتها أو أي فرد من عائلتها بمكان الاعتقال، ومُنعت من توكيل محامٍ للدفاع أو إجراء أي اتصالات.

وتضيف بريتان، البالغة من العمر 27 عامًا: "خلال فترة اعتقالي في فرع الاطلاعات، تعرضت إلى كافة صنوف التعذيب من الضرب والصعق بالكهرباء والخنق والإغراق...".

ولم يكتفِ السجانون بذلك، بل تعرضت بريتان أيضًا للاغتصاب بشكل مستمر خلال كل وجبة تعذيب، فـ"ما واجهته من اغتصاب واعتداءات جنسية من قبل عناصر الاطلاعات الإيرانية كان بشعًا للغاية، لا تستطيع ذاكرتي محو تلك المشاهد"، تقول الشابة.

وفي ديسمبر 2023، أصدرت "منظمة العفو الدولية" تقريرًا أكدت فيه أن الأجهزة الأمنية الإيرانية "استخدمت الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي لترهيب المتظاهرين السلميين ومعاقبتهم إبان انتفاضة (المرأة – الحياة – الحرية) التي اندلعت عام 2022".

ووثقت هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية و"بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في إيران" استخدام السلطات الإيرانية العنف القمعي الشديد في مناطق الأقليات العرقية.

بعد عدة أسابيع من الاعتقال في فرع الاطلاعات، نُقلت بريتان إلى سجن نساء رضائية. وبعد محاولات عائلتها ودفع أموال طائلة، أطلقت المحكمة الخاصة بالاطلاعات سراحها مقابل كفالة مالية بمبلغ 15 مليار تومان لحين محاكمتها.

وتمكنت عائلتها فيما بعد، وعقب محاولات عديدة، من خفض قيمة الكفالة إلى 5 مليارات تومان، لكن مأساة بريتان لم تتوقف.

وتقول بريتان: "خلال فترة إطلاق سراحي المؤقت، اعتقلني عناصر الاطلاعات ثلاث مرات بحجة التحقيق معي، وخلال كل فترة اعتقال من هذه الفترات تعرضت لكافة أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، وكسروا إحدى ساقي وإحدى يدي أثناء التعذيب...".

و"كانوا يعتدون عليّ جسديًا ويغتصبونني بشكل جماعي عدة مرات مع كل وجبة تحقيق"، تضيف الشابة الكردية الإيرانية.

لم يتوقف عناصر الاطلاعات عند اغتصاب بريتان وتعذيبها الشديد، بل كانوا يهددونها بافتعال تهمة لوالدتها واعتقالها هي الأخرى.

وقالت: "حاولوا معرفة إلى أي حزب من الأحزاب الكردية أنتمي، من أجل محاكمتي بتهمة (الإفساد في الأرض) وعقوبتها الإعدام".

وبعد كل وجبة تحقيق وتعذيب، كانت تُحتجز بريتان بشكل انفرادي لمدة أسبوع وتُمنع من مواجهة محاميها.

فـ"بعد كل تحقيق، يحتجزونني في غرفة بشكل انفرادي وأنا منهارة القوى والدماء تسيل من كل أجزاء جسدي، ويدخلون مجموعة من النساء التابعات للاطلاعات إلى داخل السجن على أنهن سجينات ويفتعلن شجارًا، ومن ثم يبرحاني ضربًا، كي يظهروا أنني تعرضت لإصابات بالغة إثر شجار في السجن وليس بالتعذيب".

استمرت فترة اعتقال بريتان أكثر من ثلاثة أشهر ونصف الشهر، وبعد الإفراج المؤقت عنها أبلغها المحامي بأن النظام سيعيد اعتقالها مجددًا وسيحاكمها بالسجن المؤبد وستُنقل إلى سجن "إيفين" سيئ السمعة.

لذلك قررت الهروب برفقة والدتها، واجتازتا الحدود الإيرانية العراقية مع أحد أقاربها عبر الطرق الجبلية الوعرة والمحفوفة بالخطر، ونجحتا في الوصول إلى كردستان العراق.

لم تكن بريتان الفتاة الوحيدة التي تعرضت للتعذيب والاغتصاب والعنف الجنسي داخل المعتقل، فجميع النساء المعتقلات معها في السجن تعرضن لما تعرضت له، لكنها لا تزال تتذكر إحدى الفتيات التي صادفتها عدة مرات في غرف الاعتقال، التي كانت تجمعهما بعد التعذيب.

لكنها لم تتمكن من التواصل معها إلا مرة واحدة وبسرعة، لأن الحراس كانوا يمنعون أي تواصل بين المعتقلات داخل السجن.

وتبين بريتان: "هذه الفتاة كانت قد اعتُقلت بنفس تهمتي وهي المشاركة في التظاهرات، لكنها في البداية نجحت في الهرب إلى كردستان العراق، وقبل اعتقالها كانت تعيش في محافظة السليمانية، حيث اعتقلتها الاطلاعات الإيرانية في السليمانية وأعادتها إلى المعتقل في إيران".

لم تتسنَّ لبريتان معرفة عنوان الفتاة وعائلتها للتواصل معهم عند خروجها من المعتقل، وكانت تلك آخر مرة ترى فيها تلك الفتاة.

وعلى الرغم من تواجدها في كردستان العراق، فإنها لا تزال تخشى من الحرس الثوري الإيراني والاطلاعات الإيرانية من كشف موقعها واعتقالها مجددًا وإعادتها إلى إيران، لذلك اختارت إخفاء هويتها.

وتقول: "أعيش في حالة من الخوف الدائم، أخاف من التعرض للاختطاف من قبل النظام الإيراني".

وتعرب بريتان عن تمنياتها بألا تذهب تضحياتها وتضحيات الشعوب في إيران سدى، مطالبة المجتمع الدولي بتوفير الحماية الكاملة للإيرانيين من النظام الحاكم في طهران.

فهذا النظام، وفق بريتان، لا يتوانى عن استخدام كافة الوسائل للبطش بمعارضيه وبكافة من يقف بوجه انتهاكاته لحقوق الإنسان واعتدائه على الشعوب في إيران.