التقرير أشار إلى استمرار مساعي إيران لامتلاك التكنولوجيا النووية
التقرير أشار إلى استمرار مساعي إيران لامتلاك التكنولوجيا النووية

استعرض تقرير للاستخبارات الاتحادية الألمانية المساعي الإيرانية الحثيثة للحصول على التكنولوجيا "بشكل غير مشروع" من أجل تطوير برنامجها النووي والصاروخي، واستهداف المعارضين الذي يعيشون في ألمانيا أو يزورون بلادهم، وزيادة أعداد مؤيدي حماس وحزب الله في البلاد.

واطلعت صحيفة جيروزاليم بوست على التقرير الصادر باللغة الألمانية والمكون من 420 صفحة وأصدره المكتب  الاتحادي لحماية الدستور (الاسم الرسمي لوكالة الاستخبارات الداخلية)، وقالت إنه يعرض بالتفصيل التهديدات الأمنية التي واجهتها الجمهورية الاتحادية، في عام 2020، بدءا من سعي إيران للحصول على تكنولوجيا غير مشروعة لبرنامج أسلحتها النووية إلى محاولاتها المتزايدة لتأمين مواد لبرنامجها الصاروخي.

ويقول إن "المؤشرات على محاولات (إيران) عقد صفقات شراء ذات صلة بالانتشار لبرنامجها النووي زادت في عام 2020".

ويعرّف مسؤولو الاستخبارات "أنشطة الانتشار" على أنها "انتشار أسلحة الدمار الشامل الذرية أو البيولوجية أو الكيميائية أو السلع والتقنيات المستخدمة في تصنيعها، وأنظمة حمل الأسلحة (مثل الصواريخ والطائرات بدون طيار)، والتكنولوجيا".

وسعى النظام الإيراني، الذي ورد ذكره 100 مرة في الوثيقة، إلى الحصول على التكنولوجيا من أجل برنامجه الصاروخي، بالنظر إلى أنه غير مشمول في الاتفاق النووي عام 2015 "لذلك، ظلت أنشطة الشراء الإيرانية في ألمانيا مرتفعة بشكل مستمر".

وقال التقرير الاتحادي الألماني إن توضيح جهود الانتشار الإيرانية المحتملة للبرنامج النووي المحلي وكذلك برنامج إطلاق الصواريخ الطموح والمعاقَب عليه دوليا "يمثل أولوية قصوى".

وقالت وكالة الاستخبارات إن النظام يسعى لتطوير "أحد أكبر برامج الصواريخ في الشرق الأوسط. إيران متهمة، من بين أمور أخرى، بتزويد تكنولوجيا الصواريخ والطائرات بدون طيار لمختلف الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية في منطقة الشرق الأوسط، في انتهاك لقرارات مجلس الأمن الحالية".

وأشار إلى إدانة رجل أعمال صيني وموظفه الألماني في محكمة بولاية بافاريا، في سبتمبر الماضي، لإرسالهما إلى إيران "آلات ذات صلة بالانتشار" يمكن استخدامها لأغراض عسكرية، وذلك بمشاركة شركات مشتريات إيرانية مع خداع السلطات المسؤولة عن مراقبة الصادرات، مضيفا "لا يمكن استبعاد الاستخدام الفعلي للآلات في تكنولوجيا إطلاق الصواريخ الإيرانية".

وكانت الصحيفة قد ذكرت من قبل أن تقارير الاستخبارات السويدية والهولندية والألمانية، على مدى الأشهر القليلة الماضية، خلصت إلى أن إيران سعت للحصول على تكنولوجيا نووية لصالح برنامجها في عام 2020.

أنصار حماس وحزب الله في ازدياد

وتشير الاستخبارات الألمانية إلى أن عدد أنصار وأعضاء حزب الله ارتفع في ألمانيا من 1050 في عام 2019 إلى 1250 في عام 2020، وارتفعت عدد أنصار حماس في البلاد من 380 في 2019 إلى 450 في 2020.

كانت الصحيفة قد ذكرت قبل نحو أسبوعين نقلا عن تقريروكالة الاستخبارات الداخلية لولاية ساكسونيا السفلى الألمانية أن عدد أعضاء وأنصار حزب الله في الولاية بلغ نحو 180 عضوا، بزيادة 20 عضوا من 160 في 2019.

وذكر أن أتباع حزب الله يحافظون "على التماسك التنظيمي والأيديولوجي، من بين أمور أخرى، في جمعيات المساجد المحلية، والتي يتم تمويلها بشكل أساسي من خلال التبرعات ".

وذكر تقرير استخباراتي آخر صدر، في أبريل الماضي، أن إيران لم تتوقف عن مساعيها لامتلاك سلاح دمار شامل خلال عام 2020، وتطرق أيضا لأنشطة إيران "التجسسية" في ألمانيا.

استهداف المعارضين

ويصف التقرير الأخير أجهزة الاستخبارات في إيران بأنها "أداة مركزية تحتفظ القيادة السياسية من خلالها بالسيطرة" ، ونتيجة لذلك، تركز هذه الأجهزة على المعارضة الإيرانية، وقد "ظل مستوى تهديد المعارضين الإيرانيين في ألمانيا وأوروبا مرتفعا في عام 2020".

وذكر التقرير أن وزارة الاستخبارات في إيران تستهدف الأشخاص الموجودين في إيران "لزيارات عمل أو عائلية"، وتفرض وزارة الداخلية ضغوطا على المعارضين باستهداف أفراد عائلاتهم في إيران لإجبارهم على التعاون مع الاستخبارات.

وتوقعت جيروزاليم بوست أن يكون للتقرير الآخير تأثير على المفاوضات الحالية في فيينا حول إعادة إحياء اتفاق عام 2015.

ومع بدء الجولة السادسة من المحادثات، السبت الماضي، لاتزال إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن غير متأكدة مما إذا كانت أقرب إلى اتفاق نهائي، بحسب تقرير سابق لواشنطن بوست.

A policeman is seen during a protest outside of the 'Grand Hotel Wien' during the closed-door nuclear talks with Iran in Vienna…
جولة سادسة واتفاق "بعيد المنال".. تفاؤل حذر مع استئناف المحادثات النووية الإيرانية
أحرزت إيران والولايات المتحدة تقدمًا في كل قضية تقريبًا قيد المناقشة في المحادثات غير المباشرة بينهما، على مدار الشهرين الماضيين، بشأن إحياء الاتفاق النووي الموقع عام 2015، لكن يبدو أن التوصل لاتفاق هو أمر بعيد المنال في وقت لم تُحل فيه الكثير من القضايا الصعبة،  وفقا لصحيفة واشنطن بوست.

وقالت الصحيفة إن إيران والولايات المتحدة أحرزتا تقدما في كل قضية تقريبا قيد المناقشة، على مدار الشهرين الماضيين، لكن يبدو أن التوصل لاتفاق هو أمر بعيد المنال في وقت لم تُحل فيه الكثير من القضايا الصعبة.

إيران تستنسخ الأسلحة الغربية. أرشيفية
إيران تستنسخ الأسلحة الغربية. أرشيفية

منذ سنوات ينشط الحرس الجمهوري الإيراني في محاولات لاستنساخ أسلحة غربية، والتي أخذت نوعا من الزخم بتعاونها مع روسيا، حيث تقوم موسكو بجمع الأسلحة والذخائر التي تعثر عليها في الأراضي الأوكرانية لتوفيرها لطهران.

الممارسة الإيرانية للهندسة العكسية لاستنساخ الأسلحة الغربية ليست بالجديدة، إذ أن طائراتها المسيرة شاهد ما هي إلا نسخ مقلدة عن طائرة سنتينل المسيرة الأميركية، وفي نسخ أخرى كانت تحاكى طائرة غلوبال هوك الأميركية أيضا، فهي تقوم بجمع كل الأسلحة أو ما تبقى منها والتي حصلت عليها ساحات المعارك خاصة في العراق وسوريا وحتى أفغانستان، على ما أكد خبراء لموقع "الحرة".

وولف كريستيان بايس، وهو باحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ومقره لندن قال إن "إيران تقوم بالهندسة العكسية لإعادة إنتاج الأسلحة الغربية، بشكل كامل، بما يشمل المكونات والمحركات والقطع".

وأوضح في حديث لموقع "الحرة" أن هذه الممارسة الإيرانية تشكل نوعا من "التحايل" على العقوبات الأميركية والدولية المتعلقة بعدم تسليح إيران.

ويشرح بايس وهو مقيم في برلين أن إيران تحاول "جعل القاعدة الصناعية العسكرية لديها أقل اعتمادا على الموردين الدوليين"، ولكنها حتى الآن تعتمد على "مكونات وقطع إلكترونية تحصل عليها من الصين، وحتى دول غربية، واليابان وتايوان".

ترسانة إيران العسكرية.. هل تعكس الأرقام الواقع؟
في ربيع عام 2024 قتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وسبعة آخرون من بينهم وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان بعد سقوط مروحية كانت تقلهم شمال شرقي البلاد. مصادر طهران الرسمية أرجعت الحادث لسوء الأحوال الجوية إلا أن خبراء عسكريين توقفوا عند طراز الطائرة ،"بل 212"، المروحية التي دخلت الخدمة في الجيش الأميركي قبل ما يقارب 60 عاما.

ويرى أن التحكم في تدفق هذه المكونات قد يشكل وسيلة فعالة "لردع الإنتاج الإيراني" العسكري، خاصة وأن نجاحاتها "اقتصرت على عدد معين من الأسلحة" التي تمكنت من الحصول على مكونات لإنتاجها.

المحلل الاستخباراتي البريطاني، مارتن كيلي قال إن إيران لديها "مزيجا من الخبرات الفنية" لإعادة هندسة الصواريخ الأميركية وإنتاج "نسخ محلية" عن الأسلحة الغربية.

ويشرح كيلي في رد على استفسارات "الحرة" أنه رغم عدم وجود واردات مباشرة للمكونات الغربية، إلا أنها تتحايل من أجل الحصول عليها، وحتى أنها تسعى لإنتاج مكونات محلية، وهذا يعني "أنها تدفع بالتقدم التكنولوجي في الصناعات الدفاعية الإيرانية".

وحذر من أن هذا "قد يمهد الطريق لتطوير أسلحة إيرانية أكثر تقدما" بما يخدم برامجها المختلفة.

أبرز الأسلحة الإيرانية المستنسخة

ترسانة طهران العسكرية تعتمد على مخزونها من أيام الشاه. أرشيفية

ويعرض الباحث بايس أن من أبرز الأسلحة التي تم استنساخها كانت بندقية القنص شتاير النمساوية، والتي تم تصدير كمية صغيرة منها إلى إيران، ومن ثم إعادة إنتاجها بكميات على أنها بندقية قنص إيرانية تحت مسمى "أيه أم-50"، والتي تستخدمها إيران ووكلاؤها في المنطقة.

وطورت حركة حماس - المصنة بقائمة الإرهاب الأميركية - بعد ذلك بندقية على نموذج البندقية الإيرانية المستنسخة وأطلقت عليها اسم "الغول".

وأشار إلى أن هناك مؤشرات بأن "صاروخ سديد 365" الموجه والمضاد للدبابات الذي أعلنت طهران عن إجراء اختبارات له في 2023، ما هو إلا نسخة عن صاروخ "غافلين" الأميركي والذي استولت عليه روسيا من ساحات المعارك في أوكرانيا.

ومن أبرز الأمثلة أيضا بحسب بايس صاروخ طوفان الموجه والمضاد للدبابات، والذي ما هو إلا نسخة عن صاروخ (BGM-71 TOW) الأميركي.

وتابع أن إيران أيضا لديها صواريخ مستنسخة من أسلحة روسية أو صينية، مثل صاروخ "دهلافية" وهو مستنسخ من "كورنيت" الروسي، أو صاروخ "نور" المضاد للسفن المستنسخ من صاروخ صيني.

وأشار المحلل كيلي إلى أن منظومة الدفاع الجوي "مرصاد" ما هي إلا نسخة مقلدة عن "نظام صواريخ هوك الأميركية".

برنامج الطائرات الإيرانية المسيرة

طائرات مسيرة إيرانية من طراز شاهد 191

ويؤكد بايس أن العديد من الأمثلة الأخرى المرتبطة بالأسلحة الإيرانية المستنسخة عن الغربية، إذ أن برنامج الطائرات الإيرانية المسيرة قائم على طائرات أميركية مسيرة تم العثور عليها في أفغانستان.

المحلل الأمني المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في واشنطن، محمد الباشا قال إن قدرات إيران في "الهندسة العكسية تمتد إلى ما هو أبعد من الأسلحة الخفيفة، فهي تشمل مجموعة واسعة من التقنيات العسكرية من الطائرات المسيرة والصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي والمركبات المدرعة".

واستعرض في رد على استفسارات موقع "الحرة" أن أبرز ما أنتجته إيران كانت الطائرات المسيرة "شاهد-171" و"صاعقة"، ما هي إلا نسخ عن الطائرة الأميركية المسيرة (RQ-170 Sentinel) والتي سقطت داخل الأراضي الإيرانية، والطائرة "ياسر" التي تحاكى (ScanEagle) الأميركية والتي سقطت سابقا في مناطق تنشط بها ميليشيات مدعومة من طهران في العراق وسوريا.

طائرة مسيرة إيرانية من طراز شاهد-136

الدبلوماسي والمسؤول السابق في وزارة الدفاع الأميركية، آدم كليمينتس قال بدوره إن "إيران لا تختلف عن الجهات الفاعلة التي تحاول تطويع الهندسة العكسية، لاستنساخ وتقليد التكنولوجيا الأميركية والغربية، والاستفادة منها في برنامجها للطائرات المسيرة، والتي كانت تعتمد على الصين في إنتاجها".

وزاد في حديث لموقع "الحرة" أن إيران تعتمد على "مصادر استخباراتية لفهم واستغلال تكنولوجيا الطائرات المسيرة الغربية، خاصة مع التطور الذي شهدته هذه الصناعة بشكل عام خلال السنوات الأخيرة الماضية".

وذكر كليمينتس أن الصراع في أوكرانيا منح الطائرات المسيرة زخما كبيرا، وأدخل الحرب في مستويات جديدة، ولهذا تقوم طهران ووكلاؤها بمحاولة اكتساب خبرات في ممارسة "تكتيكات" استخدام هذه الطائرات في المعارك في سوريا والعراق ولبنان واليمن.

وحذر كليمينتس من التهديدات الإضافية بسبب تصدير إيران لخبراتها في صناعة الطائرات المسيرة إلى روسيا، والتي قد تعطي لطهران دفعة بزيادة الإنتاج، ما يزيد من تعقيد المشهد والتهديدات لما يحدث في الشرق الأوسط.

كيف تحصل إيران على الأسلحة؟

شركات صينية تساهم في إنتاج الطائرات المسيرة الإيرانية. أرشيفية

ويلفت كيلي وهو كبير المحللين لشؤون الشرق الأوسط في شركة استشارات المخاطر "إي أَو إس ريسك غروب" البريطانية إلى وجود ثلاثة مسارات للحصول على الأسلحة الغربية: من خلال وضع يدها على حطام بعض الأسلحة، نقل حطام الأسلحة لها من قبل وكلائها أو دول أخرى تتعاون معها، أو من خلال شرائها من السوق السوداء.

ويؤكد بايس وهو باحث متخصص في الصراعات المسلحة ونزع السلاح والسيطرة على التسلح، أن طهران تحصل على الأسلحة الغربية عبر مسارين، الأول من خلال مسارات تجارية بحصولها على الأسلحة بطريقة غير شرعية، والثاني، من خلال ساحات المعارك.

وزاد أن فريقا متخصصا من المهندسين الإيرانيين يقومون بعد ذلك بإجراء ما يعرف بـ "الهندسة العكسية"، من خلال تفكيك النظام أو السلاح ومحاولة فهم آلية عملها لاستنساخها.

وينوه بايس إلى أن روسيا والصين تحاولان أيضا إجراء هذا الأمر على أنظمة أسلحة غربية، بينما تقوم إيران بمحاولات استنساخ للأسلحة الغربية أو تلك التي تحصل عليها من روسيا أو الصين، في محاولة لتعويض التكنولوجيا التي تفتقدها.

ويوضح الباشا وهو مؤسس مجموعة "الباشا ريبورت" الاستشارية ومقرها واشنطن أنه بالإضافة لهذه الطرق التي تتبعها إيران لوضع يديها على الأسلحة الغربية بمساعدة روسيا أو شركاء آخرين، فهي تستغل ما كانت تمتلكه إيران قبل قدوم النظام الحالي.

إذا أنها أعلنت عن تطوير طائرة مقاتلة "كوثر" ومروحيات "طوفان"، وما هي إلا طائرات "أف-15" و"أف-14" ومروحيات "هيوي" و"كوبرا" الأميركية التي كانت تمتلكها منذ زمن الشاه.

وكانت إيران قد أعلنت عن مقاتلة كوثر في 2018، وزعمت أن الطائرة مزودة بـ"إلكترونيات طيران متطورة" ورادار متعدد الاستخدامات "محلية الصنع مئة في المئة".

وتخوف المحلل كيلي من أن استمرار جهود "الهندسة العكسية" في الصناعات الإيرانية، قد يعني تعزيز "قدرات الردع الإيراني في المنطقة".