جولة جديدة من المفاوضات النووية ستعقد الأسبوع القادم في فيينا
الرئيس بايدن مصر على عدم رفع الحرس الثوري من لائحة المنظمات الإرهابية

لا تزال مسألة العودة المتبادلة للالتزام بالاتفاق النووي من جانب الولايات المتحدة وإيران متوقفة على طلب إيراني: إزالة الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية.

وتخطط إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، لرفض الطلب الإيراني بأن ترفع الولايات المتحدة تصنيفها للحرس الثوري كمنظمة إرهابية كشرط لتجديد الاتفاق النووي لعام 2015، مما يعرض إتمام الصفقة للخطر، حسبما قال الكاتب ديفيد أغناتيوس، في عموده بصحيفة "واشنطن بوست".

وقال الكاتب إن مسؤولا رفيع المستوى في إدارة بايدن أخبره بأن الرئيس لا ينوي التنازل عن التصنيف الإرهابي للحرس الثوري على الرغم من أن ذلك سيؤدي بالتأكيد لإحياء صفقة 2015.

يعتقد أغناتيوس أن إزالة التصنيف والعقوبات ذات الصلة الأخرى من شأنه أن يزيد من توتر العلاقات مع السعوديين والإماراتيين، الذين تذمروا من عدم ثقتهم في الموقف الأميركي، حسب قوله.

ويذهب أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمارات، عبدالخالق عبدالله، في الاتجاه ذاته بقوله إن "دول الخليج من بين أكثر الدول استياء" حال تم رفع الحرس الثوري عن قائمة الإرهاب؛ وذلك لأن "هذا يدل على عدم مصداقية الولايات المتحدة وعدم إيفائها بوعودها والتزاماتها".

وقال عبدالله لموقع قناة "الحرة" إن خطوة رفع الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية "ستضر كثيرا بسمعة وصورة الولايات المتحدة وتضر أيضا على المدى البعيد بالعلاقات مع دول المنطقة وفي مقدمتها دول الخليج العربي".

وأدرجت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب الحرس الثوري الإيراني على هذه القائمة السوداء عام 2019 بعد زهاء عام من قراره الانسحاب الأحادي من الاتفاق النووي المبرم بين إيران والقوى الكبرى في 2015. 

وأبدى بايدن الذي خلف ترامب في منصب الرئيس، رغبته في العودة إلى الاتفاق النووي، بشرط عودة طهران للامتثال لكامل التزاماتها التي تراجعت عنها في أعقاب انسحاب واشنطن.

ومنذ أبريل من عام 2021، تخوض الولايات المتحدة وإيران مفاوضات غير مباشرة في فيينا لإحياء الاتفاق النووي المبرم خلال عهد الرئيس الأسبق، باراك أوباما، لكن الاتحاد الأوروبي أعلن عن توقف المفاوضات خلال الشهر الماضي.

"بند لا يمكن المساومة عليه"

كان رئيس هيئة الأركان المشتركة بالجيش الأميركي، الجنرال مارك ميلي، قال إنه يعارض شطب فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، من قائمة الإرهاب الأميركية، وهو أحد شروط طهران للعودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015.

وقال ميلي أمام الكونغرس، الخميٍس، "برأيي الشخصي، أعتقد أن فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، ولا أؤيد شطبه من قائمة المنظمات الإرهابية".

وفي مارس، أكد المبعوث الأميركي الخاص بإيران، روب مالي، أن الحرس الثوري سيبقى خاضعا للعقوبات الأميركية حتى لو شُطب عن اللائحة السوداء، وأن نظرة الولايات المتحدة للحرس لن تتغيّر.

يجادل مؤيدو إزالة الحرس الثوري الإيراني من القائمة بأن العقوبات الأخرى ضد الجماعة ستظل قائمة، حتى إذا تم سحب تصنيفها كمنظمة إرهابية أجنبية، وأنه ليس من المنطقي وصف منظمة "إرهابية" كبيرة لدرجة أنها تمس أجزاء كثيرة من النظام بما في ذلك الاقتصاد والحكومة. 

في المقابل، اقترح الأوروبيون حلا وسطا تتعهد فيه إيران بتهدئة التوترات الإقليمية والتوقف عن مهاجمة المصالح الأميركية، وفقا لأغناتيوس.

في هذا الإطار، يرى عبدالله أن هذا مطلب عدم إزالة الحرس الثوري من لائحة الإرهاب "ليس فقط أميركي وخليجي، بل مطلب عالمي. الحرس الثوري مسؤول عن تسليح وتمويل مليشيات طائفية تعبث باستقرار المنطقة بأسرها وخاصة الخليج. العالم كله يقف مع الإبقاء على هذه المؤسسة في قائمة الإرهاب".

ويشير أغناتيوس إلى أن الرئيس ينظر إلى مسألة الحرس الثوري الإيراني على أنها منفصلة عن المحادثات النووية، على الرغم من إصرار إيران على أن هناك صلة بينهما. 

ويصر بايدن والمسؤولون الأميركيون الآخرون على اعتقادهم أن أنشطة الحرس الثوري الإيراني من خلال شبكة الوكلاء، تؤثر بشكل مباشر على سلامة الأفراد الأميركيين وشركائها في المنطقة.

في وقت سابق هذا الأسبوع، ورد على سؤال خلال مقابلة مع شبكة "إن بي سي" الإخبارية عما إذا كان الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، أجاب وزير الخارجية الأميركي، أنتونتي بلينكن، "هم كذلك".

وقال بلينكن: "لست متفائلا بشكل مفرط بشأن احتمالات إنهاء الاتفاق (النووي)"، على الرغم من أنه لم يخوض في تفاصيل المفاوضات.

يعلق عبدالله قائلا إن الاتفاق النووي تقني بحت، لكن له أبعاد استراتيجية وسياسية، موضحا أن المطالبات على إيران بوقف "أنشطتها التخريبية في المنطقة والتعهد بوقف تسليح المليشيات الإرهابية، ما يعني أنها تغير دستورها الذي ينص على تصدير الثورة".

ويقول أغناتيوس إن "قضية الحرس الثوري الإيراني لا يمكن أن تكون مجرد ورقة مساومة. إذا كانت إيران جادة في كبح أعمال العنف والترهيب التي يعمل عليها الحرس الثوري الإيراني في جميع أنحاء المنطقة، فعليها أن تقول ذلك بوضوح وبشكل قاطع - وليس بصفتها صفقة جانبية لاتفاق نووي".

في هذا الصدد، يعتقد عبدالله أن إيران بحاجة ماسة إلى الاتفاق النووي الذي يوفر لاقتصاد البلاد المتعثر بالفعل شريان حياة جديد.

وقال: "في تقديري أن إيران بالفعل ترغب في إتمام هذا الاتفاق بسبب الأوضاع المالية والاقتصادية والمعيشية الصعبة. وقد يكون من صالحها استثمار اندفاع بايدن للحصول على تنازلات أخرى في مقابل السير في الاتفاق عدا رفع الحرس الثوري من قائمة الإرهاب".

وتابع: "هذا البند لا يمكن المساومة عليه وعلى إيران في نهاية المطاف استثمار هذه النافذة البسيطة المتاحة لها. وهي قد تفعل ذلك"، في إشارة إلى أن طهران قد توافق على العودة للاتفاق دون أن يتم رفع الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية.

مهرجان الربيع لاحتفالات النوروز في منطقة ديار بكر ذات الأغلبية الكردية
مهرجان الربيع لاحتفالات النوروز في منطقة ديار بكر ذات الأغلبية الكردية

صعّدت السلطات الإيرانية من إجراءاتها الأمنية لمنع احتفالات عيد النوروز في المدن ذات الغالبية الكردية.

وانتشرت قوات عسكرية إيرانية مدججة بالسلاح وأقيمت نقاط تفتيش في عدة مناطق، بالتزامن مع حملة اعتقالات استهدفت مواطنين أكراد شاركوا في الاحتفالات.

انتشار أمني مكثف لمنع التجمعات

ووفقًا لمنظمة "هنكاو" لحقوق الإنسان، ومقرها النرويج، فقد تم نشر قوات أمنية وعسكرية بأسلحة شبه ثقيلة في مدن وقرى كردية مثل كرمانشاه، أشنويه، سقز، وبوكان، لمنع المواطنين من التجمع وإقامة الاحتفالات التقليدية.

كما منعت قوات الحرس الثوري المواطنين من التوجه إلى المواقع المخصصة للاحتفال في بعض المدن، وأقامت حواجز تفتيش مشددة في قريتي كاني سورك وقلعتوك، حيث تم تفريق الحشود ومنع أي تجمعات احتفالية.

اعتقالات وأجواء أمنية مشددة

ضمن الحملة الأمنية، اعتقلت السلطات الإيرانية عددًا من المواطنين الأكراد، من بينهم سلمان باسانج من مدينة بيرانشهر، وهادي جامي وأبو بكر إيراندوست من مدينة شنو، حيث تم نقلهم إلى جهات مجهولة.

وأفاد تقرير منظمة "هنكاو" بأن جامي (48 عامًا) وإيراندوست (47 عامًا) اعتُقلا يوم الأحد بعد مداهمة مكان عملهما من قبل قوات الاطلاعات والحرس الثوري باستخدام العنف.

أما سلمان باسانج، فقد اعتقل مساء السبت في قريته شناوة ببيرانشهر، وسط مخاوف متزايدة بشأن مصيرهم.

وفي سياق متصل أفادت المنظمة الحقوقية بأن الأجهزة الأمنية الإيرانية اعتقلت أيضا الفنان الكردي الشاب فؤاد كشاورز من مدينة سقز، عقب مشاركته في احتفالات عيد النوروز بمدينة سهيو، والتي شهدت حضور أكثر من 30 ألف شخص.

وأكدت منظمة "هنغاو" أن اعتقاله تم بناءً على أوامر المدعي العام علي رضا رضا بور، بعد يوم من تقديمه مجموعة من الأغاني الملحمية خلال الاحتفال، حيث اقتادته السلطات إلى جهة غير معلومة.

محاولات قمع مستمرة

وعلى الرغم من الأجواء الأمنية المشددة، تمكن بعض المواطنين في مناطق متفرقة من إقامة احتفالات النوروز، متجاوزين القيود التي فرضتها السلطات.

ويأتي هذا التصعيد في إطار حملة أمنية مشددة تستهدف الاحتفالات الكردية بعيد النوروز، والذي تعتبره السلطات الإيرانية مناسبة ذات أبعاد سياسية وثقافية معارضة، في ظل استمرار التوترات بين الحكومة والمجتمع الكردي في إيران.