وفاة أميني أطلقت شرارة احتجاجات في أنحاء إيران شكلت أكبر تحد منذ سنوات لرجال الدين الذين يحكمون البلاد
وفاة أميني أطلقت شرارة احتجاجات في أنحاء إيران شكلت أكبر تحد منذ سنوات لرجال الدين الذين يحكمون البلاد

يرى خبراء غربيون وإيرانيون أن الاحتجاجات الواسعة التي وصلت لنحو 140 مدينة وقرية إيرانية، ربما تؤدي بالنهاية لسقوط نظام حكم رجال الدين الذي يسيطر على السلطة منذ عام 1979.

ويواصل المتظاهرون الإيرانيون مواجهة النظام الاستبدادي بهتافات "الموت للديكتاتور" وهو شعار يستهدف حكم القبضة الحديدية للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي، وفقا لشبكة "فوكس" الإخبارية الأميركية.

وتشير الشبكة إلى أن "السؤال الأكثر إلحاحا الذي يطرحه الخبراء في الوقت الحالي هو هل ستنهي هذه الاحتجاجات النظام المتشدد الذي يحكم البلاد؟"، مبينة أن الإيرانيين تمكنوا من قلب الطاولة على خامنئي من خلال دعواتهم لإسقاط النظام.

وتقول الخبيرة في الشؤون الإيرانية ورئيسة تحرير مؤسسة "ذي فورين ديسك" ليزا دفتري إن "الطريقة التي سيتم بها الإطاحة بهذا النظام ستكون عبر الشعب، وهي ذات الطريقة التي وصلوا بها إلى السلطة".

وتضيف دفتري أنه على الرغم من وحشية النظام في التعامل مع الاحتجاجات، إلا أننا نرى المتظاهرين متحمسين أكثر من أي وقت مضى".

وتشير دفتري إلى أن "الشعب الإيراني يوصل رسالة للعالم أنه قادر على تحمل عبء إسقاط النظام، لكنه بحاجة إلى المساعدة".

وترى الخبيرة في الشؤون الإيرانية أن الدعم يجب أن لا يقتصر على التصريحات، بل من خلال عمل الغرب، بقيادة الولايات المتحدة، على دعم مهمة إزالة النظام الإيراني عبر فرض عقوبات على القطاعات التي تتعامل بشكل مباشر مع النظام الإيراني".

وإضافة لذلك تشدد دفتري أن الغرب مطالب أيضا بالتخلي عن مفاوضات العودة للاتفاق النووي الذي سيمنح النظام الإيراني مليارات الدولارات".

وفي حين أن كبير الدبلوماسيين الإيرانيين، أمير عبد اللهيان يواصل التقليل من أهمية الاحتجاجات، ترى الزميلة في معهد ماكدونالد لوريير بكندا مريم معمار صادقي أن "المحتجين أظهروا أنهم قادرون على الخروج إلى الشوارع في جميع المدن الكبيرة والصغيرة في وقت واحد واحتلال معظم أجزاء المدن الكبيرة في وقت واحد أيضا".

وتضيف معمار صادقي أن "وحدة الشعب الإيراني غير مسبوقة منذ ثورة 1979، وكذلك غضبهم ضد النظام".

وتتابع أن العديد من شعوب العالم تمكنت من إسقاط أنظمة شمولية من خلال العصيان المدني الشامل، والشعب الإيراني قادر على فعل الشيء نفسه."

وحثت معمار صادقي "الديمقراطيات في العالم على التوقف عن إضفاء الشرعية على أولئك الذين يقمعون المتظاهرين الإيرانيين من خلال الاستمرار في التفاوض معهم".

وفرضت وزارة الخزانة الأميركية مؤخرا عقوبات على "شرطة الأخلاق" الإيرانية بسبب الإساءة والعنف ضد النساء وانتهاك حقوق المتظاهرين الإيرانيين السلميين.

ويقول الخبير في شؤون إيران في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات بهنام بن طالبلو إن "الغرب مطالب اليوم بتوفير الأموال ودعم التكتيكات اللازمة لتنشيط حركة المحتجين".

وتشمل هذه التكتيكات وفقا لبن طالبلو "إرسال وتأمين الأجهزة اللازمة في إيران لجعل الإنترنت عبر الأقمار الصناعية حقيقة واقعة، وكذلك ضمان قدرة المحتجين على التواصل فيما بينهم، لا سيما عبر الهواتف المحمولة، في حالة انقطاع الإنترنت".

ودعا بن طالبلو واشنطن أيضا "لتكثيف العقوبات ضد نخب النظام والمسؤولين على المستوى الوطني وكذلك القادة المحليين والمسؤولين السياسيين الذين يقمعون المتظاهرين أو يدعون لقتلهم".

ويختتم تقرير "فوكس" بالقول إن "السؤال المطروح حاليا من قبل العديد من الخبراء الإيرانيين لم يعد يتعلق بإمكانية انهيار النظام، بل متى سيتم ذلك".

وتقول معمار صادقي إن الديمقراطيات "يجب أن تستثمر الآن في التخطيط الاستراتيجي لليوم التالي لسقوط النظام".

وأطلقت وفاة مهسا أميني (22 عاما)، وهي من أكراد إيران، شرارة احتجاجات في أنحاء إيران شكلت أكبر تحد منذ سنوات لرجال الدين الذين يحكمون البلاد.

وخلعت نساء حجابهن في تحد للمؤسسة الدينية بينما دعت حشود غاضبة لإسقاط المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.

ووصفت الحكومة الاحتجاجات بأنها مؤامرة من أعداء إيران ومن بينهم الولايات المتحدة، واتهمت معارضين مسلحين وآخرين بارتكاب أعمال عنف أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 20 من أفراد قوات الأمن.

وتقول جماعات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان إن أكثر من 185 شخصا لقوا حتفهم وأصيب المئات واعتقل الآلاف في حملة قمع شنتها قوات الأمن على الاحتجاجات، التي دخلت أسبوعها الرابع.
 

يسود ترقب بشأن سياسة إدارة ترامب لتدبير ملف إيران النووي
يسود ترقب بشأن سياسة إدارة ترامب لتدبير ملف إيران النووي

يسير الوضع في الشرق الأوسط على نحو معاكس لمطامح النظام الإيراني، بعد تراجع قوة أذرعه في المنطقة، بينما يستعد الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، للعودة إلى البيت الأبيض.

ترامب، الذي انتهج سياسة صارمة ضد إيران خلال ولايته الأولى، سيجد نظامًا إيرانيًا يبحث عن البقاء فقط، ومعه مشروعه النووي.

في هذا الصدد، اقترحت منظمة "متحدون ضد إيران النووية" خطة على الرئيس الأميركي المنتخب للتعامل مع أزمة الملف النووي الإيراني.

ومنظمة "متحدون ضد إيران النووية" هي هيئة غير ربحية وغير حزبية تم تشكيلها لمكافحة تهديدات البرنامج النووي الإيراني.

المنظمة قالت إن الخطة تتضمن توصيات لإعادة تشكيل سياسة واشنطن تجاه طهران خلال أول 100 يوم من إدارة ترامب القادمة.

خطة "ضد إيران النووية" 

تعتمد خطة المنظمة على عدة إجراءات ومستويات للضغط على النظام الإيراني.

تشمل الإجراءات تعزيز الآليات الدولية لإعادة فرض العقوبات من خلال الأمم المتحدة، بالإضافة إلى مطالبة طهران بتقليص برنامجها النووي إلى حد وقف التخصيب (صفر تخصيب).

كما تدعوا إلى تشكيل تحالفات مع الدول الحليفة من أجل ممارسة ضغط سياسي واقتصادي على إيران.

يُذكر أن إيران وعدة دول أوروبية أعلنت أنها أجرت محادثات "صريحة وبناءة" الاثنين بشأن برنامج طهران النووي، وذلك قبل أسبوع فقط من تولي ترامب منصبه.

هذه الجولة الثانية من المحادثات هي الثانية من نوعها في أقل من شهرين، وجاءت بعد اجتماع سري عقد في جنيف في نوفمبر الماضي بين طهران والقوى الأوروبية الثلاث؛ بريطانيا، وفرنسا وألمانيا.

 

في المقابل، استبعد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، الثلاثاء، إجراء محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي، لكنه شدد على استعداد طهران لما وصفها بـ"المناقشات التي تتم بكل احترام".

خيار القوة

اعتمدت خطة "متحدون ضد إيران النووية" أربعة محاور تخص التحركات المحتملة للإدارة القادمة؛ الدبلوماسية، والمعلوماتية، والتحرك الاقتصادي ضد طهران، إضافة إلى العمل العسكري،

فمن بين الاقتراحات المقدمة تنفيذ عمليات عسكرية ضد المنشآت العسكرية الإيرانية في حال تم استهداف مواطنين أميركيين.

وبحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن إيران هي الدولة الوحيدة في العالم التي تخصب اليورانيوم بنسبة 60 في المئة من دون أن تمتلك سلاحا ذريا.

وببلوغها عتبة التخصيب عند مستوى 60 في المئة، تقترب إيران من نسبة 90 في المئة اللازمة لصنع سلاح نووي.

آلية تخصيب اليورانيوم

لذلك، ترى خطة منظمة "متحدون ضد إيران النووية" أن "الضغط الأقصى بمفرده" من غير المرجح أن يحقق تفكيكًا شاملاً للقدرات النووية الإيرانية، وقد يجبر واشنطن على التفكير في الحل العسكري.

فهل يمكن لإدارة ترامب أن تفعل خيار استعمال القوة العسكرية لكبح جماح إيران وطموحها النووي؟

تعليقًا على ذلك، قال الخبير في الشؤون الإيرانية، عبد الرحمن الحيدري، إن الحديث عن عمل عسكري أميركي مباشر ضد إيران "قد لا يكون واقعيًا"، حيث إن الرئيس ترامب كرر مرارًا أنه "ليس رجل حرب".

وخلال حديثه لموقع "الحرة"، شدد الحيدري على أن الخيار العسكري بالنسبة لواشنطن "يبقى واردًا"، لكن بالاستعانة بدول حليفة، وخص بالذكر إسرائيل.

عقاب وتحفيز

إلى جانب الخيار العسكري، أوصت الخطة باتخاذ إجراءات صارمة ضد ما وصفتها بـ"السفن الأشباح" الإيرانية التي تستخدمها طهران للتهرب من العقوبات، وتقديم حوافز للربابنة الذين يلتزمون بعدم نقل النفط الإيراني.

و"السفن الأشباح" هي بواخر تُستخدم عادة للتهرب من المراقبة والتفتيش في الممرات المائية الدولية. وتعتمد هذه السفن حيلا حتى لا يتم تعقبها مثل إيقاف تشغيل أنظمة التعرف الآلي (AIS) أو تغيير بياناتها.

ريتشارد وايتز، كبير زملاء مركز التحليل السياسي في معهد "هدسون"، من الداعمين لسياسة العقوبات الاقتصادية، إذ يقول إنها ساهمت في إضعاف اقتصاد إيران إلى درجة كبيرة.

وفي مقابلة مع موقع "الحرة"، يلفت وايتز النظر إلى أن بعض العقوبات التي تحد من المعاملات قد تمنع المجرمين من بيع المواد التي تستخدم في التخصيب لإيران، أو على الأقل تجعلهم يطلبون أرباحًا أعلى للقيام بذلك. 

"الحل الأمثل هو أن تأتي حكومة إيرانية جديدة وتتخلى عن الأسلحة النووية"، يردف المتحدث قبل أن يستدرك "لكن المشكلة تكمن في كيفية الوصول إلى هذه النقطة".

ووايتز بهذا الطرح لا يدعم خيار استعمال القوة العسكرية، إذ يرى أن برنامج إيران النووي أصبح واسع النطاق، وتم إخفاء جزء كبير منه أو أنه "محمي بشكل ما"، في إشارة إلى صعوبة استهدافه عسكريًا.

ويتابع قائلًا "الإجراءات العسكرية قد تؤدي إلى تدمير العديد من المنشآت وقتل الأشخاص المشاركين، لكن من الصعب القضاء على البرنامج بالكامل."

ويوضح محدودية نتائج هذا الخيار بالقول "ستظل المعرفة والخبرة موجودة، ويمكن لإيران ببساطة إعادة البناء والحصول على الموارد اللازمة".

أزمة إيران.. "الفرصة"

أيا كان الخيار المتاح لإجهاض حلم إيران النووي، سواء بالسلاح أو العقوبات، فإن وضع البلد الحالي موات لأي تحرك يوقف مسارها نحو امتلاك سلاح نووي.

وهنا يتفق الخبير في الشؤون الإيرانية، عبد الرحمن الحيدري مع التشخيص الذي قدمته منظمة "متحدون ضد إيران النووية" حول الوضع الداخلي في إيران، إذ يقول إن "الوضع الاقتصادي المتردي والتذمر الشعبي قد يعجلان بسقوط النظام.

"النظام في إيران فقد شرعيته"، يردف الحيدري خاصا بالذكر فترة ما بعد انتخاب مسعود بزشكيان رئيسًا، مضيفا "الكل يعرف في الداخل الإيراني أن الرئيس الحالي عين في منصبه"، في إشارة إلى أنه لم تكن هناك انتخابات نزيهة في البلد.

وكان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، قال الاثنين إن الانتكاسات الاقتصادية والجيوسياسية لإيران تعني أن "هذه قد تكون فرصة لحل التحدي النووي الذي تطرحه".

الحيدري يؤكد أيضًا أن بعض الدول العربية يمكنها أن تلعب دور الوسيط في حال ما انخرطت إيران في مفاوضات من أي نوع لتصفية ملفها النووي. 

ويعتقد المتحدث أن بإمكان العراق وحتى قطر أن تلعبا دور الوسيط بين واشنطن وطهران إذا ما جنحت الأخيرة لخيار المفاوضات بدلاً من المواجهة.

تجفيف المنابع

يُذكر أن خطة منظمة "متحدون ضد إيران النووية" تحدثت أيضًا عن وجوب تجفيف منابع إيران الخلفية التي تمكنها من الالتفاف على العقوبات.

وتصاعد التوتر حول البرنامج النووي الإيراني بشكل كبير في ظل رئاسة ترامب الذي انسحب بصورة أحادية الجانب من الاتفاق في 2018 وأعاد فرض عقوبات مشددة على إيران أضرت باقتصادها. 

ترامب يعلن الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران
مراسلة الحرة رنا أبتر تنقل عن مصادر في الكونغرس أن الرئيس دونالد ترامب سيعلن الثلاثاء الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، لكن دون أن يتضح أن الانسحاب سيكون جزئيا أو كليا.
ونقل مراسل الحرة هشام بورار عن مصدر مقرب من ترامب أن عملية إعادة فرض العقوبات على إيران ستستغرق 180 يوما.

وردا على ذلك، كثفت إيران نشاطاتها النووية وتخلت تدريجيا عن التزاماتها بموجب الاتفاق، لكن  الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أعرب منذ تولي مهامه في أغسطس الماضي عن رغبته في إجراء مفاوضات جديدة لإحياء الاتفاق، ساعيا إلى تخفيف العقوبات على بلاده لإنعاش اقتصادها.

ويلحظ الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران عام 2015 مع فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والصين وروسيا والولايات المتحدة ونص على فرض رقابة دولية على برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات الدولية المفروضة عليها، آلية تسمح بإعادة فرض العقوبات.

وتنتهي في أكتوبر 2025 مفاعيل القرار 2231 الذي يعنى بتطبيق اتفاق 2015، بعد عشر سنوات على دخول الاتفاق حيز التنفيذ.