أصبح رجل الدين السني، مولوي عبدالحميد، ملهما للمتظاهرين في جنوب شرق إيران التي تحولت فيها أيام الجمعة إلى رمز للغضب والمقاومة، بحسب تقرير لصحيفة "واشنطن بوست".
منذ أسابيع، يخرج المتظاهرون في الشوارع بعد صلاة الجمعة في زاهدان، عاصمة إقليم سيستان وبلوشستان، التي أصبحت جبهة محورية في الانتفاضة المناهضة للحكومة الإيرانية.
في مقطع فيديو نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي، يسير مئات الرجال معا في الشوارع وهم يهتفون "الموت لخامنئي" في إشارة إلى المرشد الأعلى، علي خامنئي.
ويُظهر مقطع فيديو من جزء مختلف من المدينة مجموعة من النساء يتظاهرن: "سواء بالحجاب أو بدونه، هيا إلى الثورة"، حيث هتفن في انسجام تام.
وقالت الصحيفة الأميركية إن هؤلاء المتظاهرين هم من أتباع مولوي عبدالحميد إسماعيل زاهي، المعروف على نطاق واسع في إيران باسم مولوي عبدالحميد، وهو أبرز رجل دين سني في بلد تحكمه حكومة دينية شيعية.
منذ منتصف سبتمبر، تهزّ إيران احتجاجات اندلعت إثر وفاة الشابة، مهسا أميني (22 عاما)، الكردية الأصل بعد توقيفها من شرطة الأخلاق التي اتهمتها بخرق قواعد اللباس الصارمة المفروضة على النساء في الجمهورية الإسلامية.
وأثارت دعوات عبدالحميد "الجريئة بشكل متزايد" للمساءلة والحوار السياسي المتظاهرين في زاهدان وعبر منطقة البلوش العرقية، التي تعد منذ فترة طويلة واحدة من أفقر مناطق البلاد.
في خطبته يوم الجمعة، ناشد عبدالحميد، الحكومة للسماح بمساحة للاحتجاجات السلمية قائلا: "اجلسوا مع خصومكم ومع المنتقدين".
وقال: "لا ينبغي أبدا أن يسد طريق النقد؛ لأن من يسد طريق النقد ... سيجلب الطغيان".
وتشهد مدينة زاهدان أعنف حملة قمع شنتها قوات الأمن الإيرانية منذ بدء المظاهرات على مستوى البلاد في منتصف سبتمبر.
في 30 سبتمبر، بعد أن ألقى مولوي عبدالحميد خطبته، تدفق المتظاهرون إلى الشوارع وهم يهتفون "الموت للديكتاتور"، وهي صرخة حاشدة بدأ يتردد صداها في جميع أنحاء البلاد منذ وفاة أميني.
لكن في ذلك اليوم المعروف باسم "الجمعة الدامية"، فتحت قوات الأمن النار على المتظاهرين، مما أسفر عن مقتل 66 شخصا على الأقل، وفقا لمنظمة العفو الدولية، فيما قالت جماعات حقوقية أخرى إن عدد القتلى أعلى بكثير.
يقول محللون ونشطاء إن حملة القمع الدامية كانت تهدف إلى إرسال رسالة إلى المحتجين ومعظمهم من عرقية البلوش، وإلى مولوي عبدالحميد نفسه.
لكن بدلا من التراجع، طالب رجل الدين السني على الفور بتقديم قوات الأمن المسؤولة عن عمليات القتل إلى العدالة وأن تستجيب السلطات لدعوات المتظاهرين للتغيير.
وأسبوعا بعد آخر، يستخدم عبدالحميد خطبة الجمعة بمسجد مكي في زهدان للضغط على الحكومة، على الرغم من أنه لم يذكر خامنئي بالاسم. وقال: "لم أكن أريد شيئا (من الحكومة)، ما أردته هو معاقبة من أطلقوا النار على الناس".
في الشهر الماضي، دعا مولوي عبدالحميد إلى إجراء استفتاء لتلبية مطالب المحتجين، وهو اقتراح لا يمكن تصوره من أي شخصية عامة أخرى.
قال مدير برنامج الدراسات الإيرانية بجامعة ستانفورد، عباس ميلاني، "يتمتع بمكانة تجعل من النظام لا يستطيع أن يمسه".
كان مولوي عبدالحميد شخصية صريحة في إيران لسنوات عديدة، ويُنظر إليه على أنه زعيم الأقلية البلوشية وكذلك المجتمع السني الأكبر، لكن تصريحاته منذ بدء الاحتجاجات تمثل تحديا غير مسبوق للحكومة التي لا تسمح بأي معارضة.
في الأسبوع الماضي، أصدرت مجموعة قراصنة تدعى "بلاك ريوارد" بيانا على قناتها عبر تلغرام، قالت فيه إنها اخترقت وكالة أنباء فارس المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني.
ومن بين المواد التي تم تسريبها رسالة سرية من خامنئي إلى قوات الأمن في البلاد ينصحهم بعدم اعتقال مولوي عبدالحميد. لكن يجب أن يُهان".
لم تستطع "واشنطن بوست" تأكيد صحة الرسالة بشكل مستقل، لكن الخبراء يقولون إنها تتفق مع الجهود السابقة التي بذلتها الحكومة لتقويض الشخصيات الإصلاحية.
فسر ميلاني الرسالة على أنها تعني "علينا فقط أن نشوه سمعته. بعبارة أخرى، أضعفه أولا في نظر الناس، ثم يمكننا اعتقاله أو قتله".