خامنئي يبلغ من العمر 83 عاما وكان خضع لجراحة سرطان البروستات في 2014
خامنئي يبلغ من العمر 83 عاما وكان خضع لجراحة سرطان البروستات في 2014

كشف موقع "الإنترسيبت" الأميركي أن إيران تواجه أزمة كبرى إلى جانب الاحتجاجات المستمرة منذ أكثر من شهرين، وتتمثل بعدم وجود خليفة واضح للمرشد الأعلى، علي خامنئي، الذي يعاني من المرض والتقدم في العمر.

وذكرت الموقع أن أزمة اختيار بديل لخامنئي، البالغ من العمر 83 عاما والذي خضع لجراحة سرطان البروستات في 2014، تهدد نظام حكم رجال الدين القائم في البلاد منذ عام 1979، وفقا لمعلومات نقلتها عن تقرير من "نيويورك تايمز".

وأضاف "الإنترسبت" أن الأزمة تغلي تحت السطح ونادرا ما يتم تناولها في وسائل الإعلام المحلية، مشيرة إلى أنها "يمكن أن تكون أخطر أزمة تواجه الجمهورية الإسلامية حتى الآن".

ولفت التقرير إلى أن أزمة الخلافة المرجحة في إيران شبيهة بالأزمات التي عادة ما تواجه الأنظمة الاستبدادية في العالم خلال السنوات والعقود الماضية.

رجحت الموقع أن تؤدي الأزمة إلى زيادة دور الحرس الثوري الإسلامي، أحد أقوى المؤسسات الأمنية في إيران، وربما القيام بدور مباشر في حكم البلاد.

وأشارت إلى أن التحدي يتمثل بالإضافة إلى اختيار الخليفة، هو أن من يخلف خامنئي سيكون من جيل لم يشارك في الثورة. 

وقال الباحث في معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة جورج واشنطن، سينا أزودي، لإنترسبت إن "لا أحد تقريبا يناقش موضوع خلافة خامنئي علنا داخل إيران، لكن السلطة بأكملها تستعد الآن لقضية الخلافة". 

وأضاف أزودي أن "التحدي يتمثل بالإضافة إلى اختيار الخليفة، هو أن من يخلف خامنئي سيكون من جيل لم يشارك في الثورة"، مبينا أنه "بمجرد أن يغادر خامنئي المشهد، ستزول إحدى العوائق الرئيسية أمام تحسين علاقات إيران مع الغرب".

تقول الصحيفة إن فترة حكم خامنئي، الذي أصبح المرشد الأعلى لإيران في عام 1989، تزيد عن فترة حكم سلفه روح الله الخميني زعيم الثورة ومؤسس الجمهورية الإسلامية، أربعة أضعاف.

ومن نواحٍ عديدة، فإن النظام القائم حاليا في إيران اليوم هو من صنعه الشخصي، وتعتمد إدارة مراكز القوى المتنافسة داخل إيران على دوره كسلطة نهائية، وفقا للصحيفة.

وتتابع أن خامنئي عمد إلى تهميش معظم منافسيه داخل المؤسسة الدينية وعزز نفسه كسلطة لا جدال عليها داخل النظام. 

وترى أن هذا الاحتكار للسلطة والنفوذ، الشائع في الديكتاتوريات، جعل موقعه بمأمن عن المنافسة، لكن في الوقت ذاته صعب من مهمة إيجاد الخليفة المناسب له بعد وفاته.

ومع ذلك يشير التقرير الصحيفة إلى وجود جهات داخل المؤسسة الأمنية الإيرانية قد تكون مستعدة للاستفادة من وفاة خامنئي. 

من أبرز هؤلاء الحرس الثوري الإسلامي، الذي وصفته الصحيفة بأنه الجهة الوحيدة المتبقية داخل إيران التي تمتلك القوة والحافز للقيام بدور مباشر في السياسة الإيرانية بعد رحيل خامنئي.

وتنقل عن خبراء القول إنه من الممكن للغاية، بل ومن المحتمل أيضا، أن تقرر قيادة قوية اقتصاديا ومسلحة جيدا في الحرس الثوري الإيراني القيام بـ "انقلاب عسكري" للسيطرة المباشرة على إيران بعد وفاة خامنئي.

ويؤكد هؤلاء للموقع أن مثل هكذا انقلاب لا يجب أن يكون علنيا، كما في العديد من البلدان الأخرى في المنطقة، وأشهرها مصر وباكستان، اللتان تداران من من قبل مؤسسات عسكرية قوية خلف الكواليس، حتى مع احتفاظها بمظهر الحكومة المدنية.

ويرى هؤلاء أنه لا يوجد سبب للاعتقاد بأن القيادات القوية داخل الحرس الثوري الإيراني ستفوت مثل هكذا الفرصة.

وتهز إيران موجة غضب منذ وفاة الشابة أميني في 16 سبتمبر بعد اعتقالها على يد شرطة الأخلاق في طهران بذريعة عدم التزامها بقواعد اللباس الديني، فيما توسعت حركة الاحتجاج التي امتدت إلى غالبية المدن الإيرانية ما تسبب في مقتل عشرات من المتظاهرين.

ويحدد الدستور الإيراني خصائص المرشد الأعلى بأنه "عادل، تقي، مدرك لسنه، شجاع، واسع الحيلة، قدوة إدارية". وفي 2016 أعلن قادة مجلس الخبراء أنهم شكلوا لجنة لتحديد مؤهلات المرشح المثالي وتحديد قائمة مختصرة من المتنافسين، ولكن لم يتم الإفصاح عنها.

ويتم تداول اسم مجتبى، كمرشح لخلافة والده خامنئي، خاصة وأنه أكمل ما يكفي من التعليم الديني، وهو على علاقة وثيق بالمؤسسة الأمنية العميقة للدولة، وقد يخدم وجوده لاحتواء أي معارضة في المستقبل.

 بحسب الأمم المتحدة، أعدمت إيران أكثر من 900 شخص عام 2024
بحسب الأمم المتحدة، أعدمت إيران أكثر من 900 شخص عام 2024

في اجتماعٍ مثيرٍ لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، خرج ممثل النظام الإيراني ليحاول تبرير الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان في بلاده، مُلقياً اللوم على ما أسماه "التحديات التي فرضها الغرب على إيران من خلال العقوبات ودعمه للإرهاب."

ولكن، بالنظر إلى تقارير منظمات حقوق الإنسان، تتكشف صورة مروعة عن الواقع الذي يعيشه المواطن الإيراني في ظل هذه الانتهاكات.

نورمان رول، المسؤول السابق في الاستخبارات الأميركية والمستشار الأول لمنظمة "متحدون ضد إيران النووية"، أوضح في حديثه لـ "الحرة"، بأن الإدارة الأميركية الجديدة ستعيد فرض الضغوط على إيران، التي تصفها بـ "الراعية للإرهاب وقمع الحريات".

وأكد رول أن المجتمع الدولي قد أشار منذ سنوات إلى الانتهاكات التي ترتكبها إيران بحق مواطنيها ودول الجوار، إلا أن المشكلة تكمن في عدم اكتراث المسؤولين الإيرانيين بهذه الإدانات.

وأضاف أن إيران لا تتجاوب مع هذه المطالب إلا إذا تعرضت لضغوطات اقتصادية وعسكرية.

وانتقد رول عدم اكتراث المجتمع الدولي بهذه الانتهاكات، "بدليل دعوة محمد جواد ظريف، نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية، في قمة دافوس الاقتصادية هذا العام"، فضلا عن أن إيران ما زالت عضوا في مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة.

المسؤول السابق في الاستخبارات الأميركية والمستشار الأول لمنظمة "متحدون ضد إيران النووية خلص  إلى أن هذه الإدانات الدولية لا تعكس الواقع على الأرض، معبرًا عن ذلك بقوله: "الكلام كثير، والتصرفات قليلة".

وفي تعليقه على تصريحات مسؤولين أميركيين بأن إيران ستتحرر من نظامها القمعي قبل نهاية ولاية الرئيس ترامب الثانية، أوضح رول أن هذا التوقع يستند لعدة مؤشرات، أبرزها انخفاض "شعبية" الحرس الثوري الإيراني، إضافة للتظاهرات العارمة التي شارك فيها الملايين.

وقال رول "إن النظام الإيراني حاليًا في وضع هش وضعيف، مما قد يؤدي إلى انهياره في غضون سنوات" وفق قوله.

من جهته، أوضح الخبير في الشؤون الإيرانية عبد الرحمن الحيدري في تصريحاته لـ "الحرة" أن حقوق الإنسان في إيران تُعد من "أكثر الملفات الشائكة".

ووصف إيران بأنها "دولة مارقة ودكتاتورية" قائمة على أيديولوجية دينية لا تأبه بحقوق الإنسان.

وقال الحيدري إن إيران تعمد دائمًا إلى مواجهة معارضيها ومحتجّيها بـ "القبضة الحديدية والنار والرصاص"، مضيفًا أن المشكلة تكمن في أن هذه الانتهاكات تحدث أمام مرأى المجتمع الدولي دون أي تحرك جاد.

وأكد الحيدري أن إيران "تتجاهل" تمامًا جميع بيانات الإدانة الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في البلاد، كما أنها لم تسمح حتى الآن للمقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان بزيارة طهران، حيث كانت آخر زيارة له في عام 2006.

وأضاف أن إيران تمنع دخول أي مسؤول أممي بغرض إخفاء هذه الانتهاكات، كما تحظر وسائل الإعلام الأجنبية من الدخول إلى البلاد في محاولة للتعتيم على الجرائم التي ترتكبها السلطات الإيرانية.

وأشار الحيدري إلى أن الانتهاكات بحق السجناء والتعذيب في مراكز الاحتجاز، بالإضافة إلى حملات الإعدام الجائرة والقمع ضد النساء والأقليات، هي أمور متكررة، مشددًا على مسؤولية المجتمع الدولي في "عدم الاكتراث" لهذه الانتهاكات المستمرة.

دعوات إلى الاحتجاج على "الحرب ضد المرأة" في إيران - أرشيفية
قواعد اللباس الإسلامي.. إيران تقرر "عدم وضع النساء تحت الضغط"
أعلن نائب الرئيس الإيراني محمد جواد ظريف الأربعاء أن حكومة بلاده أرجأت تطبيق قواعد اللباس الإسلامي الصارمة في البلاد "حتى لا تضع النساء تحت الضغط" وذلك في خضم تداعيات الاحتجاجات التي شهدتها البلاد قبل عامين بشأن موضوع اللباس.

القضية الأكثر إثارة للقلق هي الإعدامات التي تمارسها طهران، حيث سجلت المفوضية السامية لحقوق الإنسان عام 2024 ما لا يقل عن 930 عملية إعدام، وهو رقم يعكس حجم العنف الذي يمارسه النظام بحق مواطنيه.

ولفتت التقارير إلى أن هذا العدد يشمل 32 امرأة، ليصبح العام الماضي الأكثر تسجيلاً لعقوبات الإعدام بحق النساء منذ 17 عاماً.

وإذا كانت تلك الأرقام صادمة، فإن ما يحدث في بداية عام 2025 لا يبشر بالخير، إذ تشير التقارير إلى تنفيذ 54 عملية إعدام خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من يناير، مما يضاعف المخاوف بشأن ما قد تحمله الأشهر المقبلة.

أما في ما يخص حرية التعبير والتجمع، فالتضييق مستمر، حيث قامت السلطات الإيرانية العام الماضي باعتقال مئات الناشطين والطلاب بذرائع متنوعة، في وقت واصلت السلطات حملاتها القمعية ضد من يطالبون بحقوقهم الأساسية.

وفي تقريرها، أشارت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أن القمع المستمر ضد الأقليات العرقية والدينية في إيران قد وصل إلى درجة تجعل من هذه الانتهاكات جريمة ضد الإنسانية، إذ تُحرم هذه الأقليات من حقوقها الأساسية بشكل ممنهج.

وبينما تستمر السلطات الإيرانية في انتهاك حقوق المواطن الإيراني، كانت هناك جهود متزايدة لفرض قوانين الحجاب الإجباري على النساء، حتى أن العديد من الفنانات والمشاهير تعرضوا للملاحقة لمجرد عدم التزامهم بهذا القانون في الأماكن العامة.