إيران-قضاة- إعدامات
لا يتمتع الجهاز القضائي في إيران بأي قدر من الشفافية

يستخدم النظام الإيراني، السلطة القضائية للقضاء على الانتفاضة المستمرة منذ شهور إثر مقتل الشابة مهسا أميني على أيدي الشرطة في سبتمبر الماضي، حيث يصدر قضاة مقربون من السلطة "أحكاما بالسجن المطول وأخرى بالإعدام على مؤيدي الاحتجاج".

وركز تقرير لصحيفة واشنطن بوست على ما أسماه بـ"الدائرة الصغيرة" للقضاة الذين يعملون في خدمة النظام لقمع الانتفاضة الشعبية.

يقول تقرير الصحيفة الأميركية :"في قلب هذه الجهود: دائرة صغيرة من القضاة على صلة بالقادة، ورجال الدين في البلاد والأجهزة الأمنية، يفرضون أحكاما طويلة بالسجن وأحكاما بالإعدام على المحتجين".

لا يتمتع الجهاز القضائي في إيران ولو بالقليل من الشفافية، حيث غالبا ما يتم إخفاء أوراق الاتهام والأحكام، لذلك من الصعب تحديد الحجم الحقيقي للاعتقالات وإصدار الأحكام والإعدامات. 

لكن ظهرت صورة للمحاكمات والقضاة الذين يرأسونها من مجموعة من المصادر بما في ذلك وسائل الإعلام الحكومية، والجماعات الحقوقية، وحسابات الناشطين وشبكات المحامين داخل وخارج إيران.

وفي الأسابيع الأخيرة، يبدو أن سبعة قضاة وهم أبو القاسم سلافاتي، ومحمد رضا أموزاد، وهادي منصور، وموسى آصف الحسيني، وعلي مظلوم، وإيمان أفشاري، ومرتضى باراتي، أصدروا مجتمعين ما لا يقل عن 17 حكماً بالإعدام.

ولا تزال أسماء قضاة آخرين أصدروا أحكاما بالإعدام في قضايا أخرى غير مؤكدة.

سلسلة الإعدامات في إيران.. رسائل للغرب والشعب
في تحدٍ لغضب الرأي العام والانتقادات الدولية، أصدرت إيران مؤخرا العشرات من أحكام الإعدام ضد محتجين شاركوا في اضطرابات مناهضة للحكومة على مدى شهور، يرى مراقبون أنها تهدف "لترهيب" الناس وابعادهم عن الشارع الغاضب على النظام منذ مقتل مهسا أميني في سبتمبر الماضي.

قال هادي غيمي، المدير التنفيذي لمركز حقوق الإنسان في إيران، في حديث لواشنطن بوست، إن هذه المحاكمات، التي تقول الجماعات الحقوقية إنها جزء من حملة وحشية تهدف إلى سحق الانتفاضة، "يسيطر عليها عدد قليل جدًا من القضاة الذين يتعاونون بنسبة مائة بالمائة مع الأجهزة الأمنية". 

وأضاف "هم موثوق بهم ومخلصون ويعتقد أنهم يتبعون الأوامر التي تصدر خارج نطاق القضاء حول ما يجب أن تكون عليه الأحكام".

واندلعت الاحتجاجات، التي لعبت فيها النساء والشباب دورًا قياديًا، في منتصف سبتمبر الماضي بعد وفاة مهسا أميني، 22 عامًا، في حجز الشرطة بزُعم أنها انتهكت قواعد اللباس المحافظة للمرأة في البلاد. 

وتحولت المظاهرات منذ ذلك الحين إلى انتفاضة واسعة مدفوعة بدعوات لإنهاء حكم رجال الدين. 

وقتلت قوات الأمن أكثر من 500 متظاهر، وأصدرت السلطات ما لا يقل عن 22 حكما بالإعدام واتهمت أكثر من 100 شخص بجرائم يمكن أن تستوجب عقوبة الإعدام، بحسب وكالة الأنباء الناشطة "حقوقا''.

ويتعرض المعتقلون وعائلاتهم لضغوط شديدة للالتزام بالصمت، مما يجعل من المستحيل إحصاء عدد الاعتقالات والأحكام، لكن منظمات حقوق الإنسان تقدر أنه كان هناك ما يقرب من 20 ألف معتقل، بينما تم الحُكم على حوالي 700 شخص.

وفي قلب العديد من تلك المحاكمات، توجد زمرة من القضاة الذين أصبحت هوياتهم معروفة للجمهور، وهم قضاة أصبحوا يثيرون الخوف في صفوف المواطنين.

تعهدت الولايات المتحدة بتشديد العقوبات على المتورطين في القمع المميت. 

وضعت الولايات المتحدة سالافاتي، الملقب بـ "قاضي الموت"، تحت العقوبات في عام 2019 لإشرافه على "إجهاض النظام الإيراني للعدالة في محاكمات صورية". 

وستة من بين القضاة السبع، مسؤولون عن إصدار أحكام الإعدام ليسوا خاضعين للعقوبات الأميركية بعد، مما قد يؤدي إلى تشديد حظر السفر عنهم وتجميد أصولهم بالخارج. 

"جمهورية الخوف".. قرارات رئيسي في "لجان الموت" يتردد صداها في إعدامات اليوم
خلال فترة شبابه التي توى فيها منصب المدعي العام بإيران، كان الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي عضوا في "لجنة الموت"، التي أشرفت على إعدام مئات السجناء السياسيين في العاصمة الإيرانية، طهران، وفقا لما نقلته رويترز عن منظمات حقوقية. 

وفي أواخر ديسمبر، أضافت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، المدعي العام الإيراني، محمد جعفر منتظري، إلى قائمتها السوداء لانتهاكات حقوق الإنسان.

وقال متحدث باسم وزارة الخزانة الأميركية، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إنهم لا يستطيعون تقديم تعليق على ما إذا كانت العقوبات التي تستهدف هؤلاء القضاة قد تم النظر فيها أم ليس بعد. 

ووضعت أفشاري ومظلوم وأموزاد تحت عقوبات المملكة المتحدة في 9 ديسمبر بتهمة "محاكمة المتظاهرين بأحكام قاسية بما في ذلك عقوبة الإعدام".

وتم إطلاق سراح غالبية المحتجين المسجونين بكفالة في انتظارمحاكمتهم، لكن عددًا غير معروف متهم بارتكاب جرائم تتعلق بالأمن القومي، مثل الهجمات المزعومة على قوات الأمن. 

وبدلاً من مواجهة المحاكمة أمام محكمة جنائية، يُحاكم السجناء السياسيون في المحكمة الثورية، وهو نظام قضائي مواز تم إنشاؤه بعد ثورة 1979 لحماية نظام حكم رجال الدين في إيران.

وقال المحامي الإيراني سعيد ديغان، المقيم في كندا، في رسالة بالبريد الإلكتروني للصحيفة الأميركية، إن هؤلاء القضاة "يؤمنون بشدة بالمؤسسة الإسلامية الحاكمة ويعتمدون عليها، ولهذا السبب يتمتعون بطاعة مطلقة أو عمياء". 

وفر ديغان من إيران هربًا من الاضطهاد لمحاولته الدفاع عن موكليه أمام بعض هؤلاء القضاة.

قال ديغان إن المتهمين في محكمة الثورة عادة ما يُحرمون من الاتصال بمحاميهم ولا يمكنهم مراجعة الأدلة ضدهم. 

وكثيرًا ما يُجبرون على الإدلاء بأقوال كاذبة تحت التعذيب والإكراه الشديد، وفقًا لغيمي ومجموعات حقوقية أخرى، في حين يعتمد القضاة غالبًا على أدلة ملفقة أو مضللة لإصدار أحكام قاسية في محاكمات سريعة.

وقال ديغان في الصدد إن الأحكام غالبا ما تكون "مكتوبة من قبل الدائرة القانونية لأجهزة المخابرات والأمن".

لا يحصل المحتجزون أو محاموهم بشكل عام على نسخ رسمية من الأحكام. 
وقال ديغان أيضا إنه في بعض الأحيان يتم الاحتفاظ باسم القاضي الذي يرأس الجلسة سراً "لأنهم يعرفون مدى تأثير قراراتهم على الرأي العام". 

وقال إن زملاء له متورطين في قضايا الإعدام الأخيرة في مدينة ساري الشمالية أطلعوه على الأحكام، لكن تم حذف اسم القاضي، "ربما لأسباب أمنية" وفق تعبيره.

من جانبها، قالت شيفا نزارهاري، وهي عضوة في لجنة متابعة أوضاع المعتقلين، ومقرها خارج إيران، إن قضاة الفروع 15 و 26 و 28 و 29 من المحكمة الثورية في طهران - سلافاتي وأفشاري وأموزاد ومظلوم - كانوا من بين الأكثر شهرة في الأحكام القاسية وسط الاحتجاجات. 

وترأس كل من سلافاتي، وأموزاد، محاكمة محسن شكاري (23 عاما)، أول مشارك في الاحتجاجات الجارية يتم إعدامه.

وحكم سالافاتي على ثلاثة متظاهرين آخرين على الأقل بالإعدام، بينهم شاب يبلغ من العمر 19 عامًا قالت والدته إنه كان يعاني من اضطراب نفسي وذهني.

وقبلت المحكمة الإيرانية العليا الاستئناف في قضيتين، على الرغم من أن المتهمين لا يزالون في السجن، بينما لا تزال نتائج ثلاث قضايا تترتب عنها عقوبة الإعدام، قيد النُظر في محكمته غير معروفة، وفقًا لتقارير أعدتها لجنة المعتقلين.

وقال ديغان إن أموزاد أصدر أحكاماً بالإعدام على منوشهر مهمان نافاز، 45 عاماً، والكاتب والفنان، مهدي بهمن.

وفي 12 ديسمبر 2022، أعدمت السلطات ماجد رضا رهنورد، صاحب متجر يبلغ من العمر 23 عامًا حكم عليه المنصوري بالإعدام وفقًا لتغطية المحاكمة من قبل وكالة ميزان للأنباء، التابعة للقضاء الإيراني. 

وفي 7 يناير، أعدمت طهران متظاهرين اثنين، هما محمد مهدي كرامي، 22 عامًا، وسيد محمد حسيني، 39 عامًا، بعد أن أدانهما الحسيني.

وكان كرامي وحسيني من بين خمسة أشخاص حُكم عليهم بالإعدام في محاكمة جماعية، ضمت ثلاثة قاصرين، بتهمة قتل أحد أفراد قوة الشرطة المتطوعين في الحرس الثوري الإيراني، بحسب ميزان. 

وعلقت المحكمة العليا الأحكام الثلاثة الأخرى عند الاستئناف.

من جانبه، حكم باراتي على ثلاثة أشخاص بالإعدام شنقاً، بحسب ديغان وتقارير إعلامية محلية، وهم سعيد اليعقوبي وماجد كاظمي وصالح مرهاشمي المتهمين بقتل عناصر من الأمن.

إلى ذلك، أصدر كل من مظلوم وأفشاري حكماً واحداً بالإعدام، وفقاً لمؤسسة HRANA، على الرغم من أن المحكمة العليا قبلت الإلغاء في كل قضية، كما تؤكد لجنة متابعة وضع المحتجزين.

مفاعل بوشهر النووي الإيراني
مفاعل بوشهر النووي الإيراني

أكدت الولايات المتحدة أنها تنتظر من طهران تغييرا حقيقيا في "سلوكها" وليس مجرد تصريحات، وذلك بعد تصريحات للرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، أعرب فيها عن رغبة بلاده في "إزالة الغموض والشكوك" حول برنامجها النووي.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، فيدانت باتل، في ايجازه الصحفي الخميس، "أعتقد أننا مترددون في تفسير أي شيء كإشارة حول ما إذا كانت إيران ترغب في تغيير سلوكها أم لا".

وأضاف باتل أن الولايات المتحدة تريد من إيران في نهاية المطاف "تغييرا فعليا في السلوك وأفعالا ملموسة.. وليس مجرد إشارة أو تلميح لشيء ما".

وذكر باتل أن الوقت جوهري لضمان تعاون إيران الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لحل هذه القضية "التي طال أمدها".

وأكد أن الرئيس، جو بايدن، ووزير الخارجية، أنتوني بلينكن، كانا واضحين في هذا الشأن، وهو ضمان أن لا تمتلك إيران أبدا السلاح النووي، مضيفا أن الولايات المتحدة "ستستخدم مجموعة متنوعة من الأدوات لتحقيق هذا الهدف، وأن كل الخيارات لا تزال مطروحة على الطاولة".

هنري سوكولسكي، المدير التنفيذي لمركز سياسات عدم الانتشار النووي في واشنطن، أكد خلال حديث مع قناة "الحرة"، أن إيران ستستغل زيارة رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، إلى طهران "لتحقيق مكاسب من خلال تسليط وسائل الإعلام الضوء على هذه المحادثات، ومنع استهداف منشأتها النووية".

وأجرى رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، محادثات في طهران الخميس مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان وعدد من المسؤولين.

بزشكيان قال خلال اللقاء "نحن مستعدون للتعاون والتقارب مع هذه المنظمة الدولية من أجل إزالة جوانب الغموض والشكوك المزعومة حول الأنشطة النووية السلمية لبلادنا"، وفقا لبيان الرئاسة الإيرانية.

وأكد غروسي أنه جاء لإيران لمحاولة حل النزاع المرتبط بالبرنامج النووي، مؤكدا أن تحقيق "نتائج" من الحوار ضرورة لخفض التصعيد وتجنب حرب، في وقت حذر زير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، من أن بلاده لن تتفاوض "تحت الترهيب" بشأن برنامجها النووي.

وأوضح في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي في طهران، أن تحقيق نتائج من الحوار مع إيران ضرورة لخفض التصعيد وتجنب حرب، مؤكدا أن المنشآت النووية الإيرانية يجب ألا تتعرض للهجوم.

وسعى ترامب خلال ولايته الأولى إلى ممارسة "ضغوط قصوى" على إيران وانسحب من الاتفاق النووي الذي أُبرم خلال ولاية سلفه باراك أوباما، رغم إعلانه مؤخرا انفتاحه على مسار دبلوماسي مع طهران.

وصعدت إسرائيل من ضغوطها على إيران بما في ذلك من خلال الضربات العسكرية المباشرة، حيث حذر وزير الدفاع يسرائيل كاتس مؤخرا من أن إيران "أكثر عرضة من أي وقت مضى لضربات على منشآتها النووية".