هجوم بطائرات مسيرة في إيران
هجوم بطائرات مسيرة في إيران

أعلنت إيران أنها تصدت لهجوم بطائرات مسيرة استهدف مجمعا عسكريا في محافظة أصفهان، وسط البلاد، تزامن مع توتر بين طهران والغرب مع توقف المحادثات النووية والانتقادات اللاذعة لها لمساعدتها روسيا في حرب أوكرانيا.

وأعلنت وزارة الدفاع الإيرانية، ليل السبت الأحد، أن دفاعاتها تصدت لهجوم بطائرات مسيرة على منشآت عسكرية. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية "إرنا" بيانا للوزارة جاء فيه أنه "في مساء 28 يناير، قرابة الساعة 23:00 (20:00 ت غ)، تم تنفيذ هجوم فاشل باستخدام طائرات مسيرة على أحد المجمعات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع". 

وأشار البيان إلى أن "الدفاعات الجوية للمجمع أسقطت إحدى المسيرات، بينما حوصِرت مسيرتان وانفجرتا.. لم يتسبب (الهجوم) في أي تعطيل لعمل المجمع"، لكنه تسبب في أضرار طفيفة فقط ولم تقع إصابات. 

وذكرت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية على موقعها الإلكتروني، السبت، أنه تم سماع "انفجار مدو" بمصنع عسكري في أصفهان.

وقالت الهيئة: "وقع الانفجار في واحد من مراكز تصنيع الذخائر التابعة لوزارة الدفاع، ووفقا لإعلان النائب السياسي والأمني لرئيس محافظة أصفهان فإنه لم تقع أي إصابات".

الجدير بالذكر أنه لم يتسن لنا التأكد من حجم الضرر من مصدر مستقل.

وقالت وكالة أنباء "إرنا" إن المسيرات المستخدمة رباعية المراوح، وكانت "مزودة بقنابل صغيرة". وتعمل الطائرات من هذا النوع في نطاقات قصيرة بواسطة جهاز التحكم عن بعد، وفق أسوشيتد برس.

وقالت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية إن الهدف الرئيسي من الهجوم كان مستودعا يقع خلف مركز تجاري في أصفهان.

وأظهر مقطع نشره شهود على وسائل التواصل الاجتماعي انفجارا صغيرا وقع فوق مبنى وبدا أنه تسبب في أضرار طفيفة.

وبثت قناة "برس تي في" الحكومية الإيرانية مقطعا، التقط بهاتف على ما يبدو، يظهر لحظة الإطلاق والانفجار، بينما وقف حشد صغير من الناس لمشاهدة ما حدث.

ووقف الانفجار، وفق أسوشيتد برس، على طريق الإمام الخميني السريع المزدحم في شمال غرب أصفهان، وهو واحد من عدة طرق تتجه نحو مدينتي قم وطهران.

وأظهرت صور أقمار صناعية نشرها ناشطون يوم الأحد أضرارا طفيفة للمبنى.

وتقع أصفهان على بعد 350 كيلومترا جنوب طهران، وتضم قاعدة جوية كبيرة، وعدة مواقع نووية إيرانية، من بينها نطنز، محور برنامج برنامج تخصيب اليورانيوم.

ولم تقدم وزارة الدفاع الإيرانية أي معلومات عن الجهة التي تشتبه في تنفيذها الهجوم، مكتفية بالقول إنها فتحت تحقيقا.

وجاء الهجوم مع اندلاع حريق بمصفاة تكرير بشكل منفصل في شمال غرب البلاد، ووقوع زلزال بقوة 5.9 درجة في مكان قريب، مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص.

وقال التلفزيون الرسمي الإيراني إن حريقا اندلع في مصفاة لتكرير النفط في منطقة صناعية بالقرب من مدينة تبريز، على بعد حوالي 520 كيلومترا شمال غرب طهران.

توقيت حساس

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الانفجار الأخير الذي جاء وسط توتر مع الغرب، بشأن نشاط طهران النووي وتزويدها بالأسلحة للحرب الروسية في أوكرانيا، فضلا عن الاحتجاجات المناهضة للنظام.

وفي أوكرانيا، التي تتهم إيران بتزويد روسيا بمئات الطائرات من دون طيار لمهاجمة أهداف مدنية، ربط أحد كبار مساعدي الرئيس، فولوديمير زيلنسكي، الحادث مباشرة بالحرب هناك.

وكتب ميخايلو بودولاك على تويتر: "منطق الحرب لا يرحم وقاتل. إنه يدفع المسؤولين والمتواطئين بصرامة":

وأقرت إيران بإرسال طائرات مسيرة إلى روسيا، لكنها تقول إنها أرسلتها قبل الغزو، العام الماضي. وتنفي موسكو استخدام قواتها لطائرات مسيرة إيرانية في أوكرانيا.

وبينما لا تعرف الجهة المسؤولة عن الهجوم الأخير، كانت إيران اتهمت إسرائيل بالوقوف وراء هجمات سابقة "وسط حرب ظل بينهما في الشرق الأوسط تأتي مع انهيار اتفاقها النووي مع القوى العالمية"، وفق أسوشيتد برس.

ورفض متحدث باسم الجيش الإسرائيلي التعليق عندما سئل عما إذا كانت لإسرائيل صلة بالحادث الأخير. 

وتقول إسرائيل إنها قد تهاجم إيران إذا فشلت الدبلوماسية في كبح برامجها النووية أو الصاروخية الباليستية، لكنها تتبع سياسة الامتناع عن التعليق على حوادث محددة، وفق رويترز.

وأعلنت طهران في يوليو المضي إحباط مؤامرة لاستهداف "مواقع حساسة" حول أصفهان.

وقالت وول ستريت جورنال، الأحد، نقلا عن مسؤولين أميركيين وأشخاص مطلعين على الهجوم الأخير، إن إسرائيل "نفذت ضربة بطائرة بدون طيار استهدفت مجمعا دفاعيا في إيران، حيث تبحث الولايات المتحدة وإسرائيل عن طرق جديدة لاحتواء طموحات طهران النووية والعسكرية".

ولو صحت هذه الادعاءات، ستكون تلك أول عملية لإسرائيل في ظل الحكومة الائتلافية اليمينية الجديدة بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، وسوف تأتي بينما يناقش مسؤولون إسرائيليون وأميركيون طرقا جديدة لمواجهة أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار، بما في ذلك تعميق تعاونها العسكري مع روسيا، وفق وول سترت جورنال.

ووفقا لأشخاص مطلعين تحدثوا مع الصحيفة الأميركية، كان مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي أي إيه)، وليام بيرنز، قد "قام برحلة غير معلنة" إلى إسرائيل، الأسبوع الماضي، لمناقشة ملف إيران، وقضايا إقليمية أخرى،

ومن المقرر أن يصل وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكين، إلى إسرائيل، الاثنين، لمواصلة المحادثات بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن إيران وقضايا إقليمية أخرى.

والأسبوع الماضي، أجرت الولايات المتحدة وإسرائيل تدريبات عسكرية كبيرة شارك فيه أكثر من 7500 فرد، حيث تم إجراء تدريبات على اختراق أنظمة الدفاع الجوي والتزود بالوقود في الجو، وهي أمور مهمة لتوجيه ضربة عسكرية كبيرة على إيران، حسب الصحيفة.

وقال الجنرال هرتسي هايفي، رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي، لصحيفة وول ستريت جورنال، الأسبوع الماضي، إن إسرائيل والولايات المتحدة تستعدان للأسوأ.

وتشير الصحيفة إلى أن الجهود الأميركية لإعادة إحياء الاتفاق النووي مع إيران توقفت، لكن الولايات المتحدة لم تجد بديلا بعد، بينما يضغط نتانياهو على الولايات المتحدة لاتخاذ موقف أكثر شدة ضد إيران.

وقال وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الأحد، إنه نقل رسالة من واشنطن إلى طهران تتعلق ببرنامجها النووي، دون أن يقدم تفاصيل.

صورة عامة من العاصمة الإيرانية طهران
إيران من أكثر استعمالا للعنف خارج الحدود ضد المعارضين

بدأت إيران الاعتماد بشكل متزايد على المجرمين بدلا من العملاء السريين لتنفيذ مؤامراتها ضد المعارضين في الخارج في تطور تكتيكي مقلق من قبل دولة يعتبرها مسؤولو الأمن الأميركيون والغربيون واحدة من أكثر ممارسي "القمع العابر للحدود" تصميما وخطورة في العالم.

وتنقل صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية أن إيران قامت بتنمية واستغلال الروابط مع الشبكات الإجرامية التي تقف وراء موجة حديثة من المؤامرات العنيفة التي دبرتها سرا وحدات النخبة في الحرس الثوري الإيراني ووزارة الاستخبارات الإيرانية.

ويستند تقرير الصحيفة إلى مقابلات مع مسؤولين كبار في أكثر من عشر دول، ومئات الصفحات من سجلات المحاكم الجنائية في الولايات المتحدة وأوروبا، فضلا عن وثائق تحقيق إضافية حصلت عليها "واشنطن بوست" من الأجهزة الأمنية.

ويشير التقرير إلى حالة الصحفي الإيراني يوریا زراعتي الذي تعرض للطعن  أربع مرات وترك ينزف على الرصيف خارج منزله في ضاحية ويمبلدون في لندن من قبل مهاجمين ليسوا من إيران وليس لديهم صلة واضحة بأجهزتها الأمنية، وفقا للمحققين البريطانيين.

وحصل الصحفي على حماية شرطة العاصمة البريطانية ونقل لعدة مرات إلى  المنازل الآمنة، لكن هذه الإجراءات لم تنجح في حمايته من المؤامرة التي يشتبه في أن إيران دبرتها هذا العام. 

وفي السنوات الأخيرة، استعانت إيران بمصادر خارجية لعمليات مميتة وعمليات اختطاف لعصابات راكبي الدراجات النارية "ملائكة الجحيم"، وهي شبكة سيئة السمعة لتوزيع الهيروين يقودها مهرب مخدرات إيراني وجماعات إجرامية عنيفة من الدول الاسكندنافية إلى أميركا الجنوبية.

كلفت إيران هؤلاء القتلة بمؤامرات ضد ضابط عسكري إيراني سابق يعيش تحت هوية مستعارة في ولاية ماريلاند،  وصحفي أميركي إيراني منفي في بروكلين، وناشطة في مجال حقوق المرأة في سويسرا، ونشطاء مجتمع الميم في ألمانيا وما لا يقل عن خمسة صحفيين في قناة إيران الدولية،  بالإضافة إلى المنشقين ومنتقدي النظام.

وقال المسؤولون إن تحول إيران إلى مجرمين يعود إلى التدقيق المكثف الذي يواجهه عملاء إيران من الحكومات الغربية.  

وواجهت الولايات المتحدة موجة من التهديدات المماثلة، بما في ذلك العديد من التهديدات التي تم تفصيلها في لوائح الاتهام الجنائية وتربط عصابات راكبي الدراجات النارية في كندا وعصابات في أوروبا الشرقية بالاغتيالات المخطط لها بتكليف من إيران.

وقال ماثيو أولسن، الذي يرأس قسم الأمن القومي في وزارة العدل، إن "إيران على رأس القائمة" للدول التي تسعى عاما بعد عام إلى قتل أو اختطاف المعارضين والصحفيين خارج حدودها. وقال أولسن إن دولا أخرى، وخاصة الصين، تسعى إلى تخويف أو قمع سكان الشتات، لكن إيران "تركز باستمرار على القمع العابر للحدود".

ورفضت إيران الاتهامات ووصفتها بأنها تضليل غربي، وقالت بعثتها في الأمم المتحدة "جمهورية إيران الإسلامية لا تضمر النية ولا الخطة للانخراط في عمليات اغتيال أو خطف، سواء في الغرب أو أي دولة أخرى."  

تكثفت عمليات إيران في الخارج ردا على فترة من الاضطرابات السياسية بسبب الاحتجاجات الجماهيرية على الظروف الاقتصادية ومعاملة النظام للنساء. وقال مسؤولون ومحللون غربيون إن الأجهزة الأمنية في طهران تستهدف من يتهمونهم خارج البلاد بتأجيج هذه الانقسامات الداخلية.