مساء 15 أكتوبر الماضي، حين كانت احتجاجات الشوارع في إيران في ذروتها، أوقفت قوات الأمن، دورسا البالغة من العمر 25 عاما عند حاجز أمني، وذلك أثناء قيادتها لسيارتها بإحدى مدن محافظة جيلان، شمالي البلاد.
كانت نقطة التفتيش تعيش فوضى غير عادية، وتمتلئ بما بين 25 إلى 30 عنصرا من قوات الأمن مدججين بالأسلحة، يصرخون في الناس، ويطالبون بخروجهم من سياراتهم.
كانت دورسا وقتها،برفقة شقيقتها وشابين من أصدقائها. تم تفتيش سيارتهم، وعندما عثر رجال الأمن على عبوتين من رذاذ الطلاء في حقيبة أختها، فتحت "أبواب الجحيم" على مصراعيها، بحسب صحيفة "الغارديان".
وقبل دفعها وشقيقتها إلى مؤخرة سيارة الشرطة، تم تعصيب أعينهما وقيدت أيديهما، بحسب ما أفادا للصحيفة البريطانية.
وتقول دورسا إنها وأختها نقلا إلى مبنى، أُجبرا فيه على التوقيع على اعتراف يفيد بأنهما كانتا تتظاهران.
وبينما كانت دورسا تنتظر في غرفة الاستجواب، سمعت صراخ صديقيها يتعرضان للتعذيب بالقرب منها.
وعندما جاء دورها للاستجواب، تعرضت دورسا للضرب واللكم بشكل متكرر، بينما كانت قوات الأمن يصرخون، ويصفونها بأنها عاهرة وخائنة.
وبعد فترة نقلت دورسا، وهو ليس اسمها الحقيقي، إلى غرفة أخرى.
وتقول: "غطوا وجهي بحجابي، فلم أستطع رؤية أي شيء. وتم تجريدي من ملابسي وقالوا لي إن طبيبة ستدخل الغرفة وتفحصني. بعد دقائق، جاء أحدهم إلى الغرفة، وعندما لمسني، أدركت أنه رجل".
وتضيف: "ظل يلمسني في كل مكان ثم بدأ في إدخال شيء ما في مهبلي، وظل يدخل هذه الأداة، بينما كان يفرك باليد الأخرى جميع أنحاء جسدي. تجمدت في مكاني واستلقيت هناك لمدة من الوقت، إذ كنت لا أزال أتألم من اللكمات التي تلقيتها أثناء الاستجواب، قبل أن يغادر هذا الرجل الغرفة".
بعد أكثر من أربعة أشهر على وفاة الشابة الكردية، مهسا أميني، التي توفيت في الحجز بعد اعتقالها من قبل شرطة الأخلاق لعدم التزامها قواعد اللباس الصارمة، شهدت محاولات السلطات الإيرانية لسحق الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد مقتل أكثر من 500 شخص على يد قوات الأمن، بينهم 70 طفلا، وتم إعدام أربعة متظاهرين حتى الآن، فيما يواجه كثيرون آخرون هذه العقوبة.
وفقًا لآخر تقرير صادر عن نشطاء حقوقيين في إيران، تم اعتقال أكثر من 19 ألف شخص بسبب الاحتجاجات.
وتقول دورسا إنه تم اصطحابها من قبل قوات الأمن في سيارة تحركت لساعات، قبل أن يلقوها في مكان بعيد خارج المدينة في الثالثة صباحا.
وتضيف: "عندما عدت إلى المنزل، تقيأت واستلقيت، لكنني لم أستطع النوم".
في الأيام التالية، شعرت دورسا بأنها ليست على ما يرام، فذهبت إلى طبيبة أكدت لها أنها تعرضت للاغتصاب بأداة تسببت في حدوث عدوى.
استغرق علاجها من تلك العدوى لفترة طويلة، لكنها عانت من صدمة نفسية.
وتقول: "كنت مصدومة وذهبت إلى طبيب نفسي. أتناول أدوية حاليا، وأشعر بالذعر في كل مرة أضطر فيها إلى الذهاب إلى المستشفى لإجراء فحوص"، مضيفة "أنا محطمة تماما."
وأصدرت منظمة العفو الدولية في 27 يناير الماضي، تقريرا مفصلا يؤكد اتهامات الاغتصاب والعنف و"التعذيب الشديد" للمتظاهرين أثناء الاحتجاز.
وتقول صحيفة الغارديان، إنها تحدثت مع 11 متظاهرا، من النساء والرجال، قالوا إنهم تعرضوا للاغتصاب والعنف الجنسي والضرب والتعذيب أثناء احتجازهم من قبل قوات الأمن.
وتعرض بعضهم للاعتداء في سيارة شرطة أو في الشوارع، فيما تعرض الآخرون للاعتداء أثناء الاحتجاز في أقسام الشرطة أو السجون.
قالت ممرضة من مستشفى في جيلان إنها قابلت نساء عدة في الأشهر القليلة الماضية ظهرت عليهم علامات الاعتداء الجنسي والاغتصاب، مشيرة إلى أنها عالجت ما لا يقل عن خمس متظاهرات، تحت سن الثلاثين، أصبن بعدوى في العضو التناسلي، "وأخبرنني بأنهن تعرضن للاعتداء في حجز الشرطة"، مشيرة إلى أن بعضهن كن ينزفن.
وتنقل الصحيفة عن امرأة في الأربعينيات من عمرها، من سنندج في إقليم كردستان، عرفت نفسها باسم سارة، أن رجال الأمن اعتدوا عليها جنسيا خلال اعتقالها في الموجة الأولى من الاحتجاجات.
وتقول: "بينما كان يسحبني 8 من رجال الأمن إلى سيارة تابعة لهم، كانوا يركلونني بعنف ويلمسون ثديي وأردافي ويضعون أيديهم بين فخذي ويضغطون على أعضائي التناسلية".
وتشير إلى أن رجال الأمن استخدموا حجاب ثلاث فتيات تم اعتقالهن قبلها، لغلق أفواههن، "عندما كانوا يقتربون مني لتغطية فمي بحجابي، سألتهم لماذا أصبح من الطبيعي بالنسبة لهم الآن أن يكشفوا شعري، فردوا بركلات على ظهري ورجلي".
وتشير إلى أن واحدة من الفتيات الثلاث اللاتي تعرضن للضرب المبرح أمامها أصيبت بالشلل، وتم نقلها لاحقا إلى المستشفى، بحسب قولها.
وعندما اقتادتها الشرطة أخيرا إلى السجن، قالت إنه كان هناك 70 امرأة أخرى، ظهرت عليهن علامات الضرب والاعتداء.
تم استجواب سارة لساعات كل يوم لمدة أسبوعين قبل إطلاق سراحها، "لم أخبر زوجي بتعرضي لاعتداء جنسي"، مضيفة "إنه يحبني وهذا سيحطمه".
وتابعت: "لا أعرف ما إذا كان يجب أن أثق في عائلتي. أعتقد أن هذا هو الثمن الذي يجب دفعه مقابل الحرية".
وقالت هيومن رايتس ووتش ، التي وثقت أيضا انتهاكات خطيرة واعتداءات جنسية على المتظاهرين أثناء الاحتجاز، إن المجتمع الدولي فشل في محاولات وقف التعذيب.
لم يقتصر العنف الجنسي عند النساء، إذ تعرض الشاب كاميار، البالغ من العمر 30 عاما من مشهد، لاعتداء هو الآخر من قبل الشرطة في شاحنة صغيرة في 9 نوفمبر أثناء مشاركته في الاحتجاجات".
عندما اعتقله رجال الأمن وأخذوه إلى سيارة الشرطة، كان هناك اثنان منهم، أحدهما يعتدي عليه من الأمام، والآخر يعتدي علي من الخلف: "ما زلت أجد صعوبة في الحديث عن هذا الأمر، لا أتذكر وجوههم ولا أريد ذلك".
ومع استمرار النظام الإيراني في إصدار أحكام بالسجن طويلة الأمد، تضاءلت الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، لكنها تستمر في المناطق الكردية ومحافظة سيستان وبلوشستان على الرغم من حملة القمع من قبل قوات الأمن.
وقال كاميار إن قوات الأمن تعتقد أن الاعتداء الجنسي على النشطاء سيمنعهم من التظاهر، "بطريقة ما يعتقدون أن الإذلال سيلاحقنا، قال لي أحدهم ، "لقد مر 60 يوما ولم نتمكن من النوم بسبب المحتجين، كان يصفعني بعد كل إهانة".
لكن كاميار يقول "أنا لا أشفق على نفسي، بل أشفق على هؤلاء الرجال المقززين (..) يجب أن يكونوا هم من يشعر بالإهانة والمذلة، وليس نحن الضحايا".