تناولت وسائل إعلام دولية إعلان إيران الإفراج عن عشرات آلاف السجناء، بمن فيهم معتقلون خلال الاحتجاجات الشعبية المستمرة منذ أكثر من أربعة أشهر.
والأحد قال التلفزيون الإيراني إن المرشد الأعلى علي خامنئي، أصدر عفوا بحق بعض المعتقلين، استجابة لاقتراح رئيس السلطة القضائية بالإفراج عن عدد من المعتقلين صغار السن الذين شاركوا في الاحتجاجات الأخيرة باعتبار أنهم تم "تضليلهم من قبل الإعلام الغربي".
واندلعت الاحتجاجات في أعقاب مقتل الشابة الكردية مهسا أميني، ٢٢ عاما، أثناء احتجازها لدى شرطة الآداب، منتصف سبتمبر الماضي، بذريعة عدم ارتدائها الحجاب الإلزامي.
لكن هذا القرار الذي وصفه محرر الشرق الأوسط في بي بي سي، سيباستيان آشر، بـ"أكبر خطوة حتى الآن يقوم بها الشخص الأقوى في إيران لاحتواء الاحتجاجات الضخمة"، وصفه عدد من المحامين ونشطاء حقوق الإنسان والمتظاهرين المسجونين والسجناء السياسيين السابقين، بأنه "عفو شكلي بهدف فرض رواية النظام الكاذبة وقلب الحقائق"، بحسب موقع "إيران إنترناشيونال".
"ضرب، واغتصاب واعتداءات جنسية، وتهديد، وقتل"، انتهاكات عدة بحق المعتقلين في السجون الإيرانية، أشارت لها صحيفتا "واشنطن بوست" الأميركية و"الغارديان" البريطانية، موضحتين أن حملات الاعتقال والإفراج المستمرة على مدار ٤ شهور هي في صميم حملة قمع شاملة تنفذها الدولة ولا تنذر بأي تغيير جذري على الأرض.
وبعنوان "المتظاهرون الإيرانيون المفرج عنهم من السجون يصارعون الخوف والصدمة"، ذكرت "واشنطن بوست" أن "الاعتقالات الجماعية تسببت في خسائر بدنية ونفسية جسيمة للمعتقلين وأخافت عائلاتهم"، وفقا لمقابلات مع سبعة إيرانيين أخرجوا مؤخرا من السجن، وخمس منظمات حقوقية محلية ودولية، وكذلك أطباء ومحامين إيرانيون على اتصال مباشر بأشخاص اعتقلوا بسبب الاحتجاجات.
وأشارت الصحيفة الأميركية نقلا عن أحد المعتقلين السابقين، لم تذكر اسمه، قوله إن "الهدف الرئيسي للحكومة هو تخويف الناس قدر الإمكان، وإبقاء أكبر عدد ممكن من الأشخاص تحت المراقبة حتى بعد خروجهم من السجن".
وعن الانتهاكات التي يتعرض لها السجناء داخل السجون، قال أحد المعتقلين المفرج عنه بكفالة في انتظار المحاكمة للصحيفة إنه "كان في حالة صحية سيئة بسبب تفشي مرض شبيه بالإنفلونزا في السجن ومعاناته من أعراض انسحاب من عقار مجهول يشتبه في أن السلطات وضعته في شاي أو عصير فواكه غريب المذاق أُجبر على شربه قبل ساعة من الاستجوابات تسبب له بالتعب والتشويش". وأضاف أن المحققين كانوا يهددونه بانتهاكات جنسية وتعذيب بدني.
وتحدث عن نجاح السجن في تخويفه، قائلا إنه لا ينوي المشاركة في أي احتجاجات قادمة خوفا على عائلته وأصدقائه خاصة بعد تهديد مسؤولي السجن باعتقالهم. وأوضح أنه "لا يزال يطارده الأذى النفسي الذي تعرض له، والعنف الذي رآه يلحق بالآخرين".
ونقلت "واشنطن بوست" عن مصادرها قولهم إن معظم المعتقلين تقل أعمارهم عن 25 عامًا تم احتجازهم لأول مرة في الاحتجاجات أو بعد منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، موضحة أن معاناتهم تستمر حتى بعد خروجهم من السجن.
وأشارت الصحيفة إلى أن ما وصفته بـ"الألم العاطفي والنفسي الذي يصل إلى تبني أفكار انتحارية" يظل يصاحب المعتقلين حتى عند عودتهم إلى منازلهم بسبب استمرار مراقبتهم من قبل السلطات وتهديدهم المستمر بالعودة إلى السجن وبالقدوم لاغتصابهم من أجل الضغط عليهم للعمل كمخبرين للأمن".
ولا توجد إحصاءات رسمية أو أرقام دقيقة عن عدد المعتقلين، لكن وكالة الأنباء "حَرانا'' المهتمة بأخبار النشطاء الإيرانيين أعلنت أن "نحو 20 ألف شخص اعتقلوا وقتل أكثر من 500 وأُعدم أربعة آخرون على الأقل في أربعة أشهر من الاحتجاجات التي عمت البلاد".
وفي السياق نفسه، نشرت "الغارديان" في تقرير، الاثنين، شهادات 11 متظاهرا إيرانيا من الرجال والفتيات تحدثوا عن تعرضهم "للاغتصاب والاعتداء الجنسي والضرب والتعذيب على أيدي قوات الأمن الإيرانية أثناء احتجازهم سواء داخل سيارات الشرطة أو في الشارع، بينما تم الاعتداء على آخرين في مراكز الشرطة أو السجون".
وتحدثت شقيقتان للغارديان عن تعرضهما للخطف والضرب والتعذيب والاغتصاب بآلات حادة داخل مراكز الاحتجاز تسببت في حدوث عدوى واستغرق الأمر شهورًا للشفاء، فضلا عن وصفهما بالـ"العاهرات والخائنات". وتقول إحداهما إنها لازالت تعاني من انهيار عقلي.
وأصدرت منظمة العفو الدولية هذا الأسبوع تقريرا مفصلا يؤكد مزاعم الاغتصاب والعنف و"التعذيب الشديد" للمتظاهرين أثناء الاحتجاز.
وتقول منظمة العفو الدولية إن ثلاثة متظاهرين شباب هم، أرشيا تقداستان، 18 عاماً، ومهدي محمدي فرد، 19 عاماً، وجواد روحي، 31 عاماً، تعرضوا "للتعذيب الشديد مثل الجلد والصعق بالصدمات الكهربائية والتعليق من الأرجل والتهديد بالقتل تحت تهديد السلاح". كما قالت منظمة حقوق الإنسان إن "أحد هؤلاء الشباب تعرض للاغتصاب والآخر للاعتداء الجنسي من قبل الحراس أثناء الاحتجاز".
ونشرت شبكة "سي أن أن" الأميركية، في ٢١ نوفمبر الماضي، تقريرا بعد مقابلات مع أطباء لم يكشف عن أسمائهم في إيران، عن تعرض العديد من الفتيات إلى الاغتصاب أثناء الاحتجاز، ومن هؤلاء كانت أرميتا عباسي، 21 عامًا، التي اعتقلت في أكتوبر بعد انتقادها للدولة في منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي وتعرضت للاغتصاب مرات عديدة أثناء الاحتجاز واحتاجت إلى العلاج في المستشفى بسبب نزيف حاد.
ولم ترد بعثة إيران لدى الأمم المتحدة في نيويورك على طلب موقع "الحرة" للتعليق على مزاعم الانتهاكات والتعذيب داخل السجون ومراكز الاحتجاز الإيرانية.