احتفل النظام الإيراني، السبت، بالذكرى 44 للثورة الإسلامية عام 1979 وسط احتجاجات مناهضة للحكومة، بحجم غير مسبوق، على مستوى البلاد وتوترات متصاعدة مع الغرب.
وخرج إيرانيون في مسيرة في الشوارع والميادين الرئيسية، التي زيّنت بالأعلام والبالونات واللافتات التي تحمل شعارات ثورية ودينية.
وعرض الجيش صواريخه البالستية من طراز "عماد" و"سجّيل" وصواريخ كروز بالإضافة إلى طائرتَ مسيرة من نوع "شاهد 136"و"مهاجر" وفق ما نقلته صحيفة واشنطن بوست.
وتأتي احتفالات ذكرى الثورة الإسلامية التي شهدت استيلاء رجال الدين على السلطة قبل 44 عاما، في ظل توتر غير مسبوق من ناحية الرقعة والمدة، حيث اجتاحت التظاهرات المناوئة للسطة، مدنا كبرى، للمطالبة بإسقاط نظام الملالي، وذلك منذ أكثر من ستة أشهر.
وبدأ المتظاهرون الناقمون على النظام في غزو الشوارع منذ سبتمبر الماضي، بعد مقتل مهسا أميني البالغة من العمر 22 عامًا، وهي شابة إيرانية كردية احتجزتها شرطة الآداب في البلاد، حيث قتلت تحت وطأة التعنيف، وفق المتظاهرين، وذلك بسبب إخلالها المفترض لقواعد اللباس الإسلامي.
وتلك المظاهرات، التي ركزت في البداية على الحجاب الإلزامي في إيران، سرعان ما تحولت إلى دعوات لثورة إصلاح جديدة.
وفي كلمة ألقاها في ساحة آزادي بالعاصمة طهران، أشار الرئيس إبراهيم رئيسي إلى الاحتجاجات بأنها مشروع أعداء إيران، الذي يهدف إلى منع الأمة من مواصلة إنجازاتها.
ووصف رئيسي الاحتفال بأنه "ملحمي" وعرض "للوحدة الوطنية" مشيداً بإنجازات ما بعد الثورة في البلاد.
ودفعت هذه التصريحات الحشد إلى ترديد هتاف "الموت للولايات المتحدة".
وفي الوقت نفسه، تعرضت خدمة Telewebion، وهي خدمة تلفزيونية على شبكة الإنترنت تابعة للتلفزيون الإيراني الحكومي، للاختراق لفترة وجيزة خلال خطاب رئيس ، حسبما ذكرت وسائل الإعلام الإيرانية.
وقال موقع khabaronline.ir الإخباري إن الانقطاع استمر 19 ثانية.
ودعت مجموعة قراصنة "إدالات علي" أو "عدالة علي" في مقطع فيديو مدته 44 ثانية نُشر على تويتر، الناس، للمشاركة في احتجاجات على مستوى البلاد الأسبوع المقبل وحثت الإيرانيين على سحب أموالهم من البنوك.
ويمكن سماع هتافات من بينها "الموت لخامنئي" و "الموت للجمهورية الإسلامية" على الفيديو وقراءة الرسالة شخص مقنع بصوت امرأة.
وكانت المجموعة قد اخترقت سابقًا سجن إيفين سيئ السمعة ومنشآت حكومية أخرى.
كما تأتي الذكرى السنوية بعد عامين اقتصرت فيهما الاحتفالات إلى حد كبير على السيارات بسبب الوباء الذي أودى بحياة أكثر من 140 ألف شخص في إيران وفقًا للأرقام الرسمية، وهي أعلى حصيلة وطنية للوفيات في الشرق الأوسط.
وانطلقت المواكب في طهران، السبت، من عدة نقاط وتلاقت في ساحة آزادي.
وعرض التلفزيون لقطات حشود في كثير من المدن والبلدات، وقال إن مئات الالاف شاركوا. وكان الاحتفال استعراضا للقوة للمتظاهرين.
ويشير التلفزيون الحكومي إلى المظاهرات على أنها "أعمال شغب مدعومة من الخارج" وليس إحباطا محليا بسبب وفاة أميني.
وانتشر الغضب أيضا بسبب انهيار الريال الإيراني مقابل الدولار الأميركي وتسليح طهران لروسيا بطائرات مسيرة تحمل قنابل في حربها على أوكرانيا، الأمر الذي أثار غضب الغرب أيضا.
وتقول إيران إنها باعت لروسيا الطائرات المسيرة قبل الحرب.
وبينما تتواصل وتيرة الاحتجاجات بشكل متفاوت من مدينة لأخرى بفعل القمع العنيف، لم تقدم الحكومة الإيرانية عددا إجماليا للقتلى أو عدد الأفراد الذين اعتقلتهم.
ومع ذلك، يقول نشطاء خارج البلاد إن 528 شخصا على الأقل قُتلوا واعتقل 19600 شخص في حملة القمع التي أعقبت ذلك.
وفي الأسبوع الماضي، قالت وسائل إعلام رسمية إيرانية إن المرشد الأعلى أمر بالعفو عن "عشرات الآلاف" من الأشخاص المحتجزين خلال الاحتجاجات أو تخفيفها، معترفا لأول مرة بحجم الحملة القمعية.
وجاء مرسوم علي خامنئي، وهو جزء من عفو سنوي للمرشد الأعلى قبل الذكرى، في الوقت الذي لم تحدد السلطات بعد عدد الأشخاص الذين اعتقلتهم في المظاهرات.
وفي إشارة إلى العفو، حث رئيسي السبت من "خدعهم العدو" على "العودة إلى الوطن" ووعد بأن إدارته "سترحمهم".
ولوّح الحشود بالأعلام الإيرانية ورددوا شعارات وحملوا لافتات كتبت عليها شعارات تقليدية مناهضة للغرب مثل "الموت لأميركا" و "الموت لإسرائيل".
وأحرق البعض أعلام الولايات المتحدة وإسرائيل، وهي إحدى الطقوس في التجمعات المؤيدة للحكومة.
وبدأت الثورة الإسلامية باضطراب واسع النطاق في إيران بسبب حكم الشاه محمد رضا بهلوي.
وكان الشاه يعاني من مرض السرطان لكنه لم يعلن ذلك، وقد فر من إيران في يناير 1979.
بعدها، عاد آية الله الخميني من المنفى وسقطت الحكومة في 11 فبراير 1979، بعد أيام من المظاهرات والمواجهات الجماهيرية بين المتظاهرين وقوات الأمن.
وفي وقت لاحق من شهر إبريل، صوت الإيرانيون ليصبحوا جمهورية إسلامية، شيعية، مع الخميني كأول زعيم أعلى للبلاد، حيث كانت له الكلمة الأخيرة في جميع شؤون الدولة.
وبعد أشهر، عندما سمحت الولايات المتحدة للشاه بدخول البلاد لعلاج السرطان في نيويورك، تفاقم الغضب في طهران مما أدى إلى استيلاء الطلاب المتشددين على السفارة الأميركية في نوفمبر 1979، بينما أشعلت أزمة الرهائن اللاحقة عقودا من العداء.