النظام الإيراني يعتمد على "الباسيج" والحرس الثوري للبقاء في السلطة
صورة أرشيفية لعناصر من الباسيج

تسود حالة من "الإحباط والشك والارتياب" داخل ميلشيات "الباسيج" التابعة للحرس الثوري، وذلك بعد ما يقرب من خمسة أشهر من المظاهرات المناهضة للنظام في إيران، وفقا لتسريبات لقادة كبار في تلك المنظمة شبه العسكرية وذات النفوذ الهائل. 

وأوضحت صحيفة "التايمز" البريطانية، نقلا عن مصادر، أن ما يزيد من تفاقم هذا الشعور بالإحباط هو أن رواتب عناصر تلك الميليشيات تعادل ربع ما يتقاضاه نظراؤهم في ميلشيات حزب الله اللبنانية، التي تعد أقوى وكيل لطهران في الشرق الأوسط.

وأوضحت جماعات حقوقية أن الحرس الثوري الإيراني الذي يبلغ قوامه 125 ألف شخص قد نفذ حملة قمع وحشية ضد المتظاهرين في جميع أنحاء البلاد، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 528 مدنيا وسجن وتعذيب عشرات الآلاف.

وأشارت تلك المصادر إلى أن نحو 70 عنصرا من الحرس الثوري الإيراني قد لقوا حتفهم منذ اندلاع تلك الاحتجاجات.

وتعاني إيران من الاضطرابات منذ وفاة امرأة كردية إيرانية شابة في أحد أقسام الشرطة بطهران في سبتمبر الماضي بعد أن تم احتجازها لانتهاكها قواعد الزي الصارمة للنساء.

وتعد الاحتجاجات من أقوى التحديات للجمهورية الإسلامية منذ الثورة.

"شك وارتياب"

وكشفت تسجيلات مسربة أن نائب قائد قوات الباسيج، اللواء قاسم قريشي، قد اعترف أن "قسما كبيرا من القوات الثورية في الشوارع يعاني من الشك والارتباك".

وفي الاجتماع الذي عقد في ديسمبر، قال أحد زملاء قريشي إن الضباط كانوا "متعبين ومستائين للغاية" خاصة من الأوضاع في محافظة سيستان جنوب شرقي البلاد، والتي شهدت مقتل أكثر من 80 مصلٍّ بمدينة زهدان، في أكتوبر الماضي، بعد إطلاق النار عليهم عقب انتهاء صلاة الجمعة. 

وبحسب الوثائق التي اطلعت عليها "التايمز"،  فإن راتب العنصر في الحرس الثوري الإيراني يعادل 300 دولار شهريا وهو نصف ما يجنيه مبرمج كمبيوتر في البلاد وأقل من راتب معلم مدرسة.

وبالمقارنة، فإن عناصر حزب الله اللبناني، وهي ميليشيات شيعية تمولها طهران ويصنفها الغرب على أنها جماعة إرهابية، يحصل العنصر فيها على أكثر من 1300 دولار كراتب شهري.

وانخفضت العملة الإيرانية بنسبة 30 في المئة منذ بدء الاضطرابات، مما زاد من مشاكل الاقتصاد الذي أصابه الشلل بالفعل بسبب سنوات من العقوبات، حيث وصلت نسبة  التضخم السنوي إلى نحو 50 في المئة.

وقال مصدر إيراني لصحيفة التايمز، طالبا عدم كشف هويته خوفا على سلامته: "في حين يزداد مقاتلو حزب الله ثراء، فإن أوضاع الشعب الإيراني وصلت إلى الحضيض".

وتابع: "هذا الفرق الهائل في الرواتب بين مسلحي حزب الله وعناصر الباسيج يعتبر مؤلما ..  يشعرون  بأنهم أقل قيمة في نظر قادتهم ونظامهم".

وكان مستشار قائد الحرس الثوري، العميد حميد أبازاري، قد وبخ في كلمة له خلال الشهر الماضي كبار الضباط في المنظمة بسبب "تقصيرهم" في التعامل مع الاحتجاجات الشعبية.

وقال إن كثيرين من أصحاب الرتب العليا في الحرس الثوري الإيراني "قد فشلوا في الوقوف إلى جانب قيم المرشد الأعلى علي خامنئي".

وسرعان ما حاول النظام الإيراني أن ينأى بنفسه عن تصريحات أبازاري، مدعيا أنها كانت مجرد "آراء شخصية".

"إمبراطورية اقتصادية هائلة"

وكانت منظمة الحرس الثوري الإيراني في العام 1979 لتوفير ثقل موازن للقوات المسلحة النظامية، بحيث تكون تابعا للمرشد الأعلى بشكل مباشر.

ويحصل عناصر الحرس على حصص غذائية مثل اللحوم والزيت والأرز ، لكن ذلك لم يوقف حالة الاستياء لدى بعض العناصر في الباسيج مما جعلهم يتقاعسون عن المشاركة في قمع الاحتجاجات بشكل قوي.

والانشقاق عن الحرس الثوري أو عصيان الأوامر، تكون عقوبته الإعدام، وفي هذا الصدد يقول  الإعلامي مرتضى عباس زاده: "هؤلاء الشباب (الفقراء) كانوا يبحثون ببساطة عن وظائف مستقرة، لكن الكثير منهم لم يتخيلوا أبدا أن أوضاعهم سوف تكون هكذا".

وأضاف: "إنهم يعيشون في مساكن منعزلة، لذا فهم يخفون ما يفعلونه حقا عن عائلاتهم، مشيرا إلى أن التحدي الرئيسي للنظام هو "الحفاظ على التماسك" داخل تلك الميليشيات.

ويملك الحرس الثوري الإيراني  إمبراطورية أعمال تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، حيث انخرطت تلك المنظمة بعد انتهاء الحرب مع العراق في ثمانينيات القرن الماضي في عمليات إعادة الإعمار.

كما وسعت مصالحها الاقتصادية لتشمل شبكة واسعة من الأعمال التجارية، بدءا من مشاريع النفط والغاز وصولا إلى قطاع البناء وقطاع الاتصالات، دون أن تدخل نفقاتها وأرباحها في الميزانية الرسمية للبلاد.

وقال المحلل الاقتصادي، ماراردو سورغوم، للصحيفة البريطانية: "تمويل حزب الله والأموال التي تقدم إلى النظام السوري والمليشيات في العراق لا تدخل في الميزانية وبالتالي هذه المعلومات مخفية عن الشعب الإيراني".

تساؤولات تثار  بشان الزعيم الجديد لحزب الله في حل تأكد مقتل هاشم صفي الدين
تساؤولات تثار بشان الزعيم الجديد لحزب الله في حل تأكد مقتل هاشم صفي الدين

أثار الغموض بشان مصير هاشم صفي الدين، الخليفة المحتمل لنصرالله، بعد الغارة الاسرائيلية يوم الجمعة على الضاحية الجنوبية في بيروت، تكهنات وتساؤلات عدة بشأن الزعيم الجديد لهذه الجماعة في حال تأكد مقتله.

وكان مراسل موقع "أكسيوس" الأميركي، قد نقل عن ثلاثة مسؤولين إسرائيليين، قولهم إن ضربة إسرائيلية استهدفت في ساعة مبكرة من صباح الجمعة، صفي الدين. في وقت ذكرت وكالة فرانس برس نقلت عن "مصدر رفيع" في حزب الله، السبت، قوله إن الاتصال مع صفي الدين "مقطوع" بعد الغارة.

وكان من المتوقع على نطاق واسع أن يخلف صفي الدين، الأمين العام للجماعة اللبنانية المصنفة إرهابية في أميركا ودول أخرى، حسن نصرالله، الذي قتلته إسرائيل قبل نحو أسبوع.

ويطرح اغتيال نصر الله، والغموض بشأن مصير صفي الدين، تساؤلات بشأن مصير الحزب وخليفة أمينه العام في المرحلة المقبلة.

إذاعة "فويس أوف أميركا" ذكرت في سبتمبر الماضي، أن وسائل الإعلام اللبنانية تناولت اسم نعيم قاسم لخلافة حسن نصرالله، إضافة إلى هاشم صفي الدين، بحسب تعبيرها.

أما هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" فقد ذكرت في مطلع أكتوبر الحالي أنه بعد إعلان حزب الله مقتل أمينه العام، نصرالله، بدأ الحديث عن اختيار أمين عام جديد للحزب من بين عدد محدد من الأسماء، من أبرزها نعيم قاسم، نائب الأمين العام الأول للحزب.

صحيفة وول ستريت جورنال ذكرت بدورها في أواخر سبتمبر الماضي، أنه من المتوقع أن يبقى حزب الله كمنظمة مسلحة وسياسية واجتماعية في لبنان، ولديه قادة آخرون يُعتبرون خلفاء محتملين. ومع ذلك، لم يُسمع عن أي منهم علنًا منذ الهجوم يوم الجمعة، ولا يمتلك أي منهم ملفًا يقترب من شخصية حسن نصرالله.

إضافة إلى صفي الدين، سلطت الصحيفة الضوء على نعيم قاسم والذي كان نائبا لحسن نصر الله، وتقول إن قاسم لديه المؤهلات الدينية والسياسية، بما في ذلك الروابط مع إيران، ليكون مرشحًا لزعامة حزب الله.

ونشرت الصحيفة تفاصيل هيكلية القيادة للحزب، فبعد نصر الله، يأتي قاسم، ثم أعضاء مجلس الشورى وهم كل من محمد يزبك، وإبراهيم أمين السيد، وهاشم صفي الدين، ومحمد رعد.

أما "مجلس الجهاد"، وهو المجلس المسؤول عن إدارة النشاط العسكري للحزب، فيضم كلا من فؤاد شكر الذي قتل في يوليو الماضي في غارة ببيروت، وطلال حمية، وإبراهيم عقيل الذي قتل أيضا في سبتمبر الماضي ببيروت، وشخص رابع لم تحدد هويته.

ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن مصادر مقربة لحزب الله ترجيحها بأن نائب أمين عام الحزب الشيخ نعيم قاسم هو الذي سيتولى قيادة الحزب "لمرحلة مؤقتة". 

وعقب اغتيال نصرالله وقبل غارة الجمعة التي أثارت التساؤلات بشأن مصير صفي الدين، قال قاسم، يوم الاثنين، إنه سيتم اختيار أمين عام للحزب "في أقرب فرصة".

نعيم قاسم: حزب الله سيختار أمينا عاما في أقرب فرصة
قال نائب الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، الاثنين، إنه سيتم اختيار أمين عام للحزب "في أقرب فرصة" بعد اغتيال قائده، حسن نصر الله، بغارة إسرائيلية، الجمعة، قال إنها أودت بأربعة آخرين، بينهم نائب قائد عمليات الحرس الثوري الإيراني.

وتقول الصحيفة الأميركية، إن زعيم حزب الله القادم سيواجه "أصعب لحظة" في تاريخ الجماعة الذي يمتد لأربعة عقود. بسبب الهجمات المدمرة التي تنفذها إسرائيل والتي أدت إلى مقتل نصرالله وقادة اخرين في الحزب،

وكالة رويترز للأنباء ذكرت أن نعيم قاسم شغل منصب نائب الأمين العام لحزب الله منذ عام 1991. وبدأت نشأته السياسية في حركة أمل الشيعية اللبنانية، التي تأسست في عام 1974.

ترك حركة أمل عام 1979، بعد الثورة الإسلامية في إيران، وشارك في اجتماعات أدت إلى تشكيل حزب الله، الذي تأسس على يد حرس الثورة الإيراني  عام 1982. كان أحد المتحدثين البارزين باسم حزب الله، حيث أجرى العديد من المقابلات مع وسائل الإعلام الأجنبية. وكان المنسق العام لحملات حزب الله الانتخابية البرلمانية منذ أن بدأ الحزب في التنافس فيها في عام 1992

ولد قاسم عام 1953 في منطقة البسطة التحتا في بيروت وهو متزوج ولديه ستة أطفال، بحسب رويترز.