مسيح علي نجاد بعد خروجها من قاعة المحكمة
مسيح علي نجاد بعد خروجها من قاعة المحكمة

حُكم على مواطنة أميركية ذات أصول إيرانية تقيم في كاليفورنيا بالسجن 4 سنوات بتهمة التآمر على انتهاك العقوبات الأميركية ضد إيران، حسبما أعلنت وزارة العدل الأميركية.

وأعلن المدعي العام للولايات المتحدة عن المنطقة الجنوبية لنيويورك، داميان ويليامز، الجمعة، أن نيلوفر بهادوريفار، حُكم عليها بالسجن لمدة 4 سنوات بتهمة التآمر على انتهاك قانون السلطات الاقتصادية الطارئة الدولية (IEEPA) من خلال تقديم الخدمات المالية لإيران وحكومتها في انتهاك للعقوبات الأميركية.

وبحسب بيان لوزارة العدل الأميركية، فإن بهادوريفار أقرت بالذنب في 15 ديسمبر 2022 أمام قاضي المحكمة الجزئية الأميركية، روني أبرامز، الذي أصدر الحكم الأخير.

وقال المدعي، داميان ويليامز، "لقد انتهكت نيلوفر بهادوريفار العقوبات عمدا وقدمت دعما ماليا لأصول المخابرات الإيرانية، الذين شاركوا بدورهم في مؤامرة لاختطاف ناشط إيراني في مجال حقوق الإنسان يعيش بالولايات المتحدة سعت الحكومة الإيرانية إلى إسكاته".

وربطت صحيفة "نيويورك تايمز" القضية بمؤامرة وصفتها بالـ "جريئة" لاختطاف الناشطة الأميركية الإيرانية، مسيح علي نجاد، بعد فرارها من بلادها عام 2009

وقال المدعون إن عملاء إيرانيين وظفوا محققين خاصين في الولايات المتحدة لم يكونوا على دراية بالخطة، لكنهم تجسسوا على الصحفية، مسيح علي نجاد، لدرجة إنهم بثوا فيديو مباشر وعالي الدقة لمنزلها.

وبحسب الصحيفة الأميركية، فإن بهادوريفار تلقت رسالة من شخص ما في إيران يطلب منها تحويل أموال عبر تطبيق" باي بال" لشخص آخر في مانهاتن وذلك خلال صيف عام 2020.

وحولت بهادوريفار مبلغ 670 دولارا كأجر للمحققين الذين وظفتهم إيران ضمن مؤامرة اختطاف الناشطة نجاد دون أن تكون بهادوريفار تعلم بذلك.

قالت علي نجاد، التي مثلت أمام المحكمة، إن استهدافها من قبل الحكومة الإيرانية لن يردع نشاطها، لكنها اعترفت بأن عملية ملاحقتها سببت لها خسائر فادحة.

وقالت إنها عانت من الكوابيس وتنقلت للعيش في منازل آمنة بعد أن أجبرت على مغادرة منزلها الذي عاشت به 10 سنوات.

قالت للقاضي أبرامز من محكمة المقاطعة الفدرالية في مانهاتن، "لم أعد أشعر بالأمان في أميركا"، مضيفة: "أفتقد الشوارع التي تصطف على جانبيها الأشجار في زاويتي في بروكلين، وأفتقد جيراني"، حسبما نقلت عنها "نيويورك تايمز".

بعد دقائق، اعتذرت بهادوريفار باكية عن جريمتها، وقالت مخاطبة علي نجاد، "أشعر بالإهانة لأنني شاركت في محاولة لإلحاق الأذى بك حتى لو لم أكن على علم بذلك". وأضافت: "أنت بطلة لكل الإيرانيين".

وأكد محامو بهادوريفار في رسالة إلى المحكمة أنها لا تعلم بمؤامرة الاختطاف، وأشاروا إلى أنها ساعدت العملاء الإيرانيين؛ لأنها تعرضت للترهيب.

وأضافوا أن بهادوريفار اعتقلت في إيران عندما كانت في العاشرة من عمرها وتعرضت أختها وابنة أختها اللتان تعيشان هناك للتهديد من قبل النظام.

وقالوا إن صديقا قديما للعائلة قد خدع بهادوريفار لتحويل المبلغ عبر تطبيق "باي بال".

FILE PHOTO: Military personnel stand guard at Iran's Isfahan nuclear facility
جنود إيرانيون يحرسون محطة أسفهان النووية.

نشرت الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة قاذفات من طراز بي-2 على مقربة من إيران، في إشارة قوية للجمهورية الإسلامية بما قد يحدث لبرنامجها النووي إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق يحد من نشاطه.

وقاذفات بي-2 هي الطائرات الوحيدة القادرة على إسقاط أقوى القنابل الخارقة للتحصينات.

لكن خبراء عسكريين ونوويين يقولون إنه حتى مع وجود مثل هذه القوة النارية الهائلة، فإن أي عمل عسكري أميركي -إسرائيلي لن يؤدي على الأرجح إلا لتعطيل مؤقت لبرنامج يخشى الغرب أن يكون هدفه بالفعل إنتاج قنابل نووية ذات يوم، وهو ما تنفيه إيران.

والأسوأ من ذلك، أن يدفع أي هجوم إيران إلى طرد مفتشي الأمم المتحدة النوويين، والتحرك لجعل البرنامج المدفون جزئيا تحت الأرض مدفونا بالكامل، والإسراع نحو التحول إلى دولة مسلحة نوويا، مما يضمن ويُعجل في الوقت نفسه بتلك النتيجة المخيفة.

وقال جاستن برونك، وهو باحث بارز في مجال القوة الجوية والتكنولوجيا في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، وهو مركز بحثي دفاعي بريطاني "في نهاية المطاف، وباستثناء تغيير النظام أو الاحتلال، من الصعب جدا تصور كيف يمكن لضربات عسكرية أن تدمر مسار إيران نحو امتلاك سلاح نووي".

وأضاف برونك "سيكون الأمر في جوهره محاولة لإعادة فرض قدر من الردع العسكري، وإلحاق خسائر والعودة بزمن الاختراق إلى ما كنا عليه قبل بضع سنوات".

ويشير زمن الاختراق إلى المدة التي قد يستغرقها إنتاج مواد انشطارية بكميات كافية لإنتاج قنبلة نووية، ويتراوح هذا الزمن حاليا بين أيام أو أسابيع بالنسبة لإيران. لكن إنتاج قنبلة بالفعل، إذا قررت إيران ذلك، سيستغرق وقتا أطول.

وفرض الاتفاق النووي التاريخي لعام 2015 بين إيران والقوى الكبرى قيودا صارمة على أنشطة إيران النووية مما أطال زمن الاختراق إلى عام على الأقل. لكن الاتفاق انهار بعد انسحاب الولايات المتحدة منه في الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب عام 2018، وهو ما جعل إيران تتخلى كثيرا عن قيوده.

والآن يريد ترامب التفاوض على قيود نووية جديدة في محادثات بدأت في الأيام القليلة الماضية. وقال أيضا قبل أسبوعين "إذا لم يتوصلوا إلى اتفاق، فسيكون هناك قصف".

وأطلقت إسرائيل تهديدات مماثلة. وقال وزير الدفاع يسرائيل كاتس بعد توليه منصبه في نوفمبر إن "إيران معرضة أكثر من أي وقت مضى لقصف منشآتها النووية. لدينا الفرصة لتحقيق هدفنا الأهم وهو إنهاء التهديد الوجودي لدولة إسرائيل ومحوه".

عملية كبرى محفوفة بالمخاطر

يتوزع برنامج إيران النووي على العديد من المواقع، ومن المرجح أن يستهدف أي هجوم معظمها أو جميعها. وحتى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي الهيئة الرقابية النووية التابعة للأمم المتحدة، لا تعرف أين تحتفظ إيران ببعض المعدات الحيوية مثل قطع غيار أجهزة الطرد المركزي التي تُخصب اليورانيوم.

ويقول خبراء عسكريون إن إسرائيل قادرة على تدمير معظم هذه المواقع بنفسها، لكنها ستكون عملية محفوفة بالمخاطر تشمل هجمات متكررة، وستضطر إلى التعامل مع أنظمة مضادة للطائرات مقدمة من روسيا. وسبق أن نجحت إسرائيل في القيام بذلك عندما نفذت ضربات محدودة على إيران العام الماضي.

ويُعد تخصيب اليورانيوم جوهر البرنامج النووي الإيراني، وأكبر موقعين للتخصيب لديها هما منشأة تخصيب الوقود في نطنز الواقعة على عمق ثلاثة طوابق تقريبا تحت الأرض، لحمايتها على ما يبدو من القصف، ومنشأة فوردو المقامة في عمق أحد الجبال.

ولدى الولايات المتحدة مستوى جاهزية أعلى بكثير لضرب هذه الأهداف الصعبة باستخدام أقوى قنبلة خارقة للتحصينات لديها، وهي القنبلة الضخمة التي تزن 30 ألف رطل (14 ألف كيلوغرام)، والتي لا تستطيع إطلاقها حاليا إلا قاذفات بي-2 مثل تلك التي تم نقلها في الآونة الأخيرة إلى دييغو غارسيا في المحيط الهندي والتي لا تمتلكها إسرائيل.

وقال الجنرال المتقاعد في سلاح الجو الأميركي تشارلز والد، الذي يعمل حاليا في المعهد اليهودي للأمن القومي الأميركي، "إسرائيل لا تملك ما يكفي من القنابل عيار 5000 رطل" لتدمير فوردو ونطنز. ويدعم هذا المعهد جهود تعزيز علاقات دفاعية وثيقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل.

وكان الجنرال المتقاعد يشير إلى أكبر قنبلة خارقة للتحصينات في الترسانة الإسرائيلية. وقال إن مشاركة الولايات المتحدة ستجعل الهجوم أسرع وتزيد من احتمالات نجاحه لكنه توقع أن يستغرق الأمر أياما.

ماذا سيحدث في اليوم التالي؟

قال إريك بروير من مبادرة التهديد النووي، وهو محلل استخبارات أميركي سابق "ربما تسبب ضربة أميركية ضررا أكبر من ضربة إسرائيلية، ولكن في كلتا الحالتين، الأمر يتعلق بكسب الوقت، وهناك خطر حقيقي في أن تدفع (أي ضربة) إيران نحو القنبلة بدلا من إبعادها عنها".

وأضاف "يمكن للضربة أن تعرقل البرنامج وتؤخره، لكنها لا تستطيع تدميره".

ومن الممكن تدمير المواقع النووية، لكن خبرة إيران المتقدمة في تخصيب اليورانيوم لا يمكن تدميرها. وقال محللون ومسؤولون إن منعها من إعادة بناء المواقع سيكون مستمرا وصعبا للغاية.

وقالت كيلسي دافنبورت من رابطة الحد من انتشار الأسلحة "ماذا سيحدث في اليوم التالي؟ سترد إيران على الهجمات على برنامجها النووي بتحصين منشآتها وتوسيع برنامجها".

وبعد إلغاء رقابة إضافية من الوكالة الدولية للطاقة الذرية أقرت بموجب اتفاق 2015، يرى كثير من المحللين خطرا يتمثل في أن إيران، في حال تعرضها لهجوم، ستطرد مفتشي الوكالة الذين يعملون بمثابة عيون للعالم في مواقع مثل نطنز وفوردو.

وقال علي شمخاني، المسؤول الأمني الإيراني البارز والمستشار الحالي للزعيم الأعلى علي خامنئي، على موقع التواصل أكس الأسبوع الماضي "استمرار التهديدات الخارجية ووجود إيران في حالة ترقب هجوم عسكري قد يؤدي إلى إجراءات رادعة، بما في ذلك طرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ووقف التعاون".

وتلك الخطوة لم تتخذها دولة غير كوريا الشمالية التي أجرت بعد ذلك تجربتها النووية الأولى.

وقال جيمس أكتون من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي "إذا قصفتم إيران فمن شبه المؤكد، في اعتقادي، أن إيران ستطرد المفتشين الدوليين وتندفع نحو إنتاج قنبلة".