اعتصام نظمه بهائيون في ريو دي جينيرو في البرازيل عام 2011 لمطالبة السلطات الإيرانية بإطلاق سراح معتقلين من الطائفة البهائية
اعتصام نظمه بهائيون في البرازيل عام 2011 لمطالبة إيران بإطلاق سراح سجناء من نفس ديانتهم (أرشيف)

قبل 40 عاما، اقتيدت عشر نساء بهائيات لا تتجاوز أعمار معظمهن الثلاثين، وتبلغ أصغرهن 17 عاما، واحدة تلو الأخرى إلى حبل المشنقة في ساحة بمدينة شيراز جنوب إيران.

وكانت قد وُجّهت لهن اتهامات بينها التجسس، لكن بالنسبة لأنصارهن حول العالم جريمتهن الوحيدة هي أنّهن من أتباع الديانة البهائية التي رفضن التخلي عنها حتى لو دفعن حياتهن ثمنا لذلك.

ويحيي البهائيون، الأحد، ذكرى مرور 40 عاما على إعدام عشر من نساء الطائفة في شيراز يوم 18 يونيو 1983، في انتهاك اعتُبر من بين الأفظع بحق الأقلية التي لطالما تعرضت للاضطهاد في عهد الجمهورية الإسلامية.

وما زال إعدامهن يثير الرعب في أوساط البهائيين، لكنه يعد ملهما أيضا بالنسبة للأقلية التي تستمر في مواجهة التمييز يوميا في إيران.

ويأمل البهائيون أيضا أن تستمد جميع الإيرانيات القوة منهن بعد الاحتجاجات التي قادتها النساء منذ سبتمبر.

وتقول ممثلة الجامعة البهائية العالمية بالأمم المتحدة في جنيف، سيمين فهنديج، إن "عددا لا يحصى من النساء سلكن الطريق الشاق باتجاه المساواة بين الجنسين على مر العقود، وقد تركت تضحيات أولئك اللاتي اخترن الدفاع عن مبادئهن ولو على حساب حياتهن آثارها على هذا الطريق".

التخلي عن البهائية

في أكتوبر ونوفمبر من العام 1982، أوقفت النساء وعُذبن وحُرمن من حق التواصل مع محامين وعُرض عليهن اعتناق الإسلام لإنقاذ حياتهن، بحسب الجامعة البهائية العالمية.

لكنهن رفضن التوقيع على البيانات التي أعدت لهن، وفي 18 يونيو من العام 1983 نُقلن من سجنهن إلى ساحة جوكان في شيراز، حيث تم شنقهن الواحدة تلو الأخرى أمام أعين بعضهن البعض.

وقبل يومين على ذلك، أُعدم ستة رجال بهائيين في الساحة ذاتها، بعضهم أقارب النساء العشر.

وبالمجموع، أعدم أكثر من 200 من البهائيين في سلسلة عمليات شنق أعقبت الثورة الإسلامية العام 1979، وفق الجامعة.

ويؤكد مدير المكتب البهائي للشؤون العامة في الولايات المتحدة، أنتوني فانس، أن ثمة "شعورا كبيرا بالاعتزاز بإيمان وشجاعة النساء العشر القائمة على التفاني وقوتهن في مواجهة الضغط الجسدي والنفسي الشديد".

وأفادت سوسن ثابت، وهي قريبة، أختر ثابت، (إحدى النساء اللواتي اعدمن عن عمر 25 عاما)، بأن لديها "ذكريات جيدة" عنها كشخصية "نقية ولطيفة وودودة واجتماعية"، وأنها عملت ممرضة قبل موتها.

وقالت ثابت: "حتى في السجن، بدأت مساعدة المسنين والمرضى ... كانت تعد فطورهم وتقدم لهم العلاج الطبي وتغسل ملابسهم".

وأوضحت: "طُلب منها مرارا خلال التحقيق التخلي عن عقيدتها واعتناق الإسلام ليتم إطلاق سراحها"، لكن أختر ثابت أصرت على الرفض وبالتالي أعدمت.

بدورها، وصفت روحي جهانبور، التي أوقفت بداية مع النساء قبل أن يُطلق سراحها وتهرب إلى الخارج، النساء بأنهن كن "أشخاصا عاديين أحببن عائلاتهن ومواصلة تعليمهن وعيش حياتهن".

وتستذكر لحظة تلقيها نبأ إعدامهن قائلة: "شكل الأمر صدمة فظيعة بالنسبة لي. كان مدمرا. عرفت الفتيات جيدا".

لكنها لم تتفاجأ بقرارهن عدم التخلي عن معتقدهن، مؤكدة: "لدى مواجهتهن هذا الخيار ... كن على استعداد للتخلي عن حياتهن. كانت الحياة والعقيدة أمرا واحدا بالنسبة لهن".

 "قمع شديد"

ويرتدي إحياء الذكرى أهمية خاصة بالنسبة للبهائيين في وقت يشيرون فيه إلى أن من بقي منهم بإيران يواجهون موجة اضطهاد جديدة.

ولا تعترف السلطات الإيرانية بالعقيدة البهائية بخلاف حال أديان الأقليات الأخرى غير المسلمة مثل المسيحية واليهودية والزرادشتية، رغم أن تلك الطائفة ما تزال أكبر أقلية غير مسلمة في البلاد.

وتعتبر البهائية ديانة حديثة نسبيا تعود جذورها إلى مطلع القرن التاسع عشر في إيران، وتدعو إلى الوحدة والمساواة بين البشر.

ويشتكي البهائيون من تعرضهم للتمييز رسميا في حياتهم اليومية، ما يجعل من إطلاق شركة تجارية أو حتى دفن موتاهم أمرا صعبا للغاية، كما أنهم محرومون بشكل منهجي من مواصلة تعليمهم العالي في الجمهورية الإسلامية.

ويؤكد فانس أن الاضطهاد ازداد الصيف الماضي مع تعرضهم لاعتقالات وعمليات دهم. وأُعيد اعتقال ماهواش ثابت وفاريبا كمال أبادي، المنضويتان سابقا ضمن مجموعة قيادية غير رسمية للبهائيين في إيران تم حلها منذ زمن طويل، وحُكم عليهما بالسجن 10 سنوات، علما بأنهما قضتا عشر سنوات سابقا في السجن من العام 2008 حتى 2018.

وقال فانس إن "القمع اليوم شديد وشامل ويحتل كافة جوانب الحياة اليومية للبهائيين".

الكولبار.. معاناة لا تنتهي في إيران (رويترز)
الكولبار.. معاناة لا تنتهي في إيران (رويترز)

قتل أكثر من 63 عتالا إيرانيا، وأصيب 284 آخرين خلال العام الماضي والربع الأول من العام الحالي، أثناء نقلهم البضائع في المناطق الحدودية والطرق الجبلية بين كردستان إيران وإقليم كردستان العراق.

والعتّال أو "الكولبار" باللغة الكردية والفارسية، يقوم عادة بنقل بضائع من الجانب الإيراني لبيعها في الجانب العراقي، والعكس، في رحلة تدوم 12 ساعة من جانب إلى آخر.

وقالت منظمة "هانا" لحقوق الإنسان (منظمة كردية إيرانية) في تقرير لها خصت به موقع "الحرة" أن غالبية القتلى والجرحى من العتالين سقطوا إثر تعرضهم لنيران مباشرة من قبل الجيش وحرس الحدود الإيراني، بينما كانت الانهيارات الثلجية والتجمد وانفجار الألغام والسقوط من المرتفعات وحوادث السير، سببا لمقتل واصابة الآخرين منهم.

وكشفت المنظمة في إحصائية خاصة لـ"الحرة" أنه "بلغ إجمالي عدد القتلى من العتالين في عام 2024، 59 قتيلاً و271 جريحاً، ومن بين القتلى، لقي 41 شخصا مصرعهم بنيران مباشرة من قبل قوات الحكومة الإيرانية، بينما أصيب 216 شخصا بنيران مباشرة من قبل القوات الحكومية، و4 آخرين نتيجة انفجار ألغام أرضية، والبقية إثر حوادث طبيعية وحوادث طرق."

وبحسب احصائيات "هانا" قُتل 4 عتالين وجُرح 13 آخرين في الأشهر الثلاثة الأولى من عام الحالي 2025، اثنان من القتلى سقطا بنيران مباشرة من قبل القوات الإيرانية، بينما قتل الاثنان الآخران بسبب البرد والانهيارات الأرضية، مشيرة إلى أن جميع الجرحى أصيبوا بنيران القوات الإيرانية.

وذكرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير، لها نشرته في يوليو الماضي، أن "قوات الأمن الإيرانية تقتل أكراداً ينقلون البضائع عبر الحدود".

واتهمت المنظمة في تقريرها السلطات الإيرانية بـ"استخدام القوة المفرطة والقاتلة ضد أشخاص غالبيتهم أكراد يعبرون الحدود من العراق ومعهم بضائع لإعادة بيعها."

واعتبرت "هيومن رايتس ووتش" أن المعدلات المرتفعة للبطالة والفقر في كردستان إيران تعود لقمع السلطات الإيرانية وتهميشها المجتمعات الكردية منذ فترة طويلة.

وفي الوقت ذاته، حثّت المنظمة السلطات الإيرانية على تطوير فرص اقتصادية مستدامة في المناطق الحدودية لتقليل الاعتماد على نقل البضائع عبر الحدود، حتى تتمكن هذه المجتمعات من تدبّر أمورها اقتصادياً.