أيران تستهدف أهالي من خرجوا في احتجاجات خلال العامين الماضيين
أيران تستهدف أهالي من خرجوا في احتجاجات خلال العامين الماضيين

جددت السلطات الإيرانية قمعها للنساء اللواتي يخالفن قواعد اللباس في محاولة لفرض السيطرة بعد الاحتجاجات العنيفة التي تلت وفاة مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق في البلاد.

ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن السلطات أغلقت، هذا الأسبوع، مكتبا لشركة ديجيكالا الرائدة في مجال التجارة الإلكترونية في البلاد، والمعروفة شعبيا باسم أمازون الإيرانية، بعد أن شوهدت موظفاتها على وسائل التواصل الاجتماعي دون الحجاب الإلزامي.

وأعيدت دوريات الشوارع على نطاق واسع لفرض قواعد اللباس الإسلامي في البلاد، وأغلقت مئات المقاهي والمطاعم والمتنزهات الترفيهية بسبب ما اعتبرته السلطات انتهاكا لقواعد اللباس.

كما أغلقت الشرطة مؤخرا صالونا جديدا لتصفيف الشعر بعد انتشار مقطع فيديو لنساء غير محجبات في حفل الافتتاح.

وقضت محكمة هذا الشهر على امرأة بشهر من غسل الجثث وتجهيزها للدفن، بعد أن ضبطت وهي تقود سيارتها بدون حجاب في مدينة جنوب العاصمة طهران. وحكم على امرأة أخرى بـ 270 ساعة من تنظيف المباني المملوكة للحكومة بتهمة انتهاكها لقانون الحجاب.

ويأتي الضغط الجديد على الإيرانيات بعد أن قالت شرطة البلاد، هذا الشهر، إن الضباط سيستأنفون دوريات الشوارع للحفاظ على قواعد اللباس التي تتطلب من النساء تغطية شعرهن بالحجاب وأجسادهن بملابس فضفاضة. وتوبيخ الرجال لارتدائهم السراويل القصيرة.

وعلى الرغم من حملة القمع، فإن عددا متزايدا من النساء ينتهكن قواعد اللباس، وفق الصحيفة.

وفي طهران، تجلس النساء لأكل المعجنات المحضّرة على الطريقة الفرنسية مرتديات الجينز الضيق والحجاب الفضفاض الذي يكشف ضفائرهن.

وهناك نساء يركبن الدراجات النارية في جميع أنحاء المدينة، ويتباهين بالوشوم، الذي يعتبر أيضا غير إسلامي.

ولا يعد ركوب دراجة نارية غير قانوني بالنسبة للنساء الإيرانيات، ولكن في الممارسة العملية، نادرا ما تمنح السلطات النساء ترخيصا للقيام بذلك.  

وتم حل قوة شرطة الآداب في البلاد بعد أشهر من الاحتجاجات، التي اندلعت بعد وفاة أميني عقب اعتقالها بتهمة ارتدائها ملابس غير محتشمة.

ومنذ ذلك الحين، تولت الشرطة النظامية على نحو متزايد المهام التي كانت تتولاها شرطة الآداب في السابق.

وعند الإعلان عن استئناف دوريات الشوارع، قال متحدث باسم الشرطة إن الأشخاص الذين يتم القبض عليهم وهم ينتهكون قواعد اللباس سيتم تحذيرهم أولا، ثم محاكمتهم إذا لم يمتثلوا.

وتشن السلطات الحملة على ديجيكالا، وهي منصة للتجارة الإلكترونية تستضيف ما يقرب من 250 ألف بائع وتوظف ما يقرب من 9000 شخص، في محاولة لدعم الأعراف الاجتماعية في البلاد.

وعزلت العقوبات إيران عن أجزاء من الاقتصاد العالمي، بما في ذلك مواقع التجارة الإلكترونية مثل أمازون.  

وكجزء من مراقبتها للشركات الخاصة، تستخدم الحكومة إنستغرام لتحديد المؤسسات التي تُنتَهك فيها قواعد اللباس الإسلامي.

وكثفت السلطات الإيرانية، في الأشهر الماضية، من قمع مخالفات إلزامية وضع الحجاب والقواعد الصارمة للباس في الجمهورية، وفق ما قالت منظمة العفو الدولية، الأربعاء.

ومع تراجع حدة الاحتجاجات بشكل ملحوظ في الأشهر الماضية، قالت منظمة العفو (أمنستي) في تقرير إن سلطات إيران عمدت إلى التشدد مجددا، خصوصا منذ أبريل.

السوداني استقبل بزشكيان في مطار بغداد
السوداني استقبل بزشكيان في مطار بغداد

وصل الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، صباح الأربعاء، إلى بغداد في أول زيارة له إلى الخارج منذ انتخابه في يوليو الماضي.

وجاء في بيان لمكتب رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أن هذا الأخير استقبل بزشكيان، مرفقا بيانه بصورة يتصافح فيها الرجلان على مدرج المطار.

ويسعى الرئيس الإيراني لتعزيز العلاقات الثنائية الوثيقة أصلا بين البلدين.

وتعهد بزشكيان إعطاء "الأولوية" لتعزيز العلاقات مع الدول المجاورة في إطار سعيه إلى تخفيف عزلة إيران الدولية وتخفيف تأثير العقوبات الغربية على الاقتصاد، وفقا لفرانس برس.

وقال في أغسطس "العلاقات مع الدول المجاورة (...) يمكن أن تحيّد قدرا كبيرا من الضغوط الناجمة عن العقوبات".

كما تعهد بزشكيان خلال حملته الانتخابية السعي لإحياء الاتفاق الدولي لعام 2015 الذي أتاح رفع عقوبات اقتصادية عن طهران لقاء تقييد أنشطتها النووية. وانسحبت الولايات المتحدة أحاديا من الاتفاق في 2018 معيدة فرض عقوبات قاسية خصوصا على صادرات النفط.

وعيّن بزشكيان مهندس اتفاق عام 2015 الدبلوماسي المخضرم، محمد جواد ظريف، نائبا له للشؤون الاستراتيجية في إطار سعيه إلى انفتاح إيران على الساحة الدولية.

وتعززت العلاقات بين العراق وإيران خلال العقدين الماضيين بعد الغزو الأميركي في العام 2003 الذي أطاح بنظام، صدام حسين.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، هذا الأسبوع "ستكون هذه الرحلة فرصة لتعزيز وتعميق العلاقات الودية والأخوية بين البلدين في مختلف المجالات".

وذكر موقع الرئاسة الإيرانية الإلكتروني، الخميس الماضي، أن زيارة بزشكيان ستستمر ثلاثة أيام. وأشار إلى أن الرئيس الإيراني سيعقد، بالإضافة إلى الاجتماعات الرسمية، لقاءات مع إيرانيين في العراق ومع رجال أعمال. وسيزور النجف وكربلاء والبصرة.

شريكان تجاريان

وتتمتع إيران التي تعد أحد الشركاء التجاريين الرئيسيين للعراق بنفوذ سياسي كبير في العراق. ويهيمن حلفاء طهران العراقيون على البرلمان، وكان لهم دور أساسي في اختيار رئيس الحكومة الحالي.

ويزور سنويا ملايين الإيرانيين مدينتَي النجف وكربلاء العراقيتين المقدستين.

وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن حجم التجارة غير النفطية بين إيران والعراق بلغ نحو خمسة مليارات دولار بين مارس ويوليو 2024.

وتصدّر إيران كذلك ملايين الأمتار المكعبة من الغاز يوميا إلى العراق لتشغيل محطات الطاقة. وهناك متأخرات في الدفع على العراق مقابل هذه الواردات التي تغطي 30% من احتياجاته من الكهرباء، تقدر بمليارات الدولارات.

وفي سبتمبر 2023، أطلق البلدان "مشروع ربط البصرة-الشلامجة" للسكك الحديد وهو خط سيربط المدينة الساحلية الكبيرة في أقصى جنوب العراق بمعبر الشلامجة الحدودي على مسافة أكثر من 32 كيلومترا.

تعاون أمني

وتأتي زيارة بزشكيان وسط اضطرابات في الشرق الأوسط أثارتها الحرب التي اندلعت في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس - المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى - في السابع من أكتوبر الماضي، والتي دفعت المجموعات المسلحة المدعومة من إيران في جميع أنحاء المنطقة لدعم الفلسطينيين وعقّدت علاقات بغداد مع واشنطن.

وتنشر الولايات المتحدة زهاء 2500 جندي في العراق ونحو 900 في سوريا المجاورة، في إطار التحالف الذي أنشأته عام 2014 لمحاربة تنظيم داعش. ويضم التحالف كذلك قوات من دول أخرى لا سيما فرنسا والمملكة المتحدة.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف في العراق.

وأعلن وزير الدفاع العراقي، ثابت العباسي، الأحد الماضي، أن بغداد وواشنطن توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين"، مرجحا أن يتم توقيع اتفاق بهذا الشأن قريبا.

وسيكون لبزشكيان محطة في أربيل، عاصمة إقليم كردستان الذي يحظى بحكم ذاتي، حيث سيلتقي مسؤولين أكراد، على ما أفادت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية "إرنا".

وفي مارس 2023، وقع العراق وإيران اتفاقا أمنيا بعد أشهر قليلة على تنفيذ طهران ضربات ضد مجموعات كردية معارِضة في شمال العراق.

ومنذ ذلك الحين، اتفق البلدان على نزع سلاح المجموعات المتمردة الكردية الإيرانية وإبعادها عن الحدود المشتركة.

وتتّهم طهران هذه المجموعات بالحصول على أسلحة من جهة العراق، وبتأجيج التظاهرات التي اندلعت في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية، مهسا أميني، في سبتمبر 2022، بعد أيام على توقيفها من جانب شرطة الأخلاق لعدم التزامها بقواعد اللباس الصارمة.

ويوجد في العراق عدة أحزاب وفصائل مسلحة متحالفة مع إيران. وتعمل طهران على زيادة نفوذها في العراق منذ أن أطاح الغزو الذي قادته الولايات المتحدة بصدام حسين في عام 2003.

وقال بزشكيان، وهو معتدل نسبيا، قبل زيارته وفقا لوسائل إعلام رسمية إيرانية "نخطط لتوقيع عدد من الاتفاقيات. سنلتقي مع مسؤولين عراقيين كبار في بغداد".