واشنطن تنفي إجراء مفاوضات مباشرة مع طهران بشأن البرنامج النووي
واشنطن تنفي إجراء مفاوضات مع طهران بشأن البرنامج النووي

نفت الولايات المتحدة وإيران، التقارير التي تفيد بأن الجانبين انخرطا في "مفاوضات سرية"، في أعقاب صفقة تبادل السجناء خلال وقت سابق من هذا الشهر، والتي تضمنت الإفراج عن مليارات الدولارات من الأموال الإيرانية المجمدة.

وقال مسؤول أميركي لإذاعة "فويس أوف أميركا"، الأربعاء، إنه "لا توجد محادثات مباشرة أو غير مباشرة مقررة، بما في ذلك أية محادثات يشارك فيها منسق البيت الأبيض لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بريت ماكغورك".

وتحدث المسؤول الأميركي شريطة عدم الكشف عن هويته، لمناقشة مسائل الأمن القومي.

والثلاثاء، نفت وزارة الخارجية الإيرانية تقريرا إعلاميا، مفاده أن السلطات في طهران "منحت مفاوضيها الإذن بالدخول في محادثات مباشرة مع واشنطن"، لتخفيف العقوبات مقابل إبطاء إيران لبرنامجها لتخصيب اليورانيوم.

وقالت الوزارة إن "هذه ألاعيب إعلامية لا أساس لها من الصحة، طالما استخدمت لإثارة أجواء سياسية"، حسبما نقلت وكالة الأنباء الرسمية (إرنا).

من لحظات عودة المعتقلين الأميركيين إلى بلدهم
واشنطن - طهران.. ماذا بعد إتمام صفقة تبادل الرهائن؟
5 رهائن أميركيين خرجوا من السجون الإيرانية، مقابل 5 سجناء إيرانيين أطلقت أميركا سراحهم. فهل انتهت المشكلة؟ وهل يشكل اتفاق التبادل هذا جزءاً من مفاوضات أكبر لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015؟ والأهم، برأي الجمهوريين، هل سيكون النظام الإيراني حراً، حسبما قال الرئيس الإيراني، في صرف المليارات الـ6 التي حررها نظيره الأميركي بموجب الصفقة، لتُصرف حصراً على الغذاء والدواء لا على السلاح والميليشيات التابعة لإيران؟

ومع ذلك، يبدو أن واشنطن تترك الباب مفتوحا أمام أي مفاوضات محتملة مع طهران.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، ماثيو ميلر، ردا على سؤال إذاعة "فويس أوف أميركا" حول ما إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة للدخول في محادثات مباشرة مع إيران: "قلنا دائما إننا منفتحون على الدبلوماسية مع إيران".

وأضاف: "لا أريد أن أخوض في كيفية حدوث أية محادثات من هذا القبيل، لكننا نعتقد أن الدبلوماسية هي أفضل طريق لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي". 

وأشار ميلر إلى أن هناك عددا من الخطوات "تريد الولايات المتحدة من إيران اتخاذها قبل أي محادثات"، بما في ذلك التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وفي اختراق دبلوماسي كبير خلال وقت سابق من هذا الشهر، أبرم المسؤولون الأميركيون والإيرانيون صفقة تم بموجبها إطلاق سراح 5 أميركيين كانوا محتجزين في إيران، مقابل إطلاق سراح 5 إيرانيين متهمين بانتهاك العقوبات الأميركية، وإلغاء تجميد 6 مليارات دولار من عائدات النفط الإيراني.

محادثات "منخفضة المستوى"

ويصر المسؤولون الأميركيون على أن المفاوضات بشأن المبادلة "لا علاقة لها بالجهود المبذولة لإحياء الاتفاق النووي الإيراني"، المعروف رسميا باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة"، وهي صفقة أبرمت عام 2015 للحد من برنامج إيران النووي مقابل تخفيف العقوبات الدولية عنها.

وفي عام 2018، انسحب الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، من الاتفاق. وبعد مرور عام، بدأت إيران في تجاهل القيود المفروضة على برنامجها النووي، مع استمرار إصرارها على أن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية.

ومنذ أبريل 2021، خاضت إيران والقوى الكبرى مباحثات تهدف لإحياء الصفقة مجددا، لكن جولات المفاوضات التي استمرت لأشهر، لم تسفر عن تفاهم لإعادة تفعيل الاتفاق النووي.

وقال الباحث في العلاقات الأميركية الإيرانية والمحاضر بكلية إليوت للشؤون الدولية بجامعة جورج واشنطن، سينا آزودي، نقلا عن مصادر إن "هناك محادثات جارية لتهدئة التوترات".

وأضاف آزودي في حديثه لإذاعة "فويس أوف أميركا"، أن "الهدف الرئيسي للولايات المتحدة في هذه المحادثات، هو تقليص وتيرة تخصيب اليورانيوم الإيراني". 

وأعلنت طهران عام 2021، أنها ستقوم بتخصيب اليورانيوم بنسبة 60 بالمئة، وهو ما من شأنه أن يقلل ما يعرف بوقت الاختراق لبناء سلاح نووي. ولتطوير السلاح النووي، يتطلب تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء تزيد عن 90 بالمئة.

وقال مدير برنامج إيران بمعهد الشرق الأوسط، أليكس فاتانكا، إن مثل هذه المحادثات "يمكن أن تتم بشكل غير مباشر على مستوى أقل، دون أن يدخل فيها ماكغورك وكبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري كني".

وأضاف فاتانكا: "حقيقة أن السلطات في قطر وعمان تقول هذا وتتحدث عن تقديم اقتراحات للمضي قدما في المحادثات النووية، بالنسبة لي تشير إلى أن هذا حقيقي"، في إشارة إلى البلدين اللذين لعبا دورا محوريا في صفقة تبادل السجناء.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، ذكرت وكالة رويترز، أن قطر عقدت اجتماعات ثنائية منفصلة مع واشنطن وطهران تطرقت إلى البرنامج النووي الإيراني، والمخاوف الأميركية بشأن نقل الطائرات بدون طيار الإيرانية إلى روسيا، والتي تستخدم لمهاجمة أوكرانيا.

وقالت الزميلة البارزة في مركز "ستيمسون" للأبحاث، باربرا سلافين، إن "هذه المخاوف وغيرها، بما في ذلك منع الهجمات الإيرانية على الأميركيين في الشرق الأوسط، تم نقلها للطرف الآخر".

لكن باستثناء المحادثات التي جرت خلال وقت سابق من هذا العام بين المبعوث الأميركي الخاص بإيران، روبرت مالي، الذي منح إجازة طويلة غير مدفوعة يونيو الماضي، وسفير إيران لدى الأمم المتحدة، سعيد إيرواني، كان التواصل الجديد غير مباشر.

وقالت سلافين لإذاعة "فويس أوف أميركا": "لا أرى أي اهتمام من جانب بريت ماكغورك بلقاء الإيرانيين في الوقت الحالي".

شارع بالعاصمة الإيرانية طهران- صورة تعبيرية.
شارع بالعاصمة الإيرانية طهران- صورة تعبيرية.

قالت منظمة العفو الدولية، الأربعاء، إن عناصر في قوات الأمن الإيرانية "اغتصبوا وقاموا بأشكال أخرى من أعمال العنف الجنسي في حق نساء ورجال اعتقلوا خلال قمع تظاهرات اندلعت في أنحاء البلاد في سبتمبر 2022".

وأوضحت المنظمة في تقرير نشرته عبر "موقعها الرسمي"، إنها وثقت 45 من حالات الاغتصاب الفردي والجماعي أو العنف الجنسي بحق متظاهرين، في أكثر من نصف المحافظات الإيرانية. 

وعبرت المنظمة عن مخاوف من أن تكون تلك الانتهاكات الموثقة جزءا من "نمط أوسع نطاقا".

وفي التقرير، قالت الأمينة العامة للمنظمة، أنييس كالامار، إن "بحوثنا تكشف كيفية استخدام عناصر المخابرات والأمن في إيران للاغتصاب وغيره من ضروب العنف الجنسي لتعذيب المحتجين – بمن فيهم أطفال لا تتجاوز أعمارهم 12 عامًا – ومعاقبتهم، وإلحاق أذى بدني ونفسي طويل الأمد بهم".

وأكدت المنظمة ومقرها في لندن إنها أطلعت السلطات الإيرانية في 24 نوفمبر على تقريرها "لكن حتى الآن لم تتلق أي رد".

واندلعت الاحتجاجات في إيران في سبتمبر 2022 عقب وفاة الشابة، مهسا أميني، البالغة من العمر 22 عاما) بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق لعدم التزامها القواعد الصارمة للباس في الجمهورية الإسلامية.

عناصر "شرطة الأخلاق" يعود لهم صلاحية توجيه الاتهامات وفرض العقوبات
بعد واقعة فتاة المترو.. نشطاء إيرانيون يتحدثون عن "شرطة الأخلاق الجديدة"
"شرطة الأخلاق لم تذهب حتى تعود"، هذا ما يؤكده عدد من النشطاء الإيرانيين الذين تحدث معهم موقع "الحرة"، بعد إصابة الإيرانية، أرميتا غاراواند، بجروح خطرة خلال مشاجرة اندلعت بينها وبين شرطيات في مترو الأنفاق بالعاصمة الإيرانية طهران.

وقُتل مئات الأشخاص بينهم عشرات من عناصر قوات الأمن، على هامش الاحتجاجات التي استمرت أشهرا قبل أن تتراجع حدتها بشكل كبير أواخر العام الماضي، وفق وكالة "فرانس برس".

وأوقفت السلطات آلاف الأشخاص ونفذت حكم الإعدام في حق سبعة منهم على الأقل في قضايا متصلة بالاحتجاجات.