هنية التقى خامنئي بعد نحو شهر من هجوم السابع من أكتوبر .. أرشيف
هنية التقى خامنئي بعد نحو شهر من هجوم السابع من أكتوبر .. أرشيف

بعدما أجرى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية زيارة إلى طهران في مطلع نوفمبر الحالي والتقى المرشد الإيراني، علي خامنئي بقيت التفاصيل التي ناقشاها غامضة حتى كشفت وكالة "رويترز" النقاب عنها الأربعاء، متحدثة نقلا عن 3 مسؤولين عن "بلاغ وطلب"، سرعان ما نفت صحته الحركة ببيان مقتضب.

ووفق ما قاله المسؤولون، إيرانيان وواحد من حماس، أبلغ خامنئي هنية خلال الاجتماع أن "إيران لن تدخل الحرب نيابة عن الحركة"، لأن الأخيرة لم تبلغهم بالهجوم المفاجئ الذي حصل في السابع من أكتوبر الماضي.

ولم يقتصر الأمر على ذلك فحسب، حيث أوضح مسؤول من حماس لـ"رويترز" أن "الزعيم الإيراني الأعلى حثّ هنية على إسكات تلك الأصوات في الحركة الفلسطينية التي تدعو علنا إيران وحليفتها اللبنانية القوية جماعة حزب الله إلى الانضمام إلى المعركة ضد إسرائيل، بكامل قوتهما".

ورغم أن زيارة هنية إلى طهران حصلت بالفعل، وأعلن عنها بشكل رسمي، بقيت دون تاريخ محدد. ومع ذلك نشرت عنها وسائل إعلام إيرانية في الخامس من نوفمبر، أي بعد قرابة شهر من تاريخ هجوم السابع من أكتوبر.

وقالت وكالة الأنباء الإيرانية "إيرنا" إن "هنية قدم لخامنئي تقريرا حول آخر التطورات في غزة"، وأن الأخير "أعرب عن تقديره وصبره ومثابرة شعب غزة الصامد".

كما أكد خامنئي، وفق ذات الوكالة "على ضرورة التحرك الجاد من قبل الدول الإسلامية والمنظمات الدولية والدعم الشامل والعملي من الحكومات الإسلامية لشعب غزة"، دون أن يبدي مواقفا أخرى تتعلق بدعم فعلي على الأرض.

"أزمة داخل المحور"

ومنذ الإعلان عن هجوم حماس سارعت إيران إلى نفي علاقتها بما حدث، وسار على ذات الرواية زعيم "حزب الله" في لبنان، حسن نصر الله، مكررا على نحو لافت في خطابين عدم علمه بالضربة، وأن طهران كذلك الأمر.

وأكدت 3 مصادر من "حزب الله" لرويترز أن الأخير "فوجئ بالفعل بالهجوم"، وأن مقاتليه "لم يكونوا في حالة تأهب حتى في القرى القريبة من الحدود"، وقال أحد المصادر وهو قيادي: "لقد استيقظنا على الحرب".

وترى الوكالة أن عدم الانخراط الفعلي وبقوة من جانب إيران و"حزب الله" لدعم حماس في قطاع غزة يمثل "أزمة متفاقمة" للمرة الأولى، وترتبط بالصورة العامة بما يسمى بـ"محور المقاومة".

وهذا المحور هو تحالف عسكري غير رسمي شكلته إيران على مدى أربعة عقود لمواجهة إسرائيل والولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وعلى جبهات متعددة في نفس الوقت، ووصلت آخر محطات التنسيق فيه إلى شعارٍ أطلق عليه "وحدة الساحات".

ولم يصدر أي تعليق من جانب طهران بشأن كواليس اللقاء الذي حصل بين خامنئي وهنية، وكشفت عنها "رويترز"، على عكس حماس التي ردّت بالقول: "إننا في حركة المقاومة الإسلامية ننفي صحة ما ورد في هذا التقرير، ويؤسفنا نشر خبر لا أصل له، وندعو الوكالة لتحري الدقة".

لكن وبناء على حديث مصادر ومراقبين تحدثوا لموقع "الحرة" تعتبر المعلومات المتعلقة ببلاغ خامنئي "واقعية"، ويؤكدها "غضب مكبوت" داخل أوساط الحركة وفق باحث فلسطيني و"استراتيجية لا تخرج عن السياق" سلّط الضوء عليها باحثٌ إيراني.

"همهمة وغضب مكبوت"

ويوضح الباحث والمحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور ماجد عزام أن ما قاله خامنئي لهنية بأن "الحركة لم تخبر إيران بالهجوم وأن الأخيرة لن تخوض الحرب نيابة عنها صحيح ومؤكد".

وكان زعيم "حزب الله" قد أشار إلى ذلك مؤخرا، وأضاف أيضا أنه "لم يعلم بقرار الهجوم لا هو ولا إيران"، وجاء إعلانه الضمني عن عدم نيته الانخراط في المعركة بمثابة رد عكسي لما طالب به مسؤولو حماس مرارا.

وفي السابع من أكتوبر دعا قائد الجناح العسكري للحركة، محمد الضيف حلفاء محور المقاومة إلى الانضمام إلى النضال، وقال: "هذا هو اليوم الذي تلتحم فيه مقاومتكم مع أهلكم في فلسطين".

وبدا الإحباط في تصريحات علنية بعد ذلك لقادة الحركة، ومن بينهم خالد مشعل الذي شكر حزب الله في مقابلة تلفزيونية يوم 16 أكتوبر، وقال: "حزب الله قام مشكورا بخطوات لكن تقديري أن المعركة تتطلب أكثر، وما يجري لا بأس به لكنه غير كاف".

ويوضح عزام أن "طلب خامنئي من هنية كبح الأصوات العلنية التي تطلب إيران بتدخل أوسع صحيحة أيضا"، مضيفا لموقع "الحرة": "هناك همهمة وغضب مكبوت في أوساط حماس في الخارج بأن ما يسمى محور الممانعة تخلى عنهم".

ومنذ بداية حرب إسرائيل "كان هناك إيمان في أوساط واسعة من حماس بأن حربا إقليمية أوسع ستؤدي حتما إلى إيقاف الحرب ضد غزة أو بعبارة أخرى: إن لم تكبر لن تصغر".

وكان هناك أيضا "توقع بأن الحرب لن تستمر، وسيكون هناك ضغوط على إسرائيل من جانب محور المقاومة، والذي سيتدخل جديا، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى وقف المجزرة".

لكن ما سبق لم يترجم على الأرض، و"نتحدث الآن عن حرب مستمرة منذ 6 أسابيع وربما يتم الحديث عن 6 أخرى حتى نهاية العام ورأس السنة"، كما يتابع عزام.

ويضيف: "بعد 40 يوما هناك مجزرة مستمرة، وبدأنا نتحدث عن نكبة. رغم أن إسرائيل تقول إن هدفها تحرير الأسرى وتفكيك حماس، تريد في الحقيقة إيقاع نكبة جديدة في 2023".

ماذا عن إيران؟

وبعدما نفذت قصفا جويا وبريا مكثفا أسفر عن محو أحياء كاملة من غزة ومقتل وجرح الآلاف من المدنيين بدأت إسرائيل قبل أسبوعين توغلا بريا، وأعلنت مؤخرا أنها دخلت أحياء المدينة.

ولا يعرف ماذا كانت ستواصل تقدمها البري، وفي المقابل لا تبدو نية إيرانية في التصعيد أو الانخراط في حرب مباشرة سواء من جانبها أو من جانب "حزب الله" في لبنان، الذي يواصل مناوشاته العسكرية على الحدود الشمالية لإسرائيل.

ويعتقد أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران، حسن أحمديان أن التقرير الذي أوردته "رويترز" عن كواليس لقاء خامنئي وهنية "غير واقعي"، ويوضح حديثه بأن "المتابع للقيادة الإيرانية يعلم أنها ليست الطريقة التي تتعامل بها طهران مع حلفائها تاريخيا أو الآن".

ومع ذلك يشير أحمديان إلى أن "طريقة تعاطي إيران مع حماس وغيرها من حلفائها في المنطقة تقوم على استراتيجية مبنية على تعزيز قدرات هؤلاء الحلفاء لكي يتمكنوا من الحرب بأنفسهم".

وفي معنى أوضح "لن تحارب إيران نيابة عن أي طرف أو حركة في المنطقة، بل ستساعد هذه الأطراف بناء على مصالح متبادلة لكي تتمكن من مواجهة الأخطار التي تحيط بها".

ويضيف أحمديان لموقع "الحرة" أن "تعزيز قدرات حماس كان ومازال سياسية إيرانية معلنة، وبالتالي أكثر أو أبعد من ذلك سيكون خارجا عن السياق المعتاد في سياسة إيران الإقليمية".

ولدى إيران تاريخ طويل في تدريب وتسليح الميليشيات المسلحة في المنطقة، من غزة إلى لبنان والعراق وسوريا واليمن، وكانت قد دعمت حماس وساعدتها في تصميم وإنتاج نظام صاروخي في غزة، القطاع الساحلي الفقير والمكتظ بالسكان.

وبينما كانت تنفي خلال الأيام الماضية علمها بهجوم السابع من أكتوبر، اتجهت لتنفي علاقتها بالهجمات التي استهدفت القوات الأميركية في سوريا والعراق، لأكثر من 40 مرة منذ السابع عشر من أكتوبر.

كما انطلقت هجمات من جانب الحوثيين في اليمن، وطالت إحداها مسيرة أميركية وفي أوقات أخرى أعلنت هذه الجماعة التي تدعمها إيران إطلاق طائرات بدون طيار وصواريخ بالستية باتجاه إيلات جنوب إسرائيل.

لكن هذه الهجمات لم تخرج عن إطار الرد والرد المقابل، دون أن تكبح الجيش الإسرائيلي من تنفيذ عملياته على الأرض في غزة، طوال الأسابيع الماضية.

ويقول الباحث الفلسطيني عزام: "نتحدث عن ساحات بعيدة في العراق واليمن وهي لا تمثل فتح أو تكريس فعلي لوحدة الجبهات، بل هي طريق التفافي".

"سوريا تم تجاهلها والوضع في لبنان منضبط"، ويضيف: "لا حزب الله ولا إيران بوارد فتح جبهة. ما يقومون به طرق التفافية لوحدة الساحات، وذلك بعد 40 يوما من نكبة وتدمير نصف غزة بكل معنى الكلمة".

"خيارات صعبة"

وقال مهند الحاج علي الخبير في شؤون "حزب الله" في مركز كارنيجي الشرق الأوسط في بيروت إن هجوم حماس على إسرائيل ترك شركاءها في محور المقاومة أمام خيارات صعبة في مواجهة خصم يتمتع بقوة عسكرية متفوقة بكثير.

وأضاف لـ"رويترز": "عندما توقظ الدب بمثل هذا الهجوم، فمن الصعب جدا على حلفائك أن يتخذوا نفس موقفك".

وتحدث ستة مسؤولين على دراية مباشرة بتفكير طهران أن إيران زعيمة "محور المقاومة" لن تتدخل بشكل مباشر في الصراع ما لم تتعرض هي نفسها لهجوم من إسرائيل أو الولايات المتحدة.

وقالوا لـ"رويترز" إنه بدلا من ذلك يخطط حكام إيران لمواصلة استخدام محور المقاومة من الحلفاء المسلحين، بما في ذلك حزب الله، لشن هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على أهداف إسرائيلية وأميركية في أنحاء الشرق الأوسط.

ويوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران أحمديان أن "هناك ضغط سياسي لإيران في حراكها الإقليمي وآخر من خلال حلفائها من أجل زيادة الدعم لحماس".

وفي المقابل يضيف أن "الحرب المباشرة لم تكن أساسا جزء من استراتيجية إيران منذ القدم، وبالتالي لا يوجد تغيير في هذا السياق وهذا معروف بالنسبة لحماس وإيران وباقي الحلفاء".

"تمكين الحلفاء أساس الاستراتيجية الإيرانية لدعم حلفائها أمام الأعداء، وبالتالي لا أتوقع أن حماس تطلب أو تتوقع تدخلا إيرانيا في الحرب نيابة عنها"، وفق أستاذ العلوم السياسية الإيراني.

وتتعلق "قوة حزب الله وهو أكبر الأذرع الطائفية التابعة لإيران بالدفاع عن الأخيرة في أي حرب مباشرة مع إسرائيل أو أميركا"، حسب الباحث الفلسطيني عزام.

يعود عزام بالذاكرة إلى حرب 2006 في لبنان وخطاب نصر الله الشهير وعبارته "لو كنت أعلم"، ويضيف: "في ذلك الوقت وبّخ خامنئي نصر الله عندما أسر الجنود واندلعت الحرب. قال له بما معناه نحن نصرف مليارات لتكون خط الدفاع الأول عننا وليس من أجل استعادة قنطار".

"الجزء الأهم والأكثر تدميرا من الحرب في غزة حصل بعد مقتل الآلاف وتشريد مليون مدني. المحور لم ولن يتحرك"، ويؤكد الباحث الفلسطيني وجود "غضب مكبوت داخل أوساط حماس، وهو ما طلب خامنئي من هنية كبحه".

"اختبار بالفعل"

ومع طول أمد الحرب الحاصلة في غزة بات "محور المقاومة أمام اختبار جدي وبالفعل"، كما يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران حسن أحمديان.

ويعتقد أن "حديث نصر الله هو جزء من الاستراتجية العامة للمحور ويضاعف الضغط على إسرائيل في المنطقة، ويضاف إليه ما تقوم به جماعة أنصار الحوثي في اليمن".

"جبهات المحور ليست هادئة لكنها ليست في حالة حرب كاملة وشاملة، وهذا الأمر جزء من استراتيجية زيادة الضغط على إسرائيل وأميركا كلما زاد الضغط من جانبهم على غزة".

ويرى أحمديان أن "حماس والمقاومة في غزة يجب أن تبقى. الهدف المعلن لإسرائيل يجب أن لا يتحقق، وهذا ما يمكن فهمه من رؤية إيران وحلفائها في سوريا ولبنان واليمن".

ويبدو أن أعضاء "المحور" ينظرون إلى الوقت باعتباره حليفا، ويتوقعون أن يؤدي الرفض العالمي المتزايد للحملة الإسرائيلية في غزة إلى الضغط على إسرائيل لحملها على وقف إطلاق النار دون تقويض حماس بالكامل.

وفي حالة فشل هذه الاستراتيجية، يقول الباحث الإيراني، حميد رضا عزيزي إنه "من المرجح أن يخطط المحور لأي تصعيد يكون تدريجيا متجنبا شن هجوم واسع النطاق أو إعلان حرب شامل من قبل حزب الله".

ومن الممكن أن يعمل التصعيد خطوة بخطوة على قياس ردود الطرف الآخر مع الحفاظ على خيار إعادة المعايرة وتجنب أزمة لا يمكن السيطرة عليها، ومع ذلك يضيف الباحث: "حتى هذا النهج لا يستبعد احتمال حدوث خطأ خطير في التقدير عند منعطف حرج".

الشرع وإسرائيل

مع أن الخريف يحمل أحيانا مسحة من الكآبة، كان بالإمكان ملاحظة ابتسامات خفيفة على وجوه الرجال الثلاثة في الصور المؤرخة في الثالث من يناير من العام ٢٠٠٠. 

تجمع الصور فاروق الشرع وزير الخارجية السوري آنذاك في عهد حافظ الأسد، ورئيس وزراء إسرائيل إيهود باراك، يتوسطهما الرئيس الأميركي بيل كلينتون. 

يسير الثلاثة على ما يبدو أنه جسر حديدي في غابة مليئة بالأشجار التي تتخلى للخريف عن آخر أوراقها اليابسة في ولاية ويست فرجينيا الأميركية. كان كلينتون يحاول أن يعبر بالطرفين من ضفة إلى أخرى، من الحرب المستمرة منذ عقود، إلى سلام أراده أن يكون "عادلاً وشاملاً".

كانت تلك الورقة الأخيرة المترنحة في شجرة مفاوضات طويلة ومتقطّعة بين إسرائيل وسوريا، استمرت طوال فترة التسعينيات في مناسبات مختلفة. لكن خريف العلاقات بين الطرفين كان قد حلّ، وسقطت الورقة، وتباطأت في سقوطها "الحر" حتى ارتطمت بالأرض. 

كان ذلك آخر لقاء علني مباشر بين مسؤولين سوريين ومسؤولين إسرائيليين على هذا المستوى. لم تفض المفاوضات إلى شيء، وتعرقلت أكثر فأكثر احتمالاتها في السنوات اللاحقة بعد وراثة بشار الأسد رئاسة سوريا عن أبيه الذي توفي في حزيران من العام ٢٠٠٠. 

وفشلت جميع المبادرات الأميركية والتركية بين الأعوام ٢٠٠٠ و٢٠١١ لإعادة الجانبين إلى طاولة المفاوضات المباشرة، مع حدوث بعض المحادثات غير المباشرة في إسطنبول في العام ٢٠٠٨، وكان بشار الأسد يجنح شيئاً فشيئا إلى الارتماء تماماً في الحضن الإيراني.

كان الربيع العربي في العام ٢٠١١ أقسى على بشار الأسد من خريف المفاوضات التي خاضها والده في خريف عمره. وإذا كان موت حافظ الأسد شكّل ضربة قاسمة لاحتمالات التسوية السورية- الإسرائيلية، فإن الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر من العام ٢٠٢٤، أعادت على ما يبدو عقارب الزمن ٢٤ عاماً إلى الوراء، لكن هذه المرة مع شرع آخر هو أحمد الشرع. 

ومع أن الرئيس السوري، المتحدر من هضبة الجولان، قد يبدو لوهلة أكثر تشدداً من الأسد، إلا أن الرجل يبدو أنه يخطو بخطوات سريعة نحو تسوية مع إسرائيل تكون استكمالاً لاتفاقيات أبراهام التي عقدتها إسرائيل برعاية أميركية مع دول خليجية.

الرئيس السوري قال بشكل صريح للنائب الجمهوري في الكونغرس الأميركي، مارلين ستوتزمان، إنه مستعد لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، شريطة الحفاظ على وحدة وسيادة سوريا. 

وقال ستوتزمان في مقابلة حصرية مع صحيفة "جيروزاليم بوست"، إن الشرع أعرب عن انفتاحه على الانضمام إلى اتفاقيات أبراهام، مما قد يعزز مكانة سوريا مع إسرائيل ودول الشرق الأوسط والولايات المتحدة، مشدداً على ضرورة وقف الغارات الإسرائيلية على الأراضي السورية ومعالجة قضايا مثل التوغل الإسرائيلي بالقرب من مرتفعات الجولان.

لم يتلق السوريون تصريحات الشرع بصدمة او استغراب. بل على العكس فإن تصريحات الشرع، كما يقول المحلل السياسي مصطفى المقداد، لم تكن مفاجئة للشارع السوري، "فهو منذ وصوله إلى الحكم قام بإرسال إشارات إلى أنه يرغب بأحسن العلاقات مع جميع جيران سوريا، وقد أبدى استعداده للتنازل عن أمور كثيرة، بهدف تأمين استقرار سوريا ووحدتها". 

وينقل مراسل موقع "الحرة" في دمشق حنا هوشان أجواءً عن أن السوريين بمعظمهم، يرغبون بالسلام وتعبوا من الحروب، ولن يمانعوا عودة المفاوضات تحت قيادة الشرع لسوريا.

المقداد رأى في حديث مع "الحرة" أن الجديد والمهم في تصريحات الشرع المنقولة عنه، أنها تصدر بعد تشكيل الحكومة السورية وفي وقت يرفع وزير خارجيته، أسعد الشيباني، علم سوريا في الأمم المتحدة. ويرى المقداد أن المشكلة لا تكمن في الجانب السوري ولا في شخص الشرع، بل "تكمن في الجانب المقابل الذي لا يبدي رغبة حقيقية في قبول هذه المبادرات".

والجمعة، قال الشيباني في الأمم المتحدة خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي إن "سوريا لن تشكل تهديدا لأي من دول المنطقة، بما فيها إسرائيل".

تصريحات الشرع قد يكون لها الأثر الأبرز في الأيام المقبلة على النقاشات بين دروز سوريا على الحدود مع هضبة الجولان، المنقسمين حول العلاقة مع إسرائيل وحول العلاقة بحكومة الشرع، مع ما يحمله ذلك من مخاوف يعبّر عنها رموز الطائفة، تارة من الاندماج مع حكومة الشرع، وطوراً بالانفصال والانضمام إلى إسرائيل. 

وتأتي تصريحات الشرع حول التطبيع لتفتح الباب لخيار ثالث درزي، قد يبدد المخاوف، لكن ليس هناك ما يضمن ألا يعزّزها.

بين ديسمبر من العام ٢٠٠٠، وأبريل من العام ٢٠٢٥، يقع ربع قرن، توقفت فيه عجلة المفاوضات السورية الإسرائيلية المباشرة. وبين الشرعين -فاروق الشرع وأحمد الشرع- تحمل التطورات احتمالات إنعاش المفاوضات وعودتها إلى الطاولة مع تبدلات جذرية في الظروف وفي اللاعبين. فهل "تزهر" المفاوضات في ربيع العام ٢٠٢٥، بعد أن يبست ورقتها وتساقطت في خريف العام ٢٠٠٠؟