مجمع السفارة الإيرانية في دمشق تعرض لهجوم مطلع أبريل. أرشيفية
مجمع السفارة الإيرانية في دمشق تعرض لهجوم مطلع أبريل. أرشيفية

ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"، أن القوات الإسرائيلية كانت في حالة تأهب قصوى، الجمعة، تحسبا لضربة هجومية من قبل إيران أو وكلائها، والتي حذر محللون ومسؤولون من أنها قد تؤدي إلى رد فعل إسرائيلي، وربما تثير صراعا أوسع في المنطقة.

وقال مسؤولون أميركيون وإيرانيون، الجمعة، إنه من المتوقع أن تشن طهران هجوما في نهاية هذا الأسبوع، ردا على الغارة الجوية التي وقعت في الأول من أبريل، والتي ضربت فيها طائرات حربية مبنى السفارة الإيرانية في دمشق، مما أسفر عن مقتل ثلاثة جنرالات وقادة آخرين.

وقال محللون عسكريون، إن إسرائيل وإيران لا ترغبان في إثارة حرب شاملة يمكن أن تجر إليها الولايات المتحدة، لكن سوء التقدير بشأن الخطوط الحمراء لأي من الجانبين قد يؤدي إلى تصعيد في الأعمال العدائية.

وقال المحللون، إن الرد الإيراني "حتمي" بالنظر للمكانة البارزة التي يتمتع بها أحد الجنرالات الذين قتلوا في سوريا، وهو محمد رضا زاهدي، القائد الأعلى في فيلق القدس الإيراني.

وصرح مهدي محمدي، كبير مستشاري محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان الإيراني: "بالنسبة لكل لاعب حكيم، تأتي لحظة يتغير فيها حساب التكلفة والعائد ويتم إعادة ضبط جميع الاستراتيجيات.. في إيران، تلك اللحظة كانت الهجوم في دمشق".

ويرى متابعون، أن إسرائيل تتوقع أن تأتي الضربة من إيران بطريقة تسمح لها بحفظ ماء وجهها، لكن بأن مدروسة بما يكفي لعدم إثارة رد فعل مضاد أكثر شراسة.

وقال عاموس جلعاد، الجنرال الإسرائيلي المتقاعد، إن الإيرانيين "لا يريدون حربا شاملة.. لذلك قد يهاجمون أهدافا تمكنهم من إعلان أنهم حققوا نصرًا عظيمًا".

من حهته، صرح داني سيترينوفيتش، ضابط المخابرات العسكرية الإسرائيلية السابق، أن "إيران وإسرائيل لا تحتفظان بأي قنوات اتصال رسمية مباشرة، مما يجعل فرص كل جانب لإساءة قراءة نوايا الطرف الآخر أكبر بكثير".

ويعتقد محللون ومسؤولون استخباراتيون أميركيون، أن إيران ستضرب أهدافا متعددة داخل إسرائيل خلال الأيام القليلة المقبلة، حسبما قال ثلاثة مسؤولين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة مسائل استخباراتية.

ويبقى الموقع الذي تستهدفه هذه الضربات، ومكان إطلاقه ومن سيقوم بتنفيذه والخسائر التي من المتوقع أن تسببها معطيات سرية للجميع باستثناء أعلى المستويات في الحكومة والجيش الإيرانيين، وفقا لنيويورك تايمز.

لكن إجابة إيران على هذه الأسئلة ستحدد حجم ونطاق الرد الإسرائيلي، كما قال سيترينوفيتش، الزميل في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب.

وأضاف أن القادة الإيرانيين يأملون على الأرجح في استخدام الضربة للردع بعد مقتل الجنرال زاهدي في سوريا، في الهجوم الذي لم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عنه بشكل علني.

وقال سيترينوفيتش، إن مثل هذا الرد الإيراني قد يعني هجوما من الأراضي الإيرانية وليس من خلال وكلائها في لبنان واليمن وسوريا والعراق.

وحذرت إسرائيل من أن أي هجوم ينطلق من داخل إيران على أهداف داخل إسرائيل سيعتبر تصعيدا يتطلب رد فعل.

وقال دانييل هاغاري المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، الخميس، إن مثل هذا الهجوم سيكون "دليلا واضحا على نوايا إيران لتصعيد الشرق الأوسط والتوقف عن الاختباء وراء وكلائها".

وشددت إسرائيل التي لم تتبن الضربة في دمشق، على أنها سترد على أي استهداف إيراني، بينما أكدت حليفتها واشنطن دعمها في مواجهة أي تهديد.

وفي الأسبوع الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه تم استدعاء وحدات احتياطية إضافية لتعزيز نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي، مع إلغاء إجازات الجنود المقاتلين.

في هذا السياق، يقول سيترينوفيتش، إنه إذا شنت إيران هجوما من أراضيها، فإن الدفاعات الجوية الإسرائيلية سوف تكتشف الطائرات بدون طيار أو صواريخ كروز قبل وقت طويل من وصولها إلى أهدافها، مما يمنح القوات الإسرائيلية فرصة لتدميرها.

وقال إن السيناريو الأكثر صعوبة هو الصواريخ الباليستية أرض-أرض، والتي ستصل في غضون دقائق. وطورت إسرائيل بعض الدفاعات – مثل نظام آرو – لاعتراض الصواريخ الأطول مدى.

وقال سيترينوفيتش: "إذا تمكنا من اعتراض معظم ما يصل إلينا، فسيكون ذلك أمرًا ممتازًا، وسيخفف من حاجتنا للرد بشكل هجومي".

وقال الرئيس الأميركي، جو بايدن، الجمعة، إنه يتوقع أن تحاول طهران توجيه ضربة لإسرائيل في المدى القريب، وحض إيران على عدم مهاجمة إسرائيل.

وقال بايدن "لا أريد الخوض في معلومات سرية لكني أتوقع أن تحصل الضربة عاجلا وليس آجلا".

ولدى سؤاله عن ماهية رسالته لإيران في ما يتعلق بتوجيه ضربة لإسرائيل، قال بايدن "لا تفعلوا ذلك!".

وتابع "نحن ملتزمون بالدفاع عن إسرائيل، وسندعم إسرائيل، وسنساعد في الدفاع عن إسرائيل وإيران لن تنجح".

والجمعة شدد وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، على أن إسرائيل والولايات المتحدة تقفان "جنبا إلى جنب" في مواجهة إيران.

وقال في بيان عقب لقائه كوريلا "أعداؤنا يظنون أن بإمكانهم المباعدة بين إسرائيل والولايات المتحدة، لكن العكس هو الصحيح: إنهم يقربوننا من بعضنا البعض ويعززون روابطنا".

وشدد غالانت في اتصال بنظيره الأميركي، لويد أوستن، الخميس، أن "إسرائيل لن تتساهل مع ضربة إيرانية ضد أراضيها".

وحذر وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، من أنه "اذا قامت إيران بهجوم من أراضيها سترد إسرائيل وتهاجم إيران".

طهران ترسل رسائل مبكرة لترامب. أرشيفية - تعبيرية
العلاقات الأميركية الإيرانية ازدادت توترا بعد السابع من أكتوبر

يحمل إعلان إيران عن قاعدة بحرية تحت الأرض قبل يومين من تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب رسائل إلى واشنطن والمنطقة، على ما يؤكد المحلل الأمني المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في واشنطن، محمد الباشا.

وأفاد التلفزيون الرسمي الإيراني، أن طهران أعلنت عن قاعدة تحت الأرض، من دون تحديد موقعها، والتي بنيت على عمق نصف كلم عن سطح الأرض.

وتضم القاعدة شبكة من الأنفاق، التي تصطف فيها نسخة جديدة الزوارق السريعة من فئة طارق، القادرة على التهرب من الرادارات، ويمكنها حمل وإطلاق صواريخ كروز.

وقال الباشا لموقع "الحرة" وهو مؤسس مجموعة "الباشا ريبورت" الاستشارية ومقرها واشنطن إن "رسائل الحرب والسلام" من طهران إلى واشنطن وإسرائيل تمثلت في توقيت إعلان إيران عن هذه القاعدة.

كما أن إجراء تدريبات على الدفاع الجوي، والإعلان عن سفينة حربية متطورة، وتصريحات الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الأخيرة، تشكل رسائل أن إيران لا تزال تمتلك قدرات عسكرية، وأنها تريد نوعا من السلام مع واشنطن.

إيران تمتلك عدة قواعد عسكرية تحت الأرض. أرشيفية

وفي وقت سابق من هذا الشهر، بدأت إيران تدريبات عسكرية من المقرر أن تستمر شهرين وشملت مناورات دافع خلالها الحرس الثوري عن المنشآت النووية في نطنز ضد هجمات وهمية بصواريخ وطائرات مسيرة.

وزاد أن القدرات العسكرية الإيرانية تدهورت بشكل كبير بسبب الهجمات الإسرائيلية خلال العام الماضي، فيما تريد طهران استعراض قدراتها أنها "مستعدة لأي هجوم أميركي أو إسرائيلي".

ويشعر القادة الإيرانيون بالقلق من أن يمنح ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الضوء الأخضر لضرب مواقع إيران النووية، مع تشديد العقوبات الأميركية على صناعة النفط الإيرانية من خلال سياسة "الضغوط القصوى".

من "باب الاعتماد على النفس" تريد إيران إظهار "قدراتها العسكرية التي تمكنها من استهداف الأصول الأميركية في الخليج العربي، ومضيق هرمز" وفق الباشا.

وأكد التلفزيون الرسمي أن "بعض هذه السفن قادر على ضرب سفن ومدمرات أميركية".

بزشكيان دعا ترامب إلى إحلال السلام الإقليمي والعالمي. أرشيفية

وعرض التلفزيون الإيراني لقطات للقائد العام للحرس الثوري الإيراني حسين سلامي وهو يزور القاعدة السرية خلال مناورات حربية.

وقال سلامي إن هذه القاعدة هي واحدة من عدة قواعد تحت الأرض بنيت للسفن القادرة على إطلاق صواريخ بعيدة المدى وشن حروب من مسافات بعيدة.

وأضاف "نؤكد للأمة الإيرانية العظيمة أن شبابها قادرون على الخروج بشرف وتحقيق النصر من أي معركة بحرية ضد الأعداء الكبار والصغار".

وأشار الباشا إلى أن طهران تريد إظهار القوة بدلا من الضعف، خاصة مع فقدان حليفها في سوريا، وضعف وكيلها في لبنان، فيما تسعى بغداد لكبح جماح الميليشيات الموالية لإيران.

وتقول إيران إن صواريخها الباليستية تشكل قوة مهمة للردع والرد على الولايات المتحدة وإسرائيل، وكشفت في الماضي عن عدة "مدن صواريخ" تحت الأرض.

والأربعاء كشفت القوات المسلحة الإيرانية عن سفينة استطلاع متطورة، حسبما ذكرت وسائل إعلام رسمية.

وأفاد التلفزيون الرسمي بأن "أول سفينة استخبارات في البلاد، والتي تحمل اسم زاغروس، انضمت إلى العمليات القتالية للبحرية".

زاغروس أول سفينة استخبارات إيرانية. أرشيفية

وأشار إلى أن السفينة الإيرانية الصنع مجهزة بـ "أجهزة استشعار إلكترونية" وصواريخ اعتراضية وقدرات سيبرانية واستخباراتية أخرى.

وحذر الرئيس الإيراني بزشكيان في مقابلة بثتها قناة "إن بي سي نيوز" الأميركية الثلاثاء الرئيس المنتخب ترامب من خطر اندلاع "حرب" ضد إيران، مؤكدا أن طهران لا "تسعى" للحصول على السلاح النووي.

وقال "آمل أن يقود ترامب إلى السلام الإقليمي والعالمي وآلا يسهم، على العكس من ذلك، في حمام دم أو حرب".