الهجوم الإيران على إسرائيل تضمن نحو 170 طائرة دون طيار
الهجوم الإيران على إسرائيل تضمن نحو 170 طائرة دون طيار / أرشيفية

أطلقت إيران في أول هجوم مباشر لها على إسرائيل، وابلا من الطائرات دون طيار والصواريخ لمدة 5 ساعات، حيث كانت مسيّرات "شاهد 136" محور الهجوم الذي وقع ليل السبت الأحد، حسب صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية. 

وتضمن الهجوم الإيران نحو 170 طائرة دون طيار من طراز "شاهد 136" و120 صاروخا باليستيا و30 صاروخ كروز، وفقا للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، الذي أعلن أن أنظمة الدفاع الجوي اعترضت "99 بالمئة" من الأهداف بمساعدة الولايات المتحدة وبريطانيا.

وحسب الصحيفة، دمرت القوات الأميركية والأوروبية أكثر من 80 طائرة إيرانية دون طيار قبل وصولها إلى المجال الجوي الإسرائيلي، وفقا لبيان صادر عن القيادة المركزية الأميركية.

ويشير إطلاق إيران لعشرات الطائرات دون طيار من طراز "شاهد 136"، إلى أنها كانت أكثر اهتماما بإرسال رسالة إلى إسرائيل بدلا من ضرب أهداف عسكرية أو مدنية محددة، حسب "واشنطن بوست"، حيث إن المسيرة الإيرانية التي تستخدمها روسيا أيضا أقل فتكا بالمقارنة مع الصواريخ الدقيقة الأخرى.

وأكد هذا صموئيل بنديت، عضو برنامج الدراسات الروسية في "Center for Naval Analyses" في فيرجينيا، الذي قال للصحيفة: "شاهد طائرة دون طيار بطيئة وتحلق على ارتفاع منخفض. وكانت إيران تعلم أنه سيتم إسقاطها. وإنها طريقة رخيصة لإعلام خصمك بأن الدفاع ضد شاهد سيكون مرهقا ومكلفا".

ما هي طائرات "شاهد 136"؟

بطول 3.3 متر ووزن 200 كيلوغرام، تستطيع طائرة "شاهد 136" دون طيار، حمل أكثر من 45 كيلوغراما من المتفجرات إلى أهداف محددة مسبقا على بعد يصل إلى 2400 كيلومتر، حسب "واشنطن بوست".

وقال محلل الشؤون الإيرانية في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في برلين، فابيان هينز، إن "الحجم والمدى ووزن الرأس الحربي والمحرك هو من يميز طائرة (شاهد 136) في مجال حرب الطائرات دون طيار".

وأضاف: "شوهدت طائرة شاهد لأول مرة عام 2014 في معرض عسكري بإيران، تحت اسم (شاهد 131). ثم قام بعد ذلك الحرس الثوري، بإدخال تحسينات على هذا النموذج وتطويره إلى (شاهد 136)". 

وتستخدم طائرة "شاهد 136" نظام توجيه عبر الأقمار الاصطناعية "يتوقع أن يكون دقيقا حتى حوالي خمسة أمتار"، حسب جيريمي بيني، المحلل في شؤون الشرق الأوسط لدى "Janes Defense Intelligence".

ويتيح نظام التوجيه عبر الأقمار الاصطناعية، إلى جانب الهوائيات المقاومة للتشويش، للطائرة دون طيار الحفاظ على مسار طيران دقيق يتجاوز بكثير مدى الطائرات دون طيار التي يتم التحكم فيها باستخدام إشارات الراديو، وفق الصحيفة.

وأضاف بيني: "يُقال إن الرأس الحربي لطائرة (شاهد 136) يزن 50 كيلوغراما، وهو لا يبدو كبيرا عند مقارنتها بأصغر قنبلة قياسية على طائرة عسكرية، والتي تزن 227 كيلوغراما. ومع ذلك، إذا كنت تستطيع إصابة الهدف بدقة، فلا تحتاج بالضرورة إلى رأس حربي كبير".

وأتاح الجمع بين المتفجرات خفيفة الوزن نسبيا ونظام توجيه عبر الأقمار الاصطناعية التجارية لإيران إنتاج طائرات "شاهد 136" دون طيار بتكلفة منخفضة لا مثيل لها، حسب "واشنطن بوست".

وقال بيني: "إنها بطيئة جدا وصاخبة للغاية، لكنها رخيصة"، مقدرا أن تكلفة إنتاج طائرة "شاهد 136" تبلغ 50 ألف دولار فقط.

وأضاف: "عادة ما يكلف صاروخ كروز أكثر من مليون دولار. وبالتالي إذا تمكنت من جعل خصمك يستخدم صاروخ أرض-جو يكلف مليون دولار لإسقاط مسيرة تكلف 50 ألف دولار، فهذا جيد".

غير "القبة الحديدية".. ما هي أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية الأخرى؟
بعد أيام من الترقب، شنت إيران هجوما غير مسبوق بالصواريخ والطائرات المسيّرة على إسرائيل، مساء السبت الأحد، بينما أعلن الجيش الإسرائيلي، عن إحباطه بإسقاط 99 بالمئة منها، فيما لم ترد أنباء عن سقوط قتلى أو أضرار جسيمة بعد الضربات.

ويعتبر أسطول الطائرات الإيرانية دون طيار مثالي لمثل هذا الهجوم الذي نفذ على إسرائيل ليل السبت الأحد، حيث تعمل جنبا إلى جنب مع الذخائر الأكبر في هجمات جوية منسقة، حسب "واشنطن بوست".

وقال هينز: "عندما ظهرت طائرة شاهد 136 لأول مرة، أطلق عليها لقب صاروخ كروز للفقراء لأنها أرخص وأبسط. ولكن إذا كانت أرخص وأبسط، فيمكن بناء المزيد منها، خصوصا أنها لا تُستخدم فقط على المستوى التكتيكي، وتُستخدم إلى جانب أسلحة استراتيجية أكثر وبعيدة المدى".

وحسب "واشنطن بوست"، وافق المسؤولون الإيرانيون على نقل تصميمات ومكونات رئيسية للطائرة دون طيار إلى روسيا في نوفمبر 2022، مما سمح للقوات الروسية بربط طائرة "شاهد 136" بصواريخ تكتيكية أكبر لإغراق قوات الدفاع الأوكرانية واستهداف البنية التحتية المدنية.

وكشف مسؤولون غربيون منذ ذلك الحين عن خطط موسكو لتصنيع 6000 طائرة مسيّرة بحلول عام 2025، وهي عبارة عن نسخ من طائرة "شاهد 136" الإيرانية مع إدخال تحسينات على النموذج الأصلي.

ناشطة من جماعة فيمن خلال احتجاج أمام السفارة الإيرانية في برلين - رويترز
ناشطة من جماعة فيمن خلال احتجاج أمام السفارة الإيرانية في برلين - رويترز

خوفا من الوقوع مجددا في براثن "الإرهاب الجنسي"، فرت الشابة بريتان من إيران، إلا أن الكوابيس أصرت على اللحاق بها إلى كردستان العراق، حيث تستيقظ كل صباح على مشاهد الانتهاكات الصارخة التي تعرضت لها في سجون النظام الإيراني.

"لا تمر ليلة إلا وأستيقظ فيها بسبب الكوابيس المرعبة، وهي تجسد مشاهد التعذيب والاغتصاب التي تعرضت لها على أيدي عناصر (الاطلاعات) الاستخبارات الإيرانية أثناء فترة اعتقالي لديهم"، تقول بريتان (اسم مستعار) لموقع "الحرة".

واعتقلت أجهزة الأمن بريتان، وهي شابة كردية إيرانية، أول مرة في سبتمبر 2022 أثناء مشاركتها في الاحتجاجات الشعبية الواسعة التي شهدتها إيران عقب وفاة الفتاة الكردية مهسا أميني.

أميني توفيت بعد تعرضها للضرب على يد شرطة الآداب الإيرانية، بحجة عدم الالتزام بالحجاب الذي يفرضه النظام على الإيرانيات منذ استيلائه على الحكم في إيران عام 1979.

واعتُقلت بريتان لساعات في ساحة الاحتجاج بمدينة مهاباد في كردستان إيران، شمال غرب البلاد، بعد سقوط لثامها أثناء مهاجمة عناصر الأمن المتظاهرين وإطلاق الرصاص الحي عليهم.

وبعد ذلك، نقلها عناصر الاستخبارات إلى داخل إحدى مركباتهم، حيث خضعت لتحقيق قبل أن يتم إطلاق سراحها.

لكن بعد مرور عام على الاحتجاجات، اقتحمت قوة من الاطلاعات مكونة من 12 عنصرًا في سبتمبر 2023 منزل بريتان واعتقلوها.

ونُقلت بريتان إلى فرع اطلاعات بمدينة رضائية "أرومية"، حيث احتُجزت في سجن الفرع لأسابيع دون إبلاغ والدتها أو أي فرد من عائلتها بمكان الاعتقال، ومُنعت من توكيل محامٍ للدفاع أو إجراء أي اتصالات.

وتضيف بريتان، البالغة من العمر 27 عامًا: "خلال فترة اعتقالي في فرع الاطلاعات، تعرضت إلى كافة صنوف التعذيب من الضرب والصعق بالكهرباء والخنق والإغراق...".

ولم يكتفِ السجانون بذلك، بل تعرضت بريتان أيضًا للاغتصاب بشكل مستمر خلال كل وجبة تعذيب، فـ"ما واجهته من اغتصاب واعتداءات جنسية من قبل عناصر الاطلاعات الإيرانية كان بشعًا للغاية، لا تستطيع ذاكرتي محو تلك المشاهد"، تقول الشابة.

وفي ديسمبر 2023، أصدرت "منظمة العفو الدولية" تقريرًا أكدت فيه أن الأجهزة الأمنية الإيرانية "استخدمت الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي لترهيب المتظاهرين السلميين ومعاقبتهم إبان انتفاضة (المرأة – الحياة – الحرية) التي اندلعت عام 2022".

ووثقت هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية و"بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في إيران" استخدام السلطات الإيرانية العنف القمعي الشديد في مناطق الأقليات العرقية.

بعد عدة أسابيع من الاعتقال في فرع الاطلاعات، نُقلت بريتان إلى سجن نساء رضائية. وبعد محاولات عائلتها ودفع أموال طائلة، أطلقت المحكمة الخاصة بالاطلاعات سراحها مقابل كفالة مالية بمبلغ 15 مليار تومان لحين محاكمتها.

وتمكنت عائلتها فيما بعد، وعقب محاولات عديدة، من خفض قيمة الكفالة إلى 5 مليارات تومان، لكن مأساة بريتان لم تتوقف.

وتقول بريتان: "خلال فترة إطلاق سراحي المؤقت، اعتقلني عناصر الاطلاعات ثلاث مرات بحجة التحقيق معي، وخلال كل فترة اعتقال من هذه الفترات تعرضت لكافة أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، وكسروا إحدى ساقي وإحدى يدي أثناء التعذيب...".

و"كانوا يعتدون عليّ جسديًا ويغتصبونني بشكل جماعي عدة مرات مع كل وجبة تحقيق"، تضيف الشابة الكردية الإيرانية.

لم يتوقف عناصر الاطلاعات عند اغتصاب بريتان وتعذيبها الشديد، بل كانوا يهددونها بافتعال تهمة لوالدتها واعتقالها هي الأخرى.

وقالت: "حاولوا معرفة إلى أي حزب من الأحزاب الكردية أنتمي، من أجل محاكمتي بتهمة (الإفساد في الأرض) وعقوبتها الإعدام".

وبعد كل وجبة تحقيق وتعذيب، كانت تُحتجز بريتان بشكل انفرادي لمدة أسبوع وتُمنع من مواجهة محاميها.

فـ"بعد كل تحقيق، يحتجزونني في غرفة بشكل انفرادي وأنا منهارة القوى والدماء تسيل من كل أجزاء جسدي، ويدخلون مجموعة من النساء التابعات للاطلاعات إلى داخل السجن على أنهن سجينات ويفتعلن شجارًا، ومن ثم يبرحاني ضربًا، كي يظهروا أنني تعرضت لإصابات بالغة إثر شجار في السجن وليس بالتعذيب".

استمرت فترة اعتقال بريتان أكثر من ثلاثة أشهر ونصف الشهر، وبعد الإفراج المؤقت عنها أبلغها المحامي بأن النظام سيعيد اعتقالها مجددًا وسيحاكمها بالسجن المؤبد وستُنقل إلى سجن "إيفين" سيئ السمعة.

لذلك قررت الهروب برفقة والدتها، واجتازتا الحدود الإيرانية العراقية مع أحد أقاربها عبر الطرق الجبلية الوعرة والمحفوفة بالخطر، ونجحتا في الوصول إلى كردستان العراق.

لم تكن بريتان الفتاة الوحيدة التي تعرضت للتعذيب والاغتصاب والعنف الجنسي داخل المعتقل، فجميع النساء المعتقلات معها في السجن تعرضن لما تعرضت له، لكنها لا تزال تتذكر إحدى الفتيات التي صادفتها عدة مرات في غرف الاعتقال، التي كانت تجمعهما بعد التعذيب.

لكنها لم تتمكن من التواصل معها إلا مرة واحدة وبسرعة، لأن الحراس كانوا يمنعون أي تواصل بين المعتقلات داخل السجن.

وتبين بريتان: "هذه الفتاة كانت قد اعتُقلت بنفس تهمتي وهي المشاركة في التظاهرات، لكنها في البداية نجحت في الهرب إلى كردستان العراق، وقبل اعتقالها كانت تعيش في محافظة السليمانية، حيث اعتقلتها الاطلاعات الإيرانية في السليمانية وأعادتها إلى المعتقل في إيران".

لم تتسنَّ لبريتان معرفة عنوان الفتاة وعائلتها للتواصل معهم عند خروجها من المعتقل، وكانت تلك آخر مرة ترى فيها تلك الفتاة.

وعلى الرغم من تواجدها في كردستان العراق، فإنها لا تزال تخشى من الحرس الثوري الإيراني والاطلاعات الإيرانية من كشف موقعها واعتقالها مجددًا وإعادتها إلى إيران، لذلك اختارت إخفاء هويتها.

وتقول: "أعيش في حالة من الخوف الدائم، أخاف من التعرض للاختطاف من قبل النظام الإيراني".

وتعرب بريتان عن تمنياتها بألا تذهب تضحياتها وتضحيات الشعوب في إيران سدى، مطالبة المجتمع الدولي بتوفير الحماية الكاملة للإيرانيين من النظام الحاكم في طهران.

فهذا النظام، وفق بريتان، لا يتوانى عن استخدام كافة الوسائل للبطش بمعارضيه وبكافة من يقف بوجه انتهاكاته لحقوق الإنسان واعتدائه على الشعوب في إيران.