تظاهرات خرجت في إيران وعواصم العالم للتنديد بعنف الشرطة الإيرانية
تظاهرات خرجت في إيران وعواصم العالم للتنديد بعنف الشرطة الإيرانية

اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الأحد قوات الأمن الإيرانية باستخدام الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي والتعذيب الجسدي ضد ناشطات وناشطين أثناء قمعها للاحتجاجات الواسعة في 2022 و2023، خاصة في مناطق الأقليات العرقية.

وتزامنا مع التقرير، حضّت الإيرانية المسجونة الحائزة نوبل للسلام نرجس محمدي الإيرانيين على الاحتجاج على ما وصفتها بـ"الحرب الشاملة على النساء"، بعدما كثّفت السلطات حملتها الأمنية الرامية لإجبار النساء على الالتزام بقواعد اللباس الإسلامية المفروضة في البلاد.

واعتبرت المنظمة ما وصفته بـ"الانتهاكات الجسيمة" جزءا من نمط أوسع من انتهاكات حقوقية خطيرة هدفها قمع المعارضة.

وشهدت إيران اعتبارا من سبتمبر 2022 احتجاجات واسعة إثر وفاة مهسا أميني (22 عاما) بعد أيام من توقيفها من قبل شرطة الأخلاق في العاصمة لعدم التزامها قواعد اللباس. واعتمدت السلطات القبضة الصارمة في التعامل مع هذه الاحتجاجات التي تراجعت بشكل ملحوظ في أواخر العام ذاته.

وقالت المنظمة إنها حقّقت في انتهاكات ضد عشرة محتجزين من مناطق الأقليات الكردية، والبلوشية، والأذرية وقعت بين سبتمبر ونوفمبر 2022، حيث وصف المحتجزون تعرضهم للاغتصاب على يد قوات الأمن.

وقال بعضهم إنهم شهدوا قوات الأمن تغتصب محتجزين آخرين "في سبع من الحالات، قال المحتجزون إن قوات الأمن عذّبتهم لإجبارهم على الإدلاء باعترافات". 

واعتبرت ناهيد نقشبندي، باحثة إيران بالإنابة في هيومن رايتس ووتش، أن "وحشية قوات الأمن الإيرانية ضد المتظاهرات والمتظاهرين المعتقلين، بما يشمل الاغتصاب والتعذيب، ليست جرائم فظيعة فحسب، بل هي سلاح للظلم يُستخدم ضد المحتجزين لإجبارهم على الاعترافات الكاذبة. كما تُمثل هذه الأساليب وسائل ملتوية وخسيسة  لزيادة وصم الأقليات العرقية المهمشة وقمعها".

احتجاج في طهران في سبتمبر 2022 من أجل مهسا أميني التي توفيت بعد أن اعتقلتها شرطة الآداب بزعم عدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في طهران

ومن بين الإفادات التي نشرتها المنظمة، قالت امرأة كردية إن رجلين من قوات الأمن اغتصباها في نوفمبر 2022، بينما أمسكت بها امرأة من قوات الأمن وسهّلت اغتصابها.

الاغتصاب بهراوة

وقال رجل كردي، عمره 24 عاما من محافظة أذربيجان الغربية، إنه تعرض للتعذيب الشديد والاغتصاب بهراوة على يد عناصر جهاز استخبارات في مركز احتجاز سري في سبتمبر 2022. 

وقال رجل آخر، يبلغ 30 عاما من مقاطعة أذربيجان الشرقية، إنه كان معصوب العينين وتعرّض للضرب مع متظاهرين آخرين، وتعرّض لاغتصاب جماعي مع رجل آخر من قبل قوات الأمن في حافلة صغيرة في أكتوبر 2022.

كما ضربت السلطات واعتدت جنسيا على امرأة بلوشية شهدت اغتصاب امرأتين أخريين على الأقل في مركز احتجاز في محافظة سيستان وبلوشستان في أكتوبر 2022، ما أدى إلى إصابتهما بصدمة جسدية ونفسية، بحسب "هيومن رايتس ووتش". 

وأشارت المنظمة إلى أنها وثقت قيام قوات الأمن الحكومية بتقييد المتظاهرين، وتعصيب أعينهم، وتعذيبهم أثناء الاحتجاز. 

وتقول "هيومن رايتس ووتش" إن السلطات "لم تُقدّم العلاج الطبي أو حتى مستلزمات النظافة الأساسية لمن اعتدت عليهم قوات الأمن، ففاقمت إصاباتهم على المدى الطويل، ولم تحقّق في هذه الحالات أو تحاسب أي شخص على هذه الانتهاكات الجسيمة".

وكانت منظمة "العفو الدولية" قد أصدرت في ديسمبر 2023، تقريرا من 120 صفحة يوثّق أن قوات الأمن "استخدمت الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي" "لترهيب المتظاهرين السلميين ومعاقبتهم إبان انتفاضة "المرأة – الحياة – الحرية" التي اندلعت عام 2022". 

وشددت "هيومن رايتس ووتش" على أنه يجب على بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في إيران مواصلة التحقيق في هذه الانتهاكات الجسيمة ضمن تقاريرها الأوسع عن الانتهاكات الحقوقية المتسلسلة على يد الحكومة الإيرانية.

وقالت نقشبندي: "يجب أن تؤدي روايات الاغتصاب الوحشي وعواقبها المؤلمة الدائمة إلى حشد البلدان لتلبية الاحتياجات الصحية الجسدية والنفسية للضحايا الذين تمكّنوا من الفرار من إيران، وحشد الإيرانيين في الداخل والخارج للضغط من أجل المساءلة والعدالة".

الاحتجاج على "الحرب ضد المرأة" في إيران

وحضّت محمدي، المسجونة في سجن إوين في طهران، الإيرانيات على مشاركة ما تعرضن له من التوقيف والاعتداء الجنسي بأيدي السلطات عبر صفحتها على إنستغرام.

وفي ظل ارتفاع منسوب التوتر في الشرق الأوسط، أعلنت السلطات الإيرانية هذا الشهر عملية على مستوى البلاد لإجبار النساء على ارتداء الحجاب الذي بات إلزاميا بعد فترة قصيرة من اندلاع الثورة الإسلامية عام 1979.

وذكر ناشطون أنه تم توقيف نساء واقتيادهن إلى مراكز الشرطة من قبل ما يعرف بشرطة الأخلاق، فيما انتشر وسم "حرب على النساء" بالفارسية في مواقع التواصل الاجتماعي.

وقالت محمدي، في رسالة نشرها أنصارها في وقت متأخر الأحد، "شعب إيران، أطلب منكم -- فنانين ومثقفين وعمالا ومدرّسين وطلابا -- داخل وخارج البلاد التظاهر ضد هذه الحرب على النساء".

وأضافت "لا تقللوا من مدى أهمية مشاركة تجاربكم. من شأن القيام بذلك أن يفضح الحكومة المعادية للمرأة ويجبرها على الاستسلام".

واتّهمت السلطات بشن "حرب شاملة على جميع النساء في كل شارع في إيران".

وأصدرت محمدي الرسالة في اتصال هاتفي من سجن إوين، وفق ما أفاد أنصارها. وبما أنها محرومة من استخدام بطاقتها الهاتفية الممنوحة لها في السجن مدى خمسة أشهر، استخدمت بطاقة معتقلة أخرى هي سبيده قليان التي تعتبرها المنظمات الحقوقية سجينة سياسية أيضا. 

وقالت إن سجينة جديدة وصلت مؤخرا إلى إوين تدعى دينا قاليباف، هي صحافية وطالبة تفيد مجموعات حقوقية بأنها اعتقلت بعدما اتهمت قوات الأمن على المنصات الاجتماعية بتكبيلها والاعتداء عليها جنسيا أثناء توقيفها مرة سابقة في محطة للمترو.

وقالت محمدي "على مدى سنوات، شهدنا على العديد من النساء اللواتي تعرّضن للهجمات والانتهاكات والضرب من قبل عناصر الحكومة".

ومُنحت محمدي (52 عاما) جائزة نوبل للسلام العام الماضي تقديرا لحملتها للدفاع عن حقوق الإنسان في إيران، والتي قضت على إثرها الجزء الاكبر من العقدين الماضيين في السجن.

وهي مسجونة حاليا منذ نوفمبر 2021، ولم تر زوجها وابنها وابنتها التوأمين المقيمين في باريس منذ سنوات.

مقام السيدة زينب في الضاحية الجنوبية في دمشق

مع بدء الحراك الاحتجاجي بسوريا في عام 2011، أعلنت إيران أنها تريد التدخُّل ذلك البلد العربي لحماية الأماكن المقدَّسة والمقامات الشيعية ومن أبرزها مقام السيدة زينب في ريف دمشق، ومقام السيدة رقية في دمشق القديمة، إضافةً إلى مراقد أخرى لم تكن معروفة من قِبل السوريين.

وبحسب مركز حرمون للدراسات، فإن المراقد الشيعية في سوريا لم تبق مجرد مواقع دينية، بل تحولت إلى مواقع سياسية وعسكرية بعد عام 2011، لتسوّغ وجود قوات عسكرية إيرانية أو تابعة لإيران لحمايتها والدفاع عنها، وبالتالي للحصول على شرعية دخول سوريا ودعم نظام بشار الأسد.

ثم تعدى التغلغل الإيراني في سوريا فكرة حماية المراقد والمقامات، وبات أكثر سرعة واتساعاً. وبعد أن تحولت مظاهرات السوريين السلمية إلى أعمال مسلحة، أصبح انخراط إيران في دعم نظام الأسد أكثر وضوحاً. وأخذت إيران بإرسال عسكريين وخبراء وضباط من الحرس الثوري الإيراني للقتال بشكل مباشر إلى جانب نظام الأسد.

ومع توافد مقاتلين من إيران والعراق ولبنان وأفغانستان وباكستان، بدأت إيران بتوجيه تركيزها نحو اختراق المجتمع السوري من خلال تعزيز العلاقات مع رجال الأعمال السوريين مع بداية عام 2017، وذلك حسب تقرير منظمة "أتلانتيك كاونسيل" الصادر في نوفمبر 2020.

التواجد الإيراني الواضح في سوريا جعل أمر استهدافهم من قبل إسرائيل أسهل. مما دفع إيران لإعادة تعريف وجودها في سوريا من خلال إنشاء قوات الدفاع الوطني، ودعم ألوية محددة في الجيش السوري، وإنشاء شركات أمنية خاصة في سوريا.

وحسب التقرير نفسه، بلغ عدد مقاتلين ميليشيا قوات الدفاع الوطني حوالي 40 ألف مقاتل، عدا عن الميليشيات الأخرى.

وفي عام 2018، أعادت إيران تنشيط منتدى الأعمال السوري الإيراني، والذي لعب دوراً أساسياً في نشر المشاريع الإيرانية في مختلف المناطق في سوريا، وركزت في الغالب على مشاريع توليد الطاقة.

اختراق المجتمع

كما عملت إيران مع المنظمات الخيرية للاندماج بشكل أفضل في المجتمع السوري. ومن أبرز المنظمات المدعومة من إيران منظمة جهاد البناء، التي ركزت على قضية ترميم المدارس والمراكز الصحية وخاصة في محافظتي حلب ودير الزور.

على صعيد التوعية التعليمية، وصل عدد المرافق التعليمية التي تم بناؤها من قبل الإيرانيين إلى سبعة، بالإضافة إلى المراكز الثقافية الإيرانية التي لعبت دوراً مهماً في نشر الثقافة الإيرانية في المجتمع السوري. 

في عام 2019، قامت منظمة جهاد البناء بترميم ستة عشر مدرسة في دير الزور وحدها. كما قامت بتوزيع المساعدات الغذائية على المدنيين في محاولة لكسب ولاء السكان المحليين.

أما على الصعيد الديني، فقد ازداد عدد الحوزات الشيعية ليصل إلى 21 حوزة موزعة على كامل الجغرافية السورية. والحوزة هي مركز دراسات شيعية تعمل على تخريج دعاة لنشر الإسلام الشيعي. 

كما تم تأسيس بعض المعاهد والجامعات، كالجامعة العالمية للعلوم الإسلامية الشيعية والتي أنشئ فرع لها داخل مقام السيدة رقية في الشام القديمة، وفرع الجامعة الإسلامية الإيرانية الحرة في العاصمة دمشق عام 2018.

ومع سقوط نظام الرئيس بشار الأسد بات الوجود العسكري الإيراني في حكم الماضي لكن التخلص من التركة الإيرانية في الجانب الاجتماعي والديني والتعليمي والديموغرافي سيكون من أبرز التحديات أمام القيادة الجديدة في سوريا.