مسيرات هجومية إيرانية الصنع من طراز شاهد ـ صورة أرشيفية.
مسيرات هجومية إيرانية الصنع من طراز شاهد ـ صورة أرشيفية.

مع استمرار ممارسات إيران المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط وأوكرانيا، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على مساهمين في برامج المسيرات والصواريخ الإيرانية، لما لذلك من تأثير على زعزعة استقرار الشرق الأوسط وتمكين روسيا من شن حرب ضد أوكرانيا.

وذكرت الخارجية الأميركية في بيان أن واشنطن لا تزال قلقة بشأن انتشار الأسلحة الإيرانية في المنطقة والعالم، موضحة أن العقوبات المفروضة تشكل جزءا من الجهود الجارية لتعطيل الانتشار الخطير للطائرات بدون طيار المسلحة والصواريخ الباليستية التي تستخدمها إيران في جهودها لزعزعة استقرار الشرق الأوسط وما بعده.

نورمان رول، المسؤول السابق في الاستخبارات الأميركية والباحث في مركز بلفر للعلوم والشؤون الدولية بجامعة هارفارد يرى أن العقوبات الأميركية تهدف إلى التأثير على عدة مستويات في إيران، أكان المرشد الأعلى للبلاد أو على مستوى الشركات، وهي تذكير للعالم بأن واشنطن ستفرض عقوبات على طهران بسبب تعكير السلم والأمن الدوليين.

وقال إن العقوبات الأخيرة تهدف للتأثير على إيران وإبطاء نشاطها في صناعة المسيرات والصواريخ، التي تزعزع الاستقرار.

وبشأن فعالية هذه العقوبات، أوضح رول أن العقوبات لوحدها ليست الأداة الوحيدة التي تمنع دولة ما من التصرف بطريقة ما، مشيرا إلى أنها ستقيد من قدرة طهران على القيام بأعمال عدائية ونشر العنف.

وذكر أن إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن لم تطبق العقوبات المفروضة على قطاع النفط الإيراني، خاصة للشحنات التي يتم توريدها إلى آسيا والصين، والذي يتيح لطهران الحصول على إيرادات تقلل من أثر العقوبات عليها.

وأشار رول إلى أن العقوبات الفعالة تحتاج إلى جهود دبلوماسية لحث بقية الدول على احترامها، مثل الصين لوضع حد للانتهاكات لهذه العقوبات.

ويشرح الخبير الاستخباراتي أن العقوبات تصعب المهمة أمام إيران في الحصول على المكونات والتكنولوجيا لصناعة المسيرات التي ترسلها للحوثيين وروسيا، مؤكدا أنه في حال ترافق هذه العقوبات مع تشديد عسكري قد لا تجد المسيرات الإيرانية طريقة لإيصالها لموسكو أو الحوثيين أو حزب الله.

ويعتقد رول أن إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب ستتخذ مواقف وسياسات أكثر تشددا تجاه إيران، وتطبيق سياسة صارمة للعقوبات، والعمل الدبلوماسي بالحديث مع بكين لوقف الانتهاكات.

ولا يستبعد تكرار عمليات كتلك التي اغتالت فيها واشنطن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، في عهد إدارة ترامب الأولى، أو حتى تنفيذ ضربات مباشرة على طهران.

 بحسب الأمم المتحدة، أعدمت إيران أكثر من 900 شخص عام 2024
بحسب الأمم المتحدة، أعدمت إيران أكثر من 900 شخص عام 2024

في اجتماعٍ مثيرٍ لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، خرج ممثل النظام الإيراني ليحاول تبرير الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان في بلاده، مُلقياً اللوم على ما أسماه "التحديات التي فرضها الغرب على إيران من خلال العقوبات ودعمه للإرهاب."

ولكن، بالنظر إلى تقارير منظمات حقوق الإنسان، تتكشف صورة مروعة عن الواقع الذي يعيشه المواطن الإيراني في ظل هذه الانتهاكات.

نورمان رول، المسؤول السابق في الاستخبارات الأميركية والمستشار الأول لمنظمة "متحدون ضد إيران النووية"، أوضح في حديثه لـ "الحرة"، بأن الإدارة الأميركية الجديدة ستعيد فرض الضغوط على إيران، التي تصفها بـ "الراعية للإرهاب وقمع الحريات".

وأكد رول أن المجتمع الدولي قد أشار منذ سنوات إلى الانتهاكات التي ترتكبها إيران بحق مواطنيها ودول الجوار، إلا أن المشكلة تكمن في عدم اكتراث المسؤولين الإيرانيين بهذه الإدانات.

وأضاف أن إيران لا تتجاوب مع هذه المطالب إلا إذا تعرضت لضغوطات اقتصادية وعسكرية.

وانتقد رول عدم اكتراث المجتمع الدولي بهذه الانتهاكات، "بدليل دعوة محمد جواد ظريف، نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية، في قمة دافوس الاقتصادية هذا العام"، فضلا عن أن إيران ما زالت عضوا في مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة.

المسؤول السابق في الاستخبارات الأميركية والمستشار الأول لمنظمة "متحدون ضد إيران النووية خلص  إلى أن هذه الإدانات الدولية لا تعكس الواقع على الأرض، معبرًا عن ذلك بقوله: "الكلام كثير، والتصرفات قليلة".

وفي تعليقه على تصريحات مسؤولين أميركيين بأن إيران ستتحرر من نظامها القمعي قبل نهاية ولاية الرئيس ترامب الثانية، أوضح رول أن هذا التوقع يستند لعدة مؤشرات، أبرزها انخفاض "شعبية" الحرس الثوري الإيراني، إضافة للتظاهرات العارمة التي شارك فيها الملايين.

وقال رول "إن النظام الإيراني حاليًا في وضع هش وضعيف، مما قد يؤدي إلى انهياره في غضون سنوات" وفق قوله.

من جهته، أوضح الخبير في الشؤون الإيرانية عبد الرحمن الحيدري في تصريحاته لـ "الحرة" أن حقوق الإنسان في إيران تُعد من "أكثر الملفات الشائكة".

ووصف إيران بأنها "دولة مارقة ودكتاتورية" قائمة على أيديولوجية دينية لا تأبه بحقوق الإنسان.

وقال الحيدري إن إيران تعمد دائمًا إلى مواجهة معارضيها ومحتجّيها بـ "القبضة الحديدية والنار والرصاص"، مضيفًا أن المشكلة تكمن في أن هذه الانتهاكات تحدث أمام مرأى المجتمع الدولي دون أي تحرك جاد.

وأكد الحيدري أن إيران "تتجاهل" تمامًا جميع بيانات الإدانة الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في البلاد، كما أنها لم تسمح حتى الآن للمقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان بزيارة طهران، حيث كانت آخر زيارة له في عام 2006.

وأضاف أن إيران تمنع دخول أي مسؤول أممي بغرض إخفاء هذه الانتهاكات، كما تحظر وسائل الإعلام الأجنبية من الدخول إلى البلاد في محاولة للتعتيم على الجرائم التي ترتكبها السلطات الإيرانية.

وأشار الحيدري إلى أن الانتهاكات بحق السجناء والتعذيب في مراكز الاحتجاز، بالإضافة إلى حملات الإعدام الجائرة والقمع ضد النساء والأقليات، هي أمور متكررة، مشددًا على مسؤولية المجتمع الدولي في "عدم الاكتراث" لهذه الانتهاكات المستمرة.

قواعد اللباس الإسلامي.. إيران تقرر "عدم وضع النساء تحت الضغط"
أعلن نائب الرئيس الإيراني محمد جواد ظريف الأربعاء أن حكومة بلاده أرجأت تطبيق قواعد اللباس الإسلامي الصارمة في البلاد "حتى لا تضع النساء تحت الضغط" وذلك في خضم تداعيات الاحتجاجات التي شهدتها البلاد قبل عامين بشأن موضوع اللباس.

القضية الأكثر إثارة للقلق هي الإعدامات التي تمارسها طهران، حيث سجلت المفوضية السامية لحقوق الإنسان عام 2024 ما لا يقل عن 930 عملية إعدام، وهو رقم يعكس حجم العنف الذي يمارسه النظام بحق مواطنيه.

ولفتت التقارير إلى أن هذا العدد يشمل 32 امرأة، ليصبح العام الماضي الأكثر تسجيلاً لعقوبات الإعدام بحق النساء منذ 17 عاماً.

وإذا كانت تلك الأرقام صادمة، فإن ما يحدث في بداية عام 2025 لا يبشر بالخير، إذ تشير التقارير إلى تنفيذ 54 عملية إعدام خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من يناير، مما يضاعف المخاوف بشأن ما قد تحمله الأشهر المقبلة.

أما في ما يخص حرية التعبير والتجمع، فالتضييق مستمر، حيث قامت السلطات الإيرانية العام الماضي باعتقال مئات الناشطين والطلاب بذرائع متنوعة، في وقت واصلت السلطات حملاتها القمعية ضد من يطالبون بحقوقهم الأساسية.

وفي تقريرها، أشارت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أن القمع المستمر ضد الأقليات العرقية والدينية في إيران قد وصل إلى درجة تجعل من هذه الانتهاكات جريمة ضد الإنسانية، إذ تُحرم هذه الأقليات من حقوقها الأساسية بشكل ممنهج.

وبينما تستمر السلطات الإيرانية في انتهاك حقوق المواطن الإيراني، كانت هناك جهود متزايدة لفرض قوانين الحجاب الإجباري على النساء، حتى أن العديد من الفنانات والمشاهير تعرضوا للملاحقة لمجرد عدم التزامهم بهذا القانون في الأماكن العامة.