ظلام دامس في عاصمة البلاد.. القليل من المياه الساخنة في بارد قارس.. ومصاعد معطلة.. وطفل لا يأكل سوى وجبة واحدة في اليوم... وبعض الهتافات ضد النظام.
هكذا يمكن تلخيص الوضع في إيران الآن.
يعيش الإيرانيون في عدة مناطق وصولا إلى طهران على وقع أزمة انقطاع متكرر للكهرباء.
واضطرت السلطات إلى إغلاق المكاتب الحكومية والبنوك والمدارس من أجل ترشيد الاستهلاك في مواجهة الطلب المتزايد في غالبية المحافظات.
وانعكس ذلك الوضع على جميع مناحي الحياة تقريبا.
وتوثق مشاهد انقطاع الكهرباء عن طهران وسط برودة الأجواء، وبات العديد من سكانها بدون مياه ساخنة وسكان المباني الشاهقة بدون مصاعد عاملة.
وفوضى مرورية بعد انطفاء أضواء الشوارع وتعطل إشارات المرور.
🔴 BREAKING RIGHT NOW:
Footage from parts of Tehran under complete blackout.
People are shouting out of their windows, calling for death to Khamenei.
pic.twitter.com/LVoxleq7WO— 𝗡𝗶𝗼𝗵 𝗕𝗲𝗿𝗴 ♛ ✡︎ (@NiohBerg) February 11, 2025
#FreeIran2025 : February. 19 — Tehran — #Iran
Currently, a power outage on Tehran's Piroozi Street has disrupted people's work.
All the capital of the country is spent by Khamenei and other anti-human mullahs on #terrorism and war in the region.#No2ShahNo2Mullahs#IranRevolution pic.twitter.com/iQfIEEbB1z— sheer_iran (@sheriran95) February 19, 2025
این سبک زندگی ابدا شرافتمندانه نیست. قطع برق مترو کرج در روز برفی تهران. pic.twitter.com/bSsc7VxKos
— فلات ایران (@IranianPlateau) February 9, 2025
وعلى "أكس"، نشر أحد سكان العاصمة صورة للحي المظلم الذي يسكن بداخله، ويقول إن أسرته اضطرت إلى المبيت في السيارة: "لا توجد كهرباء أو غاز. الجو بارد ومظلم بشكل لا يطاق في شقتنا. على الأقل في السيارة، لدينا بعض الضوء، ويمكننا شحن هواتفنا، واستخدام المدفأة".
بعض السكان المستائين أطلقوا هتافات ضد نظام لا يستطيع توفير الكهرباء في حين تمتلك البلاد احتياطيات من الغاز والنفط هائلة.
🚨 BREAKING: Iranians in Tehran chant anti-regime slogans such as "Death to Khamenei" amid a massive power outage caused by the Islamic regime's failure to supply power plants, despite Iran's vast natural resources. The incompetence sparked outrage and reignited protests in Iran. pic.twitter.com/0N4mgZ1RwT
— Shayan X (@ShayanX0) February 11, 2025
أما الموقف الرسمي فهو تبادل الاتهامات بين المسؤولين.
وزارة الطاقة قالت إن محطات الطاقة لا تتسلم كميات كافية من الوقود، وزارة النفط تتهم شركة الطاقة الوطنية بسوء الإدارة.
مسؤولون حكوميون آخرون سعوا إلى التهدئة: المتحدثة باسم الحكومة، فاطمة مهاجراني، أقرت بأن محطات الطاقة لا تتلقى ما يكفي من الغاز، وفي الوقت ذاته أكدت أنه لا يجب تحميل أي وزارة المسؤولية وحدها.
محمد الله داد، نائب رئيس شركة الطاقة الحكومية تافانير، القى بأصابع الاتهام على تعدين البيتكوين "بشكل غير قانوني".
يقول الصحفي المتخصص في الشأن الإيراني والشرق الأوسط، إيليا جزائري، لموقعنا إن إيران "تعاني من تراكم أزمات ناتجة عن الفساد، وسوء الإدارة، والسياسة الخارجية، والعقوبات الغربية... أزمات سياسية أدت إلى أزمات اقتصادية كبرى، وكلما يمر الوقت تزداد سوءا لأن الأزمات السابقة لم تحل وتضاف إليها أزمات أخرى".
الدكتور أومود شكري، وهو زميل كبير غير مقيم في جامعة جورج مايسون وخبير الطاقة، يوضح في تصريحات لموقع الحرة أن البلاد تعاني من نقص مزمن في الكهرباء وانقطاعات متكررة للتيار الكهربائي وبنية تحتية قديمة للطاقة.

وفق الخبير. السبب الجذري يعود إلى مزيج من سوء الإدارة والعقوبات الدولية والإعانات ونقص الاستثمار الطويل الأجل في البنية التحتية.
جزائري قال لموقع الحرة إن انقطاع الكهرباء المتواصل في جميع مناطق إيران تسبب في توقف حركة بعض المصانع، واضطر أصحاب الأعمال إلى إنهاء خدمات عمال ما تسبب أزمة معيشية أكبر.
تسبب الوضع أيضا في خروج الاحتجاج في القطاعات الاقتصادية في إيران خاصة عمال المعامل وأصحاب المحلات الذين اضرهم انقطاع الكهرباء المستمر، وفق جزائري.
وقطاع الطاقة ليس سوى جانب واحد من الأزمة المتصاعدة في إيران.
يعاني الإيرانيون من التضخم المستمر، وارتفاع أسعار صرف الدولار.
من طهران، قالت منى، وهي إيرانية تبلغ من العمر 39 عاما، في مكالمة مع محطة مانوتو التلفزيونية الناطقة بالفارسية ومقرها لندن: "أشتري حتى الطعام بالتقسيط. أرز، وبيض، وخبز... لا أملك خياراً آخر. أشعر بالخجل أمام ابني. أنا لا آكل سوى وجبة واحدة في اليوم. ولا أطعم طفلي إلا مرة واحدة في اليوم".
تكسب منى 150 دولارا فقط شهريا، يذهب 40 دولارا منها إلى الإيجار.
وبينما كانت تشرح هذا الوضع الصعب للقناة، انفجرت في البكاء قائلة "أكره نفسي لأنني أنجبت طفلاً إلى هذا العالم".
خبير الطاقة والاقتصاد الإيراني، شكري، يشرح لموقع الحرة أن إيران تعاني من التضخم المفرط وانهيار العملة، بسبب العقوبات الأميركية "وفشل الإدارة المزمن".
واعتبارا من فبراير 2025، ارتفع التضخم إلى 35.3 في المئة سنويا، مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 16.9 في المئة شهريا، بينما انخفضت قيمة الريال إلى 891 ألفا مقابل الدولار الأميركي، وهو انخفاض بنسبة 75 في المئة في عام واحد، يقول شكري.
وتغذي هذه الأزمة سياسة "الضغط الأقصى" وانتشار المضاربة على العملة وهروب رأس المال، وسعي الإيرانيين إلى اللجوء إلى الدولار والذهب.
"ارتفعت الإيجارات في طهران 24 مرة منذ عام 2013، في حين ارتفعت الأجور 20 مرة فقط ما أدى إلى تفاقم التفاوت الاقتصادي".
"ومع توقع بقاء التضخم مرتفعا عند 28 في المئة بحلول عام 2026 وعدم وجود إصلاحات اقتصادية جوهرية في الأفق، تواجه البلاد أزمة متصاعدة".
وإزاء هذا الوضع، تخصص الأسر الآن نصف دخلها للغذاء، وفق شكري.
يقول جزائري لموقع الحرة إنه يضاف إلى ذلك العقوبات الأميركية على إيران، بينما لا يوجد حاليا أفق لتسوية الوضع بين طهران والإدارة الأميركية الحالية "إلا لو غيرت إيران نهجها في التعامل مع محيطها مع العالم"، وفق جزائري.
ويقول: "علينا الأنظار لنرى نهج إدارة ترامب: هل سنرى زيادة في الأزمات الداخلية في إيران أم سنشهد رفعا للعقوبات".
واتساع نطاق الأزمات وصل إلى حد أن بعض المسؤولين السياسيين داخل الحكومة حذروا من العواقب الاجتماعية وخروج احتجاجات جديدة،
وقال رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان، إبراهيم عزيزي، إنه إذا لم يتم اتخاذ القرارات الصحيحة فإن "تداعيات ومخاوف خطيرة سوف تنشأ".
يقول جزائري لموقع الحرة إن تحذيرات المسؤولين تعكس الوضع المتردي في إيران، بينما تعجز حكومة الرئيس عن حل الأزمات والرئيس الإيراني نفسه قال إنه "ليس كل شيء بيد الحكومة" وهو إشارة إلى أن "من يتحكم في مفاصل الدولة هو المرشد والحرس الثوري".
فهل يعني هذا الوضع ثورة قادمة؟
يقول جزائري إن الاحتجاجات "ليست موحدة".
هناك احتجاجات طلابية على بعض الأوضاع في الجامعات مثل سوء الغذاء والمساكن.
وهناك احتجاجات على ارتفاع سعر الصرف
واحتجاجات معيشية للمتقاعدين والكارد الطبي.
وليست كل الاحتجاجات معيشية، فهناك احتجاجات خرجت بعد مصرع طلاب في حافلة مدرسة في كرمان، وأخرى بسبب الضغوط التي يمارسها النظام على النساء.
المعارض علي حمداني كتب في مقال: سؤال واحدا يظل قائما مع انزلاق إيران إلى مزيد من الفوضى الاقتصادية والسياسية: إلى متى يستطيع النظام الصمود؟
يقول جزائري: "الأرضية مهيأة لاحتجاجات عارمة مثلما حدث في الأعوام السابقة".
"لكن الوضع تغير قليلا بعد الاحتجاجات على وفاة الشابة مهسا أميني، فالعوائل باتت تشعر بالخوف بعد قمع السلطات للاحتجاجات وصدور أحكام طويلة بالسجن والإعدام".
الاحتجاجات أيضا تسببت في إغلاق الدوائر الحكومية، ما زاد من الضغوط الاقتصادية على السكان.
يقول: "هناك خوف عام في المجتمع".
والاحتجاجات أيضا "لم تحصل على دعم خارجي حتى تحصل على ما تريده، ولم يكن ها قائد أو خارطة طريق، وكانت عشوائية في الغالب".
بينما إسقاط النظام، يقول جزائري، يحتاج إلى "تحرك داخلي وتحرك دولي وهذا ما رأيناه في جميع الاحتجاجات التي خرجت بدول أخرى، لكن هذا لم يحدث في إيران".
"هذه الأمور يجب أن تجتمع معا حتى يسقط نظام عمل بقوة على عسكرة نفسه وتقوية جماعاته الداعمة له اقتصاديا".