تتهاوى العملة الإيرانية إلى أدنى مستوياتها أمام الدولار منذ مطلع العام الحالي، بالتزامن مع ازدياد التوترات بين إيران والغرب، إثر برنامجها النووي والصاروخي، وتلويح إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب باستخدام القوة إذا لم توافق طهران على إبرام اتفاق نووي.
ووصل سعر التومان الإيراني إلى أدنى مستوياته أمام الدولار مطلع الأسبوع الجاري، إذ بلغت قيمة الدولار الواحد 104300 تومان.
يأتي ذلك وسط تقلبات متسارعة تشهدها أسواق العملات في إيران، تتزامن مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والخدمات وشح فرص العمل.
وأعاد ترامب، مطلع فبراير الماضي، العمل بسياسة "الضغط القصوى" على النظام في إيران، بهدف منعها من امتلاك أسلحة نووية، ومواجهة نفوذها المزعزع للاستقرار في الخارج.
وطبّق الرئيس الأميركي خلال ولايته الأولى استراتيجية "الضغط القصوى" عبر فرض عقوبات اقتصادية مكثفة على النظام الإيراني، تستهدف قطاعات حيوية، أبرزها النفط الخام ومشتقاته والذهب والتكنولوجيا الحساسة والسجاد والموانئ والتأمين والشحن البحري من وإلى إيران.
ويرى الخبير الاقتصادي همام الشماع، أن مجموعة عوامل تؤدي إلى تدهور الاقتصاد الإيراني وانهيار سعر صرف العملة وارتفاع التضخم.
وأشار إلى أن أحد هذه العوامل هي "نفقات إيران الخارجية العسكرية الكبيرة جدا، إثر تمويلها وتجهيزها للحوثيين في اليمن بمختلف أنواع المعدات والأسلحة، ودعمها لحزب الله في لبنان، ونفقاتها في العراق لمساعدة الفصائل الموالية لها أو لتمويل قيادات تلك الفصائل".
أما "العامل الثاني"، وفق تصريحات الشماع لـ"الحرة"، "فهو العقوبات المفروضة على إيران، وبفعلها أصبحت صادراتها النفطية شحيحة عبارة عن تهريب وبأسعار منخفضة".
وتابع: "الاقتصاد الإيراني يعتمد بشكل كبير على إيرادات النفط كمصدر للعملات الأجنبية، ولأن نفقاتها الخارجية كبيرة لذلك انخفضت احتياطاتها، بالتالي تدهور سعر صرف عملتها"، لافتا الى أن تدهور الاقتصاد الإيراني "سيستمر ما لم تصل طهران إلى اتفاق مع الولايات المتحدة".
وكشف تقرير لموقع "تريدنغ إيكونوميكس" نشر في مارس الماضي، ارتفاع معدل التضخم السنوي في إيران إلى 37.1 بالمئة في مارس 2025 بعد ان كانت 35.3 بالمئة في فبراير الماضي، مما يشكل أعلى قراءة منذ يناير 2024.

وأشار تقرير الموقع المختص بتقديم البيانات والتوقعات لأكثر من 20 مليون مؤشر اقتصادي حول العالم، إلى ارتفاع أسعار الأغذية والمشروبات غير الكحولية في إيران إلى 41 بالمئة، بعد أن كانت 36.5 بالمئة في فبراير.
وبدوره، لفت الباحث في الشأن السياسي والاقتصادي، نبيل التميمي، إلى أنه "مع اقتراب التهديدات والمخاوف من اندلاع مواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة وإيران، "ترتبك الأسواق الإيرانية ويتزايد الاتجاه نحو تحويل رؤوس الأموال إلى العملات الصعبة، مما يتسبب في تهاوي متزايد للعملة الإيرانية".
وأوضح لـ"الحرة": "تساهم الضغوطات المالية والاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة في إضعاف قدرة إيران على توفير النقد الأجنبي، ويقلل تدفق العملات الأجنبية إلى البلاد، مما قد يعيق من قدرات إيران على الإيفاء بالتزاماتها التجارية والمالية، وبالتالي إضعاف قدرتها السياسية والعسكرية".
وأكد التميمي أن "استمرار تهاوي العملة في إيران، سيؤدي إلى تقويض قدرة طهران وتماسك نظامها".