حطام السيارة المفخخة في كربلاء
جندي عراقي في موقع انفجار سيارة مفخخة في كربلاء، أرشيف

أفادت مصادر أمنية وطبية عراقية يوم الاثنين أن 22 شخصا على الأقل بينهم ثلاثة من رجال الشرطة قد قتلوا وأصيب أكثر من 80 آخرين بجروح في سلسلة تفجيرات بعبوات وسيارات مفخخة استهدفت مناطق متفرقة في العراق.

ووقعت التفجيرات في 13 مدينة، وتضمنت هجوما بسيارة مفخخة يقودها انتحاري استهدفت موكبا في بغداد لخدمة الزوار المتوجهين سيرا إلى كربلاء، بخلاف تفجيرات أخرى وقعت في محافظة بابل ومدينتي بعقوبة وكركوك واستهدفت قوات الشرطة ومحافظ بابل ومدنيين، كما اوضحت المصادر الأمنية.


ووقع الهجوم الأكثر دموية بينها في قضاء المسيب التابع لمحافظة بابل حيث قتل سبعة أشخاص وأصيب اربعة آخرون في تفجير ثلاثة منازل، بحسب مصادر امنية.

وأوضح ضابط في شرطة المسيب أن "مسلحين مجهولين فجروا ثلاثة منازل في حي العسكري وسط القضاء فجر الاثنين، ما أسفر عن مقتل سبعة اشخاص بينهم ثلاثة أطفال وامرأتين، وإصابة اربعة آخرين، اثر انهيار المنازل على ساكنيها.

وفي وقت لاحق، انفجرت سيارة مفخخة أمام مبنى محافظة بابل اثناء وصول موكب المحافظ، ما أسفر عن مقتل شخصين وإصابة 19 آخرين بينهم مصور وأحد حراس المحافظ، بحسب مصادر أمنية وطبية.

وقال مصدر في الشرطة طالبا عدم ذكر اسمه إن "التفجير ألحق أيضا أضرارا مادية جسيمة بالمحال التجارية والسيارات المدنية المحيطة بالمكان".

وفي كركوك، قال مصدر أمني رفيع إن "ثلاثة من عناصر الشرطة بينهم خبيران في مكافحة المتفجرات قد قتلوا وأصيب اربعة آخرون بجروح أثناء محاولة الخبيرين تفكيك صاورخ جنوب المدينة".

وأوضح أن "عبوة ناسفة نصبت ككمين إلى جانب الصاروخ انفجرت أثناء محاولة تفكيكه".

وفي هجوم منفصل غرب كركوك اصيب مدنيان بانفجار عبوة ناسفة، كما قالت مصادر أمنية.

وفي محافظة ديالى، أصيب 16 شخصا في ثلاثة هجمات بينهم عشرة من الزوار الشيعة في قضاء الخالص بينما كانوا متوجهين مشيا على الأقدام إلى مدينة كربلاء.

وأوضح مصدر أمني أن "سيارة مفخخة استهدفت زوارا قادمين من مناطق متفرقة شمال ديالى إلى كربلاء، ما أسفر عن إصابة عشرة بينهم نساء".

وفي حادث منفصل في جنوب ديالى أيضا، نجا قائد صحوة المحافظة خالد اللهيبي من محاولة اغتيال اثر هجوم مسلح على موكبه في ناحية بهرز، أسفر عن اصابة اثنين من حمايته بجروح، بحسب مصدر امني.

يذكر أن السلطات العراقية تفرض منذ عدة أيام إجراءات أمنية مشددة نشرت خلالها آلاف الجنود وعناصر الشرطة في الشوارع لحماية الزوار الشيعة المتوجهين مشيا على الأقدام من المحافظات إلى مدينة كربلاء لاحياء أربعينية الإمام الحسين التي تبلغ ذروتها يوم الخميس.

تحركات لرفض تعديل القانون في العراق. أرشيفية
تحركات لرفض تعديل القانون في العراق. أرشيفية

صيف عام 2024 خرج عشرات العراقيين إلى وسط بغداد احتجاجا على اقتراح برلماني لتعديل قانون الأحوال الشخصية وخفض سن الزواج من 18 إلى 15 للذكور وتسع سنوات للإناث.

وعلت الأصوات حينها التي تنادي "زواج تسع سنوات، باطل، زواج تسع سنوات، باطل". ولكن ورغم الاعتراضات استمر مجلس النواب العراقي بمناقشة التعديل المقترح.

هذا التعديل، رغم أنه يجري في العراق، إلا أن جذوره تعود إلى إيران وبفتوى من الخميني، والتي يدفع نفوذها إلى تشريع زواج القاصرات، وهو ما يكشفه برنامج "الحرة تتحرى" الذي تبثه قناة "الحرة".

نفوذ تشريع زواج القاصرات الإيراني، يحدث في اتجاهين مختلفين في العراق على الطريق لإلغاء قانونه المدني الحالي واستبداله بآخر طائفي، أما لبنان فيمنع من استبدال قانونه الطائفي الراهن بآخر مدني.

التعديل في العراق قدمه النائب، رائد المالكي أحد أعضاء الإطار التنسيقي الأغلبية البرلمانية التي تجمع الأحزاب الشيعية العراقية.

وقال حينها إن المقترح "يأتي انسجاما مع أحكام الدستور العراقي وتنفيذا لأحكام المادة 41 من الدستور العراقي التي نصت بشكل واضح وصريح على أن العراقيين أحرار في أحوالهم الشخصية بحسب دياناتهم ومعتقداتهم ومذاهبهم وينظم ذلك بقانون".

ورغم محاولات "الحرة" التواصل مع النائب المالكي، قوبل طلبنا بالرفض بحجة عدم وجود ظروف ملائمة.

سطوة على العائلة

انتشار ظاهرة زواج القاصرت في العراق. أرشيفية - تعبيرية

الناشطة الحقوقية العراقية، بشرى العبيدي قال إنه هذه ليست المرة الأولى إذ "نعاني من رفض الأحزاب الدينية لوجود قانون الأحوال الشخصية في العراق بوضعه الحالي".

النائبة العراقية، سروة عبد الواحد رئيسة كتلة الجيل الجديد شرحت لـ "الحرة" وجهة نظر النواب المعارضين لمشروع القانون، وقالت إنهم "يريدون أن يكون لرجل الدين السطوة على العائلة العراقية، وهذا خطر جدا، نحن نبحث عن دولة مدنية، دولة تحفظ حقوق الجميع، دولة أن تكون هي من لديها سطوة وسيطرة على الأسر العراقية بالكامل، وليس رجال الدين من أي مكون كان".

وأضافت أن "هذا التعديل يؤدي إلى انفكاك الأسر العراقية، فلهذا نحن رفضنا هذا التعديل. حاولنا إيجاد حلول لعدم تمريره، لكن مع الأسف هناك الأغلبية الشيعية، أو أغلبية الأحزاب الشيعية متفقة على تمرير هذا التعديل".

وبعد سقوط نظام حزب البعث في العراق عام 2003 صدر قرار حكومي في أواخر العام ذاته، قضى باستبدال قانون الأحوال الشخصية المدني وأقر العمل بالقضاء المذهبي. لكن وبعد أقل من شهر من الاحتجاجات تم إلغاء القرار.

وقالت العبيدي إن الحركة النسوية في العراق جاهدت وناضلت باتجاه إلغاء هذا القرار، معيدة التذكير في 2014 بمشروع قانون الأحوال الشخصية الجعفرية السيء الصيت، كان هذا مشروع القانون يبيح زواج من هي بعمر تسع سنوات، بل وحتى تحت سن التسع سنوات.

ولسنوات استمرت جهود الناشطات العراقيات لمنع محاولات الأحزاب الشيعية خفض سن الزواج.

وتكشف الناشطة العبيدي أن محاولات أخرى في 2015، وفي 2017 استهدفت فتح باب لتعديل قانون الأحوال الشخصية، حتى يتم تحويله قانون أحوال شخصية جعفرية.

وقالت إنهم قالوا لنا لماذا أنتم تعترضون وهناك زواج لطفلات بهذه الأعمار.

زواج الأطفال في العراق

زواج القاصرات قائم رغم مخالفته للقانون. أرشيفية

رغم أن عقد الزواج خارج إطار المحاكم ممنوع بموجب المادة العاشرة من قانون الأحوال الشخصية العراقي، إلا أنه ووفقا لتقارير حقوقية يحدث بالفعل ويشكل حوالي عشرين في المئة من إجمالي عدد الزيجات في البلاد.

وبحسب تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية بين يناير وأكتوبر 2023، صدقت المحاكم العراقية في جميع أنحاء البلاد على قرابة 38 ألف حالة زواج جرت خارج إطار المحاكم مقارنة بـ 211 ألف حالة زواج مدني، ومعظم الزيجات غير المسجلة تشمل فتيات دون 18 عاما.

محمد جمعة، محام عراقي متخصص في قضايا العنف الأسري قال "على من يتزوج خارج المحكمة، هنالك عقوبة، العقوبة الآن هي غرامة 250 ألف دينار، يعني تقريبا أقل من 200 دولار، فهذه الغرامة بسيطة، يدفعوها وخلاص".

وأضاف "تخيلوا فقط أننا في المستقبل لا نريد أن نتساهل في العقوبة، نريد أن نرفع العقوبة تماما. سيكون زواج القاصرات لدينا في العراق، مضاعفا مضاعفا مضاعفا، بأعداد كبيرة جدا".

مدينة الصدر شرق بغداد والمعروفة باسم منطقة البسطاء، هنا ووفقا لمحكمة الأحوال الشخصية يشكل زواج القاصرات أكثر من نصف الزيجات في هذه المنطقة ذات الأغلبية الشيعية.

وفي 2023 تم تسجيل أكثر من 5 آلاف حالة زواج لقاصرات في قضاء الصدر، وهي تشكل حوالي 60 في المئة من حالات الزواج في هذه المنطقة.

وتواصلت "الحرة" مع عدد من ضحايا الزواج المبكر لكنهن رفضن الحديث أمام الكاميرا، وبعد محاولات وافقت إحداهن على مشاركة قصتها شريطة إخفاء هويتها.

نور (اسم مستعار) إحدى الضحايا قالت "أنا تزوجت بعمر قاصر، كنت جدا صغيرة، يعني تقريبا حوالي 14 سنة، كنت يعني ما أفهم، ولا أعرف الزواج بالضبط. أنا عن نفسي ما أحد قالي انه أنت راح تتزوجين، وراح يصير كذا وكذا".

وفقا لروايتها أدى زواج نور بعمر صغير إلى تعرضها للعنف والاغتصاب الزوجي، وتقول إنها عانت من الضرب والعنف، ورغم أنها طفلة حرمت من التعليم، ومع تعرضها للاغتصاب من زوجها أصبحت حامل، ولكن العنف الجنسي تسبب في إجهاضها.

في غرب العراق لا تخلو محافظة الأنبار من زواج القاصرات، وظاهرة تشكل وفقا لأرقام أممية حوالي 17 في المئة من العقود المبرمة.

وقالت باسمة (اسم مستعار) لـ "الحرة" إنه تزوجت بعمر 14 عاما، وكانت صغيرة لا تعلم ما الذي يحدث بين الزوج والزوجة، وهو ما يجعل زوجها يضربها دائما.

وأضافت أنها حملت وأصبح لديها أطفال، ولكن الضغوطات التي تعرضت لها جعلتها تفكر بالانتحار. مشيرة إلى أن الصعوبات لم تنته بوفاة زوجها، إذ وجدت نفسها مسؤولة عن طفلين وهي في عمر صغير.

وفي سبتمبر الماضي، قضت المحكمة الاتحادية العليا العراقية بأن مواد قانون الأحوال الشخصية الجديد تتماشى مع دستور البلاد. وهي ما قد تمثل خطوة على طريق الإقرار النهائي للتشريع.

ويقول المحامي، جمعة إنه "سيتم تشريع هذا التعديل لأن هنالك ضغط كبير جدا. هذا القانون سيؤدي الى تقوية المؤسسة الدينية على حساب مؤسسات الدولة وعلى حساب المؤسسات القضائية. وهذا هو الهدف الفعلي للقانون، أن تتحكم المؤسسة الدينية تتحكم في حياة الأسرة العراقية".

لبنان.. في اتجاه معاكس

العامل الاقتصادي يؤثر في قرار تزويج القاصرات

من العراق إلى لبنان البلد الذي يسير في اتجاه معاكس ويعتمد بالفعل قوانين الأحوال الشخصية الطائفية، ينعكس هذا على زواج القاصرات.

وبالفعل يُسمح في البلاد بزواج القاصرات، ولذلك تنتشر حملات التوعية بشكل كبير لمحاولة إيقاف الظاهرة خاصة في ظل إقرار الدستور بحق الطوائف الثمانية عشرة المعترف بها في إدارة شؤون أحوالها الشخصية.

وتقول المحامية في التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني، غادة نقولا تقول إن "توجهنا هو قانون مدني للأحوال الشخصية"، مشيرة إلى اعتقادها أن "كل الطوائف أصبحت مدركة لخطورة الموضوع".

وأضافت أن العائق الوحيد عن إحدى الطوائف وهي "الطائفة الشيعية" التي تصر على سن صغيرة لتزويج الطفلات والأطفال.

وبحسب المادة التاسعة من الدستور اللبناني يتاح "حرية الاعتقاد مطلقة، والدولة بتأديتها فروض الإجلال لله تعالى، تحترم جميع الأديان والمذاهب، وهي تضمن أيضا للأهلين على اختلاف مللهم، احترام نظام الأحوال الشخصية والمصالح الدينية".

وتقول ليلى عواضة وهي محامية من منظمة كفى اللبنانية "مثلا عند الطائفة الجعفرية تسمح بزواج التسع سنين، وعند الطائفة السنية حددوا سن الزواج بـ 18 سنة، كذلك الأمر عند الطوائف المارونية والطوائف الأرثوذكسية والطوائف الدرزية".

في عام 2021 استجابت الطائفة السنية في لبنان لمطالب المجتمع المدني ورفعت الحد الأدنى لسن الزواج إلى 18 عاما، إلا أن الطائفة الشيعية بقيت الوحيدة في البلاد التي تعتمد سن تسع سنوات كسن شرعي لزواج الإناث.

وتشير عواضة إلى أنه بالرغم أن "المحكمة الجعفرية خاضعه إداريا لمجلس الوزراء، لكن الأحكام التي تطبقها وفقا لتعاليم المرجعية عند الطائفة الجعفرية"، وحتى الآن القانون الجعفري في البلاد لم يجر أي تعديل لسن الحضانة، او تعديل لسن الزواج.

وأضاف النظام الطائفي التعددي للأحوال الشخصية "يحد من مواطنية الافراد"، إذ قد يعود إلى "قوانين تابعة لبلدان أخرى".

مفاجأة في الأرقام

طوائف تتمسك بالقانون الذي يتيح زواج القاصرات. أرشيفية

في تقريرها الصادر نهايات عام 2016 أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" أن 6 في المئة من اللبنانيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 20 إلى 24 عاما تزوجن قبل سن الـ 18.

لكن في ربيع عام 2024 شكلت دراسة أعدها التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني مفاجأة ففارق الأرقام كان ملحوظا.

وكشفت الدراسة أن هناك أرقام مقلقة جدا في الدراسة، تظهر ارتفاعا بنسبة تزويج القصر، وتتحدث عن نسبة 20 في المئة تزوجوا دون سن الـ 18، حوالي 87 في المئة منهم نساء، ونتحدث عن 10 في المئة من النساء تزوجن بين عمر الـ 13 و15 عام.

وقالت رشا وزنة مسؤولة التواصل في التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني إن "الفقر والعجز الاقتصادي، من أبرز الأسباب في السنوات الأخيرة التي كانت وراء تزويج الطفلات والأطفال".

وأضافت أن مجتمع اللبناني "معقد" إذ يوجد ثقافات مختلفة حسب المناطق، مشيرة إلى رصد حالات فيها عنف جسدي وعنف لفظي، وأخطار بسبب الحمل المبكر تصل لحد الوفاة.

وفي محافظة بعلبك ذات الأغلبية الشيعية شمال شرق لبنان التقت "الحرة" بإحدى ضحايا زواج القاصرات.

وقالت ندى (اسم مستعار) إن "زواج القاصرات شائع بشكل كبير بالضيعة"، مشيرة إلى أنها تزوجت وهي ابنة 17 عاما.

وذكرت أن العريس كان يكبرها بـ 14 عاما، ولكن تم إجبارها على الزواج لتعاني قسوة التجربة.

وقالت إنه مباشرة تم العرس، وتم إجبارها للذهاب للحفلة، ومن أسبوع بدأ بضربها، واستمر على هذا الأمر، حتى وهي حامل.

أمام هذا الوضع طلبت ندى الطلاق ولم تحصل عليه إلا بعد سنوات، فالمحاكم الجعفرية المختصة بشؤون الأحوال الشخصية للطائفة الشيعية لا تعطي المرأة هذا الحق إلا بعد موافقة الزوج.

وقالت إنها تطلقت في 2023 أي بعد أن وصلت لسن الـ 25 عاما، مؤكدة أنها عانت الكثير من العذاب، واضطرت للتنازل عن حقوقها، ولم تتمكن حصولها على حضانة ابنتها.

في محاولة لتعديل الوضع القانوني للمحاكم الجعفرية تحركت جهات حقوقية في لبنان لتوحيد قوانين الأحوال الشخصية واستبدالها بتشريع موحد يطبق على جميع الطوائف.

وتقدم التجمع النسائي الديمقراطي بمقترح قانون تبناه عدد من نواب البرلمان اللبناني، ومن بينهم النائب أنطوان حبشي.

وقال حبشي، وهو نائب عن حزب القوات اللبنانية إن كل المناطق في لبنان فيها زواج قاصرات، ولهذا نرى أن العامل الاجتماعي الاقتصادي هو عامل مهم، والعامل الديني يلعب دورا أساسيا من دون شك".

الآلاف من القاصرات كن ضحايا للزواج في بلاد يهيمن عليها نظام طهران وتحوم فوقها فتوى للخميني قارب عمرها على نصف قرن.