طفلة عراقية غمست إصبعها في الحبر الفسفوري
طفلة عراقية غمست إصبعها في الحبر الفسفوري

أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق مساء السبت أن نسبة المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات بلغت 50 بالمئة، معتبرة أن هذه النسبة "عالية جدا في هذه الظروف" السياسية والأمنية التي تشهدها البلاد.

وقال مسؤولون في المفوضية في مؤتمر صحافي في بغداد إن نسبة المشاركة الشعبية
بلغت 50 بالمئة، مشيرين إلى أن هذه النسبة ترتفع إلى أكثر من 51 بالمئة إذا ما تم
احتساب التصويتين العام والخاص.

وبحسب مسؤولي المفوضية, فقد شارك ستة ملايين و400 ألف و777 ناخبا في هذه الانتخابات من بين نحو 13 مليونا و800 ألف ناخب مسجل، مشددين على أن هذه النسبة "عالية جدا في هذه الظروف وفي ظل ما نعيشه".

وبلغت نسبة المشاركة في بغداد 33 بالمئة فقط، وهي أدنى نسبة تصويت بين المحافظات الـ12 المسجلة التي جرت فيها الانتخابات، فيما سجلت محافظة صلاح الدين أعلى نسبة مشاركة حيث وصلت إلى 61 بالمئة.

وفتحت مراكز اقتراع أول عملية انتخابية منذ الانتخابات التشريعية في مارس/آذار 2010 والانسحاب الأميركي نهاية 2011 أبوابها في تمام الساعة السابعة صباحا بالتوقيت المحلي.

وكانت عناصر القوات المسلحة والشرطة قد أدلت بأصواتها في عملية اقتراع خاصة يوم 13 أبريل/نيسان الجاري.

بدء عمليات فرز الأصوات (14:00 بتوقيت غرينتش)

أغلقت في تمام الساعة الخامسة من مساء السبت بالتوقيت المحلي مراكز الاقتراع في انتخابات مجالس المحافظات العراقية.
 
وشارك أكثر من 8000 مرشح في الانتخابات التي جرت لشغل نحو 450 مقعدا في المجالس المحلية في أنحاء البلاد، في الانتخابات التي ستقيس قوة الأحزاب السياسية قبل الانتخابات البرلمانية التي ستجري في عام 2014.

وأعرب الكثير من العراقيين عن أملهم في أن تتمخض انتخابات مجالس المحافظات عن تشكيل مجالس تعمل من أجل الصالح العام وتبتعد عن الصراعات السياسية. 
 
وقال عدد من الناخبين في محافظة واسط لـ"راديو سوا" إنهم ماضون هذه المرة بأفق جديد ورؤية جديدة لينتخبوا من هو الأجدر والأكفأ ليحققوا أحلامهم التي "أهلكها غدر الزمان وسوء الاختيار في العمليات الانتخابية السابقة".

وأضاف أحدهم: "الحال تعبان.. الخدمات ضعيفة.. بطالة.. أيتام.. أمية.. نأمل في هذه الدورة من الانتخابات أن يكون القادم أفضل. بقى الأمر بيد الناخب، الناخب عاش التجربة، وقد يكون التغيير الآن بيده".
 
ترحيب أميركي بإجراء الانتخابات المحلية
 
وقد أثنت السفارة الأميركية في بغداد على مشاركة المواطنين في الانتخابات المحلية، وقالت إن هذه الممارسة خطوة واضحة إلى الأمام، من أجل الديمقراطية العراقية.
 
وفي حديث لـ"راديو سوا" قال المتحدث باسم السفارة الأميركية لدى بغداد فرانك فينفر، "الولايات المتحدة تهنئ اليوم الشعب العراقي لتمسكه بالديمقراطية ومستقبل خال من الخوف والترهيب، وفى ظل المخاطر الأمنية مارس الملايين من المواطنين العراقيين حقهم الديمقراطي (...) هذه خطوة واضحة للأمام باتجاه الديمقراطية ورفض المتشددين".
 
وأوضح فينفر أن عددا من موظفي البعثة الأميركية شارك في مراقبة عمليات الاقتراع، "تلبية لدعوة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، فقد التحق عدد من موظفي بعثة الولايات المتحدة بالدبلوماسيين والمراقبين الآخرين لمشاهدة عملية التصويت في عدة مواقع في بغداد والبصرة، وعدد من المرافق المخصصة لمهجري الداخل قرب أربيل" .
 
وشدد المتحدث على ضرورة العمل على تنظيم الانتخابات المحلية في الأنبار ونينوى بأقرب وقت، مضيفا "تواصل الولايات المتحدة حث الحكومة العراقية على إعادة النظر في قرارها القاضي بتأجيل الانتخابات في كل من محافظتي الأنبار ونينوى، والقيام بكل جهد ممكن في سبيل إعادة جدولة التصويت. المخاوف الأمنية يجب ألا تكون حائلا يمنع جموع المواطنين العراقيين من التعبير عن أنفسهم بطريقة ديمقراطية عبر صناديق الاقتراع".
 
انقسامات سياسية
 
وتشهد الساحة السياسية العراقية انقساما شديدا وفقا للخطوط الطائفية حيث تغرق حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي في أزمة بشأن كيفية اقتسام السلطة بين الشيعة والسنة والكرد الذين يديرون إقليمهم الخاص في الشمال.
 
وبالنسبة للمالكي فإن الأداء القوي لائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه قد يعزز توليه فترة ثالثة في الانتخابات التي ستجري عام 2014، إذ ألمح إلى خطط للتخلي عن اتفاق اقتسام السلطة لتشكيل حكومة أغلبية.
 
ويشعر كثير من العراقيين بالإحباط إزاء عدم الأمان والبطالة والفساد المتفشي ونقص الخدمات الأساسية بعد عقد من إطاحة القوات الأميركية بالرئيس الراحل صدام حسين، وهو الأمر الذي أعقبه قتال طائفي راح ضحيته عشرات الآلاف في عامي 2006 و2007.
 
ومنذ أن انسحبت القوات الأميركية في ديسمبر/كانون الأول عام 2011 أصيبت الساحة السياسية العراقية بالشلل نتيجة للاقتتال الداخلي بشأن اتفاقات اقتسام السلطة حيث يتهم منافسو المالكي رئيس الوزراء الشيعي بتعزيز سلطته على حساب الشركاء السنة والكرد.
 
ومنذ ديسمبر/كانون الأول نزل عشرات الآلاف من المحتجين السنة إلى الشوارع للتظاهر كل أسبوع ضد ما يقولون إنه تهميش لطائفتهم من جانب حكومة المالكي.
 
وتقول سلطات الانتخاب إن التصويت الذي تم تعليقه في محافظتي الأنبار ونينوى قد يجري في الشهر القادم.
 
تصاعد وتيرة العنف غداة الانتخابات
 
وعلى الصعيد الأمني، ترافقت العملية الانتخابية مع إجراءات أمنية مشددة شملت فرض حظر على السيارات التي لا تحمل ترخيصا خاصا باليوم الانتخابي، إلى جانب زيادة حواجز
التفتيش على الطرقات، وخصوصا في العاصمة.

ولكن هذا لم يمنع من انفجار نحو 10 قنابل صغيرة وسقوط قذائف مورتر قرب مراكز اقتراع ما أدى إلى إصابة أربعة أشخاص على الأقل أثناء التصويت.
 
وتسببت قذيفتا مورتر في إصابة ثلاثة ناخبين وشرطي بجروح في مدرسة استخدمت مركزا للاقتراع في اللطيفية التي تقع إلى الجنوب من بغداد بعد بدء التصويت.
 
وقالت الشرطة إن قنابل صغيرة انفجرت في طوز خورماتو وتكريت وسامراء في الشمال وسقطت ست قذائف مورتر أخرى في بلدة قريبة من مدينة الحلة دون أن تسبب أي إصابات.
 
وأسفر هجومان على مسجدين للسنة والشيعة الجمعة عن مقتل ثمانية أشخاص على الأقل، وقتل مهاجم انتحاري 32 شخصا في انفجار بمقهى شعبي بحي العامرية في بغداد الذي يغلب عليه السكان السنة الخميس.
 
وسبق وقتل عشرة مرشحين، معظمهم من السنة، أثناء الحملات الانتخابية.
 
وتصاعدت أعمال العنف والتفجيرات الانتحارية منذ بداية العام حيث تعهد الجناح المحلي لتنظيم القاعدة وإسلاميون سنة بإذكاء مواجهات واسعة النطاق بين المزيج العرقي والطائفي الذي تتكون منه البلاد.

الهجوم على مدينة حلبجة أدى الى مقتل 5000 شخص - AFP
الهجوم على مدينة حلبجة أدى الى مقتل 5000 شخص - AFP

بعد أكثر من 3 عقود على مجزرة حلبجة لا يزال مصير نحو 400 طفل مجهولا بعد أن نقلوا إلى المستشفيات الإيرانية آنذاك لتلقي العلاج ولم يعودوا إلى وطنهم، لأسباب عدة، بينها مقتل آباء وأمهات معظم هؤلاء الأطفال جراء الهجوم الذي شنه النظام العراقي السابق على المدينة في إقليم كردستان عام 1988.

ويقول حاجي آوات الذي فقد أخاه خلال تلك الفترة، إنه في الليلة التي تم فيها قصف مدينة حلبجة، توجهت عائلته إلى سرداب تحت الأرض، لحماية أنفسهم من قصف جوي نفذته طائرات صباح يوم 16 آذار، لكنهم تفاجأوا بدخول روائح غريبة تشبه رائحة التفاح إلى السرداب، فخرجوا من الملاجئ واتجهوا نحو الجبال المحاذية لإيران.

وذكر آوات لموقع "الحرة" إن عائلته التي كانت تضم والديه وأخواته الست مع أخيه الصغير، انقسمت إلى مجموعتين، أمه مع أخواته وأخيه البالغ من العمر أربع سنوات، بينما بقى هو مع والده، وعندما وصلنا إلى الأراضي الإيرانية بقيت أنا ووالدي في مستشفى بطهران ووالدتي مع بقية اخواتي في مستشفى آخر".

وأوضح آوات أنه بعد مرور شهر من بقائهم في المستشفى وعن طريق بعض العائلات الكردية التقى بأُمه وإخوته، وهناك تبين أن أخاه " الصغير البالغ من العمر 4 سنوات قد ضاع".

وأكد آوات أنهم بحثوا عنه وتواصلوا مع جميع المستشفيات حينها، على أمل العثور  على أخيه، إلاّ أن كل محاولاتهم باءت بالفشل، قائلا "ولم نستطع التوصل الى مكان اخي الى الان، وتوفي والدي بحسره و لاتزال أمي تأمل في عودته".

تركت مأساة قصف مدينة حلبجة عام 1988 العشرات من القصص التي تشبه قصة حاجي آوات وأخيه، بسبب فرار وتشريد آلاف العائلات التي كانت تعيش في تلك المدينة، حيث أدى القصف إلى موت أكثر من 5000 شخص مدني معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ، ونزوح الاف آخرين من سكان المدينة نحو الأراضي الإيراني هربا من الغازات السامة بحسب، حكمت حلبجي، الذي كان من ضمن الفارين في ذلك اليوم.

حلبجي ذكر أنه كان يبلغ من العمر 17 سنة، وشهد هروب آلاف العائلات إلى إيران التي قال إنها استقبلتهم في مستشفياتها "وقدمت لنا الدعم الكبير".

وبين أنه رأى العشرات من الأطفال الذين أصبحوا أيتاما بلا أهل، وآخرين انقطعوا عن ذويهم، "فجمعت السلطات الإيرانية هؤلاء المفقودين في ملاجئ للأيتام، وكان يتم تسجيلهم من قبل منظمة الهلال الأحمر الإيرانية ومجموعة من المنظمات المحلية هناك".

وأضاف حلبجي أنه بالرغم من تلك الإجراءات "إلا أن الكثير من الأطفال أُعطوا إلى عائلات إيرانية، قامت باحتضانهم وتربيتهم، لذلك فإن أعدادا كثيرة من اولئك تفرقوا في عموم إيران".

لقمان عبدالقادر، رئيس جمعية ضحايا العنف الكيمياوي لحلبجة (هو أحد ضحايا الهجوم الكيمياوي) أوضح من جهته أن عدد الأطفال المفقودين في المستشفيات الايرانية بعد قصف حلبجة عام 1988 والذين تم تسجيلهم في جمعيتهم بلغ 119 طفلا، وسجلت 76 عائلة شكوى بهذه الخصوص.

لكن عبد القادر نوه إلى أن عدد المفقودين أكثر من ذلك، مضيفا أن "المتابعات التي قمنا بها آنذاك بالتنسيق مع منظمة الهلال الاحمر الإيرانية وعدد من المنظمات المحلية، اكتشفنا ان هذه الجهات سجلت نحو 400 طفل (مشرد) من حلبجة".

وبين عبدالقادر لموقع "الحرة" انهم كجمعية معنية بهذا الموضوع قدموا مذكرات عديدة إلى السفارة الإيرانية وقنصليتها في إقليم كردستان، لكنه أوضح أن الجانب الإيراني كان يقول إن هذا الأمر يجب أن يتم عن طريق الحكومة الاتحادية في بغداد، "ورغم المناشدات الكثيرة التي أطلقناها إلا أن الموضوع بقي قيد الإهمال".

وأوضح عبدالقادر أنه لحد الان تم استرجاع 8 من هؤلاء، مبينا أن "موت الأشخاص الذين تبنوا الأطفال كثيرا ما يؤدي الى كشف الحقيقة، لأنه يحرم من الميراث لانه ليس أبنهم الحقيقي".

وجدد لقمان مطالبته الحكومة العراقية بالاهتمام بهذا الملف لأن الكثير من "أطفال حلبجة المفقودين" في إيران ربما يرغبون الآن في العودة إلى أهلهم.

وزير الشهداء والمؤنفلين في حكومة إقليم كردستان ، عبدالله حاجي محمود، قال لموقع "الحرة" إنهم قاموا بتشكيل لجنة خاصة لمتابعة ملف أطفال حلبجة في إيران. 

موضحا أن اللجنة التي تضم مجموعة من الجهات الحكومية والمنظمات المدنية المعنية، استطاعت تقديم مطالب الأهالي "بطرق قانونية بالتنسيق مع الجهات الحكومية الإيرانية".

وأكد الوزير أنهم ناقشوا مع القنصل الإيراني هذا الموضوع، الذي أبدى تجاوبه معهم، مضيفا "ونحن ماضون في البحث عن هؤلاء الأطفال المفقودين وتحديد مصيرهم بالطرق القانونية مع الحكومة الإيرانية".

بعد 33 عاما على هجوم حلبجة الكيميائي.. "المعاناة" تلاحق الناجين
بعد 33 عاما على قصف نظام صدام حسين مدينة حلبجة بالأسلحة الكيميائية، لا تزال معاناة الناجين تذكرهم كل يوم بالمأساة، وهم ينتظرون من دون جدوى، تحقيق العدالة. بين هؤلاء "هاوكار صابر" الذي يعجز عن التنفس بدون جهاز أكسجين.

من جهتها انتقدت الناشطة الحقوقية باخان فاتح (محامية من مدينة حلبجة) عمل اللجنة، ووصفت الخطوات التي تقوم بها بالبطيئة مشيرة إلى " أنها لم تحقق الأهداف المطلوبة لحد الان"

وبينت فاتح لموقع "الحرة" أن هناك الكثير من العائلات الايرانية التي ترغب في إعادة أبناء حلبجة الذين لجأوا اليها لذويهم، لكن "الإجراءات المعقدة تحول دون ذلك".

وأوضحت أن عودة هؤلاء بعد أكثر من ثلاثة عقود، يحتاج إلى تأهيل نفسي، ودعم اجتماعي ومادي، مشيرة إلى أن " هناك حالات عديدة لهؤلاء العائدين قد رجعوا مرة أخرى إلى إيران بسبب عدم التكيف مع الأجواء الجديدة في حلبجة"

وأضافت فاتح أن الإجراءات الخاصة بالحصول على المستمسكات الرسمية للعائدين إلى ديارهم تستغرق وقتا طويلا ، وأكدت أنه بالرغم من الإجراءات القانونية الصارمة التي تتخذ في هذا المجال، إلا أن هناك حالات ترد إليهم  لإيرانيين ينتحلون صفة عراقيين من حلبجة، بهدف الدخول الى اقليم كردستان والعيش فيه، لكنها أشارت إلى أنه "بمجرد أن تبدأ التدقيقات الأمنية فإنهم يختفون ويهربون".

ولفتت باخان إلى أنه يجب على الحكومة العمل بسرعة على موضوع حفظ عينات الـ(DNA) الخاصة بالأهالي لمطابقتها مع عينات ابناء حلبجة عند عودتهم.

يذكر أن مدينة حلبجة الواقعة على الحدود العراقية الإيرانية قد تعرضت لهجوم بالغازات الكيمياوية في 16 مارس 1988، من قبل النظام السابق، وراح ضحيتها أكثر من 5000 شخص مدني، وعدت بمثابة إبادة جماعية، وتم على إثرها اعدام وزير الدفاع العراقي الأسبق علي حسن المجيد عام 2010 بعد إدانته بالهجوم على حلبجة باستخدام الأسلحة الكيمياوية.