عراقية تصلي في كنيسة مار إدي الرسول في بلدة كرمليس بعد تحريرها
عراقية تصلي في كنيسة مار إدي الرسول في بلدة كرمليس بعد تحريرها

العراق - متين أمين

إصطيفو جميل حبش وناطق قرياقوز مسيحيان عراقيان من سكان منطقة سهل نينوى. كلاهما هُجّر بعد سيطرة داعش على بلدتيهما، ولكن قرياقوز عاد بعد التحرير إلى بلدته "تللسقف" فيما يرى إصطيفو أن شروط العودة لم تتوفر بعد.

إصطيفو.. لن أعود

فور تحرير القوات العراقية قضاء الحمدانية، جنوب سهل نينوى، شرق الموصل، انطلق إصطيفو مع العائدين لزيارة بلدته الحمدانية التي هجرها مع أبنائها الآخرين بسبب داعش لأكثر من عامين ونصف. لكنه لم يقرر الإقامة فيها مجددا.

يقول إصطيفو "دمروا (عناصر داعش) مناطقنا بشكل ممنهج كي لا نعود إليها"، ويضيف "بعض سكان القرى المجاورة لمناطقنا ممن ينتمون إلى التنظيم كانوا سببا لما حدث لنا، لكنهم لم ينالوا جزاءهم القانوني بعد".

تتألف منطقة سهل نينوى المعروفة بموطن الأقليات الدينية في العراق من قسمين، الأول هو قضاء الحمدانية؛ والثاني قضاء تلكيف حيث تقع بلدة تللسقف، هذا بالإضافة إلى ناحية بعشيقة التابعة لقضاء مركز الموصل.

هذه المناطق تقطنها غالبية مسيحية تتجاور مع مكونات أخرى كالأيزيديين والشبك. وبعد تحريرها من قبل القوات العراقية وقوات البيشمركة، شاركت قوات مسيحية إلى جانب القوتين المذكورتين في الدفاع عنها وضبط الأمن فيها.

ويحدد إصطيفو الأسباب التي تمنعه من العودة إلى الحمدانية بالقول إن "الوضع الأمني غير مستقر، وهناك وجود لقوات متعددة القيادات، ونحن نتخوف من اقتتال داخلي بين هذه القوات مستقبلا".

وفي الحمدانية والمناطق التابعة لها تنتشر قوات الجيش العراقي والشرطة المحلية وفصائل مسيحية (كتائب بابليون التابعة للحشد الشعبي، ووحدات حماية سهل نينوى).

ويدعو إصطيفو إلى إنشاء حكم ذاتي في سهل نينوى أو استحداث محافظة في هذه المناطق، وتوفير حماية دولية لها في الوقت الحاضر، إلى حين استقرار الوضع في العراق، وإعادة إعماره وتعويض المتضررين.

قرياقوز.. عدنا للضغط

من جانب آخر، يوضح ناطق قرياقوز الأسباب التي دفعته للعودة إلى بلدة تللسقف، ويقول "عدت لتوفر الأمان في البلدة. وعودتنا هي للضغط على الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم وعلى المنظمات الدولية المانحة لتوفير الخدمات الرئيسية لنا".

ويشير قرياقوز إلى أن الحكومة المحلية في محافظة نينوى لم تطرق حتى الآن أبواب سكان تللسقف العائدين إلى بلدتهم، ولم تقدم لهم أية خدمات من كهرباء ومدارس وخدمات بلدية، لافتا إلى أن "شبكة مياه الشرب في البلدة أصلحتها إحدى المنظمات الدولية".

سوق بلدة برطلة، شرق الموصل، بعد تحريرها من داعش

​​

​​

ويتوزع المسيحيون في مناطق متعددة من العراق وتعيش نسبة كبيرة منهم في محافظة نينوى. وبحسب إحصاءات رسمية كان عدد المسيحيين في العراق قبل عام 2003، مليونا و350 ألف نسمة، 180 ألفا منهم كانوا يعيشون في مركز مدينة الموصل، ونحو 200 ألف في سهل نينوى.

ولكن هذا العدد انخفض بسبب العمليات الإرهابية التي تعرضوا لها في الموصل، فتقلص عددهم في مركز المدينة إلى نحو 25 ألفا، قبل سيطرة داعش عليها.

أما بعد ذلك، فقد اضطر المسيحيون إلى النزوح من مركز المدينة ومن مناطق سهل نينوى باتجاه المناطق الآمنة في إقليم كردستان العراق قبل أن تهاجر غالبيتهم إلى أميركا وأستراليا وأوروبا ولبنان.

ولا يتجاوز عددهم في العراق حاليا 350 ألف مسيحي.

أسئلة كثيرة

ويوجز الأب جبرائيل جورجيس توما، أحد رهبان دير السيدة في القوش شمال شرق الموصل، مأساة مسيحيي الموصل بالقول: "هذا الشعب دفع الثمن الغالي، ذهبت كل أملاكهم وممتلكاتهم بين ليلة وضحاها، لكن حتى إن عدنا فهل نعود إلى الأنقاض؟ وهل هناك ضمانة لعدم تكرار هذه المأساة، وتوفير الأمان والسلام والاستقرار في المناطق المحررة؟".

ويؤكد الأب توما أن "تناحر الأطراف السياسية في بغداد على المقاعد"، إضافة إلى الفساد الإداري، يمنع عودة المهجرين إلى مناطقهم، فـ"الحكومة لم تقدم لنا سوى كلمات رنانة نسمعها في الأخبار، فكيف سيثق المواطن بهذه الأحزاب وبالحكومة والبرلمان؟".

ويستبعد قائمقام قضاء تلكيف باسم بلو أن يكون تأخر عودة بعض المسيحيين إلى مناطقهم المحررة ناجما عن تقصير حكومي رسمي، لكنه لا ينفي انعدام خطط خاصة بإعادة الحياة إلى هذه المناطق.

وعن أسباب عدم العودة يقول إن "الأسباب عديدة منها فقدان الثقة بالشركاء في الوطن بسبب ما جرى للمسيحيين والأيزيديين".

وبرأيه، إن "بناء هذه الثقة يحتاج إلى خطوات ووقت، إلى جانب أن الوضع الأمني ما زال هشا في بعض المناطق المحررة، وبالتالي هي تحتاج إلى إجراءات أمنية أكثر لتكون مؤمنة بالكامل".

ويؤكد بلو أن "المسيحيين لا زالوا مهمشين حتى الآن"، مطالبا الحكومة باتخاذ خطوات عملية لضمان عودتهم. إلا أنه يعتبر أن أحد أسباب التلكؤ ناجم عن "الأوضاع العامة التي يعيشها البلد بالإضافة إلى الظرف السياسي المعقد الموجود".

خاص بموقعي الحرة/ ارفع صوتك

"داعش" سيطر على مساحات واسعة في العراق وسوريا عام 2014 - صورة تعبيرية.
"داعش" سيطر على مساحات واسعة في العراق وسوريا عام 2014 - صورة تعبيرية.

قتل 11 شخصا في محافظة ديالى شرق العراق حينما انفجرت عبوتان ناسفتان بحافلة صغيرة كانوا يستقلونها، قبل أن يطلق قناص النار عليهم، كما أفاد، الجمعة، مصدران أمنيان وكالة فرانس برس.

ونقلت الوكالة عن محافظ ديالى قوله إن مقاتلين من داعش نفذوا الهجوم.

واستهدف الهجوم الذي وقع ليل الخميس، حافلة صغيرة كانت تقل مدنيين خلال عودتهم من تجمع انتخابي لمرشح من عشيرتهم، كما قال لوكالة فرانس برس مسؤول في وزارة الداخلية، مفضلا عدم الكشف عن هويته.

وندد محافظ ديالى، مثنى التميمي، إثر الهجوم بـ"عملية جبانة نفذتها عصابات داعش الإرهابية". ودعا القوات الأمنية إلى اتخاذ "المزيد من الحيطة والحذر من الخلايا النائمة التابعة إلى" تنظيم داعش.

وقال مصدر أمني ثان من بغداد لوكالة فرانس برس إن "11 قتلوا وأصيب 17 آخرون بجروح إثر هجوم بعبوة ناسفة تبعها هجوم مسلح" استهدف الأشخاص الذين تجمعوا إثر الانفجار الأول في قرية العمرانية بمنطقة المقدادية.

وأفاد المسؤول في وزارة الداخلية بأن الحافلة استهدفت بعبوتين ناسفتين، وأن التفجير أعقبه "إطلاق نار من قناص من مصدر مجهول". وقال إن الحصيلة بلغت 12 قتيلا و13 جريحا.

ولم يتبن تنظيم داعش على الفور هذا الهجوم الذي وقع في محافظة ديالى حيث لا يزال التنظيم يحتفظ بخلايا.

وأتى الهجوم قبيل انتخابات مجالس المحافظات المقررة في 18 ديسمبر الحالي.

وبعدما سيطر العام 2014 على مساحات واسعة في سوريا والعراق، مني التنظيم المتطرف بهزائم متتالية في البلدين وصولا إلى تجريده من كل مناطق سيطرته في 2019.

وأعلن العراق انتصاره على التنظيم في أواخر عام 2017، لكنه لا يزال يحتفظ ببعض الخلايا في مناطق نائية وبعيدة في شمال البلاد، تشن بين حين وآخر هجمات ضد الجيش والقوات الأمنية.

وذكر تقرير للأمم المتحدة نشر في يوليو أن "عمليات مكافحة الإرهاب التي تقوم بها القوات العراقية استمرت في الحد من أنشطة تنظيم داعش، الذي حافظ مع ذلك على تمرده بدرجة منخفضة".

وأضاف أن "عمليات الجهاديين اقتصرت على المناطق الريفية، بينما كانت الهجمات في المراكز الحضرية أقل تكرارا".

وبحسب التقرير، يوجد ما بين 5000 إلى 7000 عنصر من داعش في العراق وسوريا.